نبض أرقام
14:22
توقيت مكة المكرمة

2024/07/11

إدارة الثروات كما يجب أن تكون .. كيف رفعت الرقمنة سقف توقعات المستثمرين؟

2022/10/22 أرقام - خاص

قال عالم الفيزياء الشهير "ألبرت أينشتاين" ذات مرة، إن مقياس الذكاء هو مدى القدرة على التكيف والتغيير. كان الرجل يرى ببساطة أن قدرة الفرد أو الشركة على التكيف تعد دليلًا ملموسًا على القدرة الإبداعية الكامنة من جهة، ومؤشرًا مباشرًا على إمكانية استمرار النجاح في المستقبل من جهة أخرى، خصوصًا أن الواقع يخبرنا بأن كل شيء في الوجود في حركة دائمة كحركة النهر في مجراه، ومن هنا تظهر أهمية التكيف مع الجديد.

 

في السنوات الأخيرة، شهد العالم أحداثًا غير مسبوقة غيرت الطريقة والكيفية التي يفكر ويعيش بها كثير من الناس، وأثرت كذلك على توقعاتهم من مقدمي الخدمات المختلفة، وهو ما يفرض اليوم على الشركات وفي القلب منها الشركات العاملة بصناعة إدارة الثروات ضرورة المواكبة والتكيف مع التغيرات والمستجدات الحاصلة من خلال تطوير نفسها.. اليوم يقف الجميع أمام تحد جاد: إما التكيف وإما الاندثار.


 

السؤال الصعب الذي يواجهه الآن مديرو الثروات على وجه الخصوص يتعلق بمدى استعدادهم لتلبية احتياجات العملاء وتحقيق أهدافهم وخدمتهم بالطريقة التي تروق لهم في واقع متغير وشديد الديناميكية مثل الواقع الحالي.. وتكمن أهمية ذلك السؤال في حقيقة أن صناعة إدارة الثروات بشكل عام، لطالما عرف عنها بطئها في تبني التقنيات والحلول التكنولوجية الجديدة، حيث تفضل التمسك بطرق العمل التقليدية والمجربة التي اعتادت عليها لسنوات.

 

ولكن المشكلة هي أن هذا التمسك بالحلول والخدمات التقليدية، خلق فجوة بين ما تقدمه كثير من الشركات العاملة في هذه الصناعة، وبين توقعات العملاء الذين أصبحت الحلول التكنولوجية والرقمية جزءًا لا يتجزأ من كثير من جوانب حياتهم. والنتيجة الآن هي أن أصحاب الثروات لديهم احتياجات ومتطلبات لا يلبيها كثير من مديري الثروات العاملين بالسوق، وهذا ما خلق حالة من حالات عدم الرضى.

 

عملاء ساخطون .. أين الخلل؟

 

أشار تقرير الثروة العالمي لعام 2020 الصادر عن شركة الاستشارات الفرنسية "كابجيميني" إلى أن أكثر من 60% من أصحاب الثروات الكبيرة من العملاء غير راضين عن خدمة تخصيص الأصول التي يقدمها لهم مديرو ثرواتهم، وهو ما يشير إلى وجود فجوة واضحة بين تطلعات ورغبات العملاء من جهة وبين جودة الخدمة المقدمة لهم من جانب مديري الثروات من جهة أخرى.

 

ما أشار إليه التقرير السابق، يفسره تقرير الثروة العالمية الصادر عن شركة الاستشارات الأمريكية "بوسطن كونسالتنج جروب"، حيث أوضح التقرير أن ما يطلق عليهم اسم "العملاء ذوي الاحتياجات البسيطة" والذين تتراوح ثرواتهم ما بين 100 ألف دولار ثلاثة ملايين دولار، لا يحصلون على الاهتمام الكافي من مستشاريهم الماليين، كما أن لديهم قائمة غير قصيرة من الشكاوى.


