شهدت أسعار النفط ارتفاعًا ملحوظاً خلال الأسابيع القليلة الماضية، لتتداول قرب أعلى مستوياتها في أربعة أشهر.
ومع استمرار تحسن صورة الطلب على الخام وتوقعات تحول السوق إلى العجز، عاد الحديث مجددًا حول احتمالية ارتفاع الأسعار لمستويات 100 دولار.
ارتفاعات سعرية قوية
- تمكنت أسعار النفط من الخروج من النطاق الضيق التي ظلت تتداول فيه خلال أول شهرين من العام الجاري، حينما ظل خام برنت يتذبذب بين 80 و84 دولارًا.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
- لكن أسعار النفط نجحت في الارتفاع أعلى هذا النطاق، لتُنهي تعاملات الأسبوع الماضي قرب أعلى مستوياتها في خمسة أشهر.
- وصل عقد خام برنت القياسي الأكثر نشاطًا تسليم شهر يونيو إلى 87 دولارًا للبرميل بنهاية الأسبوع الماضي، محققًا مكاسب بنسبة 4.6% في مارس وبحوالي 13% في أول ثلاثة أشهر من 2024.
- ارتفع سعر خام غرب تكساس الأمريكي تسليم شهر مايو إلى 83.17 دولار للبرميل، ليحقق مكاسب شهرية تتجاوز 6%، كما صعد بنحو 16% خلال الربع الأول من هذا العام.
- حققت أسعار النفط في مارس الماضي ارتفاعًا للشهر الثالث على التوالي، بعد خسائر تقارب 10% في عام 2023.
- قال "فيل فلين" كبير محللي السوق في "برايس فيوتشرز جروب" إن النفط شهد عودة قوية في الربع الأول من هذا العام.
المخاطر الجيوسياسية تدعم الخام
- استفادت أسعار النفط مؤخرًا من تزايد تركيز الحرب الروسية الأوكرانية على الهجمات على منشآت الطاقة، ومع فشل الوساطة لإنهاء الصراع في قطاع غزة، بالإضافة إلى استمرار التوترات في البحر الأحمر.
- أدى هجوم أوكراني في وقت سابق من شهر مارس إلى خفض الطاقة الإنتاجية في مصفاة "كويبيشيف" لتكرير النفط الروسي في "سامارا" إلى حوالي النصف.
- في الربع الأول من هذا العام، هاجمت أوكرانيا سبع مصافي تكرير روسية، ما أدى إلى توقف نحو 400 ألف برميل يومياً من الطاقة الإنتاجية.
- بدورها، هاجمت روسيا موقعًا أوكرانياً لتخزين الغاز الطبيعي تحت الأرض، في الوقت الذي تعمل فيه شركة "دي تي إي كيه" – أكبر منتج للطاقة في أوكرانيا – بنحو 50% من طاقتها الإنتاجية.
- بينما في الشرق الأوسط، تضاءلت الآمال مجددًا بشأن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
- يرى "هيريوكي كيكوكاوا" المحلل في "نيسان سيكوريتي" أن تصاعد التوترات الجيوسياسية، ما يشمل الهجمات المتزايدة ضد منشآت الطاقة في روسيا وأوكرانيا واستمرار الحرب في غزة، تسبب في زيادة المخاوف المرتبطة بالمعروض العالمي من النفط.
عجز محتمل في السوق
- على جانب الأساسيات، يرى محللون أن سوق النفط شهد حالة من تشديد المعروض، في الوقت الذي تحاول فيه الاقتصادات الكبرى تفادي الوقوع في براثن الركود.
- كانت وكالة الطاقة الدولية قد رفعت تقديراتها لنمو الطلب العالمي على النفط للمرة الرابعة منذ شهر نوفمبر الماضي، لتتوقع تحول السوق إلى العجز مقارنة بتقديرات الفائض سابقًا.
- يظل الفارق كبيرا بين توقعات وكالة الطاقة لنمو الطلب على النفط هذا العام بنحو 1.3 مليون برميل يومياً، وتقديرات "أوبك" بنمو 2.25 مليون برميل يومياً.
