شهد سعر الذهب تراجعاً ملحوظاً خلال الأيام القليلة الماضية، بعد أن سجل مستويات قياسية في الأسبوع الماضي، دفعته ليتخطى مستوى 2480 دولاراً للأونصة في التعاملات الفورية.
ورغم ذلك تظل مكاسب الذهب منذ بداية العام الحالي قوية حيث بلغت نحو 15%، مدفوعة بإقبال المستثمرين على شراء المعدن الأصفر، ليحقق سعر الذهب مكاسب غير متوقعة رغم استمرار ارتفاع أسعار الفائدة حول العالم.
وكان الارتفاع بنسبة 15% في النصف الأول من العام مدفوعاً في الغالب بالطلب على الملاذات الآمنة وسط الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط، فضلاً عن عمليات الشراء من قبل البنوك المركزية.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
سعر الذهب.. أرقام قياسية متوالية
ويأتي تسجيل المعدن الثمين رقماً قياسياً تلو الآخر رغم إبقاء بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على أسعار الفائدة مرتفعة، وقوة الدولار، وعوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات، وكلها أمور كانت تضغط على أسعار الذهب في الماضي.
ويتوقع المحللون أن يحافظ الذهب على زخمه الإيجابي في النصف الثاني وسط المشهد الجيوسياسي والاقتصادي الحالي، كما من المتوقع أيضاً أن ينمو طلب البنوك المركزية على المعدن الأصفر بحسب تقرير صدر مؤخراً عن جي بي مورجان.
لكن الخبراء يحذرون من أن إحجام بنك الاحتياطي الفيدرالي عن خفض أسعار الفائدة يدعم العملة الأمريكية، ما يؤدي إلى تآكل التوقعات الإيجابية للمعدن الأصفر.
وافتتح الذهب النصف الثاني من العام أعلى بنحو 100 دولار عن مستوى افتتاح الربع الثاني من عام 2024.
وكانت مشتريات البنوك المركزية، وخاصة من الصين، سبباً في اتجاه الأسعار نحو الصعود، ومع ذلك، فإن أي تراجع في الطلب قد يترك الذهب عرضة للضغوط الهبوطية.
بالإضافة إلى ذلك، تضاءلت طبيعة المخاطر السياسية التي دعمت الذهب، على الرغم من أنها قد تعود إلى الظهور في أي لحظة، خاصة مع اقتراب العديد من الانتخابات المهمة على مستوى العالم وعلى رأسها انتخابات الرئاسة الأمريكية.
الفائدة تتصدر المشهد
وسيكون لدى المستثمرين في الذهب العديد من العوامل التي يجب مراقبتها عن كثب في الربع الثالث والنصف الثاني من العام الحالي.
ويظل التفاؤل بشأن تخفيضات أسعار الفائدة الأمريكية واحداً من أكبر داعمي أسعار الذهب، حيث تدعم تكاليف الاقتراض المنخفضة بشكل عام الذهب الذي لا يدر عائداً.
وفي بداية عام 2024، كانت الأسواق المالية تتوقع ما بين أربعة وخمسة تخفيضات في أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، مع توقع حدوث أول تخفيض في الربع الثاني.
وجرى تعديل هذه التوقعات لتتضاءل توقعات الخفض خلال الأشهر القليلة الماضية، وأصبح من المرجح أن يكون هناك تخفيض واحد أو اثنان لأسعار الفائدة قبيل نهاية عام 2024.
استمرار شراء البنوك المركزية
ووفقاً لمجلس الذهب العالمي، أضافت البنوك المركزية 1037 طناً من الذهب في عام 2023، وهو ثاني أعلى مستوى سنوي في التاريخ، بعد أن سجلت رقماً قياسياً قدره 1082 طناً في عام 2022.
وشهد شهر مايو شراء 10 أطنان من صافي مشتريات الذهب من البنوك المركزية، حيث تصدرت البنوك المركزية في الأسواق النامية مشتريات الذهب، وكان البنك الوطني البولندي أكبر مشترٍ، يليه البنك المركزي التركي وبنك الاحتياطي الهندي، وفقاً لبيانات من مجلس الذهب العالمي.
ويشير استطلاع لمجلس الذهب أجري في أبريل الماضي، إلى أن مشتريات البنوك المركزية ستظل قوية، حيث يعتزم 29% من البنوك المركزية التي شاركت في الاستطلاع زيادة احتياطياتهم من الذهب في الأشهر الـ12 المقبلة، وهو أكبر عدد منذ أن بدأ المجلس الاستطلاع في عام 2018.
وبعد موجة شراء استمرت 18 شهراً، توقفت الصين عن شراء الذهب لأغراض الاحتياطي في مايو عندما وصل المعدن الثمين إلى مستوى قياسي.
وأظهرت بيانات صدرت مؤخراً أن كمية الذهب التي يحتفظ بها بنك الشعب الصيني (البنك المركزي) ظلت ثابتة عند 72.80 مليون أونصة في مايو، ولم تضف الصين الذهب إلى احتياطياتها للشهر الثاني على التوالي في يونيو، ونتيجة لذلك، أصبح الذهب الآن أكثر عرضة للضغوط السلبية.
