نبض أرقام
18:34
توقيت مكة المكرمة

2024/07/23

بعد شد وجذب السياسة وبلغة الأرقام .. إلى أمريكا أم الصين تقترب تايوان اقتصادياً؟

2022/08/08 أرقام - خاص

تثير التوترات بين تايوان والصين حالة قلق، فالحرب المستعرة بين روسيا وأوكرانيا تقض مضاجع العالم وتضغط على كافة الدول بلا استثناء جراء ارتفاعات أسعار السلع الأولية والمخاطر التي تطال الأمن الغذائي، ولا يبدو أن ثمة قدرة على احتمال حرب ثانية بين ثاني أقوى اقتصاد في العالم وجارته الأصغر التي تتمتع بحماية أمريكية علنية.

 

وتحيا تايوان كدولة مستقلة عن الصين منذ 1949، لكن بكين تعتبرها جزءا منها وتعهدت بتوحيد تايوان مع بقية أراضيها في نهاية المطاف.

 

واستشاطت بكين غضبا بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي "نانسي بيلوسي" الجزيرة التي تتمتع بحكم ذاتي وتعتبرها بكين جزءا من أراضيها. وأصبحت بيلوسي أكبر مسؤول أمريكي يزور تايوان في 25 عاما.

 

وأعلنت بكين وقف التعاون مع الولايات المتحدة في عدد من المجالات، بما في ذلك الحوار بين كبار القادة العسكريين ومحادثات المناخ، ردا على زيارة "بيلوسي" في الوقت الذي تجري فيه بكين مناورات عسكرية على نطاق غير مسبوق في المياه والأجواء حول الجزيرة.

 

 

ويقول محللون إن الولايات المتحدة والصين قد تدخلان الحرب من أجل تايوان. إذ إن بكين لم تستبعد استخدام القوة لضم تايوان فيما تعهدت أمريكا أكثر من مرة بالدفاع عن تايوان إذا هاجمتها الصين.

 

في الوقت ذاته، لا يخفى على أحد تقاطعات الاقتصاد مع السياسة، فعلى الرغم من التوتر المستمر بين الصين وتايوان، والعلاقات الوثيقة لتايوان مع الولايات المتحدة، فإن الميزان يميل إلى صالح بكين في العلاقات التجارية والاقتصادية مع تايبه حتى إن الصين هي أكبر شريك تجاري لتايوان.

 

صحيح أن العلاقات الاقتصادية بين الجانبين شهدت اضطرابات في السنوات الأخيرة لأسباب من بينها ضغوط تمارسها بكين على الجزيرة وتنامي مخاوف المسؤولين في تايوان من الاعتماد الزائد على التجارة مع الصين، إلا أن ذلك لا يغير من الصورة الكثير.

 

تجارة تايوان في أرقام

 

تايوان أحد أكبر المستثمرين في الصين. وبين عامي 1991 ونهاية مايو 2021، بلغت استثمارات تايوان المعتمدة في الصين 44.577 حالة بإجمالي 193.51 مليار دولار. وفي 2021، بلغت قيمة التجارة بين البلدين 208 مليارات دولار.

 

وبلغت صادرات تايوان إلى الصين وهونج كونج 188.91 مليار دولار في 2021، وأكثر من نصف تلك الصادرات من المكونات الإلكترونية تليها المعدات البصرية وفقا لوزارة المالية التايوانية.

 

بل إن صادرات تايوان إلى جنوب شرق آسيا تفوق بكثير صادراتها إلى الولايات المتحدة، وتبلغ الأولى 70.25 مليار دولار مقارنة مع 65.7 مليار دولار للأخيرة.

 

وتشكل الصين وهونج كونج أيضا حصة بارزة من واردات تايوان تبلغ 22 بالمئة بينما تبلغ حصة الولايات المتحدة عشرة بالمئة فقط لتأتي بعد اليابان وأوروبا وجنوب شرق آسيا.

 

وفي السنوات الأخيرة، استوردت تايوان على نحو متزايد الكثير من المنتجات من الصين وبالمثل فعلت الصين.

 

وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، ارتفعت واردات تايوان من الصين بنحو 87 بالمئة مقابل 44 بالمئة لنمو الواردات الأمريكية.

 

كما زادت صادرات تايوان إلى الصين 71 بالمئة بين 2016 و2021، لكن الصادرات إلى الولايات المتحدة تضاعفت فقط لتنمو بواقع 97 بالمئة.

 

ووفقا لبيانات رسمية، هيمنت الصين على 42 بالمئة من صادرات تايوان العام الماضي، بينما استحوذت الولايات المتحدة على حصة 15 بالمئة فقط، كما أن 22 بالمئة من واردات تايوان جاءت من الصين وهونج كونج مقارنة مع 10 بالمئة فقط من المنتجات الأمريكية.

 

وفي 2021، تلقت الشركات التايوانية طلبات تصدير بقيمة 200.1 مليار دولار من الولايات المتحدة. وتشمل المشتريات الأمريكية من تايوان الآلات الكهربائية والسيارات، ومنتجات البلاستيك، والحديد، والصلب.

