تجوب الصين العالم بحثاً عن القمح، إذ تقترب وارداتها السنوية من بلوغ مستويات قياسية، مع لجوء المشترين إلى اصطياد إمدادات رخيصة بعد أن ألحقت الأمطار الغزيرة أضراراً بالمحصول المحلي.
بعد الإسراف في شراء القمح الأسترالي في وقت سابق من العام، حُجزت كميات كبيرة هذا الشهر من بعض المصدرين الرئيسيين الآخرين، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا وفرنسا، وفقاً للتجار، الذين رفضوا نشر أسمائهم أثناء التحدث عن أعمال خاصة.
وتأتي فورة الشراء بعد انخفاض أسعار القمح العالمية إلى أدنى مستوى لها منذ ثلاث سنوات في نهاية سبتمبر.
وعلى الرغم من أن ذلك يشير إلى وفرة الإمدادات في الوقت الحالي، إلا أن شهية الصين المتزايدة تضيف عدم اليقين إلى سلاسل التوريد التي أصبحت عرضة بشكل متزايد للحروب والسياسات التجارية الحمائية.
قال دارين فريدريش، المؤسس المشارك لشركة "سيتونيا كونسلتنغ" (Sitonia Consulting): "من المرجح أن تكون واردات الصين من القمح قوية في الفترة المقبلة، ومن المؤكد أنها ستتجاوز الحصة السنوية.. يبدو أن الصين اشترت جميع الإمدادات التي يُمكن تصديرها بسهولة من أستراليا، وهي الآن بحاجة للذهاب إلى أبعد من ذلك".
نظام الحصص في واردات القمح
تستخدم بكين نظام الحصص لإدارة واردات السلع الأساسية مثل القمح. فإنها تسمح بمرور 9.636 مليون طن سنوياً من الحبوب بتعريفة 1%، ويُخصَّص 90% منها للشركات الحكومية. وفوق هذا الحد، ترتفع التعريفة إلى 65%، وهو مستوى عادة ما يكون بعيد المنال بالنسبة للمشترين من القطاع الخاص ولكن ليس للشركات العملاقة المملوكة للدولة.
لسنوات عديدة، لم تستنفد الحصة أبداً. لكن تغير ذلك في 2020، إذ أدى الاتفاق التجاري الذي أبرمته بكين مع إدارة ترمب إلى تعزيز المشتريات من الولايات المتحدة. وفي العام الماضي، وصل إجمالي الواردات إلى مستوى قياسي عند 9.96 مليون طن، حيث استبدل المشترون القمح بمكونات أخرى في علف الحيوانات، وتناول المواطنون الصينيون المزيد من الخبز. تتنافس الصين الآن مع مصر كأكبر مستورد في العالم.
بلغت المشتريات من الخارج في الأشهر الثمانية الأولى من 2023 بالفعل 9.56 مليون طن، تم الحصول على أكثر من 60% منها من أستراليا. وقال التجار إن المشترين يفتشون الحصاد المقبل للدولة الواقعة في نصف الكرة الجنوبي بحثاً عن الإمدادات المستقبلية، فضلاً عن مراقبة ظروف المحاصيل في مصادر بديلة مثل كازاخستان.
الأمن الغذائي
حرصاً منها على ضمان الأمن الغذائي لسكانها الذين يزيد عددهم على مليار نسمة، تحرص بكين على بناء مخزونها من الحبوب، خاصة على خلفية الحرب في أوكرانيا -وهي مصدر كبير آخر-، وموجات الطقس القاسي المتكررة بشكل متزايد مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
وقال أرلان سوديرمان، كبير اقتصاديي السلع لدى شركة "ستون إكس فاينانشال" (StoneX Financial)، إن النشاط الشرائي الأخير في الصين يرتبط إلى حد كبير بمشاكل الطقس التي شهدتها مع اقتراب محصول هذا العام من الحصاد. وقدَّر أن الأمطار المستمرة أدت إلى انخفاض جودة القمح بما يتراوح بين 30 إلى 40 مليون طن، مما جعله مناسباً لتغذية الماشية ولكن ليس للاستهلاك البشري.
أضاف سوديرمان: "زاد ذلك من حاجة الصين إلى شراء قمح الطحن عالي الجودة من السوق العالمية، لمزجه مع قمحها لتحقيق أهدافها المتعلقة بجودة الغذاء".
انخفض محصول القمح الصيفي في الصين، والذي يشكل الجزء الأكبر من المحصول، بنسبة 0.9% إلى 134.53 مليون طن هذا العام، وفقاً للبيانات الرسمية. مسجلاً أول انخفاض سنوي منذ سبعة أعوام.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}