لا تزال أسعار الغذاء مرتفعة في الولايات المتحدة رغم تباطؤ التضخم بشكل عام، وفي ظل فترة إدارة الرئيس "جو بايدن" ونائبته "هاريس" ارتفعت أسعار المواد الغذائية بأكثر من 20%.
وبالفعل زاد سعر المواد الغذائية الأساسية -بما يشمل البيض والحليب- 11% في عام 2022 و5% في عام 2023، عندما بدأ السعر في الاستقرار مع انخفاض تكاليف السلع الأساسية مثل الذرة.
وفي يوليو من هذا العام، ارتفعت أسعار البقالة في الولايات المتحدة بنسبة 1% فقط على أساس سنوي، وفقًا لبيانات وزارة العمل، لكنها تعد أعلى بحوالي 27% مقارنة بعام 2019.
وحاليًا، ينفق الأمريكيون قدرًا أكبر من دخلهم على الغذاء مقارنة مع ما كانوا ينفقونه منذ عقود، ووجد استطلاع رأي أجرته "يوجف" نشر في يوليو، أن 64% من الأمريكيين يرون أن التضخم مشكلة خطيرة للغاية، كما أظهرت عدة استطلاعات عن أسعار المستهلكين أن المواطنين كانوا أكثر قلقًا بشأن أسعار البقالة.
وألقى بعض الناخبين باللوم على "بايدن" في ارتفاع الأسعار، مشيرين إلى أن تكاليف الغذاء ارتفعت بصورة كبيرة على مدى الأربع سنوات الماضية، وسلط الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" -عند قبوله ترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات- الضوء على تكاليف البقالة، وأنه سيجعل الأسعار في متناول الجميع مرة أخرى.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والأخبار عن الانتخابات الأمريكية 2024
ولكن لا يزال التضخم في أسعار المواد الغذائية يمثل قضية سياسية رئيسية، وفي الأشهر الأخيرة اتهم "بايدن" شركات الأغذية والمشروبات بتحقيق أرباح زائدة، وحث سلاسل البقالة على خفض الأسعار، وأقرت "هاريس" خلال الحملة الانتخابية بأن الأسعار مرتفعة للغاية وتعهدت بمحاربة التلاعب بالأسعار في اليوم الأول.
لماذا ارتفعت الأسعار؟
تشير الأبحاث الصادرة عن الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو إلى أن التلاعب المزعوم بالأسعار من قبل الشركات لم يكن العامل الأساسي وراء ارتفاع التضخم الذي بدأ عام 2021.
ويرى عدد من خبراء الاقتصاد أن أرباح الشركات كانت مدعومة بالعرض والطلب وليس جشع الشركات كما يزعم البعض، وكانت نتائج الأعمال تؤكد ذلك من خلال الإشارة إلى أن العملاء استمروا في دفع ثمن السلع حتى مع ارتفاع أسعارها وذلك مع زيادة دخولهم والحوافز التي قدمت أثناء الوباء.
وساهمت عدة عوامل في ارتفاع التضخم خلال السنوات القليلة الماضية منها تأثير الحرب في أوكرانيا والإنفاق الحكومي وتداعيات الجائحة، وأحداث أخرى لا يملك البيت الأبيض سيطرة كبيرة عليها، ولكن بمجرد أن هدأت تلك الصدمات وبدأ المستهلكون في إنفاق مدخراتهم بعد الوباء، تباطأ نمو الأسعار.
ولكن ألقى بعض الديمقراطيين باللوم على الشركات في تضخم فواتير البقالة، وانتقد "بايدن" في فبراير عبر الإنستجرام شركات تصنيع المواد الغذائية التي قال إنها تقدم قيمة أقل من الرقائق في كل كيس أو تقلص حجم عبوات الآيس كريم.
بينما اذكر مسؤولون بصناعة الأغذية أن نفقات الشركات ارتفعت بصورة دائمة -بين زيادة أجور لأعمال وتكلفة جعل سلاسل التوريد أكثر مرونة- وهو ما يبرر ارتفاع الأسعار، وأضافوا أن هوامش الربح للشركات المصنعة للأغذية والمتاجر التي تبيعها متواضعة مقارنة بالصناعات الأخرى.
