عادةً تقترن المفاهيم التي تحتوى على كلمة "الأخضر" بأشياء إيجابية، ومؤخرًا ارتبطت كلمة الأخضر بعدد من المصطلحات المتعلقة بتغير المناخ، مثل السعي نحو الاقتصاد الأخضر الذي يقلل من المخاطر البيئية، واتجاه الدول لاستخراج الهيدروجين الأخضر، وهو وقود يحدّ من الانبعاثات الكربونية، ومن بين هذه المصطلحات أيضًا ظهر ما يسمى بـ"الغسل الأخضر".
ولكن على عكس بقية المصطلحات، يشير "الغسل الأخضر" إلى عملية تهدد أهداف المناخ، بل قد تقف عائقًا أمام مكافحة الدول لتغيرات المناخ المفاجئة التي تطرأ على مستوى العالم، لذا هو من القضايا الموضوعة للمناقشة في أجندة مؤتمر المناخ لعام 2022 المنتظر عقده أوائل نوفمبر المقبل بشرم الشيخ في مصر.
ما هو "الغسل الأخضر"؟
- تردد مصطلح "غسيل الدماغ" Brainwashing على أسماع الكثيرين، وهو ما يُقصد به التأثير على الفرد وأفكاره وسلوكه وقناعاته من خلال التضليل والأساليب الأخرى لدفعه لتبني قيم جديدة تُفرَض عليه من قِبل جهة معينة.
- وبالمثل مصطلح "الغسل الأخضر" Greenwashing يرتبط أيضًا بتضليل الأفراد، وهي عملية تحدث عندما تنفق الشركة أو المؤسسة المزيد من الوقت والمال على تسويق نفسها على أنها صديقة للبيئة بدلاً من تقليل تأثيرها البيئي الفعلي.
- بالإضافة إلى ذلك، قد يحدث الغسل الأخضر عندما تحاول الشركة التأكيد على الجوانب المستدامة لمنتج ما للتغلب على مشاركتها في الممارسات الضارة بالبيئة.
- بعبارة أخرى، يُعتبر "الغسل الأخضر" وسيلة تسويقية خادعة تهدف إلى تضليل المستهلكين الذين يفضلون شراء السلع والخدمات من العلامات التجارية المهتمة بالبيئة.
كيف تنفذ الشركات "الغسل الأخضر"؟
- تصدرت الشركات التي انخرطت في "الغسل الأخضر" عناوين الصحف على مر السنين بسبب تضليل المستهلكين حول الممارسات البيئية للشركة أو الفوائد البيئية لمنتج أو خدمة ما.
- فعلى سبيل المثال، في منتصف الثمانينيات، طلبت شركة النفط "شيفرون" تقديم سلسلة من الإعلانات التليفزيونية والمطبوعة الباهظة الثمن للترويج إلى مدى تفانيها البيئي، ولكن أثناء ذلك كانت الشركة تنتهك بقوة القوانين المتعلقة بالهواء والمياه النظيفة، فضلاً عن تسبُّبها في تسرب النفط إلى ملاجئ الحياة البرية.
- ولم تكن "شيفرون" الشركة الوحيدة التي تقوم بذلك، ففي عام 1991، كانت تقوم شركة المواد الكيميائية "دوبونت" بالإعلان عن ناقلات نفط مزدوجة الهيكل، ثم اتضح أن الشركة كانت أكبر الشركات تلويثًا في الولايات المتحدة في ذلك العام.
الفرق بين "التسويق الأخضر" و"الغسل الأخضر"
- هناك خيط رفيع بين المصطلحين، فعلى عكس الغسل الأخضر، فإن التسويق الأخضر هو أن تبيع الشركات المنتجات أو الخدمات بناءً على إيجابيات بيئية مشروعة.
- ويعني التسويق الأخضر أن المنتج أو الخدمة تفي بمعايير محددة بما في ذلك أنها صُنعت بطريقة مستدامة، وأنها خالية من المواد السامة أو المواد المستنفدة للأوزون، وقابلة لإعادة التدوير أو مصنوعة من مواد معاد تدويرها، ولا يتم تصنيعها بالسخرة أو بواسطة عمال لا يتقاضون رواتب عادلة، كما أنها ليست مصنوعة من مواد يتم جمعها من منطقة محمية.
- ومع ذلك، فمن السهل على التسويق الأخضر أن يُترجم إلى غسل أخضر عندما لا تلتزم المؤسسة بمعايير ممارسات الأعمال المستدامة.
- وفي نهاية المطاف فإن مصطلحات مثل "صديقة للبيئة" و "عضوية" و "طبيعية" و "خضراء" ليست سوى بعض الملصقات المستخدمة على نطاق واسع، التي يمكن أن تكون مربكة ومضللة للمستهلكين.
العلاقة بين "الغسل الأخضر" و"الوقود الأحفوري"
- في أكتوبر الماضي، أطلقت "جرينبيس" و30 منظمة أخرى مبادرة المواطنين الأوروبيين التي تدعو إلى قانون جديد يحظر الإعلان عن الوقود الأحفوري ورعايته في الاتحاد الأوروبي، على غرار ما حدث مع التبغ في بداية هذا القرن، وإذا جمعت العريضة مليون توقيع في السنة، فإن المفوضية الأوروبية ملزمة بفرض القانون.
- والآن، مع الدعم العام للعمل المناخي والأوساط العلمية التي تشير بلا تحفُّظ إلى صناعة الوقود الأحفوري باعتبارها مسؤولة إلى حد كبير عن أزمة المناخ، فإن شركات النفط والغاز هي الأكثر عرضة للخطر.
- وعملية "التأخير والخداع" التي تقوم بها شركات الوقود الأحفوري هى طريقتها في رفض مثل هذا القانون، لذا فهي تضخ الملايين في الغسل الأخضر بينما تقدم وعودًا لا معنى لها وحلولًا زائفة، من أجل إخفاء عقود من الدمار.
دور العلاقات العامة في تأجيج أزمة المناخ
- كشف تقرير صدر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنِيّة بتغير المناخ هذا العام بأن صناعات الوقود الأحفوري تتمتع بإمكانية وصول فريد إلى وسائل الإعلام الرئيسية عبر الإعلانات، وتشكيل سرديات التقارير الإعلامية وممارسة النفوذ السياسي في بلدان مثل أستراليا والولايات المتحدة.
- وردًا على ذلك، وقّع أكثر من 450 عالمًا على خطاب يدعو وكالات العلاقات العامة والإعلان إلى التوقف عن العمل مع شركات الوقود الأحفوري والتوقف عن نشر المعلومات المضللة المناخية.
- وتُعَد هذه هي المرة الأولى التي ينادي فيها العديد من العلماء بدور العلاقات العامة والإعلانات في تأجيج أزمة المناخ، وهي خطوة تسعى لمنع عملية "الغسل الأخضر" التي تقوم بها الشركات من التأثير على جهود مكافحة المناخ في جميع أنحاء العالم.
المصادر: الجارديان - بيزنس نيوز ديلي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}