تتجه الأنظار إلى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة اليوم، الخامس من نوفمبر، وسط تنافس شديد بين المرشح الجمهوري الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس الحالية، المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، للفوز بمنصب الرئيس الـ47 للولايات المتحدة.
وقال محللون لـ"أرقام" إن الانتخابات الأمريكية تظل حدثاً ذا أهمية استراتيجية لدول الخليج العربي، ويتطلب متابعة دقيقة لتوجهات الفائز وقراءتها بشكل معمق من قبل صناع السياسات الاقتصادية في المنطقة.
وتوقعوا أن تشهد الأسواق الخليجية تقلبات هذه الفترة جراء نتائج الانتخابات الأمريكية، حتى تتضح الصورة، كما بينوا نظرتهم لأهم القطاعات التي ستتأثر إيجاباً أو سلباً بفوز مرشح عن آخر.
التأثير على الأسواق الخليجية والأسهم
قال طارق الرفاعي، الرئيس التنفيذي لمركز كوروم للدراسات الاستراتيجية، إن الأسواق المالية قد تشهد تقلبات ملحوظة عقب الانتخابات الأمريكية، خاصة إذا لم يكن هناك فوز حاسم مع نهاية يوم الثلاثاء، مضيفاً أن غياب الوضوح في النتائج قد يستمر ليوم أو أكثر، مما ينعكس بزيادة في تقلبات الأسواق حتى تتضح الصورة.
وذكر الدكتور محمد مكني، أستاذ المالية والاستثمار في جامعة الإمام محمد بن سعود، أن فوز ترامب قد يحمل تأثيرات سلبية على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يركز على تعزيز الإنتاج المحلي للطاقة وتنظيم صناعة النفط والغاز ويشجع صادرات الغاز الطبيعي المسال، وهو ما قد يعزز قطاع الطاقة الأمريكي ويؤثر سلباً على اقتصادات دول الخليج المعتمدة على النفط والغاز.
وفيما يتعلق بأسواق الأسهم، أوضح مكني أن هناك علاقة إيجابية بين أسواق المال في الخليج والأسواق الأمريكية في عدد من الدورات الانتخابية السابقة، حيث إن فوز الجمهوريين يُعتبر داعماً لأسعار الأسهم بسبب سياساتهم التي تعزز أرباح الشركات، بينما يميل فوز الديمقراطيين إلى التأثير سلباً على أسعار الأسهم نتيجة تركيزهم على إعادة توزيع الثروة.
وأكد مكني أن المستثمرين في أسواق الخليج يميلون للاستفادة من سياسات الجمهوريين التي تدعم الشركات والأرباح.
في المقابل، أضاف الرفاعي أن رئاسة ترامب السابقة كانت ذات تأثير إيجابي على أسواق المال، خصوصاً في السعودية، مرجحاً أن فوز ترامب مجدداً قد يعزز القطاع النفطي والقطاعات المرتبطة به، مما يجعله خياراً اقتصادياً أفضل على المدى المتوسط، في حين أن الأسواق المالية لا تزال منقسمة حول من سيحقق الفوز، والصورة النهائية لم تتضح بعد.
التأثيرات المتوقعة على قطاعات محددة
وقال وائل مكارم كبير استراتيجيي الأسواق في Exness، إن قطاع الطاقة المتجددة والاستدامة البيئية يميل إلى دعم هاريس، نظراً لسياساتها التي تركز على قضايا المناخ، بينما تفضل قطاعات الطاقة التقليدية ترامب لدعمه لهذه الصناعات.
وأوضح مكارم أن قطاع البناء منقسم في دعمه، حيث تدعم هاريس مبادرات الإسكان الميسر، في حين يركز ترامب على تطوير الأراضي الفيدرالية، مضيفاً أن قطاع التكنولوجيا يميل نحو هاريس بسبب توافقها مع سياسات التطوير الحالية في مجال الذكاء الاصطناعي وحماية العمال، بينما يركز نهج ترامب على إلغاء التنظيمات واهتمامات حرية التعبير في هذا المجال.
التقلبات في فترة ما بعد الانتخابات واستراتيجيات التحوط
قال وائل مكارم إن الأسواق المالية قد تشهد تقلبات كبيرة بعد الانتخابات الأمريكية في ظل المنافسة الحادة بين المرشحين، إلى جانب ترقب قرار الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة.
وأوضح أن مؤشر التقلب CBOE ارتفع مؤخراً، مما يعكس توقعات الأسواق بحدوث اضطرابات. وأشار إلى أن العديد من المؤسسات الاستثمارية بدأت في اتخاذ استراتيجيات تحوطية لحماية محافظها، مثل شراء الخيارات الوقائية على مؤشرات الأسهم لتجنب الخسائر المحتملة من تقلبات السياسة.
وأشار مكارم إلى أن فوز ترامب قد يؤدي إلى ارتفاع حدة التقلبات في الأسواق العالمية، مع احتمالات بحدوث ضغوط تضخمية نتيجة التعريفات الجمركية المقترحة والتخفيضات الضريبية، مما يدفع المستثمرين نحو أصول الملاذ الآمن مثل الذهب، ويسبب موجة بيع للسندات الحكومية الأمريكية. بينما قد يوفر فوز هاريس استقراراً أكبر في المناخ الاقتصادي، مما يسمح للأسواق بالتحرك بناءً على قوى العرض والطلب الطبيعية.
تأثير السياسة التجارية وقوة الدولار
وعلى المستوى التجاري، قال مكني إن سياسات ترامب تجاه الصين تسعى إلى إعادة تشكيل طرق التجارة العالمية، مما قد يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد الصيني بسبب التوترات التجارية وخفض الطلب الصيني على النفط الخليجي، مما يؤثر سلباً على أسعار النفط واقتصادات المنطقة.
وأوضح أن فرض ترامب تعريفات جمركية قد يدعم الدولار الأمريكي من خلال تقليل الإنفاق على السلع الأجنبية، مما يدعم عملات دول الخليج المرتبطة بالدولار، مثل الريال السعودي.
وبيّن مكني أن تأثير ذلك على الأسواق المالية العملة يعزز من قوة الدولار وقد يقلل من القدرة التنافسية لصادرات الخليج غير النفطية، بينما يمكن أن تستفيد الاستثمارات الخليجية الإقليمية من تقلبات السوق وضعف الدولار، مما يعزز جاذبيتها.
وأضاف مكارم أن سياسات هاريس الداعمة للطاقة النظيفة قد تُعيد تشكيل مشهد الطاقة العالمي، مما يجعلها تؤثر على الأسواق بشكل غير مباشر، بما في ذلك الأسواق الخليجية، عبر تخفيض الطلب العالمي على الوقود الأحفوري.
وأشار إلى أن سياسات ترامب الداعمة للوقود الأحفوري قد تضغط على أسعار النفط، مما ينعكس سلباً على اقتصادات دول الخليج التي تعتمد على الإيرادات النفطية، في حين أن التوجه نحو إنهاء الصراعات في الشرق الأوسط له تأثير إيجابي على معنويات الأسواق الخليجية، بما في ذلك السوق السعودي.
من جهة قال أخرى، أضاف مكني أن استثمارات الخليج في الولايات المتحدة قد تتأثر أيضاً بناءً على سياسات المرشح تجاه الشرق الأوسط، بما في ذلك الاتفاق النووي الإيراني وغيره من العوامل السياسية، مما قد يعيد تشكيل العلاقات الاقتصادية والسياسية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}