عاد سوق العقارات في الصين ليتصدر عناوين الأخبار حول العالم، مع تصاعد القلق بشأن الوضع المالي للقطاع الذي يمثل نحو ربع حجم الاقتصاد.
وبعد عامين تقريبًا من أزمة تعثر شركة "إيفرجراند" العقارية عن سداد ديونها، تتعرض شركة صينية كبرى حالياً لمخاطر الإفلاس.
سقوط عملاق جديد
- فشلت شركة "كانتري جاردن Country Garden Holdings" في سداد فوائد مستحقة يوم الإثنين الماضي على اثنين من السندات الدولارية.
- التعثر عن سداد مدفوعات بقيمة 22.5 مليون دولار في السادس من شهر أغسطس الجاري أثار المخاوف مجددًا بشأن وضع القطاع العقاري في الصين.
- ستدخل الشركة رسمياً في حالة تخلف عن سداد الديون في حال عدم سداد مدفوعات فوائد السندات خلال 30 يومًا من تاريخ الاستحقاق.
- خفضت وكالة "موديز" التصنيف الائتماني للشركة ثلاث درجات إلى "CCC1" من "B1"، بعد التخلف عن سداد مدفوعات سنداتها الدولارية.
- الوكالة بررت القرار بتراجع السيولة النقدية لدى الشركة، وارتفاع مخاطر القدرة على السداد، وضعف المرونة المالية، وانخفاض القدرة على تلقي التمويلات.
- كما أبقت "موديز" النظرة المستقبلية للشركة عند سلبية، ما يعكس عدم اليقين بشأن قدرتها على خدمة التزامات الديون، ما يشمل مدفوعات الفوائد في الوقت المحدد خلال الفترة بين الستة إلى الاثني عشر شهرًا المقبلة.
- انخفضت المبيعات التعاقدية لـ"كانتري جاردن" بنسبة 60% لتصل إلى 12 مليار يوان في يوليو الماضي، كما تراجعت 30% إلى 128.8 مليار يوان في أول ستة أشهر من العام الحالي.
- هبط سهم "كانتري جاردن" لمستوى قياسي متدن خلال الأسبوع الماضي، ليفقد نحو 65% من قيمته منذ بداية العام الجاري، بينما واصل تراجعه الحاد اليوم الإثنين بخسائر تجاوزت 16% في تعاملات بورصة هونج كونج.
- انخفضت السندات الدولارية لشركة "كانتري جاردن" والمستحقة في يناير إلى 8.7 سنت في الأسبوع الماضي مقابل 75 سنتًا في ديسمبر الماضي.
- توقعت الشركة تسجيل صافي خسارة تتراوح بين 45 و55 مليار يوان (6.2 إلى 7.6 مليار دولار) في الستة أشهر الأولى من هذا العام، مقابل ربح 1.91 مليار يوان في نفس الفترة من العام الماضي.
- الشركة أشارت إلى أن الخسارة المتوقعة تعكس انخفاض هامش الربح للأعمال العقارية، وتراجع قيمة المشروعات العقارية جراء هبوط المبيعات.
- ألقت "كانتري جاردن" باللوم في ضغوط السيولة التي تتعرض لها حالياً على انخفاض المبيعات وبيئة إعادة التمويل، ما تسبب في الهبوط المستمر للأموال المتاحة لدى الشركة.
- ذكرت تقارير إعلامية أن "كانتري جاردن" تخطط لإعادة هيكلة ديونها، مع تعيين مستشار مالي للقيام بالأمر.
كانتري جاردن في سطور
- شركة "كانتري جاردن" الصينية للتطوير العقاري يقع مقرها الرئيسي في مدينة "فوشان" الجنوبية في مقاطعة "قوانغدونغ".
- الشركة كانت أكبر مطور عقاري من القطاع الخاص في الصين من حيث حجم المبيعات التعاقدية في الفترة من 2017 وحتى 2022.
- هذا العام، انخفض ترتيب "كانتري جاردن" في قائمة أكبر شركات العقارات الصينية إلى المرتبة السادسة، مع هبوط المبيعات.
- حجم التزامات "كانتري جاردن" بلغ نحو 1.4 تريليون يوان (199 مليار دولار) بنهاية العام الماضي.
- الشركة لديها أكبر حجم سندات مصدرة بالدولار الأمريكي بين شركات العقارات الصينية الكبرى باستثناء تلك الكيانات المتعثرة عن السداد، ما تصل قيمته إلى 9.9 مليار دولار.
- الشركة تركز على بناء مشاريع سكنية في مدن الطبقة الدنيا، والتي تأثرت بشكل أكبر بالتباطؤ في سوق العقارات مقارنة بمدن الدرجة الأولى مثل بكين وشنغهاي.
- تترأس "يانج هويان" شركة "كانتري"، حيث تعرضت ثروتها للهبوط الحاد بنحو 29 مليار دولار منذ القمة المسجلة في يونيو 2021، لتصل حالياً إلى 5.3 مليار دولار.
- انتقلت قيادة الشركة إلى "يانج" في عام 2005 من والدها الذي أسس الشركة في 1992، بعد أن انضمت إلى المؤسسة كمساعدة شخصية لوالدها.
