- منذ أن تم انتخاب خافيير تيباس رئيسًا للدوري الإسباني في عام 2013، شهدت كرة القدم الإسبانية تحولًا جذريًا في طريقة إدارة الأندية لمواردها المالية.
- كان أحد أهم التغييرات التي قام بها تيباس هو تطبيق ضوابط مالية صارمة، بما في ذلك نظام "الحد الأقصى للرواتب" الذي يهدف إلى تعزيز الاستدامة المالية للأندية في البطولتين الإسبانية الأولى (الليغا) والثانية.
- تأتي هذه القوانين في وقت كانت فيه الأندية الإسبانية غارقة في الديون التي تجاوزت 2 مليار يورو، وكان ذلك يمثل تهديدًا وجوديًا لكرة القدم في البلاد.
- وكان أكثر من نصف هذه الديون مستحقاً للحكومة الإسبانية، فضلاً عن ديون أخرى للاعبين والمدربين والموردين، بهذا السياق، قرر تيباس أن يأخذ خطوات حاسمة للحفاظ على استمرارية اللعبة.
لماذا تم فرض الحد الأقصى للرواتب؟
- جاءت فكرة الحد الأقصى للرواتب كجزء من مجموعة من القوانين المالية التي فرضت على الأندية للحد من الإنفاق غير المستدام.
للاطلاع على المزيد من المواضيع الرياضية
- كانت الأندية قبل هذه القوانين تتعاقد مع لاعبين بعقود ضخمة دون أن تكون قادرة فعليًا على تغطية تلك التكاليف.
- أدى ذلك إلى تراكم الديون، وكان هناك العديد من الحالات التي لم تدفع فيها الأندية رواتب اللاعبين، مما أثر سلبًا على سمعة الدوري.
- أراد تيباس تغيير هذه الديناميكية بشكل جذري، عبر فرض حدود صارمة للرواتب بناءً على الإيرادات الفعلية للأندية، تم إجبار كل نادٍ على العيش ضمن حدوده المالية.
- أصبح لكل نادٍ سقف إنفاق يحدد بناءً على عائداته من التذاكر، والإعلانات، وحقوق البث التلفزيوني، والمبيعات الأخرى.
كيف يتم تحديد حد الرواتب؟
- يتم تحديد الحد الأقصى للرواتب بواسطة "قسم الرقابة الاقتصادية" في رابطة الدوري الإسباني، يأخذ هذا القسم في الاعتبار عدة عوامل لتحديد هذا الحد، من بينها الإيرادات المتوقعة للنادي، والمصروفات، والأرباح والخسائر من السنوات السابقة، والمدخرات الحالية، وأي سداد للديون.
- ولا يشمل الحد الأقصى أجور اللاعبين فقط، بل يمتد أيضًا ليشمل أجور المدربين والطواقم الطبية وحتى الفرق الاحتياطية والأكاديمية.
- مما يجعل العملية أكثر شمولية ويمنع الأندية من الالتفاف على القواعد بزيادة إنفاقها في جوانب أخرى غير أجور الفريق الأول.
- يتم الإعلان عن هذه الحدود مرتين في الموسم: مرة في بداية سبتمبر بعد نهاية فترة الانتقالات الصيفية، ومرة أخرى في فبراير بعد نهاية فترة الانتقالات الشتوية.
كيف يؤثر الحد الأقصى للرواتب على الانتقالات؟
- إحدى القضايا الأكثر تعقيدًا التي تواجه الأندية في الدوري الإسباني هي كيفية التعامل مع حد الرواتب عند التعاقد مع لاعبين جدد.
- عند التعاقد مع لاعب جديد، يتم تقسيم تكلفة الصفقة على مدة عقد اللاعب، ويجب على النادي التأكد من أنه لا يتجاوز حد الرواتب المسموح به عند إضافة هذا اللاعب.
- مثلاً، إذا دفع النادي رسوم انتقال كبيرة، فيجب أن يتم حساب هذه الرسوم ضمن إجمالي الرواتب التي يمكن للنادي إنفاقها.
