- ازدادت حدة الشعور بالوحدة والعزلة في بيئة العمل بشكل ملحوظ، لاسيّما بعد تداعيات الجائحة، وبات من الضروري أكثر من أي وقت مضى أن يجد المرء سندًا قويًا في زميل عمل مقرب.
- ومع ذلك، تكشف دراسة حديثة أجرتها مؤسسة غالوب عن واقع مخيب للآمال، إذ لا يتجاوز عدد من يتمتعون بعلاقة صداقة عميقة في مكان عملهم 20% فقط.
- تكشف هذه النتائج عن عمق الفجوة بين تطلعات الموظفين لبناء علاقات مهنية قوية، وبين قدرتهم الفعلية على تحقيق تلك الغاية.
- تتضح هذه المعضلة بشكل جليّ في صفوف قادة الأعمال، حيث يواجهون تحديات إضافية في بناء علاقات شخصية، فدور القيادة نفسه يفرض حواجز معينة تحد من قدرتهم على الانفتاح التام.
- فلا يمكن للقائد أن يكون صديقًا مقربًا لكل فرد في فريقه أو حتى مع مرؤوسيه المباشرين، فمسؤوليات القيادة تفرض عليه حدودًا معينة في التواصل، وقد يشعر أحيانًا بثقل المسؤولية المُلقاة على عاتقه.
- لسوء الحظ، يَغفُل قادة الأعمال غالبًا عن حقيقة أن الشعور بالوحدة في بيئة العمل يستنزف طاقاتهم بشكل كبير، ويؤثر سلبًا على تجربة العمل بأكملها، بدءًا من رفاهيتهم الشخصية وانتهاءً بأدائهم المهني.
- يتناول هذا التقرير بالتفصيل موضوع استنزاف الطاقة الناتج عن الشعور بالوحدة في القيادة، وكيف يمكن للقادة التغلب عليه من خلال بناء علاقات قوية وعميقة.
نظرة عامة على جودة العلاقات
- من الضروري أن ندرك أن العلاقات ليست متشابهة، بل تختلف في جودتها، ويمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
1- العلاقات عالية الجودة: تلك العلاقات التي تزودنا بطاقة إيجابية مستمرة، وتشحننا بالحماس والتحفيز.
2- العلاقات المحايدة: العلاقات التي لا تؤثر بشكل كبير على طاقتنا، سواء بالسلب أو الإيجاب.
3- العلاقات منخفضة الجودة: العلاقات التي تستنزف طاقتنا وتسبب لنا الإرهاق والتعب، مما يؤثر سلبًا على أدائنا وحياتنا بشكل عام.
كيف تعرف أن العلاقة عالية الجودة؟
- ابدأ بملاحظة شعورك بعد التفاعل مع شخص ما، عندما تشعر بالنشاط، فأنت تعيش اتصالاً عالي الجودة.
- تعتبر العلاقات عالية الجودة ضرورية في مكان العمل، لخلق بيئة صحية ومنتجة، مما يؤدي إلى زيادة الرفاهية، وأداء أعلى في العمل، واتصالات أكثر إيجابية.
- وفي سياق متصل، أكدت دراسة استمرت 85 عامًا أجرتها جامعة هارفارد، أن العلاقات الإيجابية هي الركيزة الأساسية لحياة صحية وسعيدة وطويلة.
- تشير هذه الدراسة الاستقصائية المكثفة إلى أن الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي، يميل إلى التواصل والعطاء، وأن هذه الرغبة تمثل جوهر هويته الإنسانية.
مقومات العلاقة القوية: وصفة لارتباط عميق ومستدام
- تتكون العلاقة القوية والصحية من مجموعة من العناصر المترابطة، والتي تعمل كركائز أساسية لبناء هذا الارتباط، وتشمل هذه العناصر:
1- الثقة المتبادلة: هي حجر الأساس الذي تقوم عليه أي علاقة قوية، إنها الاعتقاد الراسخ بأن الطرف الآخر سيكون صادقًا وموثوقًا به، وسيضع مصلحة الشريك نصب عينيه.
2- المشاركة الحقيقية: لا تقتصر المشاركة على الحضور الجسدي، بل تتطلب انخراطًا عميقًا في حياة الشريك، من خلال الاستماع الفعال لآرائه ومشاعره، والمشاركة الفعّالة في تجاربه، مما يعزز أواصر العلاقة ويعمقها.