- على جانب مواز، ذكرت تقارير أن تحالف "أوبك بلس" لا يرى حاجة إلى إجراء أي تغييرات في سياسة إنتاج النفط خلال اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة والمقرر عقده هذا الأسبوع.
- كانت "أوبك بلس" قد أعلنت تمديد الخفض الطوعي لإنتاج النفط البالغ 2.2 مليون برميل يومياً حتى نهاية الربع الثاني من العام الجاري.
- على جانب الاقتصاد الكلي، تتصاعد النبرة المتفائلة بين المحللين بشأن آفاق النمو العالمي خلال العام الجاري، ليرفع صندوق النقد و"إس آند بي جلوبال" وغيرها من المؤسسات تقديراتهم لأداء الاقتصاد العالمي متوقعين تجنب الركود هذا العام.
- نما الاقتصاد الأمريكي بوتيرة سنوية تبلغ 3.4% في الربع الرابع من العام الماضي، متجاوزًا القراءة الثانية عند 3.2%، ليواصل النمو للفصل السادس على التوالي.
- على جانب مواز، تعهد رئيس مجلس الدولة في الصين "لي تشيانغ" بتكثيف بلاده لدعمها الذي يستهدف تحفيز النمو الاقتصادي، ما قد يُنهي المخاوف بشأن الطلب الهش على النفط من جانب بكين.
- كما تتصاعد توقعات الأسواق بخفض معدلات الفائدة من جانب البنوك المركزية العالمية في وقت لاحق من هذا العام، ما يدعم النشاط الاقتصادي والطلب على النفط.
- قال "هان تشونغ ليانغ" المحلل في "ستاندرد تشارترد" إن صورة جانب الطلب لا تزال قوية، مع استمرار ظروف الطلب الأفضل من المتوقع في الولايات المتحدة والصين.
- أشار "ليانغ" إلى أن الطلب على النفط في الصين يبدو إيجابياً بشكل متزايد، بعد بيانات إيجابية، خاصة ارتفاع أرباح الشركات الصناعية في أول شهرين من العام الجاري، ما يشير إلى استعادة النمو الاقتصادي للزخم.
- بينما ذكر "فلين" أن التشاؤم الذي ساد سوق النفط مع بداية العام الجاري قد تبدد، حيث لم تتناسب الحقائق الخاصة بالعرض والطلب مع التوقعات المتشائمة بشأن السوق.
- ذكر المحلل في "برايس فيوتشرز" أن الحديث عن الركود الاقتصادي واحتمال عدم قدرة منظمة "أوبك" على مواصلة تخفيضاتها "ثبت أنه غير صحيح"، كما أن المخاطر الجيوسياسية رغم أنها لم تؤد إلى تداعيات على المعروض من الخام، فإنها زادت من تكلفة النقل وجعلت شراء النفط أكثر صعوبة.
- بعيدًا عن الأساسيات، أظهرت بيانات أن المتداولين في الأسواق المالية يشترون النفط بأسرع وتيرة منذ عام 2020، بعد أشهر من التشكك في اتجاه الخام.
- اشترى المتداولون ما يعادل 140 مليون برميل من النفط في الأسبوع المنتهي في التاسع عشر من مارس الماضي، ليصبح الخام هو العقد الأكثر تداولاً في تلك الفترة.
هل يستمر الصعود؟
- يراهن بعض المحللين على استمرار صعود أسعار النفط خلال الفترة المقبلة، مع تصاعد المخاوف الجيوسياسية وتحسن صورة الطلب بشكل كبير.
- كشف مسح لوكالة "رويترز" شارك فيه 46 اقتصادياً ومحللاً أن متوسط سعر خام برنت سيصل إلى 82.33 دولار للبرميل في العام الجاري، ما يعتبر أعلى من التوقعات في فبراير عند 81.13 دولار.
- قال "فلوريان جرونبرجر" كبير المحللين في "كبلر" إن أسعار النفط قد ترتفع بشكل إضافي حتى أشهر الصيف، بدعم علاوة المخاطر الجيوسياسية وقرارات "أوبك بلس"، بالإضافة إلى صعود الطلب من الصين.
