يواصل الاقتصاد الأمريكي تحدي توقعات الكثير من المحللين بتجنبه الركود رغم الرفع الحاد لمعدلات الفائدة على مدى العامين الماضيين.
لكن بيانات اقتصادية صادرة مؤخرًا أثارت الشكوك بشأن مدى استمرار قوة المستهلك الأمريكي، وهو ما قد يلقي بظلاله على الاقتصاد الأوسع.
بيانات اقتصادية مقلقة
- نجح المستهلك الأمريكي في البقاء في وضع جيد، بدعم قوة سوق العمل وانخفاض معدل البطالة، بالرغم من معدلات الفائدة المرتفعة والتي كان من المفترض أن تؤثر سلبًا على إنفاق المستهلكين.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
- لكن مؤخرًا، بدأت بعض الإشارات السلبية في التزايد، لتثير المخاوف حيال استمرار الوضع الجيد للمستهلك الأمريكي.
- تبرز أهمية المستهلكين في حقيقة أن إنفاقهم يشكل حوالي ثلثي النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.
- كشفت بيانات صادرة الأسبوع الماضي عن تباطؤ نمو الإنفاق الشخصي في الولايات المتحدة بوتيرة ملحوظة ليبلغ 0.2% في شهر يناير الماضي مقابل صعود 0.7% خلال ديسمبر.
- تزامن تباطؤ الإنفاق مع تراجع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأمريكي - المؤشر المفضل لقياس التضخم من جانب الاحتياطي الفيدرالي - إلى 2.4% في فبراير الماضي من 2.6% خلال يناير.
- كما أظهرت بيانات منفصلة تراجع مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة بنسبة 0.8% في شهر يناير الماضي على أساس شهري، لتكون أسوأ من التوقعات.
- على جانب مواز أيضًا، تراجعت طلبات السلع المعمرة في الولايات المتحدة 6.1% في فبراير على أساس شهري، في أسوأ وتيرة هبوط في نحو أربع سنوات.
- كما انخفض مؤشر "ميشيغان" لثقة المستهلك الأمريكي في فبراير للمرة الأولى في ثلاثة أشهر.
- هبط المؤشر إلى 76.9 نقطة في الشهر الماضي من 79 نقطة في يناير، مع تصاعد المخاوف حيال مسار التضخم والانتخابات الرئاسية الأمريكية المرتقبة في نوفمبر.
توقعات باستمرار ضعف المستهلك
- لم تتوقف الإشارات السلبية حيال وضع المستهلك الأمريكي على البيانات الصادرة مؤخرًا، لكنها اتسعت لتشمل توقعات سلبية خلال الفترة المقبلة.
- تتوقع وكالة "فيتش" تباطؤ وتيرة نمو إنفاق المستهلكين الأمريكيين خلال العام الجاري، مع تراجع النشاط في سوق العمل وتباطؤ نمو الأجور وتداعيات معدلات الفائدة المرتفعة على الاقتصاد.
- ارتفعت طلبات إعانة البطالة الأولية في الولايات المتحدة إلى 215 ألف طلب في الأسبوع الماضي من 202 ألف في الأسبوع السابق له، وبأكثر من التوقعات التي كانت تبلغ 209 آلاف طلب.
- كشف مسح صادر عن بنك "ويلز فارجو" الأسبوع الماضي أن نحو 67% من الأمريكيين قالوا إنهم خفضوا إنفاقهم، بينما ذكر 45% من المشاركين أنهم اضطروا لتأجيل خطط مرتبطة بالمعيشة.
- قال "روب هاوورث" كبير مديري استراتيجية الاستثمار في إدارة الثروات في "يو إس بنك" إن 2023 كان عام تسارع الزخم الاقتصادي بدلاً من التباطؤ الذي توقعه الكثيرون، بدعم قوة إنفاق المستهلكين بشكل خاص.
- لكن "هاوورث" أوضح أن بيانات شهر يناير الماضي أشارت إلى تراجع الإنفاق الاستهلاكي الأمريكي، لكن لا يزال هناك عدد من الإشارات الاقتصادية الإيجابية في بيانات أخرى.
- أوضح المحلل أن السؤال الكبير الذي قد يقود الأسواق ويحدد موعد خفض معدلات الفائدة هو ما إذا كان بإمكان المستهلكين الاستمرار في الإنفاق بوتيرة كافية للحفاظ على نمو الاقتصاد.
- كشفت بيانات رسمية أن معدل الادخار الشخصي – حصة الدخل الذي يدخره الأمريكيون – بلغ 3.8% في يناير، ما يعتبر أقل كثيرًا من الذروة المسجلة في شهر مايو الماضي عند 5.3%، ومقابل 7% قبل وباء "كورونا".
- يعتقد "جوس فوشر" كبير الاقتصاديين في "بي إن سي فاينانشيال سيرفيس" أن المستهلكين سيتعاملون مع تراجع مدخراتهم من خلال ادخار المزيد من الأموال هذا العام، ما سيؤدي إلى هبوط الإنفاق.
تصاعد تحذيرات الركود
- أبدى كثير من المحللين وقادة البنوك الأمريكية الكبرى مخاوفهم من تصاعد خطر الركود في الولايات المتحدة، مع القلق المرتبط بوضع المستهلك الأمريكي.
- يرى "جيمي ديمون" رئيس بنك "جيه بي مورجان" أن الأسواق وبعض المحللين يرون أن احتمالات الهبوط السلس للاقتصاد الأمريكي تبلغ 70% أو 80%، لكنه شدد على أنه يرى أن فرصة تجنب الركود تعد نصف هذه الاحتمالية فحسب.
