نبض أرقام
12:11 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/21

هل على الشركات المستقرة شطب أسهمها من السوق؟

2024/07/19 أرقام - خاص

عندما يتم تحديد أكبر شركات العالم، وحتى أكبر الشركات المحلية في غالبية دول العالم، فإن  معظم هذه الشركات تكون شركات مساهمة، نظرًا لأن هذه هي الطريقة الناجعة أولًا لتجميع رؤوس الأموال، وثانيًا لتداول حصص سوقية من الشركة دون حاجة لتواصل وتفاوض مباشر بين المشتري والبائع.

 

وفي كثير من الأحيان ما يتم شطب الشركات بسبب إفلاسها أو بسبب دمجها في كيان شركة أخرى، أو حتى بشراء شخص واحد لكافة أسهم الشركة، مثلما فعل "إيلون ماسك" في شرائه لموقع "تويتر" أو "إكس" حاليًا مقابل قرابة 44 مليار دولار في عام 2022، إلا أننا هنا نتحدث عن الشطب الاختياري من سوق الأسهم.

 

 

مزايا الشطب

 

وعلى الرغم من مزايا تداول أسهم الشركة في السوق، ومنها القدرة على تقسيم رأسمال الشركة إلى حصص صغيرة للغاية، تتيح استيعاب أكبر قدر من رؤوس الأموال، فغالبا ما تعاني الشركات المدرجة في سوق الأسهم من ضغوط لا تكابدها نظيرتها غير المدرجة في سوق الأسهم، ولذلك يمكن القول إن هناك مجموعة من المميزات لشطب أسهم الشركة من البورصة:

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

زيادة المرونة الإدارية: تمنح عملية الشطب للشركة حريةً أكبر في اتخاذ القرارات دون الحاجة إلى الامتثال لقواعد ومتطلبات الإفصاح الصارمة المفروضة على الشركات المدرجة.

 

تحسين كفاءة رأس المال: قد تسمح عملية الشطب للشركة بتوجيه أموالها نحو مجالات أخرى ذات عائدات أعلى، مثل الاستثمار في مشاريع جديدة أو إعادة شراء الأسهم.

 

تقليل التكاليف: تتضمن الشركات المدرجة تكاليف سنوية مرتفعة للإدراج والإفصاح. ويؤدي الشطب إلى خفض هذه التكاليف بشكلٍ كبير.

 

تجنب تقلبات السوق: قد تكون الشركات الخاصة أقل عرضة لتقلبات أسعار الأسهم قصيرة المدى، مما قد يسمح لها بالتركيز على أهدافها طويلة المدى.

 

"ديل" كمثال للشطب وإعادة الإدراج

 

وعلى سبيل المثال، قررت شركة "ديل" ((dell الأمريكية الناشطة في مجال التكنولوجيا وصنع الحواسب الآلية شطب أسهمها من بورصة نيويورك عام 2013، بهدف زيادة المرونة الإدارية وتحسين كفاءة رأس المال، وخرجت الشركة بالفعل على الرغم من تحقيقها لمعدلات نمو أسهم متوسطة.

 

 

وعادت الشركة بعدها بخمسة أعوام إلى بورصة نيويورك بعد رؤية كبار المساهمين بأن ذلك من مصلحة الشركة وتضاعفت قيمة سهم الشركة بنسبة 412% من مستوى 27.21 دولار للسهم حتى مستوى يقارب 140 دولارًا للسهم.

 

فما الذي دفع الشركة للخروج من السوق ثم ما الذي دفعها بالعودة إليه؟

 

يمكن القول إن المساهمين الرئيسين لم يكونوا راضين عن تقييم سعر السهم بمستوى دون 12 دولارا، حيث اعتبروا أن بقاء مضاعف الربحية عند مستوى 15 فقط بينما يصل المتوسط إلى أكثر من 30-40 في صناعات التكنولوجيا يعكس ضرورة تغيير النظرة إلى الشركة.

 

وبالفعل جاء خروج الشركة ليمكنها من الاستفادة بمزايا المرونة الإدارية الكبيرة وتجنب ضغوط سوق الأسهم لتطرح الشركة عددًا كبيرة من الموديلات والتغييرات في طبيعة الشريحة المستهدفة لترفع حصتها في السوق من 5% إلى 7% عام 2023، لتصبح سادس أكبر منتج للحواسب المحمولة عالميًا.

 

ولكن أهم ما فعلته الشركة في الفترة التي قضتها خارج السوق هي دعم تفوقها في مجالات البرمجة بشكل كبير أيضا  -لا نسبة واضحة من السوق لكن زيادة تخطت 200% في المبيعات وفقًا للتقديرات- فضلًا عن تنمية الربحية حتى وصلت إلى 38%.