- كما توقع بنك "مورجان ستانلي" ارتفاع سعر خام برنت إلى 90 دولارًا للبرميل في وقت لاحق من العام الجاري، مع التزام "أوبك" بخفض إنتاج النفط وتوقعات استمرار هذا الانضباط لفترة من الوقت.
- خفض البنك توقعاته للمعروض من جانب أوبك وروسيا بنحو 0.2 إلى 0.3 مليون برميل يومياً، مع توقع حدوث عجز محدود في السوق خلال الربع الثاني من هذا العام، ليتسع بشكل أكبر في الربع الثالث مع تسارع الطلب على الخام.
- كانت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية قد رفعت توقعاتها لمتوسط سعر خام برنت إلى 87 دولارًا للبرميل في العام الجاري، بزيادة 5.6% عن تقديراتها السابقة.
- كما رفعت الإدارة الأمريكية توقعاتها لسعر برنت في عام 2025 إلى 85 دولارًا للبرميل، بزيادة 6.7% عن توقعاتها الصادرة في فبراير.
- بررت إدارة معلومات الطاقة توقعاتها بأن تباطؤ نمو الإنتاج النفطي في الولايات المتحدة سيؤدي إلى تراجع ملحوظ في المخزونات العالمية خلال الربع الثاني من هذا العام.
- بينما يرى "إي سي إي سي إي بنك ICICI Bank" أنه على المدى القريب، قد يؤدي استمرار التوترات الجيوسياسية إلى ارتفاع أسعار النفط.
- توقع البنك وصول سعر خام برنت القياسي إلى نطاق بين 90 و95 دولارًا للبرميل على المدى القريب.
احتمالية 100 دولار؟
- على جانب مواز، قال بنك "جيه بي مورجان" إن سعر خام برنت قد يرتفع إلى 100 دولار للبرميل قبل الانتخابات الأمريكية المرتقبة في نوفمبر.
- أشار البنك إلى أن روسيا فاجأت الجميع بقرار تعميق خفض إنتاجها من النفط بمقدار 471 ألف برميل يومياً، مع توجيه أوامر للشركات المحلية بخفض الإمدادات.
- قالت "ناتاشا كانيفا" رئيسة استراتيجية السلع العالمية في "جيه بي مورجان" إن التحول في استراتيجية روسيا النفطية كان مثيرا للدهشة، حيث جاء قرار توسيع خفض الإنتاج كجزء من التزام موسكو تجاه تحالف "أوبك بلس".
- توقعت "كانيفا" أن التخفيضات الروسية لإنتاج النفط قد تدفع خام برنت لمستوى 90 دولارًا للبرميل في شهر أبريل، ونحو 100 دولار بحلول سبتمبر.
- لكن من شأن وصول سعر النفط لمستويات 100 دولار أن يضع ضغوطاً على إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية.
- يمكن للحكومة الأمريكية أن تستجيب لخطر ارتفاع أسعار النفط من خلال السحب من الاحتياطي الاستراتيجي للخام، مع وجود مساحة إضافية لإطلاق ما يصل إلى 60 مليون برميل، بحسب "جيه بي مورجان".
- كما أبدى "فلين" المحلل في "برايس فيوتشرز" اعتقاده بأن تداعيات ارتفاع أسعار النفط ستنعكس على تكلفة الوقود في الولايات المتحدة، ما قد يدفع إدارة "بايدن" للتوقف عن ملء مخزونات النفط الاستراتيجي والتحول إلى السحب من الاحتياطي لتهدئة الأسعار قبل الانتخابات.
- حتى في حال غياب إجراءات الحكومة الأمريكية، فإن ارتفاع برنت أعلى 90 دولارًا للبرميل من المرجح أن يقلل الطلب على النفط، مع قوة الدولار وارتفاع تكاليف الاقتراض، وهو ما قد يخفض بالتبعية أسعار الخام.
المصادر: أرقام – أويل برايس - سي إن بي سي – ماركت وتش – رويترز – بلومبرج - مينت
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}