أكد خبراء خلال ندوة افتراضية أقامتها "أرقام"، أن إصدار الصكوك يؤدي إلى سحب السيولة من البنوك والأسواق خصوصاً إذا كانت تعرض على المستثمرين عوائد أعلى من الودائع والاستثمار المباشر وبمخاطر مقبولة.
وقال لاحم الناصر، مستشار في المالية الإسلامية، عندما يرتفع معدل التضخم الناتج عن ارتفاع السيولة، نجد أن المؤسسات السيادية المالية تبدأ برفع سعر الفائدة والغرض منه سحب السيولة من المستهلكين في الأسواق لتقليل الطلب.
من جانبه قال الدكتور أحمد القفاري، الرئيس التنفيذي في شركة "دينار للاستثمار"، إن تحقيق الاقتصاد لمعدلات نمو عالية، ينعكس ذلك على ارتفاع أسعار الفائدة أيضاً، وعدم حدوث زيادة في أسعار الفائدة تعني وجود سيولة ضخمة في الأسواق، حيث تعمل البنوك المركزية على موازنة مستويات أسعار الفائدة والنمو المستهدف لاقتصاداتها. مؤكداً تأثر أسعار الصكوك والسندات بتغيرات الفائدة.
لمشاهدة الندوة:
(الحاجة لإصدار الصكوك)
وأوضح القفاري أن حاجة الشركات والجهات للتمويل تضعها أمام عدد من الخيارات، إما الحصول على القروض من البنوك وشركات التمويل، أو زيادة رأس المال بطرح أسهم جديدة وبيعها على المساهمين، أو تمويل عمليات الشركة من الأرباح المبقاة، أو إصدار الصكوك والسندات.
واعتبر تميز الصكوك بأنها طويلة الأجل وتحقق الفائدة في تمويل المشاريع الرأسمالية، ومرونتها من حيث جداول السداد، كذلك إمكانية إصدار صكوك جديدة بعد إطفاء أجل الصكوك الحالية.
وقال الناصر، تحقق إصدارات الصكوك والسندات عدداً من الأهداف، فهي نوع من التمويل سواءً للتوسع أو لرأس المال العامل، وتصدر أيضاً لتحقيق الجدارة الائتمانية وزيادة ثقة المستثمرين الدوليين في المنشأة، كذلك تصدر الصكوك دولياً بهدف تنويع المخاطر، فإذا كان سعر العائد المحلي على الصكوك مرتفعاً، فإن المصدر للصكوك يبحث عن معدلات فوائد أقل بعملات وأسواق أخرى لتخفيض تكلفة التمويل.
(الفرق بين الصكوك والسندات والأسهم)
وأكد الناصر وجود فرق جوهري بين الصكوك والسندات، فالسند ورقة مالية تثبت مديونية حامله على المصدر، أي أن حامل السند له دين على الشركة أو الجهة المصدرة للسند وهو دين مستحق بقيمة محددة، والسند ليس له علاقة بأصول الشركة نهائياً، وبعض السندات مدعومة ببعض الأصول، ولكنها كنوع من الضمان وليس الملكية.
وأشار إلى أن المخاطر في السند تأتي من جهة واحدة هي من الجدارة الائتمانية للمصدر، والذي يجب أن تتوفر فيه الملاءة المالية والتدفقات النقدية القوية لتنعكس على قوة السند وانخفاض مخاطر الاستثمار به.
وتابع، أما الصك فهو شهادة ملكية في أصول المصدر التي تم تصكيكها، والمخاطر لدى حملة الصك تأتي من المصدر ومن أصول الصك، أما الفرق بين الأسهم والصكوك، فإن مالك السهم يعد مالكا في شركة بحصة تعادل ما يحمل من أسهمها، وحامل الصك لا يملك في الشركة وإنما يملك حصة من أصولها التي تم تصكيكها ومن ثم فحامل الصك لا يعد مالكا في الشركة ولا يتمتع بحقوق حملة الأسهم.
وبيّن القفاري النوع الأكثر شهرة في الصكوك وهي صكوك المرابحة، الأقرب من حيث الهيكلة والشكل والالتزام القانوني بالسندات، وعلى اعتبار أنه ليست هناك أصول تمثل الصك، وإنما سلع تباع بالآجل على المصدر وهو دين يجب وفاؤه، مفيداً بأن صكوك المرابحة معترف بها في المملكة وحجتها قوية في المحاكم وليس عليها مخاطر قانونية.
(مخاطر الصكوك)
وقال القفاري إن إصدارات السندات والصكوك تختلف في درجة مخاطرها، فالإصدارات السيادية للحكومات تكون مخاطرها منخفضة على اعتبار أن تلك الحكومة عملتها سيادية وستلتزم بالدفع لحملة الصك أو السند، إلا أنه أيضا على مستوى الحكومات توجد إصدارات ذات مخاطر عالية مثل إصدارات سندات دول أمريكا الجنوبية.