وشهد طلب البنوك المركزية على المعدن أفضل بداية له منذ عام على الإطلاق في الربع الأول.
توقعات جي بي مورجان للذهب |
|
الفترة الزمنية |
سعر الأوقية بالدولار |
الربع الثالث (2024) |
2425 |
الربع الرابع (2024) |
2500 |
الربع الأول (2025) |
2550 |
الربع الثاني (2025) |
2570 |
الربع الثالث (2025) |
2500 |
هل الأفضل الاستثمار في الذهب الآن؟
ارتفع الذهب، الذي كان يُنظر إليه تاريخياً على أنه أصل آمن يحتفظ بقيمته، إلى مكانة بارزة بين المستثمرين في عام 2020 مع وقوع جائحة كوفيد-19، وسجل مكاسب تزيد على 40%.
وصعد المعدن الأصفر بأكثر من 40% في السنوات الثلاث الماضية، وما يقرب من 60% خلال السنوات الخمس الماضية، وما يقرب من 500% خلال الأعوام العشرين الماضية.
وبذلك يتفوق المعدن الأصفر بسهولة على العائدات التي تتراوح ما بين المنخفضة إلى المتوسطة لاستثمارات مثل السندات الحكومية وحسابات الادخار ذات العائد المرتفع.
ويحتفظ المستثمرون بكمية ذهب تصل قيمتها إلى 3.3 تريليون دولار، وفقاً لبنك جيه بي مورجان تشيس، ويمثل ذلك نحو 1.4% من قيمة جميع الاستثمارات العالمية.
وليس على المستثمرين الدخول مباشرة لشراء الذهب الفعلي أو العقود الآجلة للمعدن، إذ يمكنهم أيضاً الشراء في الصناديق المتداولة في البورصة التي تشتري الذهب أو أسهم الشركات العامة التي تقوم بالتعدين فيه.
ومن المتوقع أن ترتفع أسعار الذهب إلى 2500 دولار للأونصة بحلول نهاية عام 2024، وفقاً لتقديرات جي بي مورجان.
وتعتمد التقديرات على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ دورة خفض الفائدة في نوفمبر المقبل، ما سيدفع أسعار الذهب إلى مستويات عالية جديدة.
وقال "جريجوري شيرر"، رئيس استراتيجية المعادن الأساسية والثمينة في جيه بي مورجان إنه "لا يزال اتجاه صعود (الذهب) خلال الأرباع القادمة أعلى، ويتوقع أن يبلغ متوسط السعر 2500 دولار للأونصة في الربع الرابع من عام 2024 و2600 دولار للأونصة في عام 2025".
توقعات تشات جي بي تي مقابل جيميني
تباينت توقعات كل من تشات "جي بي تي" و"جيميني" فيما يتعلق بتحركات سعر الذهب خلال النصف الثاني من العام الحالي.
وفي حين اختار "جيميني" سيناريو ارتفاع أسعار المعدن الأصفر في النصف الثاني من عام 2024، كانت إجابة تشات جي بي تي أكثر تريثاً حيث استعرض 3 سيناريوهات متوقعة لأسعار الذهب.
وذكر "جيميني" أن هناك عدة عوامل تسهم في توقعات ارتفاع سعر الذهب من بينها التضخم المستمر، وعدم اليقين الاقتصادي بما في ذلك حالات الركود المحتملة والتوترات الجيوسياسية، ما يدفع المستثمرين نحو أصول الملاذ الآمن مثل الذهب.
وأضاف ربوت "ألفابت" أن الكثيرين يتوقعون أن تظل أسعار الذهب تتجاوز 2000 دولار للأونصة في النصف الثاني من عام 2024، مشيراً إلى أن هناك بعض التوقعات أكثر جرأة ببلوغه مستويات أعلى.
على الجانب الآخر، ذكر "تشات جي بي تي" أن التنبؤ بالسعر الدقيق للذهب في النصف الثاني من عام 2024 هو أمر تخميني، مشيراً إلى أن هناك مؤشرات اقتصادية، وأحداثاً جيوسياسية، وعوامل متعلقة بالسوق والعرض والطلب هي التي تلعب دوراً حاسماً في تحركات المعدن الثمين.
وطرح تشات جي بي تي 3 سيناريوهات أولها السيناريو الصعودي في حال إذا ظل التضخم مرتفعاً، وتباطأ النمو الاقتصادي، وتصاعدت التوترات الجيوسياسية، مع سعي المستثمرين إلى أصول آمنة.
السيناريو الثاني هو المسار الهبوطي إذا سجل النمو الاقتصادي أداء قوياً، وتراجعت التوترات الجيوسياسية، فقد تواجه أسعار الذهب ضغوطًا هبوطية.
أما السيناريو الثالث والأخير فتمثل في تداول أسعار الذهب ضمن نطاق ضيق في حال إذا ظلت الظروف الاقتصادية مختلطة مع التضخم المعتدل والاستقرار الجيوسياسي.
المصادر: أرقام- المجلس العالمي للذهب- جي بي مورجان- بلومبرج
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}