تدشين نسخ جديدة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وإطلاق روبوتات الدردشة الآلية القائمة عليها، مثّلا حافزاً قوياً لأداء أسهم شركات التكنولوجيا منذ بداية العام الحالي، ودفع المستثمرين للإقبال على شرائها.
ولكن يبدو أن مقولة "تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن" قد أصابت تلك الأسهم، فبعد مسيرة طويلة من الأرباح القوية حققتها أسهم التكنولوجيا في وول ستريت، تعرضت تلك المسيرة لضربة قوية خلال تعاملات الأسبوع الماضي، ما أثار مخاوف المستثمرين من اتساع نطاق تلك الضربة وامتدادها لفترة أطول.
وفي هبوط مفاجئ سجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وناسداك يوم الأربعاء الماضي أسوأ أداء يومي لهما منذ عام 2022، رغم التوقعات الإيجابية بخفض أسعار الفائدة والتي عادة ما تمثل أخبارا جيدة للأسهم، حيث تميل السوق إلى الأداء بشكل أفضل عندما لا تثقل أسعار الاقتراض المرتفعة الميزانيات العمومية للشركات.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
وخلال تعاملات الأربعاء الماضي انخفض مؤشر ناسداك بنسبة 2.8%، مسجلاً أسوأ يوم له منذ ديسمبر 2022، كما خسر مؤشر ستاندرد آند بورز 500 نحو 1.4%.
وتمكن المؤشران من تقليص خسائرهما مع نهاية تعاملات الأسبوع إلا أنهما ظلا في المنطقة الحمراء.
ألم أسهم التكنولوجيا قد يتواصل
ووفقاً لبعض التحليلات فإن السبب وراء عمليات البيع هو تخلص المستثمرين من أسهم شركات التكنولوجيا السبع الكبار -ألفابيت ومايكروسوفت وميتا وتسلا وأمازون وأبل وإنفيديا- والتي هيمنت على السوق خلال العامين الماضيين، والتي أدى تراجعها إلى انخفاض المؤشرات الرئيسية في وول ستريت.
وتشكل شركات التكنولوجيا 32% من إجمالي القيمة السوقية لأسهم وول ستريت، وهو أعلى مستوى منذ أواخر التسعينيات، وفقًا لبيانات إم آر بي بارتنرز حتى الثامن والعشرين من يونيو.
وأدت البداية المخيبة للآمال لموسم الأرباح لهذه المجموعة إلى مزيد من التراجعات بقطاع التكنولوجيا، وهبطت أسهم تسلا بنسبة 12.3% يوم الأربعاء بعدما أعلنت شركة صناعة السيارات الكهربائية عن انخفاض كبير في الأرباح في اليوم السابق.
ورغم تجاوز أرباح الشركة الأم لجوجل (ألفابت) للتوقعات فإن أسهمها تراجعت هي الأخرى نتيجة فشلها في تلبية توقعات المحللين لإيرادات إعلانات يوتيوب.
وشعر المستثمرون بالقلق على مدار العام الماضي من أن مكاسب السوق تعتمد على عدد قليل من أسهم التكنولوجيا، مما يجعل الارتفاع أكثر عرضة للتهديد في حال تأثر تلك الأسهم.
وقادت أسهم السبع الكبار حوالي 60% من إجمالي مكاسب ستاندرد آند بورز 500 خلال النصف الأول من العام، وفقًا لـ"آدم تورنكويست"، كبير الاستراتيجيين الفنيين في "إل بي إل فاينانشيال".
ويرى بعض المحللين أن "الألم" في أسهم التكنولوجيا قد لا ينتهي بعد، خاصة مع قلة صبر المستثمرين تجاه الشركات التي تستثمر مبالغ ضخمة في الذكاء الاصطناعي في حال تسجيلها لنتائج غير ملموسة من حيث المكاسب والإيرادات.
هناك أمور أخرى ساعدت على بيع أسهم التكنولوجيا مثل تقرير صدر الثلاثاء الماضي من "بلومبرج" يفيد بأن إدارة "بايدن" تدرس خططاً لفرض المزيد من العقوبات على شركات التكنولوجيا الصينية وزيادة قيود تجارة أشباه الموصلات بين الولايات المتحدة والصين.
كما اتجه المستثمرون لبيع أسهم التكنولوجيا بعد بيانات التضخم ومبيعات التجزئة الصادرة الأسبوع الماضي والتي دعمت الرهان على خفض أسعار الفائدة في سبتمبر المقبل.
