في عام 2017، خلال حفل نظمته مجلة "فوربس" بمناسبة الذكرى المئوية لها، قال الملياردير "وارن بافت"، إن مؤشر "داو جونز الصناعي" سيتجاوز مليون نقطة خلال 100 عام، مقارنة بنحو 22 ألف نقطة في ذلك الوقت.
وفي الوقت الراهن، حيث تواصل الأسهم الأمريكية تحطيم الأرقام القياسية، مدفوعة بالزخم حول الذكاء الاصطناعي والذي عززته نتائج أعمال شركة "إنفيديا" في الربع الأول من العام المالي الجاري، يشعر البعض بالقلق من المبالغة في تقييم الأسهم.
هذه المخاوف منطقية ومبررة تاريخيًا نظرًا لطبيعة الأسواق التي تقوم على التصحيح بعد كل موجة صعودية قوية، لكن طبيعة الأسواق أيضًا أنها تواصل الارتفاع، وعلى المدى الطويل للغاية تنمو وتحقق مكاسب متجاوزة أي انهيار أو تصحيح.
فكر مثلًا في قيمة مؤشر "داو جونز" عندما تجاوز مستوى 20 ألف نقطة لأول مرة، كان ذلك قبل سبع سنوات من الآن، ومنذ ذلك الحين مر بعمليات تصحيح كثيرة وتقلبات حادة بما في ذلك الانهيار المصاحب للجائحة وصدمة التشديد النقدي.
لكن الآن ورغم كل الاضطرابات التي مر بها منحنى القيمة الخاص بالمؤشر، وصل "داو جونز" إلى مستوى 40 ألف نقطة، مع وتيرة ارتفاع متسارعة، ففي الماضي استغرق الأمر 45 عامًا للارتفاع من مستوى ألف نقطة إلى 21 ألفًا، مقارنة بسبعة فقط للعشرين التالية.
المليون في متناول اليد
- عندما أدلى "بافت" بتصريحه حول المليون نقطة، قال إن المؤشر تداول حول 81 نقطة قبل قرن من الزمان، ووصوله لـ 22 ألف نقطة في عام 2017 مثل عائدًا بمقدار 280 ضعفًا تقريبًا.
- أما الارتفاع المحتمل إلى مليون نقطة فيمثل 45 ضعفًا فقط مقارنة بمستويات عام 2017 عندما تحدث "بافت" عن الأمر لأول مرة، و25 ضعفًا بمقارنة بمستوى المؤشر الآن قرب 40 ألف نقطة.
- وفقًا لحسابات "مورنينج ستار" في فبراير الماضي، عندما كان المؤشر قريبًا من مستوى 39 ألف نقطة، فإن
"داو جونز" بحاجة لتحقيق عائد بنسبة 8.8% سنويًا حتى عام 2064 (40 عامًا فقط) ليصل إلى مليون نقطة.
- قد يكون العائد بنسبة 8.8% سنويًا مبالغًا فيه مقارنة بتوقعات الأسواق الحالية للأعوام المقبلة، لكن عند مقارنته بالعائد خلال السنوات الماضية يبدو منطقيًا للغاية، حيث بلغ العائد على الأسهم الأمريكية الكبيرة في الأربعين عامًا الماضية 10% سنويًا.
- يُنسب إلى "ألبرت أينشتاين" أنه قال ذات مرة إن "الفائدة المركبة هي الأعجوبة الثامنة في العالم"، ولعل ذلك يرجع (ربما) إلى أن الكثيرين لا يجيدون فهمها أو ببساطة لا يفهمون النمو السريع المتواصل، نظرًا لأن أثره الحقيقي لا يظهر إلا في النهاية.
- على سبيل المثال، إذا نجح مؤشر "داو جونز" في الوصول إلى مليون نقطة خلال الأربعين عامًا القادمة، فإنه سيستغرق 32 عامًا قبل أن يصل إلى 500 ألف نقطة (نصف المستهدف)، وبعد ثماني سنوات فقط، سيتجاوز المليون، كما هو مبين في الشكل السابق.
أكثر من مليون نقطة
- يقول رئيس مجلس إدارة شركة "بيل إير إنفستمنت" للاستشارات "تود مورجان"، إنه لا يشعر بالقلق في الوقت الراهن بشأن الارتفاع القوي للأسهم الأمريكية واحتمال حدوث تصحيح للقيم، ناصحًا المستثمرين بالتركيز على المدى الطويل للسوق.
