كانت الصين ذات يوم مصدرًا للنمو الكبير في مبيعات شركات صناعة السيارات الأجنبية الكبرى مثل "فولكس فاجن" و"تويوتا" و"جنرال موتورز"، لكن بدأت المنافسة المحلية تفرض تحديات خطيرة على أعمالها.
وبعدما كانت شركات صناعة السيارات الأجنبية تمثل 50% من المبيعات في السوق الصينية في يوليو 2022، تراجعت تلك النسبة إلى 33% في نفس الشهر من العام الحالي.
الصين صاحبة أكبر سوق للسيارات في العالم، وتولت زمام المبادرة العالمية لتطوير المركبات العاملة بالطاقة الجديدة والتي تشمل الكهربائية والهجينة.
وأصبحت مركبات الطاقة الجديدة تشكل أكثر من 50% من السيارات المبيعة في الصين بقيادة الشركات المحلية، بينما تتخلف نظيرتها الأجنبية عن الركب، وتحاول بعض الشركات الأجنبية دخول السوق الصينية عن طريق الشراكة مع العلامات التجارية المحلية.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
بدأت شركات صناعة السيارات الصينية منها "نيو" و"بي واي دي" بالفعل في تصدير المركبات إلى أوروبا وغيرها من الأسواق الخارجية، ما دفع الولايات المتحدة لرفع الرسوم الجمركية على المركبات من 25% إلى 100%.
وفي يونيو، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه سيفرض رسومًا جمركية تصل إلى 38% على واردات السيارات الكهربائية الصينية، وردت الصين على ذلك بأنها تجري مفاوضات للتوصل لحل مقبول للطرفين مع المفوضية الأوروبية قبل تنفييذ الرسوم الجمركية في نوفمبر.
كيف تضررت كبرى الشركات؟
بالنسبة لكبرى شركات صناعة السيارات حول العالم، فإن أرباحها في الصين تضررت من تراجع المبيعات مع اتجاه العملاء نحو المركبات الكهربائية التي تصنعها شركات محلية مثل "بي واي دي".
ذكرت العلامة التجارية الألمانية الفخمة "بورش" أن مبيعاتها في الصين انخفضت بحوالي الثلث في النصف الأول من العام الجاري.
ووصف "أوليفر بلوم" المدير التنفيذي لشركة "فولكس فاجن" – التي تنفق بكثافة لاستعادة مكانتها مع التركيز على الشراكات المحلية - الصين بأنها تحد كبير للشركة، وذلك بعد انخفاض مبيعاتها هناك بنسبة 6% في النصف الأول من العام الحالي على أساس سنوي.
وذلك بعدما فقدت الشركة الألمانية في العام الماضي مكانتها كأكثر شركات السيارات مبيعًا في الصين لصالح "بي واي دي".
وذكرت اليابانية "تويوتا" أن الأرباح من مشاريعها في الصين انخفضت 73% بسبب تراجع حجم المبيعات وزيادة النفقات.
هذا ومثلت الصين أكثر من 30% من مبيعات "فولكس فاجن" في النصف الأول من العام الحالي، و29% لشركة "جنرال موتورز" في حين شكلت 18.5% من مبيعات "تويوتا" العالمية في العام الماضي.
وصرحت "ماري بارا" المديرة التنفيذية لشركة "جنرال موتورز" مؤخرًا بأن الوضع في الصين غير مستدام وأن الشركة الأمريكية تعيد هيكلة أعمالها هناك.
وبعدما سجلت "جنرال موتورز" ربحًا قدره 75 مليون دولار في الصين في الربع الثاني من 2023، حققت خسارة قيمتها 104 ملايين دولار في نفس الفترة من هذا العام.
كما تراجعت حصة الإيرادات التي تجنيها صانعة السيارات الكهربائية "تسلا" – التي أطلقت أعمالها في البلاد عام 2020، ولديها مصنع في شنغهاي - في الصين إلى أقل من الخمس في النصف الأول من العام الحالي، من أكثر من الربع في ذروة 2021.