وعادة في هذه الحالة ما يتطلع المستثمرون في وول ستريت إلى أسهم أكثر جاذبية من قطاع التكنولوجيا، والتي تميل إلى الأداء بشكل أفضل عندما تكون تكاليف الاقتراض منخفضة.
أسبوع حافل بالترقب
وجاءت مبيعات أسهم السبع الكبار والتي تسببت في موجة من التراجع بوول ستريت، في وقت يترقب فيه المستثمرون إعلان النتائج المالية لأربع شركات منها خلال الأسبوع الحالي، على أمل أن تسهم تلك النتائج في دعم أسهم قطاع التكنولوجيا لتواصل سلسلة المكاسب التي بدأتها منذ بداية 2024.
ومن المقرر أن تعلن كلٌ من أمازون وأبل نتائجهما المالية يوم الخميس المقبل بعد نهاية التعاملات، وذلك في أعقاب إعلان شركة مايكروسوفت نتائجها غداً الثلاثاء وشركة ميتا يوم الأربعاء.
ومن المتوقع أن تعلن شركة إنفيديا عن أرباحها في الثامن والعشرين من أغسطس المقبل، وتشير توقعات المحللين إلى أن ربحية السهم الواحد قد تصل إلى 0.59 دولار مقابل 0.25 دولار خلال نفس الربع من العام الماضي.
ويقول الخبراء إن إعلان تلك الشركات لنتائج مالية قوية عن الربع الثاني بشكل يفوق التوقعات من شأنه أن يعيد البريق لتلك الأسهم، ويجعل دفة المستثمرين تتوجه للشراء بدلاً من عمليات البيع التي شهدتها الأسبوع الماضي.
ويوم الجمعة أنهى سهم ألفابت تعاملاته عند 168.68 دولار، مقارنة بـ183 دولاراً للسهم يوم الاثنين الماضي، ليفقد نحو 7.8% من قيمته، كما تراجع سهم أبل بنسبة 3% لينهي تعاملات الجمعة الماضية عند 217.96 دولار.
أما سهم مايكروسوفت فأغلق تعاملات الأسبوع الماضي عند 425.27 دولار منخفضاً بنحو 4% خلال الأسبوع بأكمله، كما هبط سهم إنفيديا بنحو 8.4% من قيمته خلال نفس الأسبوع ليغلق تعاملات يوم الجمعة على 113.06 دولار.
وتصدر سهم تسلا تراجعات مجموعة أسهم السبع الكبار، بعدما فقد أكثر من 12% من قيمته عقب إعلان الشركة الأميركية عن تراجع كبير في أرباحها خلال الربع الثاني بسبب خفض أسعار مركباتها مع زيادة إنفاقها على الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيات أخرى.
وقالت شركة السيارات الكهربائية إن أرباحها خلال الربع الثاني من عام 2024 بلغت 1.48 مليار دولار، بانخفاض قدره 45% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، فيما سجلت إيرادات بلغت 25.5 مليار دولار.
هل حان وقت جني الثمار؟
وأصدرت شركات تكنولوجيا كبرى روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي وأدوات تكنولوجية أخرى مبهرة للمستهلكين، بعد أن أشعل إطلاق شات جي بي تي من قبل شركة أوبن إيه أي سباق الذكاء الاصطناعي قبل عامين، إلا أن مسار تحقيق الدخل من التكنولوجيا لا يزال غير واضح بعد.
وفي مكالمة أرباح ألفابت يوم الثلاثاء الماضي، أشار "ستيفن جو" المحلل بـ"يو بي أس" إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي الأولية التي استثمرت شركات التكنولوجيا الكبرى في بنائها "ركزت فيها الشركات أكثر على توفير التكاليف".
وأكد أنه مع مرور الوقت يمكن أن تساعد تلك المنتجات في توليد الإيرادات للشركات، بدلاً من التركيز على مجرد خفض التكاليف".
ومن غير المرجح أن تبطئ الشركات إنفاقها على الذكاء الاصطناعي، لكن من غير الواضح متى ستوفر هذه الاستثمارات دفعة لميزانياتها العمومية.
وفي هذا الإطار قال "ساندر بيتشاي" الرئيس التنفيذي لشركة ألفابت: "إن خطر الاستثمار غير الكافي أكبر بشكل كبير من خطر الاستثمار المفرط بالنسبة لشركته في هذا القطاع".
المصادر: أرقام- وول ستريت جورنال- سي إن إن- ناسداك
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}