- أشار "ديمون" إلى أن خطر الركود يرجع إلى المخاطر التي لا تزال تواجه الولايات المتحدة، ما يشمل تشديد السياسة النقدية والصراعات الجيوسياسية ومعدلات الفائدة التي قد تستمر عند مستويات مرتفعة لفترة أطول.
- رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة بإجمالي 525 نقطة أساس خلال 18 شهرًا، لترتفع تكاليف الاقتراض لأعلى مستوى منذ عام 2001، في إطار محاولات السيطرة على التضخم.
- أرجأت الأسواق المالية توقعاتها لموعد ووتيرة خفض معدلات الفائدة الأمريكية هذا العام، حيث تشير أداة "فيد وتش" إلى أن الفيدرالي سيخفض الفائدة في يونيو المقبل، مع توقعات بثلاث عمليات خفض في إجمالي 2024، مقابل توقعات سابقة بست عمليات خفض.
- تباطأ التضخم الأمريكي في شهر يناير بوتيرة أقل من التوقعات، حيث صعد مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 3.1%، في حين كانت التوقعات تشير إلى تسجيل 2.9%.
- كما أشار "ديفيد سولومون" الرئيس التنفيذي لبنك "جولدمان ساكس" إلى أن العالم لا يرى سوى احتمالية الهبوط السلس، لكنه يعتقد أن هناك القليل من عدم اليقين حيال هذه الفرضية.
- ذكر "سولومون" أن الكثير من قادة الأعمال أخبروه أن الإنفاق تراجع في أوساط المستهلكين من ذوي الدخل المنخفض، مع وجود بعض الضعف في جزء من الاقتصاد الأمريكي.
- من جانبها، قالت "إلين زينتنر" كبيرة الاقتصاديين الأمريكيين في "مورجان ستانلي" إنه من المؤكد أن يشهد الاقتصاد الأمريكي حالة ركود، رغم توقعات الأسواق ببدء تيسير السياسة النقدية من جانب الاحتياطي الفيدرالي هذا العام.
- أشارت "زينتنر" إلى أن الهبوط الصعب للاقتصاد الأمريكي يعد أمرا لا مفر منه بسبب التأثير التراكمي المتوقع لتداعيات رفع معدلات الفائدة.
- توقعت المحللة في "مورجان ستانلي" عودة التضخم الأمريكي للتسارع بشكل مؤقت في الربع الأول من هذا العام.
- كما يعتقد "ستيف هانكي" الأستاذ في جامعة "جونز هوبكنز" أن التاريخ يشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي يتجه نحو الركود، بالنظر إلى أن المعروض النقدي انكمش بنسبة 4.5% منذ مارس 2022.
- ذكر "هانكي" أن الولايات المتحدة شهدت أربع حلقات من الانكماش المستمر في المعروض النقدي، مشيرًا إلى أن كل واحدة من تلك الحالات أعقبها حالة ركود اقتصادي.
الوجه الآخر للاقتصاد
- لكن على الجانب الآخر، لا تزال هناك الكثير من الإشارات الإيجابية التي تحيط بالاقتصاد الأمريكي وتدعم وجهات النظر التي ترى أن أكبر اقتصاد في العالم قد يواصل تحدي رهانات الركود.
- واصل الاقتصاد الأمريكي النمو خلال الفصول الستة الأخيرة، رغم معدلات الفائدة المرتفعة والأزمات التي واجهت قطاعي المصارف المحلية والعقارات التجارية.
- في الربع الرابع من العام الماضي، حقق الاقتصاد الأمريكي مستويات نمو قوية، بالرغم من تخفيض وزارة العمل تقديراتها للنمو بشكل طفيف إلى 3.2% مقابل تقديرات سابقة عند 3.3%.
- عدت وزيرة الخزانة الأمريكية "جانيت يلين" أن قوة الاقتصاد الأمريكي كانت بمثابة عامل رئيس وراء استمرار تماسك الاقتصاد العالمي خلال الفترة الماضية.
- رفع اقتصاديو وكالة "إس آند بي جلوبال" للتصنيف الائتماني توقعاتهم لنمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي إلى 2.4% في العام الجاري من التقديرات السابقة الصادرة في نوفمبر عند 1.5%.
- كان صندوق النقد الدولي قد رفع توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكي في العام الجاري إلى 2.1%، بزيادة 0.6% عن تقديراته الصادرة في أكتوبر، لكنها لا تزال أقل من مستويات 2023 البالغة 2.5%.
- كما يستمر سوق العمل في الحفاظ على قوته، مع بقاء معدلات البطالة قرب أدنى مستوى في 50 عامًا عند 3.7%.
- تتوقع الرابطة الوطنية لاقتصاديي الأعمال نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بوتيرة سنوية 2.2% في عام 2024، ارتفاعاً من توقعاتها السابقة البالغة 1.3%.
- تعتقد شركة "أبولو" للأبحاث أن الاقتصاد الأمريكي لا يتباطأ، بل إن النمو يشهد حالة من عودة التسارع، مشيرة إلى أن الاحتياطي الفيدرالي قد لا يخفض معدلات الفائدة نهائياً هذا العام.
المصادر: أرقام – هيئة إحصاءات العمل – سي إن بي سي – رويترز – بيزنس إنسايدر – ويلز فارجو – يو إس بنك - أبولو
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}