نبض أرقام
11:41 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/21

لماذا يستثمر مليارديرات التكنولوجيا في شركات ناشئة ترغب في ربط عقلك بجهاز الكمبيوتر؟

2023/02/16 أرقام - خاص

تنتقل فكرة توصيل أجهزة الكمبيوتر بعقولنا مباشرة من عالم الخيال إلى الواقع، ويضخ بعض الرجال الأكثر ثراءً ونفوذا في العالم المال في هذا المجال، متبنين رؤية مفادها أن التكنولوجيا يمكن أن تقلب قطاع الرعاية الصحية رأسا على عقب يوما ما وكذلك الحياة اليومية كما نعرفها في الوقت الحالي.

 

وعبر صناديق رأسمال المخاطر التابعة لهم، قدم كل من جيف بيزوس، مؤسس موقع أمازون، وبيل جيتس، المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت، الدعم مؤخرا لشركة سينكرون ومقرها بروكلين في نيويورك والتي تختبر جهازا للزرع في أدمغة البشر.

 

كما أصبح الملياردير الشهير ومؤسس "تسلا" ومالك "تويتر" حاليا "إيلون ماسك" الواجهة الرئيسية لصناعة ما يطلق عليها "واجهة الدماغ الحاسوبية" (Brain–computer interface) في ظل تصريحاته بشأن إمكانيات شركته الناشئة "نيورالينك" حتى في الوقت الذي يؤكد فيه الخبراء أن التقنيات العصبية التي تبتكرها شركته عادية في أفضل الأحوال.

 

 

من جانبه قام "بيتر ثيل" الملياردير والشريك المؤسس في "باي بال" بالاستثمار العام الماضي في شركة "بلاكروك نيوروتك" وهي شركة ناشئة أقدم عمرا بقليل وتعمل في نفس القطاع وتقول إنها تأمل في التقدم بطلب للحصول على موافقة إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية على ابتكاراتها قريبا.

 

سينكرون

 

في ديسمبر الماضي، أكملت "سينكرون" جولة تمويل بقيمة 75 مليون دولار جزء منها تلقته من "بيزوس إكسبيدشنز". وكانت جولة التمويل بقيادة "آرك فينتشر بارتنرز" وتضمن شيكا من "جيتس فرونتير" وهي ذراع الاستثمارية المغامرة التابعة لبيل جيتس وآخرين. كما شارك المستثمرون الحاليون في الشركة، بما في ذلك "خوصلا فنتشرز" التابعة للملياردير الهندي "فينود خوصلا"، في جولة التمويل.

 

طورت "سينكرون" ما قد يكون أحد أكثر الأجهزة سلاسة في مجال واجهة الدماغ الحاسوبية، شريحة صغيرة مزودة بأقطاب كهربائية لقراءة العقل يتم نقلها عبر الأوعية الدموية الرئيسية لكي تستقر وتتواصل مع المنطقة من المخ التي نستخدمها في إنتاج الحركات الإرادية. يمكن للتقنية تفسير وتحفيز أجزاء من المخ وينظر إليها على أنها علاج محتمل للإصابات الدماغية.

 

وقال كبير المسؤولين التجاريين لدى "سينكرون" إن الجهاز يمكن إطلاقه تجاريا في بضع سنوات إذا سارت الأبحاث السريرية بشكل جيد.

 

وقال "كريستوفر مور" عالم الأعصاب والمدير المساعد لمعهد كارني لعلوم الدماغ بجامعة براون: "كل يوم، تتجلى رؤى جديدة ورائعة وقوية".

 

وقال "توم أوكسلي" مؤسس "سينكرون" والخبير في مجال واجهة الدماغ الحاسوبية إن ما استقطب المستثمرين الجدد في الشركة الرغبة في إحداث تأثير في علم الأعصاب في المجالات التي تشتد الحاجة إليها.

 

وأضاف "لقد رأوا في واجهة الدماغ الحاسوبية علاجا مستقبليا". وأضاف أن نحو 100 مليون شخص على مستوى العالم يعانون ضعفاً أو عدم القدرة على تحريك الأطراف العلوية يمكن أن يستفيدوا من هذه التكنولوجيا.

 

رفعت جولة التمويل الجديد إجمالي ما حصلت عليه "سينكرون" إلى 145 مليون دولار لتأتي بعد "نيورالينك" التابعة لماسك وشركة "ساينس كورب" التابعة لرائد الأعمال "ماكس هوداك" الرئيس السابق لشركة "نيورالينك" في الحصول على التمويل وفقا لشركة الأبحاث "بيتش بوك"، لكنها تتفوق بكثير على معظم الشركات الأخرى في نفس المجال.