 

وتملك الكثير من الشركات التي تتخذ من تايوان مقرا لها مثل "فوكسكون" الموردة لشركة "آبل" الأمريكية مصانع في الصين.

 

علاقات متقلبة

 

 

شهدت العلاقات بين تايبه وبكين صعودا وهبوطا خلال السنوات الماضية ومنذ استقلال تايوان.

 

ففي عهد الرئيس التايواني "ما يينغ جيو" في الفترة من 2008 إلى 2016، وقعت تايوان أكثر من 20 اتفاقية مع الصين بما في ذلك اتفاقية في 2010 عرفت باسم إطار عمل التعاون الاقتصادي عبر المضيق والتي وافقت فيها على رفع الحواجز أمام التجارة لتستأنف الصين وتايوان الروابط البحرية والبرية وعبر البريد والتي كانت محظورة لعقود. كما اتفقت الدولتان على السماح للبنوك وشركات التأمين ومقدمي الخدمات المالية بالعمل في كلا السوقين.

 

وقد حاولت رئيسة تايوان "تساي إينج وين" تنويع العلاقات التجارية لتايوان لكن محاولاتها أسفرت عن نتائج متباينة.

 

وحققت "تساي" بعض النجاح في تعزيز التجارة والاستثمار مع بلدان في جنوب شرق آسيا ومنطقة المحيطين الهادي والهندي. وزادت بالفعل التجارة بين تايوان و18 دولة مستهدفة بأكثر من 50 مليار دولار في الفترة بين 2016، وقت إطلاق المبادرة، وعام 2021. كما زادت استثمارات تايوان في تلك البلدان بشكل مطرد.

 

وفي عام 2019، كشفت "تساي" النقاب عن خطة مدتها ثلاث سنوات لتحفيز المصنعين التايوانيين على الانتقال من الصين إلى تايوان.

 

لكن في عام 2021، بلغت صادرات تايوان إلى الصين أعلى مستوى لها على الإطلاق. في الوقت ذاته ضغطت بكين على عدد من الدول كي لا توقع على اتفاقات تجارة حرة مع تايوان. ووقعت نيوزيلندا وسنغافورة بالفعل فقط على تلك الاتفاقات مع تايوان.

 

كما تدفع بكين صوب استبعاد تايوان من التكتلات التجارية متعددة الأطراف مثل الاتفاقية الشاملة والمتقدمة للشراكة عبر المحيط الهادي (CPTPP)، وكذلك الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة (RCEP).

 

أشباه الموصلات...كلمة السر

 

 

تايوان هي أكبر مصنع لرقائق أشباه الموصلات في العالم، وتستخدم هذه الرقائق في معظم الأجهزة الإلكترونية بدءا من الجوالات الذكية وأجهزة الكمبيوتر انتهاء بالسيارات وحتى أنظمة الأسلحة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. وشكلت الشركات التايوانية ما يزيد على 60 بالمئة من الإيرادات التي حققتها شركات القطاع في عام 2020 على مستوى العالم.

 

والفضل في ذلك يعود إلى شركة تايوان لتصنيع أشباه الموصلات (TSMC)، وهي أكبر مصنع منفرد للرقائق في العالم وأكبر مزود لها لشركة آبل وغيرها من الشركات الأمريكية.

 

كما أنها وفقا للخبراء واحدة من شركتين فقط على مستوى العالم، والأخرى هي "سامسونج" الكورية الجنوبية، التي تملك المعرفة التكنولوجية لتصنيع أصغر الشرائح وأكثرها تقدما، وتهيمن بالفعل على تصنيع 90 بالمئة منها. وتبلغ الحصة السوقية للشركة من سوق أشباه الموصلات عالميا 53 بالمئة وتأتي نحو 26 بالمئة من إيراداتها من شركة آبل.

 

وتعتمد عليها شركات أمريكية عملاقة مثل "آبل" و"أمازون" و"جوجل" وكذلك "كوالكوم" و "إن فيديا" و"إيه إم دي".

 

يقول بعض الخبراء إن اعتماد الولايات المتحدة على الرقائق التايوانية يحفزها للدفاع عن الجزيرة في مواجهة أي هجوم صيني. وكانت إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" إدراكا لمدى خطورة الاعتماد على شركة واحدة لأشباه الموصلات قد بذلت مساعي لتعزيز الصناعة المحلية في ذلك القطاع الحيوي في العام الجاري عبر حث الكونجرس على إقرار مشروع قانون لتقديم محفزات بقيمة 52 مليار دولار من أجل تعزيز البحث وإنتاج أشباه الموصلات داخل الولايات المتحدة.

 

وصحيح أن الصين تعتمد أيضا على الرقائق التي تصنعها تايوان لكن ليس بنفس قدر الاعتماد الأمريكي. فبكين تعكف على تعزيز القطاع محليا خاصة أن واشنطن دفعت شركة "تي إس إم سي" إلى التوقف عن توريد منتجاتها للشركات الصينية بما في ذلك شركة "هواوي" بزعم أن بكين تستخدمها في أغراض تجسسية.

 

المصادر: أرقام- رويترز - Council on foreign relations- سي إن بي سي- موقع الحكومة التايوانية

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة