نبض أرقام
06:19 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/16
2024/10/15

تسريبات وأخبار .. مكاسب وخسائر بسرعة البرق في سوق الأسهم

10:01 ص (بتوقيت مكة) أرقام - خاص

في عالم المال والاستثمار، تتقلب أسواق الأسهم بسرعة تحت تأثير الأخبار والأحداث الكبرى، لكن خلف هذا التفاعل السريع، يكمن سر عظيم حول كيفية استغلال المستثمرين هذه المعلومات لتحقيق أرباح ضخمة.

 

 

ويتسابق المستثمرون للاستفادة من كل معلومة جديدة، بدءاً من إعلان نتائج الأرباح إلى القرارات السياسية المفاجئة، لكن ماذا عن التسريبات المالية؟ هل هي مجرد وسيلة غير قانونية أم أنها أداة سرية يستخدمها البعض لتحقيق الثروات؟

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

الاقتصادي "روبرت شيلر" رصد في كتابه "السلوك غير العقلاني" (Irrational Exuberance) تأثير الأخبار والعواطف على الأسواق المالية، كما تناول الطرق التي تتفاعل بها الأسواق مع المعلومات، سواء كانت علنية أو غير ذلك، وكيف يؤثر ذلك في قرارات المستثمرين والمضاربات.

 

كما تطرق "شيلر" إلى دور الإعلام في تضخيم الأحداث الاقتصادية والمساهمة في الفقاعات من خلال نشر الأخبار والتحليلات التي يمكن أن تغذي التوقعات المفرطة بشأن الأسهم، وتؤثر على قرارات المستثمرين.

 

ويعتبر تداول الأسهم بناءً على الأنباء والتسريبات المالية من أكثر استراتيجيات الاستثمار التي يستفيد منها المستثمرون لتحقيق أرباح سريعة.

 

ويمكن أن تؤدي المعلومات الجديدة، سواء كانت أخباراً اقتصادية أو سياسية أو إفصاحات مالية، إلى تقلبات كبيرة في الأسواق المالية، وهو ما يسعى المستثمرون لاستغلاله، ومع ذلك، تحمل هذه الممارسات في طياتها بعض التحديات القانونية والمخاطر.

 

أهمية الأخبار في الأسواق المالية

 

خلال تعاملات يوم الثلاثاء، منيت أسهم شركة (إيه إس إم إل) للرقائق بأكبر خسارة لها منذ طرحها للاكتتاب، وانخفض سهم أكبر شركة أوروبية للرقائق بنحو 15.7% بعد إصدار أرباح الربع الثالث عن طريق الخطأ قبل الموعد المحدد.

 

وسجلت أسهم الشركة المتداولة في بورصة أمستردام أكبر انخفاض لها في يوم واحد منذ طرحها للاكتتاب العام في يناير 2002.

 

 

وكشف الإصدار المبكر لأرباح الشركة الهولندية للربع الثالث عن بيانات متعلقة بتقليص توقعات مبيعات الشركة لعام 2025، ما أثار قلق المستثمرين وأدى إلى عمليات بيع أوسع نطاقاً عبر قطاع أشباه الموصلات.

 

مثل هذا الانخفاض يعكس بشكل واضح كيف تلعب الأخبار المالية دوراً حاسماً في تشكيل حركة الأسواق.

 

وتشير الأبحاث إلى أن 70-80% من تحركات السوق تحدث بسبب الأخبار والمعلومات الجديدة.

 

وفي دراسة حديثة، تبيّن أن الإفصاحات المالية المفاجئة يمكن أن تؤدي إلى تغيرات في أسعار الأسهم تصل إلى 5-10% في يوم واحد فقط، وأحياناً أكثر كما هو الحال مع سهم إيه إس إم إل.

 

وأصبحت التكنولوجيا في العصر الحديث جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيات الاستثمار بناءً على الأخبار.

 

ويمكن لتطبيقات التداول الإلكتروني وخوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل الأخبار في الوقت الفعلي، ما يسمح للمستثمرين باتخاذ قرارات سريعة.

 

كما أن روبوتات التداول التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي تتبع الأخبار وتقوم بتنفيذ عمليات الشراء أو البيع في أقل من ثوانٍ بعد ظهور الأخبار.

 

وفي عام 2023، أظهرت تقارير أن 70% من إجمالي حجم التداول في الأسواق الأمريكية يتم تنفيذه بواسطة الخوارزميات، التي تعتمد بشكل كبير على تحليل الأخبار والبيانات.

 

أبرز المعلومات المؤثرة على الأسهم

 

تعد إعلانات النتائج المالية ربع السنوية في مقدمة الأخبار التي تؤثر على تحركات الأسهم والتداولات في البورصات العالمية، ويمكن أن تؤدي إلى تحركات كبيرة في أسعار الأسهم وبالإضافة إلى المثال المذكور عن أسهم أكبر شركة رقائق أوروبية، ارتفع سهم "تسلا" بنسبة 12% في يوم واحد بعد إعلان الشركة أرباحا أعلى من المتوقع في عام 2022.

 

وإلى جانب إعلانات الأرباح، تلعب الأخبار الاقتصادية، والقرارات الكبرى مثل رفع أسعار الفائدة أو فرض العقوبات الاقتصادية دوراً مباشراً ومؤثراً على السوق.

 

 

وعلى سبيل المثال، قرار بريطانيا بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي أدى إلى انخفاض مؤشر "فوتسي 100" الذي يتتبع أداء أفضل 100 شركة بالسوق بنسبة 8% في اليوم التالي.