النسبة التي تمثلها الصين من إيرادات "تسلا" |
|
الفترة الزمنية |
النسبة |
2021 |
%25.7 |
2022 |
%22.3 |
2023 |
%22.5 |
2024 |
%19.7 |
بينما في الوقت نفسه تتزايد الحصة السوقية لـ "بي واي دي" – المدعومة من المستثمر الناجح "وارن بافت" – في الصين.
تزايد الحصة السوقية لـ "بي واي دي" في الصين خلال العام الحالي |
|
الفترة الزمنية |
الحصة السوقية |
يناير |
%10.2 |
فبراير |
%10.8 |
مارس |
%15.4 |
أبريل |
%16.6 |
مايو |
%15.7 |
يونيو |
%15.9 |
يوليو |
%18.1 |
لماذا لا تتخارج تلك الشركات من الصين؟
بالطبع، من الصعب على الشركات المصنعة العالمية التخارج من الصين، مقارنة بغيرها من الأسواق، لأنها المركز العالمي لصناعة وتصدير السيارات الكهربائية بصورة متزايدة.
ذكر "فيليب هوشوا" المحلل لدى شركة الوساطة "جيفريز": لا يمكنك التخارج من الصين بسهولة، الأمر لا يتعلق فقط بأعمال الشركات هناك، بل أيضًا بتأثير الموردين والمستهلكين الصينيين.
وعلى سبيل المثال، سحبت "ستيلانتيس" المالكة لـ "كرايسلر" عمليات التصنيع من الصين خلال 2022 بعدما إفلاس مشروعها المشترك الذي يصنع سيارات "جيب"، ولكنها عادت للبلاد في العام اللاحق عن طريق شراء حصة 20% في شركة ناشئة صينية للسيارات الكهربائية "تشيجانج ليبموتور تكنولوجي".
هل الرسوم هي الحل؟
ترى شركة الاستشارات "أليكس بارتنرز" أن التعريفات الجمركية الجديدة التي تفرض على السيارات الكهربائية الصينية ليست كافية لمساعدة الشركات الأجنبية حتى تظل قادرة على المنافسة وخاصة في السوق الصينية الجاذبة.
وذكر "ستيفن داير" رئيس قسم السيارات في آسيا لدى "أليكس بارتنرز" خلال حدث سنوي لتوقعات الصناعة عقد خلال يوليو الماضي أن العديد من شركات السيارات الأجنبية لم تتوصل بعد لكيفية تمييز منتجاتها في سوق المركبات الكهربائية في الصين.
وأضاف "داير" أنه حتى مع الرسوم الجمركية التي سيفرضها الاتحاد، ستظل السيارات الصينية تحقق ربحًا 20%، موضحًا أن هامش الربح سيكون كما لو تم بيعها في السوق الصينية، لأن موجة فرض الرسوم الجمركية قد تسرع من تحرك شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية للسعي نحو استراتيجيات للإنتاج في أوروبا من أجل خفض تكاليف النقل.
كما أن العلامات التجارية الصينية للسيارات الكهربائية تطرح نماذج جديدة بسرعة أكبر كثيرًا، مقارنة مع نظيرتها الأجنبية، وتأتي بمواصفات تقنية وبطارية متقدمة بحوالي عامين أو ثلاثة عما تخطط له الشركات الأجنبية.
إلى جانب التنافس من حيث القوى العاملة، لأن العمال الصينيين أكثر استعدادًا للعمل لساعات طويلة، وللتوضيح يعمل الموظفون في قطاع السيارات الكهربائية في الصين 140 ساعة عمل إضافية شهريًا وهو ما يزيد كثيرًا عن 20 ساعة من العمل الزائد بشركات السيارات التقليدية حول العالم.
لذلك فإن على كبرى الشركات إعادة هيكلة أعمالها في الصين والتركيز على قطاع السيارات الكهربائية والسعي لمنافسة الشركات المحلية من حيث الأسعار والمزايا التقنية، من أجل استعادة مكانتها في أكبر سوق للسيارات في العالم.
المصادر:أرقام - وول ستريت جورنال – سي إن بي سي - أكسيوس
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}