وأضاف، ينطبق اختلاف درجة المخاطر أيضاً على إصدارات صكوك الشركات والتي تصنف مخاطرها بحسب حجم الشركة والتدفق النقدي والنمو وغيرها من المؤشرات، لافتاً إلى أنه وبشكل عام يعتبر تذبذب الأسعار في الصكوك أقل من تذبذبات الأسهم وغيرها من الأصول الاستثمارية، حيث إن إضافة الصكوك ذات التقييم الائتماني الجيد إلى المحفظة الاستثمارية يخفض من مخاطر تذبذب المحفظة بشكل عام.
من جانبه أوضح الناصر أنه لا يمكن وضع جميع إصدارات الصكوك في تصنيف ائتماني واحد، فإذا كانت التصنيفات الائتمانية عالية للمصدر تنخفض المخاطر وعلى العكس التصنيفات المنخفضة تتبعها مخاطر عالية، ولذلك نجد أن معدلات العائد على الصكوك يختلف وفقاً لدرجة تقييم مصدر الصك، فالعائد الربحي يرتفع عند المخاطر العالية على المصدر، وينخفض العائد عند التصنيف العالي لمصدر الصك.
وتابع، كما أنه لا يجوز تصنيف الصكوك وفقًا لملاءة المصدر الائتمانية كما في السندات، بل لا بد من الأخذ في الاعتبار عند تصنيف الصكوك هيكلة الصك وعلى أي نوع من عقود فقه المعاملات تمت هيكلته، حيث تختلف مخاطر الصكوك ودرجة سيولتها من عقد لآخر.
وأشار إلى أن شركات التقنية المالية ستواجه تحدياً في سيولة الصكوك التي تصدرها للشركات لأنها قائمة على عقد المرابحة، والشريعة الإسلامية تمنع من تداول صكوك المرابحة، لأنها صكوك دين وهنا تظهر مخاطر السيولة حيث لا يستطيع حملة الصكوك تسييلها عند الحاجة.
وبيّن أهمية عمل شركات التقنية المالية على تنويع الهياكل الاستثمارية التي تبنى عليها هذه الصكوك مستقبلاً، حتى إذا وجدت سوق ثانوية للصكوك يتم من خلالها التداول وإصدار صكوك طويلة الأجل.
(استرداد الصكوك)
أشار القفاري إلى أبرز سبب يدعو المصدر لاسترداد الصكوك وهو عامل التكلفة، وفيه تكون أسعار الفائدة قد انخفضت وبإمكان المصدر استرداد الصكوك كلياً، وإعادة إصدار صكوك جديدة بعائد منخفض.
وقال يتم استرداد الصكوك من قبل الشركات أو المصدرين أيضاً لإعادة ترتيب المركز المالي للمنشأة، إما للاستعداد للطرح العام أو لوجود صفقة استحواذ جديدة أو لأسباب استراتيجية ليس لها علاقة بالتكاليف.
(كيف تضمن الصكوك عائداً ثابتاً للمستثمرين؟)
أجاب الناصر أن ذلك يتحقق بحسب هيكلة الصك فإذا كانت صكوك مرابحة، فلا توجد إشكالية شرعية في أن يكون العائد ثابتاً ومعروفاً لحملة الصكوك، وذلك لأن صك المرابحة وهي مديونية في ذمة العميل "المصدر" معلومة الربح والأجل المحدد ولا بأس شرعاً بذلك.
وأضاف، أما في صكوك الإجارة يكون العائد في الغالب ثابتاً ومعروفاً، وقد يكون متغيرا ومعروفا لأن الأجرة دين في ذمة المستأجر بموجب عقد الإيجار الذي يتم بين حملة الصكوك والمصدر، والتغيّر الذي يطرأ على العائد يحدد وفق مؤشر معين والذي عادة ما يكون مؤشر سعر الفائدة وفقاً للعملة التي أصدر بها الصك.
وبيّن وجود الصكوك الهجينة، وهي خليط بين المرابحة والمضاربة أو صكوك المضاربة - المشاركة، وهي التي يكون فيها الربح متوقعاً وليس التزاماً على المصدر، ويتم بالعادة إيجاد هيكلة معينة لتحقق نوعا من الاستقرار للعائد، مثل وجود احتياطيات يتم تجنيبها، فإذا زاد الربح في فترة معينة فيجنب جزء منه في حساب احتياطي الربح، وإذا نقص الربح في فترة معينة فيتم التعويض من الحساب.
وتابع "كما تعد صكوك الاستصناع أو السلم ثابتة العوائد لأنها عبارة عن دين، إلا أنه في الغالب لا يحبذ المصدرون ولا المستثمرون الصكوك القائمة على الدين، لعدم سيولتها وتداولها ولذلك نجد الإصدار منها قليل، ولتقليل المخاطر على حملة الصكوك وزيادة جاذبية الصكوك للمستثمرين، تصدر الصكوك الهجينة بنسب 49% مرابحة مقابل 51% مضاربة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}