تعتزم الصين زيادة منافستها مع منظومة "ستارلِينك" (Starlink) للأقمار الصناعية التي يديرها إيلون ماسك.
رغم النجاحات الكبيرة التي حققتها، مثل الهبوط على كوكب المريخ وتشغيل محطتها الفضائية، تلاحق الصين أغنى رجل في العالم بالمدار الأرضي المنخفض، وهي منطقة في نطاق ألفي كيلومتر (1.240 ميلاً) من سطح الأرض، تتزايد جاذبيتها لشركات مثل "سبيس إكس"، التي تقدم خدمات الإنترنت فائق السرعة.
نشرت "سبيس إكس" أكثر من 5 آلاف قمر صناعي للاتصالات على ارتفاع 550 كيلومتراً تقريباً، إلا أن الصين أحرزت تقدماً ضئيلاً في خططها الطموحة لإنتاج 13 ألف قمر صناعي تدور في المدار المنخفض.
تستعد الشركة التي يديرها ماسك لزيادة إنتاجها بدرجة أكبر مع الإطلاق الثاني لصاروخها الضخم "ستارشيب" (Starship)، القادر على إطلاق الجيل الجديد من أقمار "ستارلِينك" الصناعية الأكبر حجماً التي تطورها "سبيس إكس".
الصين تسعى للحاق بماسك
أعادت إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية سريان ترخيص الإطلاق لـ"سبيس إكس"، يوم الأربعاء الماضي، وحددت الشركة موعد إطلاق تجريبي في الساعة 8 صباح السبت بالتوقيت المحلي، من موقع الإطلاق في بوكا تشيكا، تكساس.
فيما تحاول الصين المواكبة، فإنها تتطلع لترك بصمتها في جزء من المدار المنخفض، يُعرف باسم المدار الأرضي المنخفض للغاية، وهي المنطقة التي تقع في نطاق ارتفاع 450 كيلومتراً التي تجنبها "ماسك" وآخرون حتى الآن، وهو ما يعود، جزئياً، إلى صعوبة منع الأقمار الصناعية من التراجع إلى الأرض بفعل الجاذبية، والحاجة إلى عدد أكبر من الأقمار لتغطية الرقعة الأرضية نفسها.
تعتزم شركة "تشاينا إيروسبيس ساينس أند إندستري" (China Aerospace Science and Industry Corp)، التي تملكها الدولة، إطلاق أول قمر صناعي في الشهر المقبل ضمن مجموعة سيزيد عددها ليبلغ 300 قمر صناعي في المدار المنخفض للغاية بحلول 2030، وستُستخدم في خدمات الاتصالات والاستشعار عن بُعد، بحسب الشركة.
خدمات أفضل وأسرع
يُعد تحليق الأقمار الصناعية قرب الأرض إحدى أحدث الجبهات في سباق الفضاء الذي تتنافس فيه الدول مع المليارديرات، على حد سواء، للحصول على نصيب من تكنولوجيا المستقبل الأساسية. يتسم الجيل الجديد من الأقمار الصناعية بحجمه الأصغر وتكلفته الأقل، مقارنة بنظيراتها الأعلى نطاقاً، كما يمكنه توفير خدمات أسرع.
رغم أن القطاع لا يزال في مهده، إلا أن لديه فرصة لتحقيق أرباح كبيرة؛ حيث ستكون "ستارلينك" مسؤولة عن أكثر من 10 مليارات دولار من إجمالي مبيعات "سبيس إكس" في العام المقبل، وفقاً لما كشفته "بلومبرغ" الأسبوع الماضي.
قالت كارلا فيلوتيكو، الشريكة والعضو المنتدب بشركة "سبيس تك بارتنرز" (SpaceTec Partners) في لندن: "تتطلع الولايات المتحدة وأوروبا أيضاً إلى المدار المنخفض للغاية"، فالوصول إلى تلك المنطقة أسهل والمخلفات الفضائية فيها أقل من المدارات الأعلى، كما أن الأقمار الصناعية في المدار المنخفض للغاية أقرب إلى الكوكب، وبالتبعية؛ يمكنها إرسال صور أفضل وتوفير اتصال أسرع بالأجهزة على الأرض.
لم ترد "تشينا إيروسبيس" على مكالمة وفاكس طلباً للتعليق، فيما لم ترد وكالة الفضاء الصينية على مكالمة هاتفية تطلب التعليق على خططها.
سباق الفضاء
يمثل إطلاق القمر الصيني الدفعة الأحدث في المنافسة المريرة، في معظم الأوقات، بين "سبيس إكس" التي يديرها "ماسك" والحكومة الصينية.
لا تسمح بكين للشركة بتقديم خدمة الإنترنت إلى المستخدمين الصينيين عبر "ستارلينك"، وأمضت الحكومة سنوات في دعم الشركات الناشئة المحلية لإطلاق الصواريخ، طامحة إلى أنها ستتنافس مع "سبيس إكس" في نهاية المطاف على طلبيات إطلاق الأقمار الصناعية للشركات الأخرى إلى المدار. ما جعل البلد سوقاً لا يمكن لشركة "ماسك" دخولها.
قال بيير ليونيت، الباحث والمدير الإداري لدى "يوروسبيس" (Eurospace)، الرابطة المهنية لقطاع الفضاء في أوروبا: "(سبيس إكس) لن تطلق أقماراً صناعية صينية، و(ستارلينك) لن تعمل في الصين. تحتاج لتراخيص محلية، وبكين لن تمنحها لماسك".
انتقدت وسائل الإعلام الحكومية في الصين العلاقات بين "ستارلينك" والجيش الأميركي؛ إذ حذّر موقع أخبار الجيش الصيني في ديسمبر الماضي من أن أقمار "سبيس إكس" الصناعية هي جزء من طموح واشنطن للهيمنة الفضائية.
"سبيس إكس" تحذّر من المنافسة الصينية
كذلك؛ لم تخفف الشركة وتيرة انتقادها لبكين؛ ففي شهادته أمام لجنة فرعية بمجلس الشيوخ الأميركي في الشهر الماضي، حذّر نائب رئيس الشركة من "منافسة صينية شرسة ومدعومة من الحكومة"، وقال إن الولايات المتحدة ستواجه "منافسة أجنبية منظمة برعاية الدولة، لا تحترم الملكية الفكرية بأي شكل".
يتناقض ذلك مع العلاقة الودية بين شركة "تسلا"، مُصنعة المركبات الكهربائية التي يديرها "ماسك"، والحكومة الصينية. فخلال زيارته في أواخر مايو ومطلع يونيو، التقى "ماسك" مع مسؤولين في بكين وشنغهاي، وتجوّل في مصنع "تسلا" في شنغهاي، المسؤول عن أغلب الإنتاج العالمي للشركة.
لن توقف الصين طموحها بالأقمار الصناعية في المدار المنخفض للغاية، بحسب "فيلوتيكو"، حيث تشمل مشروعات بكين الأخرى بعثات إلى القمر، وتطوير نسخة جديدة كبيرة من صاروخ "لونغ مارش" (Long March) قادرة على التنافس مع "ستارشيب"، فضلاً عن نشر الأقمار الصناعية في المدار المنخفض.
وأضافت: "رؤيتنا لكامل قدرات الصين في الفضاء محدودة. مع ذلك، فهم بارعون عندما يرغبون في تحقيق هدف ما".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}