 

 

قامت الشركة بالفعل بإدراج ثلاثة مرضى في تجربة تتكون في الأساس من ستة أشخاص وزرعت جهازها المعروف باسم "سويتش" في أدمغة اثنين منهم. ويتوقع "أوكسلي" أن يتم زرع الأجهزة في بقية المرضى خلال الأشهر القليلة القادمة. ومن المقرر أن يراقب الأطباء أداء هذه الأجهزة لمدة عام ويبلغوا النتائج لإدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية. وقبل عامين، منحت الإدارة "سينكرون" وضع تحقيق "اختراق" مما سمح لها بالخضوع لعملية موافقة مبسطة نسبيا.

 

الهدف التالي للشركة هو إطلاق تجربة كبيرة تحت رقابة إدارة الأغذية والعقاقير الأمريكية وهي خطوة ضرورية لكي يتأهل جهاز "سويتش" لتغطية شركات الرعاية الصحية والتأمينية. والفوز بهذه الموافقة من شأنه أن يضع الشركة على طريق تحقيق إيرادات مستقبلية.

 

وعلى عكس الأجهزة التي ابتكرتها العديد من الشركات الأخرى والتي تتضمن عادة أنواعا مختلفة من جراحات الدماغ، يتم زرع نظام "سينكرون" في "الوريد الوداجي" في عملية مشابهة لإدخال دعامة الشريان التاجي.

 

من هناك تنتقل الشريحة الرقيقة عبر مجرى الدم إلى القشرة الحركية للدماغ. تعمل الشريحة من خلال الاتصال عبر سلك صغير مع جزء آخر مزروع في الصدر. ثم يرسل جهاز الإرسال إشارات إلى جهاز كمبيوتر خارج الجسم بالقرب من المريض.

 

موجة حماس

 

 

كانت موجة من الحماس انتشرت بين المستثمرين تجاه الشركات الناشئة العاملة في قطاع واجهة الدماغ الحاسوبية في 2021، ليبرموا حوالي 49 صفقة استقطبت 568 مليون دولار من الاستثمارات وفقا لتقديرات "بيتش بوك". وفي 2022، بلغ إجمالي صفقات التمويل 37 صفقة بقيمة 263 مليون دولار حتى 28 نوفمبر لكن هذا لا يزال ثاني أعلى مستوى منذ عام 2015.

 

وعلم واجهة الدماغ الحاسوبية موجود بالفعل منذ ما يقرب من 50 عاما، لكن حتى وقت قريب، كانت التكنولوجيا مرتبطة إلى حد كبير بالدراسات المعملية والتجارب الاستثنائية غير المتكررة. فمنذ أكثر من عقد من الزمن، جرى ابتكار قبعات تتمتع بواجهة الدماغ الحاسوبية ليرتديها أشخاص كي يمارسوا إحدى ألعاب الفيديو باستخدام عقولهم فقط. على مدار السنوات الماضية، انتقل ذلك العلم من المعامل إلى عقول الناس ومنازلهم وحياتهم، ليصبح المكون الرئيسي لأجهزة مساعدة حقيقية.

 

بينما تركز الأبحاث اليوم بشكل رئيسي على استخدام هذه الرقاقات الدماغية في رؤوس المرضى الذين يعانون حالات طبية خطيرة كالشلل التام أو تخيل طرق لعلاج أمراض مثل مرض "باركنسون"، فإن إمكانيات ربط العقول بأجهزة الكمبيوتر تمتد إلى ما هو أبعد من الرعاية الصحية. وبالفعل جذبت تلك الإمكانات انتباه المليارديرات في قطاع التكنولوجيا مثل ماسك، وجيتس، وبيزوس.

 

وقال "روبرت نيلسن" المستثمر في قطاع التكنولوجيا الحيوية في شركة "آرك فينتشر بارتنرز" الذي قام بالاستثمار في "نيورالينك" و"سينكرون" إن "إيلون وجيتس وبيزوس مفتونون دائما بالأشياء التي يمكن أن تغير قواعد الأمور".

 

شرائح الدماغ تنتقل من الخيال إلى الواقع

 

تُنهي واجهة الدماغ الحاسوبية مرحلة الوسيط بين جهاز الكمبيوتر الخاص بك وعقلك.

 

من خلال التعرف على إشارات للدماغ يمكن التنبؤ بها، تقرأ الواجهة أفكارك بشكل أساسي لتحقيق أمور ملموسة مثل النقر فوق ماوس الكمبيوتر. هذه هي الطريقة التي يستخدم بها "فيليب أوكيف" وهو أسترالي جرى زرع جهاز من ابتكار "سينكرون" في دماغه في عام 2020، الواجهة سواء للعب الألعاب عبر الإنترنت وتبادل رسائل الواتس آب وتشغيل الإضاءة وإطفائها في المنزل.

