- لا يمكن فصل التعليم عن النمو الاقتصادي، فهو المحرك الرئيسي له، ولا شك أن استثمارات الدول في التعليم تؤتي ثمارها على نحوٍ وافر، سواء على مستوى الفرد، بزيادة دخله وتحسين مستواه المعيشي، أو على مستوى الدولة، بارتفاع ناتجها المحلي الإجمالي وتعزيز مكانتها الاقتصادية.
- كما يساهم التعليم في تحسين كفاءة القوى العاملة وزيادة فرص التوظيف، مما يدفع عجلة الاقتصاد قدماً، وبالنظر إلى الأرقام، نجد أن الدول التي تولي اهتماماً كبيراً بالتعليم تحقق معدلات نمو اقتصادي أعلى.
- ووفقًا منظمة الشراكة العالمية من أجل التعليم، وهي منظمة رائدة في دعم التعليم في البلدان النامية، فإن التعليم ليس مجرد حق أساسي للإنسان، بل هو استثمار استراتيجي لا غنى عنه في مستقبل أي أمة.
- إن التعليم، كما تؤكد هذه المنظمة، هو محرك قوي للتغيير الإيجابي، حيث يسهم في تحسين الصحة، ورفع مستوى المعيشة، وتعزيز الاستقرار المجتمعي، وتعزيز النمو الاقتصادي على المدى الطويل.
- وفي حين يسهم التعليم الأساسي إسهامًا كبيرًا في تأسيس الأفراد، فإن التعليم المتقدم، المتمثل في التعليم الثانوي والعالي، يفتح آفاقًا أوسع ويحقق مكاسب معرفية ومهنية أكبر.
- وتشير الدراسات العالمية إلى أن حوالي 420 مليون فرد حول العالم يمكنهم الخروج من دائرة الفقر والعوز لو تمكنوا من إكمال دراستهم الثانوية.
- كما أن الأطفال الذين تحظى أمهاتهم بالقدرة على القراءة يتمتعون بفرصة أفضل بنسبة 50% للبقاء على قيد الحياة بعد سن الخامسة.
- علاوة على ذلك، فإن كل عام إضافي تقضيه المرأة في الدراسة يمكن أن يزيد من دخلها بنسبة تصل إلى 20%.
فهم دور التعليم في الاقتصاد العالمي
- لطالما أظهرت الأبحاث على مدار سنوات طويلة علاقة وثيقة لا يمكن إنكارها بين التعليم والنمو الاقتصادي، وقد كشفت دراسات متعمقة عن دور التعليم المحوري في دفع عجلة التنمية الاقتصادية.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
- ففي عام 2012، أشارت منظمة اليونسكو إلى أن كل دولار يُستثمر في التعليم يمكن أن يولد عائدًا اقتصاديًا يتراوح بين 10 و15 دولارًا.
- وفي تحليل أحدث، أظهرت وكالة التعلم - استنادًا إلى بحث أجراه المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في الولايات المتحدة - أن تحسين مهارات الرياضيات يمكن أن يزيد من دخل الفرد السنوي بمقدار 21 ألف دولار، بينما يساهم تحسن مهارات القراءة والكتابة في زيادة الدخل بنحو 11 ألف دولار.
- كما أن حصول الفرد على شهادة الثانوية العامة يرتبط بزيادة في الراتب السنوي قدرها 7 آلاف دولار تقريبًا. وعلى المستوى الوطني والإقليمي، تشير التقديرات إلى أن التأثير الاقتصادي الإيجابي للتعليم يتجاوز 200 مليار دولار.
- من الواضح إذن أن التعليم يُعد ركيزة أساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والرفاهية الشاملة على مستوى العالم، بما في ذلك المملكة المتحدة.
ولكن ما الذي يجعل التعليم بهذا القدر من الأهمية؟
- يساهم التعليم في تطوير مهارات ومعارف الأفراد في شتى المجالات الحيوية، مما يغذي سوق العمل ويدفع عجلة النمو الاقتصادي، فالتعليم، على سبيل المثال، يعمل على:
- صقل التفكير النقدي ومهارات حل المشكلات: مما يمكّن الأفراد من مواجهة التحديات واتخاذ القرارات الصائبة.
- رفع مستوى الوعي بالقراءة والكتابة والمهارات المعرفية: ليصبحوا أفراداً منتجين ومساهمين فاعلين في المجتمع.
- تعزيز الكفاءات الشخصية والإنتاجية: مما يعزز من قدرتهم على تحقيق النجاح في حياتهم المهنية والشخصية.