 

وتعتبر التسريبات المالية والتداول بناءً على المعلومات غير العلنية واحدًا من أهم العوامل التي قد تؤثر في السوق بشكل مباشر.

 

وتشمل تلك التسريبات معلومات حول الأرباح، أو الاستحواذات، أو الإطلاقات الجديدة للمنتجات قبل الإعلان الرسمي عنها.

 

هذا النوع من المعلومات يمكن بالفعل أن يحقق أرباحاً ضخمة للمستثمرين، أو يجعلهم يتجنبون خسائر كبيرة، ولكنه يعرضهم لخطر المحاكمة بشأن استغلال معلومات غير معلنة لشركات مساهمة، وهو أمر يعاقب عليه القانون بشدة.

 

وفي العديد من الدول، التداول بناءً على التسريبات المالية يعد مخالفاً للقوانين، ويمكن أن يعرض المستثمرين لغرامات كبيرة وحتى السجن.

 

وعلى سبيل المثال، قامت هيئة الأوراق المالية والبورصات (SEC) في الولايات المتحدة بفرض غرامات تتجاوز 4.7 مليار دولار في 2022 فقط على قضايا تتعلق بالتداول استناداً على معلومات غير معلنة والاحتيال المالي.

 

وفي سبتمبر الماضي فرضت اللجنة نفسها غرامات تزيد على 3.8 مليون دولار متعلقة بتهم موجهة إلى 23 كياناً وفرداً من بينها جوجل، وجولدمان ساكس، بسبب فشلهم في الإبلاغ في الوقت المناسب عن معلومات متعلقة بحيازاتهم ومعاملاتهم في أسهم الشركات العامة.

 

أمثلة على استغلال التسريبات

 

في يوليو الماضي، حكم قاضٍ فيدرالي بغرامة قدرها 1.15 مليون دولار أمريكي على "جين ليفوف" المحامي السابق لشركة أبل الذي نجا من السجن بعد إقراره بالذنب في تداول أسهم بناء على معلومات غير معلنة.

 

 

وكان "ليفوف" مديراً أولاً لقانون الشركات في شركة أبل قبل أن تطرده في سبتمبر 2018، وبعد خمسة أشهر، واجه اتهامات بإجراء صفقات على أسهم أبل بناءً على علمه المسبق بمعلومات متعلقة بالنتائج المالية الخاصة بها قبل إعلانها للجمهور.

 

وأقر "ليفوف" خريج كلية الحقوق بجامعة ستانفورد، بالذنب في الاحتيال بشأن تداول الأسهم في يونيو 2022، وحكم عليه في ديسمبر الماضي بأربع سنوات من المراقبة، وألفي ساعة من الخدمة المجتمعية ومصادرة 604 آلاف دولار أمريكي.

 

وكانت الغرامة المقترحة من قبل لجنة الأوراق المالية والبورصات تعادل ثلاثة أمثال أرباح المحامي السابق لأبل، المقدرة بـ384.4 ألف دولار أو الخسائر التي تجنبها في ست صفقات.

 

وقال القاضي الذي حكم على "ليفوف"، حينها إنه "كان يعلم أن تداوله كان خاطئاً، ويمكنه تحمل الغرامة نظراً لصافي ثروته المقدر بـ13 مليون دولار".

 

كما تورطت "مارثا ستيوارت" في فضيحة استغلال معلومات غير معلنة لشركة مساهمة في عام 2001، عندما باعت أسهم شركة أميلكون سيستمز "ImClone Systems" بناءً على تسريبات من صديقها ومؤسس الشركة "سام ويلكسال".

 

وبالفعل باعت "ستيورات" أسهمها في الشركة قبل أن يتم الإعلان عن أخبار سلبية تتعلق برفض إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية (FDA) دواء رئيسياً للشركة، هذا التسريب أنقذها من خسارة مالية كبيرة لكنه أدى إلى محاكمتها وسجنها لمدة خمسة أشهر.

 

ومن بين القضايا الشهيرة المتعلقة بفضائح استغلال التسريبات، قضية "راج راجاراتنام" مؤسس صندوق التحوط جاليون جروب (Galleon Group)، الذي تم القبض عليه في 2009 لاستخدامه معلومات داخلية لتحقيق أرباح تتجاوز 60 مليون دولار.

 

 

واستغل "راجاراتنام" شبكة من المطلعين داخل شركات كبرى مثل جولدمان ساكس وإنتل وجوجل للحصول على معلومات حساسة، واستثمر بناءً على هذه التسريبات، ما أدى إلى إدانته بالسجن 11 عاماً في عام 2011.

 

استفادة المستثمرين من الأخبار والتسريبات المالية يمكن أن تؤدي إلى أرباح كبيرة، لكنها تحمل في طياتها مخاطر قانونية كبيرة.

 

في حين أن الأخبار العامة تُعتبر مصدراً مشروعاً للمعلومات، فإن التسريبات أو ما يعرف بالتداول الداخلي تعد مخالفة للقانون في العديد من البلدان.

 

ويمكن للمستثمرين الاستفادة بالطبع من التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتعزيز قدراتهم على اتخاذ القرارات الاستثمارية بسرعة فائقة اعتماداً على الأحداث والأخبار، ولكن يبقى الالتزام بالقوانين والشفافية أساساً مهماً لتوفير فرص عادلة للاستثمار في الأسواق المالية.

 

المصادر: أرقام- بلومبرج- فوربس- جامعة برنكيتون- يورو نيوز- أوفيس أوف جاستس بروجرمز (Office of Justice Programs)- هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية- رويترز

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.