 

يعاني "أوكيف" التصلب الدماغي الضموري وهي حالة شلل تجعل من الصعب عليه استخدام أصابعه ويديه، لكنه الآن ليس لديه مشكلة في استخدام عقله للتجول عبر الإنترنت.

 

ويقول "أوكيف في مقابلة": كل ما يمكنك القيام به على الكمبيوتر، يمكنني فعله. وأضاف: "في هذه المرحلة، أنا أبطأ قليلا في الاستخدام منك، لكن هناك القدرة على فعل أي شيء تقريبا، إذا أردت ذلك".

 

يستغرق تعلم كيفية استخدام التكنولوجيا شهورا من التدريب، يتعلم خلالها كل من واجهة الدماغ الحاسوبية والشخص المزروعة في عقله أداء وتفسير الأفكار الرئيسية على نحو موثوق مثل "انقر هنا"، و"تحرك إلى هناك" وهكذا.

 

لا تقتصر تلك التقنية على نقرات الكمبيوتر أو الحركات الميكانيكية، إذ يتم تطويرها لتشخيص مشاكل الدماغ وعلاج حالات مرضية بما في ذلك الاكتئاب من خلال التحفيز العميق للدماغ. يمكنها أيضا المساعدة في الكشف عن أسرار كيفية عمل أدمغتنا، مما يمنح العلماء فرصة للنظر داخل رؤوسنا وإلقاء نظرة على دوائرنا العصبية.

 

وقال "مور" عالم الأعصاب من جامعة براون: "يقرأ الناس أنماط نشاط منطقة الدماغ ويكتشفون الصرع قبل أن يصابوا به. هناك تطبيق بشري واضح قادم".

 

هناك أيضا تطبيقات تتجاوز الرعاية الصحية مثل ألعاب الفيديو والأمن وإعداد جنود أكثر قوة.

 

تجسد الصناعة خيال أباطرة التكنولوجيا

 

 

اجتذبت صناعة الدماغ الحاسوبية استثمارات من أقطاب التكنولوجيا بما في ذلك ماسك، وبيزوس، وجيتس وثيل وخوصلا. وفي حين أن معظم هؤلاء المليارديرات يستثمرون في أفكار التكنولوجيا الحيوية الأخرى، فإن أباطرة التكنولوجيا لديهم تواجد كبير في القطاع الجديد والذي ما زال يشكل جزءا متميزا من التكنولوجيا الحيوية.

 

لم يتم طرح أي من الشركات الناشئة العاملة في مجال "واجهة الدماغ الحاسوبية" في البورصات، وكانت معظم جولات جمع الأموال متواضعة مقارنة مع شركات التكنولوجيا الحيوية الأكبر والأكثر نضجا.

 

يقول "نيلسن" من "آرك" إن عنصر الحوسبة يشكل جسرا واضحا بين أجهزة الكمبيوتر والطب للأشخاص ذوي الخلفية التقنية. ويمكن للبيانات الواردة من مشاريع الأبحاث تلك أن تروق بسهولة للمديرين التنفيذيين الذين اعتادوا على النظر إلى أكواد الكمبيوتر أكثر من تفسير تجارب علم الأحياء.

 

وقال "كورت هاجستروم" كبير المسؤولين التجاريين لدى "سينكرون" إن الناس "يعتقدون أن المخ هو أكثر أجهزة الكمبيوتر تقدما، أي شخص قادم من خلفية تقنية سيكون راغبا في التعلم والاستفادة منه وفهم كيفية عمله".

 

لم نصل إلى تطبيق متكامل

 

على الرغم من قدرات هذه التقنية، يقول "مور" إن واجهة الدماغ الحاسوبية لا يمكنها جمع بيانات تلتقط الطيف الكامل لما تفعله أدمغتنا. تركز التقنية بشكل حصري تقريبا على الإشارات الكهربائية التي تطلقها الدماغ.

 

لكن هناك العديد من المكونات بشأن كيفية عمل أدمغتنا والتي لا تخضع للقياس من جانب الواجهة وتظل مهمة لوظيفة الدماغ وكيفية خلق أفكارنا للسلوكيات.

 

وبينما يمكن للتقنية الدماغية مراقبة وتفسير وحتى تعديل ما تفعله الخلايا العصبية في أدمغتنا، فإنها لا تلتقط بالكامل الصورة المعقدة لجميع الشبكات الخلوية الديناميكية وغير الكهربائية (والتي لا يزال العلم عاجزا عن فهم عملها بالكامل) في أدمغتنا والتي قد تؤثر على الكيفية التي نعالج بها المعلومات والسلوكيات وربما كل شيء بدءا مما يحدث داخل أوعيتنا الدموية إلى كيفية تواصل الخلايا المتخصصة التي تسمى الخلايا النجمية.

 

المصادر: أرقام- كوارتز- بلومبرج

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.