3- الاحترام المتبادل: هو تقدير قيمة الشريك كفرد، واحترام آرائه واختياراته، حتى وإن اختلفت عن آرائنا.
4- الفضاء العاطفي الآمن: ويُقصد به توفير بيئة آمنة للشريك للتعبير عن مشاعره بكل حرية، دون خوف من الحكم أو الانتقاد.
5- المرونة والتكيّف: من أهم عوامل استمرار العلاقة القدرة على التكيف مع التغيرات التي تحدث في الحياة، والمرونة في مواجهة التحديات.
6- النمو المشترك: العلاقة القوية هي علاقة ديناميكية تتطور وتنمو مع مرور الوقت، حيث يسعى كل شريك إلى تطوير ذاته وتطوير العلاقة.
3 استراتيجيات فعّالة لتنمية العلاقات الإيجابية |
|
1- توسيع نطاق وعيك بالعلاقات من حولك |
- تأمّل في العلاقات التي تربطك بالآخرين، سواء في مجال العمل أو في حياتك الشخصية، وقم بتقييم كل علاقة من حيث تأثيرها على طاقتك:
- هل هناك علاقات تبعث فيك الحيوية والنشاط؟ وهل هناك علاقات تستنزف طاقتك وتجعلك تشعر بالإرهاق؟ أو ربما هناك علاقات محايدة لا تؤثر بشكل كبير على مستويات طاقتك.
- حاول تحديد الأوقات والأسباب التي تجعلك تشعر بالنشاط أو الحياد أو الإرهاق بعد التفاعل مع كل شخص على حدة.
- بعد ذلك، قم بتقييم علاقاتك بناءً على المعايير الستة للعلاقات القوية والصحية. غالبًا ما تتميز العلاقات الإيجابية بوجود هذه العناصر جميعها.
- بمجرد أن تدرك قيمة العلاقات الإيجابية التي تمتلكها بالفعل – أي تلك التي تساهم في سعادتك وحيويتك - من المهم ألا تأخذها كأمر مسلم به.
- اعمل على تعزيز وتقدير هذه العلاقات سواء كانت عائلية، أو عاطفية، أو صداقات، أو حتى علاقات مهنية.
|
2- بناء علاقات عمل إيجابية
|
- خصص وقتًا لبناء علاقات قوية مع زملائك وخبراء المجال لتعزيز مسيرتك المهنية.
- استغل الفرص المتاحة للتواصل المباشر معهم، سواء كان ذلك من خلال العمل المشترك أو الاجتماعات غير الرسمية.
- كما يمكنك الانضمام إلى مجتمعات مهنية خارجية للتواصل مع أقرانك وتبادل الخبرات، ولا تنس أن العلاقات المهنية القوية هي أساس النجاح في أي بيئة عمل.
|
3- بناء علاقات شخصية إيجابية
|
- في عالم الأعمال المتسارع، غالبًا ما نهمل أهمية العلاقات الشخصية. ومع ذلك، فإن الوحدة تؤثر سلبًا على صحتنا النفسية والعاطفية، مما ينعكس على أدائنا المهني.
- خصص وقتًا منتظمًا للتواصل مع أحبائك، وتذكر أن تقبل الدعوات الاجتماعية.
- تأمل في علاقاتك: أيها تحتاج إلى المزيد من اهتمامك؟ وما هي الخطوات العملية التي يمكنك اتخاذها لتعزيز هذه العلاقة وتقويتها؟
|
- أخيرًا، يعاني قادة الأعمال من آليات نفسية خفية تستنزف طاقاتهم بشكل كبير، وكثيرًا ما يجدون أنفسهم في حيرة من أمرهم، عاجزين عن فهم أسباب هذا الاستنزاف أو كيفية التصدي له.
- ولكن من خلال إدراك هذه الآليات، يمكن للقادة تعلم كيفية إدارة طاقاتهم الداخلية بفعالية، مما يمكنهم من استعادة نشاطهم والعمل بكامل طاقاتهم، وبذلك، يتمكنون من تحقيق أقصى استفادة من قدراتهم القيادية.
المصدر: سيكولوجي توداي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}