اضطربت الأسواق الأمريكية والعالمية بشكل حاد خلال تعاملات الجمعة، حيث انخفضت المؤشرات الرئيسية للأسهم وأسعار النفط والذهب، وارتفعت مقاييس التقلبات، وسط مخاوف من ركود الاقتصاد في الولايات المتحدة.
جاء ذلك بعد بيانات كشفت عن تباطؤ حاد في سوق العمل الأمريكي، الذي أضاف وظائف جديدة بأقل كثيرا من التوقعات في يوليو، وشهد ارتفاعًا في معدل البطالة إلى أعلى مستوى منذ نحو 3 سنوات.
وأسوأ ما في الأمر، أن خسائر الأسهم جاءت بعد إشارات صناع السياسة الإيجابية، والتي تاق إليها المستثمرون منذ بداية العام، لوضع حد لدورة التشديد النقدي الحالية والتحول إلى خفض الفائدة، وبقول آخر، فإن المستثمرين تجاهلوا الفيدرالي وخططه كليًا ويركزون الآن على المخاطر.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
يأتي ذلك في الوقت الذي ترى فيه الأسواق احتمالًا متزايدًا لحدوث ركود اقتصادي – ربما يكون حادًا – في الولايات المتحدة، والذي يُحتمل أن يتزامن مع اضطرابات جيوسياسية، وعندها لن تملك الأسواق رفاهية الانتظار حتى سبتمبر.
الهلع يسيطر
- عندما ثبت الفيدرالي أسعار الفائدة هذا الأسبوع، أشار إلى وجود تقدم في احتواء التضخم، ثم أكد رئيسه "جيروم باول" لاحقًا إمكانية خفض الفائدة في سبتمبر، وهي إشارة ترقبتها الأسواق عن كثب واحتفت بها الأربعاء، لكن سرعان ما تلاشى الزخم.
- كانت الأسواق مشحونة بالقلق منذ الخميس بالفعل، بعدما كشفت بيانات عن انكماش نشاط التصنيع للشهر الرابع على التوالي، وارتفاع طلبات البطالة بأكبر وتيرة منذ أغسطس 2023، ما دفع مؤشر "دا جونز" للهبوط بنحو 500 نقطة.
- كانت هذه المرة الثانية خلال 7 جلسات التي يهبط فيها المؤشر بوتيرة حادة، حيث تراجع قرابة 500 نقطة في جلسة 24 يوليو، والآن يتجه نحو تسجيل خسائر أسبوعية بأكثر من 2.5% كما هو حال مؤشر "إس آند بي 500".
- عند مرحلة ما من تعاملات الجمعة، هبط المؤشر بنحو 950 نقطة، في أسوأ أداء يومي منذ عامين تقريبًا، وسجل "إس آند بي 500" أداءً مشابهًا، فيما دخل مؤشر "ناسداك" إلى نطاق التصحيح، وعمق خسائره الأسبوعية إلى قرابة 4%.
- دفع ذلك مؤشر قياس التقلبات المتوقعة في سوق الأسهم الأمريكي "فيكس" للارتفاع بأعلى وتيرة منذ نوفمبر 2021 (نحو 60%)، فيما زاد طلب المستثمرين على التحوط ضد انهيار الأسهم إلى أعلى مستوى منذ يناير 2022.
- قال "جيم ريد" المحلل في "دويتشه بنك"، في مذكرة الجمعة: "شهدت الـ 24 ساعة الماضية خلفية متزايدة الخطورة على الأسواق، مع مزاج محفوف بالمخاطر على خلفية البيانات الأمريكية الضعيفة، تليها أرباح شركات التكنولوجيا المثيرة لتشاؤم المستثمرين".
هل الظروف مواتية للانتظار؟
- على الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة في أمريكا إلى أعلى مستوياتها منذ 23 عامًا، واصلت الأسهم على مدار العام الماضي والجاري، مسيرتها الصعودية القوية، مدفوعة إلى حد كبير بنتائج الأعمال القوية والزخم حول أعمال الذكاء الاصطناعي.
