تعهد الرئيس الأمريكي السابق، والمرشح الرئاسي الأوفر حظاً في الانتخابات القادمة "دونالد ترامب" بتصعيد الحرب التجارية التي بدأها خلال فترة ولايته الأولى.
لكن مع تغير المشهد العالمي سواء على الصعيدين الجيوسياسي والاقتصادي، قد يتساءل البعض حول مدى نجاح سياسات "ترامب" التجارية خلال فترة رئاسته الأولى، وما آثارها المحتملة على الاقتصاد الأمريكي.
قال "ترامب" خلال لقاء مع قناة "فوكس بيزنس" في أغسطس الماضي، إنه يعتزم فرض رسوم جمركية قد تصل إلى 10% على معظم السلع المستوردة.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان سيفكر في تطبيق تعريفة جمركية بنسبة 60% على البضائع الصينية، قال "ترامب" إنه قد يفرض رسوماً أعلى من ذلك.
وصف عدد من خبراء الاقتصاد القيود التجارية المقترحة من قبل "ترامب" بأنها قادرة على إعادة تشكيل الاقتصاد الأمريكي، في حين يرى البعض الآخر أن السياسات التي اتبعها خلال فترة ولايته الأولى أضرت بالمنتجين، ولم ترق إلى مستوى الوعود التي قطعها بشأن تطوير القطاع الصناعي وإنعاش التوظيف، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلكين في نهاية المطاف.
وذكرت شبكة "إيه بي سي نيوز" نقلاً عن محللين اقتصاديين، أن حرباً تجارية طويلة الأمد بإمكانها توسعة قطاعات صناعية معينة في الولايات المتحدة، لكن مثل هذه الخطوة سوف تُحمل المستهلكين المنهكين بالفعل بسبب التضخم تكلفة باهظة.
قال "إينو ماناك" الزميل بمنظمة "مجلس العلاقات الخارجية" لشؤون السياسات التجارية، إن التعريفات الجمركية التي فُرضت تحت إدارة "ترامب" رفعت التكاليف بالنسبة للشركات الأمريكية، وتسببت في زيادة أسعار بعض المنتجات بالنسبة للمستهلكين، وإن هناك المزيد مما يمكن أن يفعله "ترامب" حال فوزه بولاية ثانية.
دافعت حملة "ترامب" عن التعريفات الجمركية المقترحة، وأوضحت أن الاقتصاد الأمريكي سوف يستفيد من خطط الرئيس السابق لمعالجة قضية الهجرة في فترة ولايتة الثانية، وقالت إن خطة "ترامب" لإغلاق الحدود، وترحيل المهاجرين غير الشرعيين هي أمل أمريكا الوحيد.
وأوضحت "كارولين ليفت" السكرتيرة الصحفية المحلية لحملة "ترامب" الانتخابية، أن خطة الأخير الرامية لزيادة إنتاج النفط والغاز الطبيعي مجدداً، سوف تولد طفرة اقتصادية، وتُخفض التضخم إلى صفر كما حدث خلال فترته الأولى.
ويرى "ستيفن مور" الذي عمل سابقًا كمستشار اقتصادي لـ" ترامب" ويقول إنه ساعد في صياغة أجندته لانتخابات عام 2024؛ أن التعريفات الجمركية المتصاعدة من شأنها عرقلة المنتجين الأجانب، وجعل الصناعات المحلية أكثر قدرة على المنافسة.
فرض الرئيس الأمريكي السابق رسوماً جمركية على واردات الألومنيوم والصلب من عدد من البلدان، بما في ذلك المكسيك وكندا والاتحاد الأوروبي، كما فرض ضرائب بقيمة مئات المليارات من الدولارات على البضائع القادمة من الصين، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع تكاليف استيراد كل شيء تقريباً، بداية من الأحذية والدراجات، وحتى رقائق الحاسوب.
وأظهر تحليل أجرته مؤسسة "تاكس فاونديشن" غير الربحية، أن الولايات المتحدة فرضت رسوماً جمركية على آلاف من السلع، بقيمة بلغت 380 مليار دولار تقريباً بين عامي 2018 و2019.
وكشفت النتائج أن هذه التعريفات الجمركية التي فرضتها إدارة "ترامب" تسببت في خفض التوظيف في الولايات المتحدة بمقدار 166 ألف وظيفة نتيجة ارتفاع تكاليف الاستيراد بالنسبة لأصحاب العمل.
أصدر فريق عالمي من الباحثين ورقة عمل تركز على تقييم عواقب سياسة "ترامب" التجارية على مناطق الغرب الأوسط في أمريكا، ووجدت الدراسة أن تأثير السياسة كان ضئيلاً على الوظائف في الصناعات المعنية بالتعريفات الجمركية بشكل مباشر، مقابل حدوث انخفاض طفيف في التوظيف نتيجة الرسوم الجمركية الإنتقامية التي تم فرضها على البضائع الأمريكية.
وترى "ماري لافلي" زميلة معهد "بيترسون" للاقتصاد الدولي أنه لا يوجد دليل على تحقيق الحرب التجارية التي شنها "ترامب" لأهدافها المتمثلة في توليد فرص عمل، وإنعاش التصنيع، وقالت إن التعريفات الجمركية أدت لارتفاع أسعار بعض السلع الأمريكية مع تمرير المستوردين زيادة التكاليف إلى المستهلكين.
أدت التعريفات الجمركية التي تم فرضها على واردات الغسالات في عام 2018 إلى رفع أسعارها بنسبة 12% وفق ما جاء في ورقة بحثية أعدها باحثو جامعة شيكاغو بالتعاون مع بنك الاحتياطي الفيدرالي للمدينة.
ونجحت هذه التدابير الحمائية في تقليص واردات أمريكا من الصين، لكن الأمر تزامن مع مع زيادة الواردات القادمة من المكسيك وفيتنام، وهو ما يعزوه بعض المحللين إلى استخدام هذين البلدين كمعبر للبضائع الصينية.
يعتقد "إسوار براساد" أستاذ السياسات التجارية في جامعة "كورنيل" أن السياسة الحمائية التي يعتزم "ترامب" اتباعها سوف تؤثر على الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير وتؤدي إلى ارتفاع شديد في الأسعار، وسوف توفر دعماً لبعض الصناعات المحلية لكنها قد تُلحق الضرر بصناعات أخرى.
وتابع بأن هذه السياسة قد يكون لها بعض الفوائد فيما يتعلق بالتوظيف، لكن التاريخ يُثبت أن تقييد التجارة يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى عواقب سلبية تفوق بكثير النتائج الإيجابية المحققة على صعيد نمو العمالة في الصناعات المحلية.
المصدر: إيه بي سي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}