نبض أرقام
04:03 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

تغير المناخ .. تبعات بيئية وخسائر اقتصادية

2023/05/08 أرقام- خاص

هل شعرت بأن الطقس هذه الأيام ليس كالمعتاد، درجات الحرارة أقل أو أعلى من المعدل الطبيعي أو أكثر تطرفا من السنوات السابقة بينما يصاحب ذلك اضطراب ملحوظ وظواهر مناخية غير تقليدية.. حسنا ربما يكون ذلك مدعاة للقلق لأنه يعني أن التغير المناخي بات أكثر حدة مما كنا نعرف.

 

يعاني العالم ككل ارتفاع درجات الحرارة على نحو مطرد جراء الغازات المسببة للاحتباس الحراري مما يلحق الضرر بكافة أشكال الحياة على سطح الأرض، ومع استمرار موجات الجفاف وانخفاض الإنتاج الزراعي يظهر تغير المناخ كعامل محتمل وراء تباطؤ النمو الاقتصادي لدول العالم.

 

ندوب دائمة

 

 

تشير الأبحاث إلى أن درجات الحرارة والتأثيرات المرتبطة بالمناخ يمكن أن تترك ندوبا دائمة في اقتصادات الدول.

 

ووفقا لبحث صادر عن جامعة كاليفورنيا نشرته مجلة "انفيرومنتال ريسيرش ليترز" فإن الآثار التراكمية لارتفاع درجات الحرارة بمرور الزمن تعرقل بالفعل النمو الاقتصادي فيما يقرب من ربع اقتصادات العالم، كما أنه بات من الصعب على الدول أن تسجل انتعاشا اقتصاديا بعد وقوع كارثة مناخية.

 

وقال "برنارد باستيان أولفيرا" المؤلف الرئيسي للدراسة إن نتائج البحث تشير إلى اتجاه واحد فقط يتمثل في أن العديد من الدول تتأثر اقتصاديا على نحو طويل الأمد ومستمر بارتفاع درجات الحرارة.

 

وخلصت الدراسة إلى أن نحو 22% من دول العالم، ومعظمها ذات دخل منخفض وتقع في مناطق مناخية أكثر دفئا، شهدت بالفعل انخفاضا مرتبطا بتغير المناخ في ناتجها المحلي الإجمالي.

 

وقام فريق "أولفيرا" بتحليل البيانات الاقتصادية ودرجات الحرارة وهطول الأمطار على مدى 60 عاما في أكثر من 160 دولة ووجدوا أنه في 39 منها ترك تغير المناخ بالفعل تأثيرات سلبية دائمة على الاقتصاد.

 

وكان للظواهر التي يغذيها تغير المناخ مثل الجفاف وموجات الحر الشديدة التأثير الأكبر في تقليص النمو الاقتصادي. ووجدت الدراسة دليلا على أن انخفاض إنتاج المحاصيل وإخفاق عمليات التبريد في مراكز البيانات السحابية يمكن أن يكون لهما تأثير كبير ودائم على اقتصادات الدول مما يؤدي إلى تباطؤ النمو بمرور الوقت. 

 

كما يمكن أن تؤدي الكوارث الطبيعية التي تتفاقم بسبب ارتفاع درجات الحرارة مثل الأعاصير وحرائق الغابات إلى تأثيرات مستمرة وطويلة الأمد على البنية التحتية للدول وبالتالي قدرتها على الحفاظ على الناتج الاقتصادي بمرور الوقت.

 

وقال "أولفيرا" إنه إذا ضرب إعصار البنية التحتية، "من المحتمل أن يتواصل الشعور بالأضرار على الاقتصاد لأيام أو أسابيع أو حتى سنوات بعد أن يضرب الإعصار، وسينعكس ذلك في الناتج المحلي الإجمالي".

 

ركز الباحثون في الدراسة على الظواهر غير المنتظمة في التغير المناخي والتي تزداد سوءا بسبب تغير المناخ مثل ظاهرة النينو وهي كلمة إسبانية تعني ولد من ارتفاع درجة حرارة سطح البحر في المحيط الهادي وتحدث ما بين كل أربعة إلى 12 عاما وقد تستمر لفترة تتراوح بين ثلاثة وسبعة أعوام وتؤدي إلى تغييرات في معدلات هطول الأمطار ودرجات الحرارة بشكل كبير حول العالم.

 

ووجدت الدراسة أن ظاهرة النينو التي أصبحت أكثر حدة وتكرارا بسبب تغير المناخ تخلق بالفعل تأثيرات طويلة الأمد على درجات الحرارة وتبطئ النمو الاقتصادي في أجزاء كثيرة من العالم.

 

النينو ودرجات حرارة قياسية

 

 

قال علماء مناخ إن العالم قد يسجل رقما قياسيا جديدا في متوسط درجات الحرارة في 2023 و2024 بفعل تغير المناخ وعودة ظاهرة النينو. وخلال تلك الظاهرة، تتباطأ الرياح التي تهب غربا على طول خط الاستواء وتندفع المياه الدافئة شرقا مما يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة سطح المحيط.