- إلهام روح الإبداع والتفكير الخلاق: مما يساهم في إيجاد حلول مبتكرة للمشكلات المعقدة.
- وبالتالي، فإن التعليم ليس مجرد وسيلة للحصول على وظيفة، بل هو استثمار في المستقبل، حيث يساهم في بناء مجتمعات أكثر ازدهاراً وابتكاراً.
كيف تستطيع البلدان أن تدعم النمو الاقتصادي من خلال التعليم؟
- لتحقيق أقصى استفادة من النمو الاقتصادي الذي يولد من التعليم، ينبغي على الحكومات وصنّاع القرار أن يسعوا جاهدين إلى:
- توفير فرص تعليم وتدريب متساوية لجميع المواطنين: يجب ضمان حصول كل فرد على التعليم الأساسي والتدريب المهني الذي يمكنه من المشاركة الفعالة في سوق العمل.
- دمج التعليم المستمر في السياسات التعليمية: يجب التركيز على برامج التعليم المستمر للشباب والبالغين على حد سواء، وتوفير برامج تدريبية مهنية تواكب متطلبات سوق العمل المتغيرة باستمرار.
- تحديث وتطوير المناهج الدراسية: يجب أن تكون المناهج الدراسية مرنة وقابلة للتكيف مع التطورات التكنولوجية والاقتصادية السريعة، لتزويد الطلاب بالمهارات والمعارف اللازمة للنجاح في عالم العمل الحديث.
- الاستثمار في المعلمين وتطوير أساليب التدريس: يجب ضمان وجود كادر تعليمي مؤهل ومدرب على أعلى مستوى، وتشجيع تبني أساليب تدريس مبتكرة تعتمد على التفاعل والتعلم النشط.
- تبني أساليب تعليمية مبتكرة: أثبتت الدراسات أن أساليب تعليمية مثل التعلم القائم على اللعب والإبداع والتعاون الجماعي تساهم في تطوير مهارات حل المشكلات لدى الطلاب، مما يزيد من إنتاجيتهم وابتكارهم.
- لحفظ زخم التقدم التعليمي، لابد لأنظمة التعليم أن تتكيف بسرعة مع تقلبات الأوضاع وتغيراتها الجذرية. في دراسة حديثة أصدرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بعنوان "التأثيرات الاقتصادية لفجوة التعلم"، استقصى الباحثان إريك أ. هانوشيك ولودجر ووسمان آثار إغلاق المدارس العالمية في مطلع عام 2020 استجابة لجائحة كوفيد-19.
- وتوصلت الدراسة إلى أن فجوة التعلم الناتجة ستلقي بظلالها على المستقبل الاقتصادي للطلاب والدول على حد سواء، ما لم تُعالج بشكل فعال.
- ويشير التقرير إلى أنه رغم عدم تحديد حجم الفجوة التعليمية بدقة حتى الآن، إلا أن الأبحاث القائمة تشير إلى أن الطلاب من الصف الأول وحتى الثاني عشر المتأثرين بالإغلاق قد يخسرون ما يقرب من 3% من دخلهم طوال حياتهم المهنية.
- وبالنسبة للدول، فإن التباطؤ النمو الاقتصادي على المدى الطويل المرتبط بهذه الفجوة قد يؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي السنوي بنسبة 1.5% في المتوسط على مدار القرن.
ما هي الفوائد الاقتصادية الفردية للتعليم؟
- تؤكد نظرية رأس المال البشري أن الاستثمار في التعليم يعود بفوائد ملموسة تتمثل في ارتفاع الأجور، ومن الأمور الجديرة بالذكر أن هذا الاستثمار يكون أكثر فعالية عندما يبدأ في وقت مبكر.
- فوفقًا لمنحنى هيكمان، الذي وضعه الخبير الاقتصادي الأمريكي جيمس هيكمان، يمكن تحقيق أعلى عوائد اقتصادية من الاستثمارات المبكرة في تعليم الأطفال، مما يتيح لهم بناء قاعدة متينة من المعارف والمهارات.
- وبشكل عام، ترتبط المستويات التعليمية الأعلى بمكاسب اقتصادية أكبر، وبالتالي، على الرغم من أن قرار الالتحاق بالتعليم العالي يتطلب استثمارًا كبيرًا من الوقت والجهد والمال، إلا أن أصحاب العمل يفضلون عادةً الموظفين الحاصلين على مؤهلات علمية أعلى، مما يجعل التعليم العالي استثمارًا طويل الأجل ذا عوائد مضمونة.
المصدر: ريكسهام
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}