نبض أرقام
10:57 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/21
2024/11/20

كيف يسهم "الأحمق الأكبر" دائما في انتعاش الأسواق ثم انهيارها؟

2022/09/30 أرقام - خاص

عندما سئل المستثمر الشهير "وارين بافيت" عن سبب عدم قيامه بالاستثمار في البيتكوين على الرغم من بدايتها من أرقام متواضعة للغاية ووصولها حتى قرابة 70 ألف دولار قبل تراجعها الأخير، أجاب "بافيت" بأنه لم ولن يستثمر أبدًا في العملات الرقمية المختلفة ولن يضع فيها أمواله مهما حدث، وقال حرفيًا "لن أشتري كل العملات الرقمية المتاحة حول العالم ولو كان سعرها مجتمعة 25 دولارًا".

 

مشترٍ يبحث عن آخر

 

وأوضح "بافيت" السبب: "قيمة بيتكوين ترجع باستمرار إلى وجود شخص آخر على استعداد لشرائها بسعر أعلى من المستوى الذي تقف عنده، ولا يوجد أي معيار حقيقي يتم تقييم البيتكوين عليه أكثر من هذا الأمر، فهي غير منتجة ولا تستهلك (ولو معنويًا مثل الأعمال الفنية) بل هي فقط موجودة".

 

 

وبهذا كان "بافيت" يوصف نظرية تؤثر على أسعار مختلف الأصول من الأسهم في أسواق المال، إلى العقارات والبيتكوين، امتدادًا حتى إلى الأعمال الفنية وسعر الجواهر الفريدة، وتعرف هذه النظرية أو الظاهرة باسم "الأحمق الأكبر" أو “the greater fool”.

 

وتتخلص هذه الظاهرة بأنه عندما يشتري شخص سلعة بـ100 ريال مثلًا لأنه يعرف أنه سيجد من يشتريها بـ110، ويعرف من يشتريها بهذا المبلغ أنه سيتمكن من بيعها بـ125 ريالًا، وذلك اعتمادًا فقط على "استعداد" الآخرين للشراء وليس لحقائق يتم تقييم بها قيمة الشيء المباع، أي أن "الأحمق الأخير" يراهن دومًا على وجود من هو أشد منه حمقًا.

 

فخلافًا للعملات التقليدية، مثل الدولار واليورو وغيرهما، فإن البيتكوين لا يوجد أي داعم لصعودها، ولا سبب لتراجعها أكثر من رغبة الأسواق في المخاطرة بشرائها أو تراجعها عن امتلاكها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، ليبقى الأمر كله رهينة بأن يجد آخر من اشترى العملة بسعر أعلى وليس استخدامها في إنتاج مثلا أو تأجيرها كما هو حال بقية الأصول.

 

في العقارات أيضًا

 

وبعيدًا عن البيتكوين تتضح ظاهرة "الأحمق الأكبر" كثيرًا في أسواق العقارات، لا سيما في أوقات الرواج، بوصفه استثمارًا آمنًا بالنسبة لكثيرين.

 

وعلى سبيل المثال فقد تضاعفت أسعار العقارات الأمريكية تقريبًا بين عامي 1995 و2005، وذلك حتى بعد إزالة أثر التضخم، ويمكن القول بأن الشركات العقارية كانت مدعومة هنا بدرجة كبيرة بنظرية "الأحمق الأكبر" في ظل علم السماسرة العقاريين والشركات أن "هناك دائمًا مَن هو مستعد لدفع مبالغ أكبر للحصول على العقارات".

 

 

وفي عام 2007 بدأت الأسعار في التراجع، وذلك بعد أن تكشفت الفقاعة العقارية وتراجعت مستويات الأسعار بنسبة وصلت 45% في غالبية المناطق الحضرية الأمريكية، واستمر هبوطها في الولايات المتحدة حتى وصل إلى القاع عام 2011، قبل أن يبدأ في التعافي ويعود إلى مستويات ما قبل الأزمة عام 2013 وذلك بفعل برامج تمويل حكومية كبيرة ساندت القطاع ومنعت انهياره.