- وعندما يحاول نادٍ تسجيل لاعب جديد، يتم مراجعة جميع المستندات المتعلقة بالصفقة من قبل رابطة الدوري الإسباني لضمان أن النادي لديه المساحة المالية الكافية لتغطية رواتب اللاعب الجديد ورسوم انتقاله.
- تواجه الأندية التي تتجاوز حد الرواتب صعوبات كبيرة في تسجيل لاعبين جدد. وحتى إذا أراد نادٍ بيع لاعب لتخفيف الضغط المالي، يجب أن يخصص جزءًا كبيرًا من العائدات لسداد الديون السابقة، مما يجعل عملية الانتقالات أكثر تعقيدًا.
كيف تأثرت الأندية الكبرى مثل برشلونة؟
- تُعد حالة نادي برشلونة من أبرز الأمثلة على كيفية تأثير هذه القوانين على الأندية الكبرى.
كان النادي يعاني من مشاكل مالية كبيرة خلال السنوات الأخيرة، ما أدى إلى تقلبات كبيرة في حد الرواتب الخاص بالنادي.
- في عام 2019-2020، كان الحد الأقصى لرواتب برشلونة حوالي 671 مليون يورو، وهو أعلى مستوى في تاريخه.
- ولكن بعد تفشي جائحة كوفيد-19، تدهورت أوضاع النادي المالية بسرعة، في فبراير 2022، وصل حد الرواتب إلى سالب 144 مليون يورو، وهو ما يعني أن النادي كان مضطرًا لإجراء تدابير مالية صارمة للعودة إلى المسار الصحيح.
- للتعامل مع هذه الأزمات، لجأ برشلونة إلى ما يسمى بسياسة "الروافع الاقتصادية"، حيث قام ببيع حقوق بث تلفزيوني مستقبلية وأصول أخرى لجمع الأموال.
- سمح هذا للنادي بزيادة حد الرواتب مؤقتًا وتسجيل لاعبين جدد، ولكن هذا الحل لم يكن مستدامًا على المدى الطويل.
ما هي التحديات التي تواجه الأندية خارج نطاق الحد الأقصى؟
- في حال تجاوز أي نادٍ حد الرواتب الخاص به، يُفرض عليه قيود صارمة على التعاقدات. لا يمكن للنادي تسجيل لاعبين جدد حتى يعود إلى الامتثال للقواعد.
في هذه الحالات، تضطر الأندية إلى بيع لاعبيها، وخاصة اللاعبين أصحاب الأجور العالية، لتخفيض فاتورة الأجور.
- تُعرف هذه الإجراءات في الأوساط الرياضية بأنها "العقوبات غير المباشرة"، حيث لا يتم فرض غرامات مالية مباشرة، ولكن يتم إجبار الأندية على العيش ضمن إمكانياتها عن طريق القيود المفروضة على الانتقالات.
هل نجحت هذه القوانين في تحقيق الاستدامة؟
- شهد الدوري الإسباني تحسنًا كبيرًا في الاستدامة المالية للأندية منذ تطبيق هذه القوانين.
وأصبحت معظم الأندية الإسبانية الآن قادرة على دفع رواتب لاعبيها في الوقت المناسب، كما تم تقليل الديون المستحقة على الأندية للحكومة بشكل كبير.
- ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه الأندية الكبيرة مثل برشلونة، حيث يستمرون في البحث عن طرق جديدة لزيادة إيراداتهم للتكيف مع القواعد المالية الصارمة.
- ومع تزايد الاستثمارات الأجنبية في بعض الأندية، قد يكون هناك تغيير في كيفية تعامل الدوري الإسباني مع هذه المسائل في المستقبل.
ختامًا
- يعتبر نظام الحد الأقصى للرواتب في الدوري الإسباني أحد أكثر الأنظمة المالية صرامة في كرة القدم الأوروبية، وقد لعب دورًا رئيسيًا في تحقيق الاستدامة المالية للأندية.
- ولكن، شأنه شأن أي نظام آخر، يواجه تحديات كبيرة، خاصة مع الأندية الكبرى التي تحاول التكيف مع القوانين المالية الصارمة بينما تحافظ على قدرتها التنافسية في البطولات الأوروبية والعالمية.
المصدر: نيويورك تايمز
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}