إسلام زوين الرئيس التنفيذي لـ"أرقام"
يتطلّع الملايين إلى الحفلة المقبلة للنجمة الأمريكية تايلور سويفت، والمقررة في الثامن عشر من أكتوبر بمدينة ميامي. وطُرحت التذاكر على منصة البيع الرئيسية "تيكت ماستر" كما هي الحال عادة، إذ إنها تُهيمن على حوالي 80% من سوق بيع التذاكر في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنه لا تتوفر حتى الآن بيانات دقيقة عن عدد التذاكر المبيعة، إلا أن مسؤولين في منصة البيع يتحدثون عن طوابير طويلة على قوائم الانتظار. وهذا يتعلق بالمنصة الأساسية، فما بالك بمنصات إعادة بيع تذاكرها في السوق الثانوية!
وعند إلقاء نظرة سريعة على أحدث البيانات المتاحة من حفلات العام الماضي في إطار جولة سويفت المسماة بـ ”إيراس“، منذ انطلاقها في مارس من العام الماضي في ولاية أريزونا، نكتشف مدى قوة صناعة بيع التذاكر العالمية. فقد باعت منصات أساسية مثل "تيكت ماستر" أكثر من أربعة ملايين تذكرة لبعض حفلاتها، وذلك ابتداءً من 17 نوفمبر 2022 إلى آخر حصر مُتاح للبيانات في 15 نوفمبر 2023. أي بمتوسط 72,500 تذكرة لكل حفل تقريبًا، وفقًا لموقع "بولستار"، وهو موقع البيانات الرائد المتخصص في صناعة الموسيقى والحفلات.
وحققت حفلات جولة سويفت وحدها العام الماضي حوالي 1.04 مليار دولار من إجمالي مبيعات التذاكر لأكثر من 100 حفل لنجوم آخرين، والتي قُدرت بـ 9 مليارات دولار (بما في ذلك إيرادات حفلات سويفت). وبلغ متوسط سعر تذكرة حفل سويفت حوالي 239 دولاراً أمريكياً مقارنةً بمتوسط سعر التذكرة للحفلات الكبرى الأخرى وهو 130 دولاراً تقريباً.
وفي عام 2023، وصلت إيرادات صناعة تذاكر الحفلات الموسيقية في الولايات المتحدة الرائدة في تلك الصناعة إلى أكثر من 22 مليار دولار، وذلك مقارنة بـ 3 مليارات دولار فقط في عام 2017. وهذا دليل على أن صناعة بيع التذاكر بشكل عام قد آتت ثمارها في أكبر وأقوى اقتصاد في العالم.
ويعني هذا الرقم أن أكثر من 20 مليون شخص حضروا حفلة موسيقية واحدة على الأقل العام الماضي في الولايات المتحدة وحدها. وأعلنت شركة "لايف نيشن" - وهي شركة الترفيه التي تمتلك منصة "تيكت ماستر" - زيادة بنسبة 36% في الإيرادات مقارنةً بعام 2022. وتربح منصات بيع التذاكر بشكل أساسي من رسوم الخدمة التي يدفعها المشترون، والتي تبلغ حوالي 33% للتذكرة وقد تصل إلى 52% مع نجوم كبار مثل سويفت.
ماذا عن مبيعات التذاكر في الرياضة الأكثر شعبية في العالم؛ كرة القدم؟ في الواقع، تُمثل إيرادات التذاكر حوالي 19% من إجمالي دخل الفرق الأوروبية الأربعة الأعلى دخلا: برشلونة، ريال مدريد، مانشستر يونايتد وليفربول، وفقًا لأحدث البيانات المتاحة من شركة ديلويت. ونمت الإيرادات في سوق كرة القدم الأوروبية بنسبة 16% في موسم 2022/23 لتصل إلى 35.3 مليار يورو.
سد الفجوة بين السوقين
أعتقد أن ما يهم حقاً في نموذج العمل الناجح لبيع التذاكر هو تلك الفجوة بين المنصة الأساسية ومنصات إعادة البيع المستقلة، والتي يمكن أن تؤثر على ربحية أي شركة رئيسية عاملة في هذا القطاع، إن لم تكن اندمجت أو استحوذت على منصة رائجة لإعادة البيع، كما فعلت "تيكت ماستر" عام 2013 في الولايات المتحدة.
ووجدت أن إنشاء منصة متكاملة، على نحو يجمع بين السوق الأساسي وسوق إعادة البيع، يمكن أن يكون حلا مناسبا ليس في مجال بيع التذاكر فحسب، بل في أسواق أخرى أيضاً بما في ذلك حتى بيع الكتب والسيارات الجديدة، رغم أن هذه الأسواق لها بعض الاختلافات عن سوق تذاكر الحفلات الموسيقية وكرة القدم على وجه الخصوص من حيث نموذج العمل. لكنها تشترك في نفس المفهوم الاقتصادي في بيع التذاكر عندما يتعلق الأمر بالتكامل بين السوقين، الأساسي وإعادة البيع، في منصة واحدة مستقلة.
لكن معيار نجاح تلك المنصة المتكاملة المُفترضة يتوقف على تقديم المنتج (أو التذكرة) بسعر منخفض، فخفض سعر التذكرة يخلق المزيد من المعاملات المالية في السوق الأساسية ما يؤدي إلى إحداث توازن بين العرض والطلب.
ولعل التحدي الرئيس في هذا القطاع المربح يكمن في اختلال هذا التوازن، عندما يفوق المعروض من التذاكر الطلب عليها بسبب أسعارها المرتفعة للغاية عالميا، وهذا يُقوض مفهوم استراتيجية التسعير الديناميكي، التي تعتمد على تعديل الأسعار في الوقت الفعلي، ومن ثم يضر تسعير التذكرة بمصلحة المستهلك، في الوقت الذي يتنافس فيه الجميع من أصحاب المصلحة على زيادة الإيرادات إلى أقصى حد. الأكيد هو أن تحقيق الأرباح المثالية في هذا القطاع يتوقف على تجاوز فجوة الثقة بين السوق الأساسية والثانوية.
إسلام زوين، الرئيس التنفيذي لـ"أرقام".