 

فإلى جانب ضعف جودة خدمة تخصيص الأصول المقدمة لهم، يعاني المنتمون إلى هذه الفئة من العملاء من تعقيد بعض المنتجات الاستثمارية وانعدام الشفافية حول ما يفرض عليهم فعلا من رسوم، فضلًا عن عدم حصولهم على الفرصة الكافية للتعاطي مع مستشارين لديهم خبرة، وهذا إلى جانب سوء خدمة الاتصال بخط المساعدة، حيث يضطرون أحيانًا للانتظار لفترات طويلة على الهاتف، وأخيرًا وليس آخرًا يشتكون كذلك من التقصير في تثقيفهم ومحو أميتهم المالية.

 

حتى العملاء من أصحاب الثروات المرتفعة والذين تطلق عليهم الشركة الأمريكية اسم "الالتراس الجديد"، وهم من تتراوح أعمارهم ما بين 20 و50 عامًا ويمتلكون أو في طريقهم لامتلاك ثروة تتجاوز الـ100 مليون دولار، لديهم مشاكلهم الخاصة، حيث يشتكي بعضهم بحسب التقرير من سوء خدمة التخصيص، بالإضافة إلى عدم اهتمام بعض مديري الثروات بتقديم منتجات يبرز فيها حرصهم على إضفاء الطابع الشخصي لكل عميل، وتوفر له في نفس الوقت أحدث الحلول الرقمية المتاحة.

 

التحول الرقمي في إدارة الثروات كما يجب أن يكون

 

لا خلاف اليوم على أنه أصبحت هناك حاجة ملحة لنموذج رقمي جديد لإدارة الثروات.. نموذج يجمع بين أفضل ما في الإنسان وأفضل ما في التكنولوجيا الرقمية.. وفي هذا الإطار تشير شركة "بوسطن" إلى أن النموذج الرقمي القادر على فهم وتلبية احتياجات العميل يتكون من خمسة عناصر أساسية.

 

يتضمن العنصر الأول التقنيات المتقدمة، مثل التحليلات السلوكية والأدوات الرقمية التي تمكن مديري العلاقات بالشركة من تقديم تجارب تناسب كل عميل بشكل شخصي وفي الوقت المناسب.. أما العنصر الثاني، فيدور حول إتاحة فرصة التعلم السياقي، حيث إن التعلم جزء متضمن في الخبرة ويتم بناؤه بأسلوب شخصي، ومن ثم تبرز أهمية التعلم في سياق واقعي يسمح للعملاء ذوي المستويات المختلفة من المعرفة المالية باتخاذ قرارات أفضل مستقبلا.


 

ثالث عناصر النموذج الرقمي الناجح لإدارة الثروات هو تصميم تجربة استخدام أكثر ذكاءً وسهولة للعملاء يظهر فيها المحتوى بطريقة واضحة ومباشرة، تجعلهم قادرين على الوصول لأي معلومة أو خدمة قد متاحة على الموقع أو التطبيق بمنتهى السلاسة.. أما رابع وخامس تلك العناصر فهو وجود نموذج تسعير مبسط وواضح وشفاف، وتوفير فرص استثمار حصرية من تلك التي لا تكون متاحة عادة للمستثمرين من غير المؤسسساتيين.

 

إلى الآن تبدو الوصفة سهلة، ولكن رغم السهولة البادية فإن بناء نموذج رقمي لإدارة الثروات يعد أمرًا صعبًا بعض الشيء.. فوفقًا لتقرير التحول الرقمي الصادر عن شركة البيانات المالية "Refinitiv"، يرى 50% من مديري الثروات أن توفير تجربة رقمية متطورة لعملائهم على أنه أمر يمثل تحديًا لشركاتهم.

 

في الوقت نفسه، تشير شركة الاستشارات الأمريكية "ماكينزي" إلى أن مشاريع التحول الرقمي تحقق في 45% من الحالات أرباحًا أقل من المتوقع.. ومن جانبها توضح شركة الاستشارات "ديلويت" أن فرص نجاح مشاريع التحول الرقمي لا تتأثر فقط بمدى قدرة مديري الثروات على التعامل مع اللوائح والقوانين المعقدة، بل تتأثر كذلك بالبنية التحتية المالية والقانونية المعقدة التي تشمل أنظمة متابينة وطرق عمل متضاربة.

 

المصادر: أرقام – كابجيميني – بوسطن كونسالتنج جروب – Refinitiv –  ماكينزي – ديلويت

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة