أصبحت توقعات الاقتصاديين بشأن الاقتصاد الأمريكي واحتمالات ما يطلق عليه مصطلح "الهبوط الناعم" أكثر تفاؤلاً في الآونة الأخيرة، وخاصة عقب تثبيت بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة في الاجتماع الأخير لهذا العام، وإشارة أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح إلى إمكانية خفض الفائدة ثلاث مرات بإجمالي 75 نقطة أساس خلال 2024.
وتتركز الأنظار حاليًا حول أبرز المخاطر التي قد تواجه الشركات الصغيرة خلال العام القادم، انطلاقاً من كونها ركيزة أساسية للنشاط الاقتصادي الكلي، وحقيقة أن الشركات الرائدة في السوق كانت مجرد كيانات صغيرة عند ظهورها على الساحة.
وترى "ميجان جرين" الخبيرة الاقتصادية والزميلة لدى معهد "واتسون" للشؤون العامة والدولية بجامعة "براون"؛ أن عام 2023 كان من المفترض أن يشهد "الركود الأكثر توقعاً في تاريخ الولايات المتحدة"، ووصلت احتمالات ركود الاقتصاد الأمريكي إلى 100% في وقت سابق من العام وفق تقديرات "بلومبرج" إيكونوميكس"، لكن هذه التقديرات لم تتحقق قط.
وأوضح "بريت هاوس" أستاذ الممارسات المهنية في علم الاقتصاد بكلية كولومبيا للأعمال، أن الجميع تفاجأ بمدى قوة الاقتصاد الأمريكي على مدار عام 2023، لكن العنصر الوحيد الذي لا يتماشى مع قوة النشاط الاقتصادي هو التدهور المثير للدهشة في معنويات المستهلكين.
ورغم إشارة صناع السياسة النقدية في الولايات المحدة إلى إمكانية خفض الفائدة العام القادم، وتفاؤل الأسواق بقرب انتهاء دورة التشديد النقدي، لكن "جيروم باول" رئيس مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي حذر خلال المؤتمر الصحفي عقب اجتماع هذا الشهر؛ من أن "إعلان النصر" على التضخم أمر سابق لأوانه.
وأكد محللو "ويلز فارجو" المخاطر التي أشار إليها "باول" في تصريحاته، وأوضحوا في مذكرة أن توقعات الاقتصاد الأمريكي خلال العام القادم بعيدة كل البعد عن التفاؤل، وقد لا يتعرض الاقتصاد الأمريكي إلى أزمة بالمفهوم الكامل، لكن الرياح المعاكسة سوف تتصدر المشهد على المدى القريب.
أبرز المخاطر الاقتصادية التي تواجه الشركات الأمريكية الصغيرة في عام 2024 |
||
1- ارتداد التضخم |
|
- تباطأ التضخم في الولايات المتحدة إلى 3.1% في نوفمبر على أساس سنوي مقارنة بقراءة الشهر الأسبق عند 3.2%، وذلك بعدما بلغ أعلى مستوى له خلال 40 عاماً عند 9.1% في يونيو 2022.
- لكن بقاء التضخم السنوي في أمريكا فوق المستوى المستهدف من قبل الاحتياطي الفيدرالي عند 2%، كان أهم مشكلة بالنسبة لـ 32% من أصحاب المشروعات الصغيرة الذين شملهم مسح أجراه الاتحاد الوطني للأعمال المستقلة الشهر الماضي.
- وشدد "باول" مجدداً في المؤتمر الصحفي هذا الشهر على أن البيانات الإيجابية بشأن تباطؤ التضخم لا تعني الفوز في معركة الحد من ارتفاع الأسعار، مضيفاً أن التضخم لا زال مرتفعاً للغاية، والتقدم الذي تم إحرازه حتى الآن غير مضمون.
|
2- تباطؤ وتيرة النمو |
|
- نما الاقتصاد الأمريكي بنسبة 4.9% خلال الربع الثالث من العام على أساس سنوي، ليسجل أعلى وتيرة للنمو منذ الربع الأخير من عام 2021، لكن توقعات العديد من خبراء الاقتصاد تشير إلى احتمال تباطؤ هذا المعدل بحلول الربع الثالث من 2024 إن لم يتوقف تماماً، بسبب الآثار الممتدة لرفع الفائدة في السابق.
- ويتوقع "هاوس" من كلية كولومبيا للأعمال أن يستقر نمو الاقتصاد الأمريكي خلال العام المقبل مع تلاشي آثار برامج التحفيز المالي أثناء فترة الوباء، واحتمالات عدم تكرار السياسات الصناعية أو التدابير التي اتخذتها إدارة الرئيس "جو بايدن" لدعم قطاعات اقتصادية بعينها مرة أخرى على نفس النطاق.
|
3- صعوبة الحصول على الائتمان |
|
- اضطر رواد الأعمال في الولايات المتحدة إلى التعامل مع بيئة ائتمانية مشددة خلال عام 2023، حيث أفاد 87.5% من المصارف في مسح أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي لآراء كبار مسؤولي الائتمان، بأن نظرتهم المستقبلية للاقتصاد ليست مواتية وغير مؤكدة، بينما أفاد قرابة ثُلث المصارف الأمريكية بتشديدهم معايير إقراض الشركات التي تنخفض مبيعاتها السنوية دون 50 مليون دولار.
- وأوضح "هاوس" أنه من غير المرجح أن تتغير هذه الآليات خلال العام الجديد، حيث تظل أسعار الفائدة الحقيقية عند أعلى مستوى لها منذ فترة ما قبل أزمة عام 2008، وهذا بدوره سوف يبدأ في التأثير على الظروف المالية والائتمانية بشكل متزايد.
|
4- انهيار قطاع العقارات التجارية |
|
- أوضحت بيانات جمعتها شركة "سكوب تكنولوجيز" المتخصصة في برمجيات نظم العمل الهجين، توقف موجة عودة الموظفين للعمل من المكاتب هذا العام، واستقرت غالبية الشركات الأمريكية على وضع خطط تحافظ على درجة معينة من نظام العمل عن بعد، وهذا يشكل خطراً كبيراً بالنسبة لقطاع العقارات التجارية.
- وحذر "كريس كلارك" الأستاذ المساعد في الاقتصاد بجامعة واشنطن من أن الانهيار المحتمل لقطاع العقارات التجارية قد يمثل خطراً داهماً ليس بالنسبة لأصحاب العقارات فقط.
- ويرى "راجيف داوان" رئيس مركز التنبؤات الاقتصادية بجامعة ولاية جورجيا أنه إذا كان هذا الانكماش قد امتد بالفعل إلى قطاعات أخرى من الاقتصاد، فإن البنوك الصغيرة والمتوسطة التي لديها حيازات كبيرة من أصول الرهن العقاري التجاري سوف تكون أول من يشعر بهذا التأثير.
|
5- التوترات بين واشنطن وبكين |
|
- يعد الصراع بين كبرى القوى الاقتصادية في العالم أحد أهم المخاطر التي قد تعرقل نشاط الأعمال بوجه عام على مستوى الاقتصاد العالمي.
- ومن جانبه، يرى "هاوس" من كلية كولومبيا للأعمال أن الصراع العسكري بين أمريكا والصين سوف يظل الخطر الأكبر خلال العقد المقبل، لكنه ليس قلقاً بشأن حدوث تصعيد مباشر بين البلدين في عام 2024.
|
6- آثار الذكاء الاصطناعي |
|
- استحوذت الشركات الناشئة في قطاع الذكاء الاصطناعي على ربع إجمالي تمويلات رأس المال المُخاطر، ويتوقع محللو "جولدمان ساكس" أن تساعد القفزات التكنولوجية في هذا المجال على زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 7% أو ما يعادل 7 تريليونات دولار على مدار العقد القادم، لكن إمكانات النمو هذه لا تأتي دون مخاطر.
- ويظل الذكاء الاصطناعي الاتجاه الأساسي الشامل لجميع الأمور الأخرى في الاقتصاد مستقبلاً، وأن السؤال الأبرز الذي سيواجه الجميع فيما بعد هو: هل سنواجه نقصاً في الأيدي العاملة، أم نقصاً في الوظائف؟ وفق "جو ديفيس" كبير الاقتصاديين العالميين لدى "فانجارد".
|
المصادر: إنك (INC)
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}