 

وهناك ملحوظة مهمة تتعلق بأن مالكي "ديل" عانوا خلال فترة شطب أسهم الشركة من السوق من انخفاض سيولة الأسهم حيث أصبح من الصعب بيع أسهم الشركة بعد شطبها من البورصة، في ظل غياب الأرضية الوسيطة التي تعمل على تقييم الأسهم بشكل سلس وبيعه دون اتصال أو مفاوضات بين البائع والمشتري.

 

وبشكل عام تعاني الشركات التي تشطب أسهمها من صعوبة جذب المستثمرين الجدد، حيث قد يفتقرون إلى المعلومات والبيانات المالية الكافية عن الشركة، ومن صعوبة تحديد القيمة العادلة لأسهم الشركة، وأيضًا قد يفقد السوق الثقة بين المستثمرين والإدارة أو المستثمرين والسوق.

 

وللتخلص من هذه العيوب ولحصد مكاسب الخروج المؤقت من سوق الأسهم عادت "ديل" إلى السوق مجددًا، ليحصد المستثمرون في الشركة ارتفاعًا واضحًا في قيمة السهم، وارتفاع مضاعف الربحية ليبلغ 28.5 في بداية يوليو 2024 بما يعكس ثقة أكبر من السوق في الشركة.

 

 

ويشار هنا إلى أن حالة "ديل" تشكل استثناء لكثير من الشركات التي تخرج من السوق، فغالبيتها لا تستطيع العودة إليه، وينتهي قرابة 40% منها إلى الإفلاس، بل وينكمش حجم أعمال 20% بسبب تراجع القدرة على جذب المستثمرين، لكن "ديل" استطاعت بسبب اسمها التجاري المنتشر وإصلاحات إدارتها تجنب المصير المظلم لشركات أخرى.

 

كما يلاحظ أنه في كثير من الأحيان ما تكون الشركات التي تشطب أسهمها من السوق بها حصص أغلبية كبيرة لشخص واحد، أو بضعة حصص أقلية كبيرة نسبيًا لعدد من الأشخاص بما يُسهل عملية الاتفاق على إخراج أسهم الشركة من التداول في السوق.

 

هل ينبغي الاستثمار في شركات خارج السوق؟

 

وفي كثير من الأحيان ما ينصح خبراء الاستثمار بشراء حصص في الشركات غير المدرجة في السوق، لأن ذلك يسمح بتنويع المحفظة المالية من جهة، فضلًا عن أن المفاوضات لشراء الحصص أو الأسهم غير المدرجة في السوق غالبًا ما تكون في مصلحة البائع.

 

وتشير دراسة أمريكية إلى أن شراء حصص رأسمال يتم بأسعار تقل 15-20% عن نظيرتها المدرجة في سوق الأسهم، في ظل سيادة قدر كبير من العقلانية في المفاوضات وعرض غالبية الحقائق عن الشركة وخططها المستقبلية على المشترين.

 

كما أنه في كثير من الحالات ما تشكل تلك الشركات بمثابة "جواهر مدفونة"-يصل بعضها إلى نمو قيمة سوقية يتخطى الشركات المدرجة في سوق الأسهم بنسب كبيرة- إلا أنها بحاجة إلى الاستثمار بسبب عدم قدرتها على الطرح في سوق الأسهم، وبالتالي يتمتع المستثمر الخارجي بميزة نسبة كبيرة أمام مجلس إدارة والمستثمرين القدامى في الشركة.

 

 

وعلى الرغم من ذلك فإن الاستثمار في الشركات غير المدرجة في سوق الأسهم يعتبر استثماراً عالي المخاطر، حيث إن عدم خضوعها لرقابة الجهات التنظيمية التي تضمن عدم التلاعب في سوق الأسهم وبيانات شركاته يجعلها أكثر عرضة للتلاعب وإخفاء الحقائق بالحد الأدنى، فضلًا عن عقبات بيع الحصص في رأس المال أي أن تسييل الأسهم ليس سهلًا كما هو معتاد للأسهم المدرجة في السوق.

 

وبشكل عام لا توجد إجابة سهلة على سؤال ما إذا كان شطب أسهم الشركة من البورصة فور استقرار عملياتها  قرارًا صائبًا أم لا. يعتمد القرار على ظروف الشركة  وأهدافها  وتوقعات المساهمين، فضلًا عن قدرتها على جذب الاستثمار مستقبلا، والأهم من ذلك التقبل العام للقرار وما إذا كان سيُرى بوصفه محاولة لتخطي قيود سوق الأسهم أم أنه إعلان عن فشل الشركة.

 

المصادر: أرقام- ستاتيسكا- فوربس- لوس أنجلوس تايمز- ايكونوميست

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.