ولكن سعى الجمهوريون لجعل أسعار المواد الغذائية مسؤولية سياسية للديمقراطيين، بحجة أن تمويل الإغاثة الإضافي الذي تم تمريره -دون دعم الحزب الجمهوري- أثناء الوباء أدى إلى زيادة التضخم.
اقتراح "هاريس"
اقترحت المرشحة الديمقراطية حلاً للأمر: وهو فرض أول حظر فيدرالي على التلاعب بأسعار المواد الغذائية خلال المائة يوم الأولى من رئاستها للبلاد -حال فوزها في الانتخابات التي ستعقد في نوفمبر- وذكرت خلال حدث انتخابي: ستتضمن خطتي فرض عقوبات جديدة على الشركات الانتهازية التي تستغل الأزمات وتخالف القواعد.
ولم تحدد حملتها الانتخابية بالضبط كيف سيعمل حظر التلاعب بالأسعار المقترح، وما المستوى المفرط من أرباح الشركات.
لكنها أوضحت أن إدارة "هاريس" ستضع قواعد تمنع الشركات الكبرى من استغلال المستهلكين من أجل جني أرباح مفرطة من المواد الغذائية ومنتجات البقالة، وتعتزم توجيه لجنة التجارة الفيدرالية وغيرها من الوكالات للتحقيق واتخاذ الإجراءات اللازمة مع كبرى الشركات التي تنتهك القواعد.
وفي الأسبوع الماضي، ظهر "ترامب" أمام طاولة مليئة بمواد البقالة وألقى باللوم على "هاريس" في رفع التضخم أثناء عملها في إدارة "بايدن".
ووجه "ترامب" انتقادًا لـ "هارس" موضحًا أن ذلك الحظر يعتبر سياسة اقتصادية "شيوعية"، وأطلق عليها اسم "خطة مادورو" في إشارة إلى الرئيس الفنزويلي "نيكولا مادورو"، وقال خلال المؤتمر الصحفي: الناس يصوتون ببطونهم، مشيرًا إلى أن أسعار المواد الغذائية في المتاجر أعلى بشكل أحد مما كانت عليه قبل عامين.
آراء ناقدة للمقترح
لكن يحذر بعض خبراء الاقتصاد من أن أهداف المرشحين قد تدفع الأسعار للارتفاع، وأضاف البعض أن اقتراح "هاريس" قد يخلق مشاكل أكثر من التي يحاول حلها.
لأن في أفضل الأحوال، فإن من شأن هذا المقترح أن يؤدي إلى نقص في المعروض، وظهور سوق سوداء، وعمليات احتكار، وغيرها من التشوهات التي ظهرت في الأوقات السابقة عندما حاولت الدول بشكل إلزامي الحد من نمو الأسعار، أما في أفضل السيناريوهات فإن سيؤدي إلى رفع الأسعار.
وذلك لأن الحظر سيمنع الشركات من تقديم أسعار أقل لكبار العملاء مثل "كوستكو"، وسيتطلب من الشركات نشر بيانات مفصلة عن التكاليف وغيرها، وبالتالي فإن ذلك النشر العلني يشكل وسيلة للشركات للتواطؤ للحفاظ على الأسعار مرتفعة.
وعلى الرغم من أن "هاريس" تزعم أن اقتراحها سيساعد صناعة الأغذية على أن تصبح أكثر قدرة على المنافسة، إلا أن "جافين روبرتس" رئيس قسم الاقتصاد بجامعة "ويبر ستيت" يرى أنه سيفعل العكس تمامًا، وسيُبقي على الوضع الراهن لأنه سيمنع المنافسة الجديدة من التحرك للاستفادة من هوامش الربح الأكبر، وتلك المنافسة هي التي كانت قد تساعد في خفض الأسعار في الأمد البعيد.
وذكر "جيسون فورمان" وهو أحد كبار خبراء الاقتصاد في إدارة الرئيس الأسبق "أوباما" لصحيفة "نيويورك تايمز" أنه يرى أن قوانين مكافحة التلاعب بالأسعار قد تضر المستهلكين عن غير عمد، وأنه ليس لها جانب إيجابي، بل هناك بعض الجوانب السلبية.
المصادر: أرقام - نيويورك تايمز– وول ستريت جورنال – سي إن إن – واشنطن بوست
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}