- لكن مؤخرًا، بدت ردود أفعال المستثمرين متطرفة تجاه نتائج الأعمال المخالفة للتوقعات (ولو بقدر بسيط)، فعلى سبيل المثال، انخفض سهم شركة "أمازون" بأعلى وتيرة في عامين اليوم، بعد تسجيلها إيرادات بقيمة 148 مليار دولار مقارنة بتوقعات بلغت 148.6 مليار دولار.
- الأسوأ من ذلك كان سهم "إنتل" الذي فقد أكثر من ربع قيمته، بعدما سجلت الشركة خسارة صافية في الربع الثاني وأعلنت وقف توزيعات الأرباح، ورغم أنها تبنت خطة ضخمة لخفض النفقات وتسريح العمال، والتي عادة ما تكون أخباراً جيدة للأسواق.
- قال كبير خبراء الاقتصاد الأمريكي في "سيتي جروب"، "أندرو هولينهورست"، الخميس، إنه يتوقع هبوطاً حاداً لاقتصاد البلاد، حيث سيضعف التضخم وسوق العمل بما يكفي لدفع الفيدرالي إلى خفض الفائدة أربع مرات هذا العام.
- في حين بدأت البنوك المركزية الكبرى الأخرى، بما في ذلك البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا والبنك الوطني السويسري، في خفض أسعار الفائدة هذا العام، ما زال الفيدرالي "مترددًا" في هذه الخطوة وتخشى الأسواق أن إجراء سبتمبر "أصبح متأخرًا بالفعل".
- يوم الأربعاء، قال المستثمر والملياردير الأمريكي "جيفري جوندلاش" إنه كان ينبغي على الاحتياطي الفيدرالي، بدء دورة تخفيف أسعار الفائدة خلال اجتماعه هذا الأسبوع، ورغم أنه قلل من خطورة الانتظار لسبتمبر، يبدو أن الأمور يمكن أن تتطور سريعًا.
هل يعجل الفيدرالي بتدخله؟
- أمس، انخفض العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات دون 4% لأول مرة في 6 أشهر، كما تراجع العائد على السندات لأجل عامين إلى أدنى مستوى في 15 شهرًا، في إشارة إلى اعتقاد المتداولين بأن الاقتصاد يتباطأ بالفعل.
- في استجابة لاضطرابات السوق اليوم، قال "سيتي جروب" إنه ينبغي على الفيدرالي خفض الفائدة بمقدار 0.50% في سبتمبر ونوفمبر وبمقدار 0.25% في ديسمبر، بعدما توقع خفضها بمقدار 0.25% في كل من الاجتماعات الثلاثة المتبقية هذا العام.
- في حين أصدر محللو "جيه بي مورجان" توقعات مماثلة لـ "سيتي جروب"، قال الخبير الاقتصادي لدى البنك "مايكل فيرولي" إن هناك "حالة قوية" للتحرك الآن وعدم الانتظار للاجتماع القادم في 18 سبتمبر.
- مع ذلك، حذر "فيرولي"، من أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" قد لا "يرغب في إضافة المزيد من الضوضاء إلى ما كان بالفعل صيفًا مليئًا بالأحداث"، مضيفًا أنه كان ينبغي للفيدرالي خفض الفائدة هذا الأسبوع.
- حتى لو هدأت وتيرة تباطؤ سوق العمل خلال الشهور القليلة القادمة، فإن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يبدو متخلفًا بفارق 100 نقطة أساس وربما أكثر عن حركة خفض الفائدة المطلوبة الآن، وفقًا لـ "فيرولي".
- هذا التأخر هو كل ما يخشاه المستثمرون بالفعل، والآن في ظل نتائج الأعمال المتباينة لشركات التكنولوجيا، واحتمال الركود الاقتصادي الحاد، ومع التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، قد يكون الانهيار عميقًا في الأسواق إذا ظل الفيدرالي غائبًا عن المشهد.
المصادر: أرقام- ماركت ووتش- بلومبرج- سي إن بي سي- يورو نيوز- فورتشن- الجارديان
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}