شهد شهر أكتوبر صفقتين كبيرتين للاستحواذ في سوق النفط العالمي، وسط توقعات بمزيد من عمليات الاندماج في القطاع خلال الفترة المقبلة.
وأثارت الصفقتان اهتمامًا واسعًا في قطاع الطاقة، خاصة مع ما تثيره من شكوك حول توقعات قرب الوصول لذروة الطلب على النفط.
صفقتان ضخمتان
- أعلنت شركة "شيفرون" في نهاية شهر أكتوبر الماضي الاستحواذ على "هيس Hess" مقابل 53 مليار دولار، في صفقة يتم سدادها بالأسهم بشكل كامل.
- تسمح الصفقة لشركة "شيفرون" بالحصول على حصة تبلغ 30% من منطقة ستابروك في دولة غيانا الغنية بالنفط، والتي تشير التقديرات إلى أنها تحتوي على 11 مليار برميل من النفط.
- تبرز أهمية الصفقة في أنها تسمح لـ"شيفرون" بالتواجد في غيانا، واللحاق بمنافستها "إكسون" والتي تعتبر واحدة من أكبر منتجي النفط في دولة أمريكا الجنوبية.
- جاءت صفقة "شيفرون-هيس" بعد أيام من إعلان "إكسون موبيل" الاستحواذ على شركة النفط الصخري "بايونير ناتشورال ريسورسز" بقيمة 59.5 مليار دولار، في صفقة بالأسهم.
- من شأن صفقة الاستحواذ أن تضاعف حجم إنتاج "إكسون موبيل" من حقل "بيرميان" – الأكبر في الولايات المتحدة.
- تهدف صفقة "إكسون-بايونير" إلى زيادة إنتاج الأولى من النفط والغاز بنحو 20%.
- تعتبر هذه أكبر صفقة استحواذ تقوم بها "إكسون" منذ الدمج مع "موبيل" في عام 1998، كما أنها ثاني صفقة هذا العام بعد شراء "دنبري ريسورسز" مقابل 5 مليارات دولار في يوليو.
- استغلت "شيفرون" و"إكسون" قوة السيولة لديهما بعد الأرباح القياسية المسجلة في العام الماضي نتيجة ارتفاع أسعار النفط، بالإضافة إلى ارتفاع سعر السهمين والذي يسمح بتنفيذ صفقات باستخدام الأسهم وحدها.
دوافع مختلفة وتفوق عالمي
- أشارت "ريستاد إنرجي" لاستشارات الطاقة إلى أن دوافع وتأثير صفقتي استحواذ "شيفرون" و"إكسون" مختلفة قليلًا.
- تستهدف "إكسون" توسيع عملياتها الأساسية في حوض "بيرميان"، بينما تسعى "شيفرون" للعمل في مناطق لا تمتلك أي أصول بها وهي غيانا وحقل باكن.
- يرى "ريد آي أنسون" الخبير الاقتصادي في شركة "كبلر" أن صفقة "إكسون-بايونير" قد تكون أقل خطرًا من صفقة "شيفرون-هيس"، رغم أن الأخيرة قد يكون لها آثار إيجابية أكبر على المدى الطويل.
- قال "أنسون" إن "إكسون" ستشهد المزيد من العوائد الفورية، حيث ستضيف "بايونير" 711 ألف برميل يومياً، مقابل إضافة "هيس" نحو 386 ألف برميل يومياً.
- لكن صفقة استحواذ "شيفرون" على "هيس" قد تثبت أفضليتها على المدى الطويل بالنظر إلى النمو المستقبلي المحتمل للإنتاج في دولة غويانا.
- لكن ما يجمع بين الصفقتين هو حقيقة أنهما تكشفان حجم الفجوة بين قطاع الطاقة في الولايات المتحدة وأوروبا في الوقت الحالي.
- تركز شركات النفط الأوروبية الكبرى مؤخرًا على هدف خفض انبعاثات الكربون، وهو ما يبدو غير مرضٍ للمستثمرين.
- تتداول أسهم "شل" – أكبر شركة للطاقة في أوروبا – بمضاعف ربحية 8، ما يعني أن السهم بحاجة إلى الارتفاع 50% إضافية حتى يعادل مضاعف الربحية لشركتي "إكسون" و"شيفرون".
- قال "ألين جود" مدير أبحاث الأسهم في "مورنينج ستار" إنه بالنسبة للمستثمرين الراغبين في المراهنة على ارتفاع أسعار النفط لفترة أطول، فإن "إكسون" و"شيفرون" هما خياران أفضل من الشركات الأوروبية.
- بالفعل، أعلنت "شل" أنها تخطط للحفاظ على إنتاجها من النفط عند المستويات الحالية، بعد أن كانت تتوقع سابقًا هبوطاً بين 1% و2% سنوياً، كما أرجأت "بي بي" خططاً لخفض إنتاجها في العقد الحالي.