 

وقال "كارلو بونتمبو" مدير خدمة "كوبرنيكس لتغير المناخ في الاتحاد الأوروبي" إن ظاهرة النينو ترتبط عادة بدرجات حرارة قياسية على المستوى العالمي. وأضاف: "حدوث ذلك في 2023 أو 2024 أمر غير معروف بعد، ولكنني أعتقد أنه من المرجح للغاية أن يحدث".

 

وقال "بونتمبو" إن النماذج المناخية تشير إلى احتمال قوي لوقوع ظاهرة النينو قرب نهاية العام.

 

كان العام 2016 هو الأكثر ارتفاعا في درجات الحرارة على مستوى العالم حتى الآن، وتزامن ذلك وقتها مع ظاهرة النينو القوية، على الرغم من أن تغير المناخ أدى لارتفاع درجات الحرارة حتى في سنوات غياب هذه الظاهرة.

 

وقال "فريدريك أوتو" كبير المحاضرين لدى معهد "جرانثام" المعني بتغير المناخ في إمبريال كوليدج في لندن إن درجات الحرارة التي يغذيها النينو قد تزيد من آثار تغير المناخ التي تعانيها البلدان بالفعل بما في ذلك موجات الحر الشديدة والجفاف وتغير المناخ.

 

وأضاف "إذا تطورت ظاهرة النينو، فهناك فرصة لأن يكون عام 2023 أكثر حرارة من 2016، بالنظر إلى استمرار ارتفاع درجة حرارة العالم مع استمرار استهلاك الوقود الأحفوري".

 

أرقام مخيفة

 

 

تكشف بيانات أن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن تغير المناخ مخيفة، فقد أظهرت دراسة نشرتها مجلة "ساينس أدفانس" أن موجات الحر التي يغذيها تغير المناخ عالميا تسببت في خسائر لا تقل عن 16 تريليون دولار وربما تصل إلى 65 تريليون دولار في الفترة بين عامي 1992 و2013، وهو عبء يقع بشكل غير متناسب على أفقر دول العالم وأقلها تلويثا للبيئة.

 

وخلص الباحثون في الدراسة إلى أن الارتفاع الشديد في درجات الحرارة تسبب في خسارة تبلغ في المتوسط 1.5% من نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في أكثر دول العالم ثراء والتي عادة ما تكون أكثر المساهمين في تغير المناخ.

 

وفي الوقت نفسه، تعاني أفقر دول العالم خسائر أكبر بكثير تصل إلى 6.7% من نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بينما يساهم بعضها بأقل قدر في تغير المناخ وهي أيضا الأقل متانة في مواجهة تأثيراته.

 

لكن من اللافت للنظر ما قاله "جاستن مانكين" كبير مؤلفي الدراسة وأستاذ الجغرافيا المساعد في دارتموث وهي أنه "في حالات نادرة" يمكن أن تستفيد بعض البلدان فعليا من الحرارة الشديدة الناجمة عن الاحتباس الحراري.

 

وبينما قال "مانكين" إنه "لم يستفد أي بلد على وجه الأرض تقريبا من الحرارة الشديدة"، تظهر الدراسة أن بعض المناطق في أوروبا وأمريكا الشمالية يمكن أن تستفيد نظريا من درجات حرارة أكثر دفئا. وتلك المناطق هي من بين الأغنى في العالم وتضم بعض أكبر الدول المساهمة في انبعاثات الكربون وهي الحافز الأساسي لتغير المناخ.

 

تشير بيانات أخرى أيضا إلى أن الخسائر الاقتصادية التي تكبدها الاتحاد الأوروبي الذي يضم في عضويته 27 دولة والمتمثلة في موجات الحر والفيضانات والعواصف بلغت 145 مليار يورو في العقد الماضي وفقا لمكتب الإحصاء التابع للاتحاد الأوروبي (يوروستات).

 

وفي إفريقيا، يقول البنك الإفريقي للتنمية إن القارة السمراء تخسر ما بين 5 و15% من نصيب الفرد من النمو الاقتصادي بسبب تأثيرات تغير المناخ.

 

توقعات قاتمة

 

 

حذر معهد "سويس ري" من أن الاقتصاد العالمي قد يخسر ما يصل إلى 18% من الناتج الإجمالي بحلول 2050 إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لكبح آثار التغير المناخي. ووفقا لتقديره فإن الرقم قد ينخفض إلى ما بين 11 و14% إذا تم اتخاذ بعض الإجراءات، وقد يتراجع إلى 4% إذا تمت تلبية أهداف اتفاق باريس للمناخ.

 

وتشير إحصاءات المعهد إلى أنه من المتوقع أن تخسر أوروبا نحو 11% من الناتج المحلي الإجمالي بينما ستخسر الولايات المتحدة 10%، فيما ستتكبد اقتصادات الشرق الأوسط وإفريقيا 27.6%. وستعاني اقتصادات آسيا تراجعا يعادل 26.5% في ناتجها المحلي الإجمالي بينما ستتكبد الصين خسارة قرابة 24% من ناتجها المحلي الإجمالي وفق أكثر السيناريوهات تطرفا.

 

المصادر: أرقام - المنتدى الاقتصادي العالمي - رويترز - فورتشن - فوربس

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.