إسلام زوين الرئيس التنفيذي لـ"أرقام"
في عام 2000، وفي أروقة إحدى الجامعات الهندية، بدأ راجيف ومارسيلو صداقة قوية، كانا يحلمان بأن يُصبحا مثل مؤسسي شركة فيديليتي الأمريكية العريقة للاستثمارات.
وبعد حفل تخرجهما عام 2005، افترق الثنائي واستقر راجيف في مومباي ليزرع بذور خططه الاستثمارية. وقد أطلق ما تبلور فيما بعد على أنه حقبة جديدة وثورة في التداول الإلكتروني في الهند. فيما اختار مارسيلو السوق البرازيلية لممارسة استراتيجيته المفضلة في تداول الأوراق المالية باستخدام عقله الرياضي لتحديد ما إذا كان سعر السهم منخفضًا أو مرتفعًا بما فيه الكفاية، ومن ثم اتخاذ قرار البيع أو الشراء. لم يكن الطريق لكليهما سهلاً.
وبعد مرور خمس سنوات، أدرك راجيف أن التحدي هو ابتكار منصة تداول عبر الإنترنت يمكنها دمج العديد من الميزات والخدمات والمحافظ الاستثمارية في تكامل سلس ومبني على تحليلات مُعمقة. لقد كانت مهمة حاسمة من شأنها أن تقوده إلى اختراع يساعد فيما بعد في تغيير مشهد ومفهوم الوساطة المالية عبر الإنترنت في الهند.
أما بالنسبة لصديقه مارسيلو، فقد كان التحدي فكرياً ومعرفياً أكثر منه تحليلياً. فقد أراد أن يضع أساسًا لشركة بيانات ضخمة تكون بمثابة منصة لمواد تعليمية دائمة التجدد، ومحتوى بحثي وبيانات عالية الجودة، دقيقة ومحدثة باستمرار، لتصبح حجر الأساس لجميع القرارات المستنيرة التي يتخذها المستثمرون وشركات التداول.
وحدثت نقطة التحول الحقيقية بالنسبة لراجيف في عام 2010، عندما أسس شركة "كايت كونيكت"، وهي شركة التداول الإلكتروني التي باتت تستخدم التداول الخوارزمي ليرتفع عدد طلبات التداول التي تنفذها يوميا من بضعة آلاف إلى 10 ملايين طلب في اليوم الواحد، فضلا عن إدارة المحافظ، وبث بيانات السوق مباشرة. وقد تعاون مع شركاء آخرين فيما بعد لتأسيس شركة "زيرودا"، كامتداد لشركته.
يتذكر راجيف تالريجا بفخر أيامه الأولى في مسيرة النجاح، عندما كتب على حسابه في "لينكد إن" العام الماضي: "من عامل بسيط في مركز اتصالات إلى مؤسس "زيرودا" في عام 2010، مع الرئيس التنفيذي نيثين كاماث، بنينا شركة بقيمة 2 مليار دولار في 13 عامًا فقط".
وعلى الرغم من أنها غير مدرجة في الهند، إلا أن "زيرودا" أثبتت بالفعل مرونتها في مشهد شركات التكنولوجيا المضطرب في البلاد في الآونة الأخيرة. ويقول الخبراء الاقتصاديون إن الفضل في ذلك يرجع إلى نهج "خطوات الجمل" الذي تتبعه الشركة، حيث لم تكن أبدًا في عجلة من أمرها لتحقيق أرباح كبيرة. وقد سجلت اليوم أكثر من 900 مليون دولار من الإيرادات وأكثر من 400 مليون دولار من الأرباح الصافية، وفقًا لأحدث البيانات المتاحة.
حرص راجيف منذ اليوم الأول على جعل رضا العملاء أهم أولويات شركته، ولعل أهم طرق لقياس رضى العميل هي شعوره بالاطمئنان والثقة في الشركة. فالأعضاء يقدّرون دقة البيانات، والمواد التعليمية والتثقيفية والغنية بالمعلومات، وتنفيذ الصفقات بكفاءة.
كان مارسيلو ميزوناف يبلي بلاءً حسناً أيضاً في ساو باولو. وقد حقق حلمه الريادي في عام 2005 بتأسيس شركة "إكس بي"، التي تقدم منتجات الدخل الثابت والأسهم وصناديق الاستثمار ومنتجات المعاشات التقاعدية الخاصة، بالإضافة إلى تقديم خدمات إدارة الثروات وغيرها من الخدمات المالية. واليوم، لدى الشركة أكثر من 3 ملايين عميل نشط وأكثر من 130 مليار دولار تديرها. وعلى الرغم من ذلك، فإن رسوم الشركة ليست منخفضة؛ 5000 دولار أمريكي لكل عضو حيث تغطي مجموعة واسعة من الخدمات المالية في شاشة واحدة فقط لعملائها. وهي تعمل في العديد من البلدان، خاصة في البرازيل والولايات المتحدة.
أستحضر في خيالي عشاء بين الصديقين العزيزين القديمين يستذكران فيه أحلامهما وطموحاتهما. الأمر هو أن نماذج الأعمال في أسواق المال تكمل بعضها بعضاً وأن التكامل بين البيانات والتداول الإلكتروني كان تحولاً استراتيجياً لكليهما وكيف يمكن للتكنولوجيا وصحافة البيانات أن تُحدث فرقاً كبيراً في هذا القطاع الذي طغى بشكل كبير على التداول التقليدي في الأسواق المالية.
واليوم، لا بد أنهما يتذكران كيف قررا معاً أن يتعلما أهم دروس أسواق المال، وهو "التواضع" وأن الفائز في الأسهم لن يأخذ كل شيء، وأن معيار النجاح هنا لا يحتمل إلا تحقيق التوازن الصحيح بين جميع اللاعبين الاستراتيجيين وهم هيئات الأسواق والبورصات وشركات التداول والأبحاث والمتداولون المطّلعون على أحدث وأدق البيانات وسلامة الأرقام وصحافة البيانات الرصينة لا على الصور الملونة والخطوط الجميلة والعناوين الجذابة أو صحافة التلميحات والتسريبات.
إسلام زوين، الرئيس التنفيذي لـ"أرقام".