- "مورجان"، الذي تدير شركته أصولًا بقيمة 10 مليارات دولار، يقول إنه تعلم درس الرهان طويل الأجل من بداية عمله في مجال الاستثمار خلال السبعينيات، عندما كان مؤشر "داو جونز" يتداول بين 500 نقطة وألف نقطة.
- ذكر "مورجان" أنه عندما تجاوز المؤشر مستوى ألف نقطة، قال الجميع له إنه يجب عليه الخروج من السوق لأنه "مرتفع للغاية"، لكن الآن وصل المؤشر إلى 40 ألف نقطة، ولا يزال يرى المستقبل أكثر إشراقًا.
- استنادًا إلى أسعار الفائدة المركبة، قال "مورجان" إنه إذا ارتفع المؤشر بنسبة 7% سنويًا، فسوف يصل إلى 80 ألفًا (سيتضاعف) بحلول عام 2035، والأكثر من ذلك أنه سيصل إلى 2.8 مليون نقطة "قبل أن يتوفى أحفاده بعد 64 عامًا".
- ذكر "مورجان" أنه في الأيام الأولى لم يتخيل وصول المؤشر إلى 40 ألفًا، مضيفًا: "عليك فقط معرفة أن الاقتصاد سيستمر في النمو، وأنه رغم التوترات العالمية التي تشكل مصدر قلق، تحمل السوق الكثير من الحروب وفترات الركود والانتخابات وغيرها من الأزمات".
- في مذكرة صدرت الأربعاء 22 مايو، قال المستثمر ومحلل السوق الشهير "إد يارديني"، إن الذكاء الاصطناعي سيساعد في إطلاق العنان لطفرة في الإنتاجية، ما يدفع سوق الأسهم للارتفاع 50% بحلول عام 2030، ليصل مؤشر "داو جونز" إلى 60 ألف نقطة.
- ذكر مؤسس شركة الأبحاث "يارديني ريسيرش"، أن أهدافه لعام 2030 تعتمد على نمو الأرباح المستمر ومعدل نمو سنوي مركب بسيط بنسبة 6%، وهو أقل قليلاً من متوسط العائد السنوي التاريخي للسوق البالغ 7% مع استبعاد أثر التضخم.
- يمكن تحقيق هذا الهدف من خلال مضاعف ربحية آجل يبلغ 20 ضعفًا وأرباح متوقعة عند 400 دولار للسهم الواحد، بزيادة 60% من 250 دولارًا للسهم الواحد هذا العام، علمًا بأن المحللين يتوقعون ارتفاع الأرباح إلى 278 دولارًا في 2025 وإلى 313 دولارًا في 2026.
استراتيجية الرهان على المستقبل
- المفتاح لاستراتيجية "مورجان" لبناء الثروة والحفاظ عليها هو امتلاك أسهم شركات عالية الجودة، حيث كان نصيب الأسد في محفظته لصالح التكنولوجيا، التي يرى أنها تتفوق على بقية السوق في السنوات المقبلة، ويرجع ذلك إلى الذكاء الاصطناعي.
- بدأ المستثمر في زيادة حصة أسهم التكنولوجيا من خلال "الشركات الستة العظماء" (مجموعة الشركات الكبرى باستثناء "تسلا") في الأعوام 2000 و2005 و2006، وفي حين واجه بعض السنوات الصعبة، قال إن لديه الآن شركات رائعة ذات قواعد منخفضة التكلفة.
- يرى "مورجان" أنه بالنسبة للذين فاتتهم فرصة الاستثمار في شركات التكنولوجيا الكبرى، فإن تنويع محافظهم وشراء أسهم عالية الجودة يعد استراتيجية جيدة.
- بالنسبة للمستثمرين الأكبر سنًا، مثل الجيل "إكس"، يقترح تخصيص 65% أو 70% من المحفظة للأسهم ووضع الباقي في سندات معفاة من الضرائب، فيما يجب على من هم في عمر 25 عامًا أو أقل أن يضعوا جميع استثماراتهم في الأسهم.
- يقول "مورجان": "المغزى هو أنه ليس من الضروري أن تكون عبقريًا أو عالم صواريخ، اشتر في مؤشر ’إس آند بي‘ أو ’داو جونز‘ وسد أنفك، وأغمض عينيك، ولا تخف، واستمر في المسار وسوف تُصدم بمدى نجاح محفظتك".
المصادر: أرقام- ماركت ووتش- مورنينج ستار- بزنس إنسايدر- سي إن بي سي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}