 

وبصورة أشد حدة كانت الأزمة العقارية التي شهدتها اليابان في أواخر ثمانينيات القرن الماضي خير مثال على هذه النظرية، حيث بلغ سعر المتر في أحد المقرات الإدارية في طوكيو 139 ألف دولار عام 1989، وبعد عامين فقط تراجعت قيمة هذا العقار بنسبة 95% بعد انفجار الفقاعة وبشكل عام تراجعت قيمة معظم عقارت اليابان التجارية بنسبة 90% خلال سنوات معدودة.

 

"الأحمق الأكبر" في سوق الأسهم

 

ويمكن القول بأن ارتفاع السوق الأمريكي خلال عامي كورونا ثم عودته للتراجع أيضًا إلى نظرية "الأحمق الأكبر" رهانًا على استمرار ارتفاع السوق دون أسس واضحة، حتى أن 50% من الوسطاء في السوق الأمريكي ظهروا خلال آخر 5 أعوام و30% خلال آخر عامين بما يعكس تهافتًا سريعًا من المشترين والوسطاء فقط بسبب ارتفاع السوق.

 

وأدى دخول كثيرين في بداية الوباء لأسواق المال مع اضطرارهم إلى الجلوس في المنزل والبحث عن وسائل لاستثمار الأموال وتنمية الأصول –وربما تمضية الوقت أيضًا- إلى سوق صاعد بالنسبة لـ96% من الأسهم خلال عام 2020 في ظاهرة لم تحدث قط في تاريخ الأسهم الأمريكية، وكان الأمر يبدو كما لو كان الجميع يراهنون على وجود "الأحمق الأكبر" وليس على حقائق الاقتصاد والشركات وهو ما تسبب في تراجع حاد للسوق الأمريكي بنسبة تخطت 20% عن القمة التي بلغها في نوفمبر 2021.

 

 

وبشكل عام تشير الدراسات إلى أنه في ظل سوق صاعد فإن قرابة 70% من المتعاملين لا يتحسبون لتراجع السوق، بل يستمرون في الشراء طمعًا في تحقيق أرباح أكبر، وذلك الأمر يسهم بشدة في ارتفاع الأسهم دون سند حقيقي بما يؤدي في النهاية إلى انهيارات الأسهم في أعقاب تكشف الحقائق الاقتصادية على نطاق واسع وسيادة "بيع الهلع".

 

 إساءة تقدير "الندرة"

 

وتظهر نظرية "الأحمق الأكبر" في شراء البعض لبعض الأعمال الفنية أو السلع النادرة أو القديمة، حيث يتم الترويج لسيارة بوصفها الباقية من ضمن 5 فقط على مستوى العالم، ليرتفع سعرها بفعل عنصر الندرة إلى آلاف أضعاف سعرها الطبيعي.

 

وتشير دراسة لجامعة "بوسطن" إلى أن كثيرين يخطئون قراءة تأثير عنصر الندرة في شراء السلع ويعتبرون أنها بمثابة "تصريح بالشراء"، وأنه عندما تم عرض سلع نادرة على الأثرياء الذين يستطيعون شراءها فإن 78% منهم قدروا أثمانها بأكبر من قيمتها الحقيقية، بما يشير إلى استعداد كبير لتقييم عنصر الندرة بأكبر من قيمته الفعلية بكثير.

 

وفي حالة البيتكوين وفي سوق السلع النادرة وفي أسواق الأسهم (أحيانًا) وفي حالة بعض الأسواق كما هو الحال مع سوق العقارات الأمريكية قبل الأزمة المالية العالمية، فإن الرهان على وجود "الأحمق الأكبر" يبقى العنصر الرئيسي الذي يدفع الأسواق للارتفاع.

 

 

ولتجنب تحول المستثمر إلى "الأحمق الأكبر" عليه اتباع النصائح التالية:

 

- لا تتبع القطيع بشكل أعمى، ودفع أسعار أعلى دون أي سبب وجيه.

 

- قم ببحثك واجمع البيانات ومن ثم يجب أن يكون لديك خطة.

 

- تبني استراتيجية طويلة الأمد للاستثمارات لتجنب الفقاعات.

 

- تنويع محفظتك.

 

- تحكم في ميلك للمغامرة وقاوم إغراء محاولة جني أموال طائلة في غضون فترة زمنية قصيرة.

 

- تأكد أنه لا يوجد شيء مؤكد في السوق، ولا حتى تضخم الأسعار المستمر.

 

 

المصادر: أرقام- كوربريت فيانانس انستيوت- تايم- هارتفورد فاندز

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.