استبعاد توقعات ذروة الطلب
- أثارت صفقتا الاستحواذ من جانب "شيفرون" و"إكسون" المزيد من التشكك في اعتقاد البعض بقرب الوصول إلى ذروة الطلب على النفط.
- توقعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها الأخير وصول الطلب على الوقود الأحفوري لذروته قبل عام 2030، مع انتشار السيارات الكهربائية والتحول نحو الطاقة النظيفة.
- يعني ذروة الطلب على النفط النقطة التي تشهد الوصول إلى أعلى مستوى ممكن من استهلاك الخام، وهو ما يعقبه هبوط في الطلب.
- تتعارض رؤية وكالة الطاقة مع منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" والتي ترى الحاجة إلى استثمارات جديدة بقيمة تريليونات الدولارات لتلبية الطلب على النفط والذي تتوقع أن يواصل النمو لسنوات بعد العقد الحالي.
- تأتي خطط "شيفرون" و"إكسون" التوسعية لتشير إلى محاولات ضخ الاستثمارات في الوقود الأحفوري، مع بقاء الطلب على النفط عند مستويات قوية، وبالتزامن مع تشديد الإمدادات العالمية بفعل سنوات من نقص الاستثمار.
- قال وزير الطاقة، الأمير عبد العزيز بن سلمان، إن عمليات الاستحواذ التي قامت بها شركتا النفط "إكسون موبيل" و"شيفرون" مؤخرًا تظهر أن الهيدروكربون "وجد ليبقى".
- وأكد الأمير عبد العزيز: "إكسون وشيفرون لم تنفذا صفقتي الاستحواذ لأنهما تريدان الاحتفاظ بأصول عالقة. عمليتا الاستحواذ جاءتا في أفضل وقت ممكن".
- يرى "أندرو وودز" المحلل لدى "مينتك" أن الصفقتين المعلنتين من جانب أكبر شركتين للنفط مدرجتين في السوق الأمريكي تشيران إلى الاعتقاد بأن الطلب على الخام سيظل قوياً على المدى الطويل.
- كما يشير "دان بيكرينغ" مؤسس "بيكرينغ إنرجي بارتنرز" إلى أن "إكسون" و"شيفرون" تعتقدان أن الطلب على النفط لم يبلغ ذروته بعد.
مزيد من الصفقات المحتملة؟
- تبدو صفقتا "إكسون" و"شيفرون" بداية انطلاق موجة جديدة من صفقات الاندماج والاستحواذ في قطاع النفط العالمي.
- ترى شركة "ريستاد إنرجي" لاستشارات الطاقة أن استحواذ "شيفرون" على "هيس" في صفقة ضخمة يسرع اتجاه الاستحواذات كبيرة القيمة في سوق الطاقة.
- كما لا تزال "إكسون" تبحث عن فرص جديدة للاندماجات والاستحواذات، حتى بعد صفقتها الأخيرة لشراء "بايونير".
- صرحت "كاثي ميكيلز" المديرة المالية لشركة "إكسون" بأن شركتها لا تزال تبحث عن فرص جديدة للاستحواذ، لكنها شددت على الحاجة لصفقات محددة بميزات كبيرة.
- تشير تقارير إلى صفقات أخرى محتملة في قطاع النفط الصخري الأمريكي بين الشركات متوسط الحجم، حيث تدرس "ديفون إنرجي" الاستحواذ على "ماراثون أويل" و"كراون روك"، بينما تدرس "تشيسابيك" عرضًا لشراء "ساوث ويسترن إنرجي".
- يرى "بوب ماكنالي" رئيس "رابيدان إنرجي جروب" أن الصفقتين الضخمتين مؤخرًا في قطاع النفط مجرد مقدمة لموجة استثمارية متوقعة في السنوات المقبلة.
- أشار "ماكنالي" إلى أن هذه الصفقات تشير إلى التحول من مرحلة الكساد في قطاع النفط التي استمرت لعدة سنوات منذ 2014 إلى أخرى من الازدهار قد تستمر خلال هذا العقد.
- يعود "بيكرينغ" ليشير إلى أن صناعة النفط تدخل مرحلة جديدة من الاندماجات، والتي لن تقتصر على صفقات ضخمة فحسب، ولكن أيضًا العديد من الاندماجات المتساوية بين الشركات صغيرة ومتوسط الحجم التي تبلغ قيمتها السوقية بين 3 و30 مليار دولار.
- يعتقد المحلل أن المستثمرين لا يريدون حالياً نموًا في حجم الإنتاج، وإنما انضباطا ماليا أكبر، فبدلًا من الحفر لزيادة الإنتاج أو التدفقات النقدية، قد تفضل الشركات الاندماج لخفض التكاليف وزيادة الأرباح دون رفع حجم الإمدادات.
المصادر: أرقام – رويترز – فايناشال تايمز – أويل برايس – سي إن بي سي – بلومبرج – نيويورك تايمز
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}