أزمة القطاع العقاري تتواصل
- تعكس مشكلة "كانتري جاردن" أحدث الأزمات التي يشهدها قطاع العقارات في الصين والتي ظهرت منذ نهاية عام 2021.
- تعرضت العديد من شركات العقارات الصينية الكبرى خلال العام الماضي إلى أزمات ديون، مع تراجع المبيعات وارتفاع الالتزامات.
- كانت شركة "إيفرجراند" ضمن أبرز الشركات العقارية التي تعثرت عن سداد ديونها في الصين، كما دخلت شركة "سنترال تشاينا ريل إستيت" مرارًا في فترة السماح، قبل أن تتوقف في النهاية عن سداد ديونها.
- عادت مخاوف العدوى في سوق العقارات الصيني مجددًا في الشهر الماضي، بعد أن حذرت 4 شركات كبرى من ضغوط على السيولة وسط تراجع مبيعات المنازل.
- شهد شهر يوليو الماضي تراجع مبيعات المنازل في الصين بأكبر وتيرة في عام، ما خفض قدرة الشركات العقارية على الحصول على السيولة النقدية اللازمة لسداد الديون.
- كما تظهر المشاكل حتى بين المطورين العقاريين المدعومين من الدولة، رغم قدرتهم على الوصول إلى التمويل الرخيص والدعم الحكومي.
- قالت شركة "سينو أوشن جروب" المملوكة للدولة إنها تسعى إلى تمديد أجل سداد مدفوعات بعض سنداتها الخارجية، بينما تخلفت شركة "جرينلاند هولدنجز" ووحدة تابعة لـ"داليان واندا جروب" عن سداد مدفوعات، قبل أن تنجح الشركتان في السداد لاحقًا خلال فترة السماح.
- حذرت "كريستي هونغ" المحللة في "بلومبرج إنتيلجنس" من أن أي تعثر عن سداد الديون من جانب "كانتري جاردن" سيؤثر على سوق العقارات في الصين أكثر من تداعيات انهيار "إيفرجراند"، مع حقيقة أن الأولى تمتلك 4 أمثال مشروعات الشركة الثانية.
- المحللة أوضحت أن أزمة الديون الخاصة بـ"كانتري" ستؤثر بشكل كبير على المعنويات في سوق المنازل الصيني، وقد تؤدي إلى ضعف ثقة المشترين بشأن الملاءة المالية للمطورين من القطاع الخاص.
- قالت وكالة "موديز" إن اضطرابات الديون لدى "كانتري" من المرجح أن تلقي بآثار سلبية على قطاع العقارات والأسواق المالية في الصين، ما قد يضعف المعنويات ويؤجل تعافي السوق.
- بينما ذكر محللو "جيه بي مورجان" أن تأثير انتشار عدوى تعثر "كانتري" لن يكون كبيرًا كما حدث عندما تخلفت "إيفرجراند" عن السداد، لأن 40% من شركات السوق من حيث المبيعات في 2021 شهدت بالفعل تعثرًا عن سداد الالتزامات.
هل تتدخل الحكومة الصينية؟
- تسعى السلطات التنظيمية في الصين لتعزيز الطلب في قطاع العقارات، والذي يمثل أكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي للصين.
- تعهد بنك الشعب الصيني مؤخرًا بزيادة دعم التمويل للقطاع الخاص، بعد إشارات من جانب الحزب الشيوعي بالتحول نحو تخفيف السياسات في قطاع العقارات.
- يرى محللون أن فشل "كانتري جاردن" في سداد ديونها في الموعد المحدد قد يدفع السلطات الصينية للتدخل بتدابير دعم قوية، لكنهم شككوا في قدرة هذه الإجراءات على تغيير وضع القطاع العقاري بشكل سريع.
- قال محللون في "إتش إس بي سي" إن الموجة البيعية لأسهم وسندات قطاع العقارات الصيني بعد أزمة "كانتري جاردن" قد تدفع السلطات لتسريع طرح تدابير لدعم سوق المنازل.
- ذكرت تقارير أن لجنة الرقابة المالية في الصين عقدت اجتماعًا مع عدد من ممثلي الشركات العقارات ومؤسسات التمويل، لبحث سبل التعامل مع أزمة القطاع العقاري.
- لم يتم دعوة شركة "كانتري جاردن" للاجتماع، رغم مواجهة الشركة لمخاطر الإفلاس.
- ناقشت الهيئة التنظيمية الصينية مع مطوري العقارات وضع المبيعات والديون الخاصة بهم، بالإضافة إلى الاحتياجات التمويلية ورؤيتهم للقطاع.
- بينما ترى "إيريس تشين" المحللة في "نومورا" أن السلطات الصينية ستدافع عن الخط الفاصل بين الشركات الخاصة وتلك التابعة للدولة، لمنع الآثار غير المباشرة.
- أشارت "تشين" إلى أنها تتوقع عدم تدخل السلطات الصينية للدفاع عن الشركات الخاصة، حيث ستكون آجال الاستحقاق المقبلة للديون عاملًا أساسياً لتقييم إمكانية بقاء هذه الكيانات في السوق.
المصادر: أرقام – موديز – بلومبرج – رويترز – بيزنس إنسايدر
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}