تعتبر انتخابات الرئاسة الأمريكية من الأحداث السياسية التي تترك تأثيرًا كبيرًا على الأسواق المالية، نظرًا لتأثر المستثمرين بتوقعات السياسات الاقتصادية للمرشحين.
وجرت بعض تلك الانتخابات في أوقات صعبة وأحداث اقتصادية وسياسية مهمة، وبالتالي كان لها تأثير إضافي كبير على اتجاه الأسواق خلال فترة الانتخابات في التوقيتات التي جمعت بين الانتخابات وتلك الأحداث.
ومن بين تلك الأحداث المهمة الكساد الأعظم (1932)، والحرب العالمية الثانية (1940 و1944)، وانفجار فقاعة التكنولوجيا (2000)، والأزمة المالية العالمية (2008)، وجائحة كوفيد-19 (2020).
نماذج على تأثير الفترات الزمنية على وول ستريت
خلال فترات امتدت لعقود كان هناك العديد من الانتخابات الرئاسية التي مثلت دعمًا ملحوظًا لسوق المال الأمريكية.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والأخبار عن الانتخابات الأمريكية 2024
ومن بين تلك الدورات الانتخابية، كان انتخاب "فرانكلين ديلانو روزفلت" في عام 1932 علامة فارقة للسوق نظرًا لكون هذه الانتخابات جاءت في خضم "الكساد الكبير"، ورافقت فوز هذا الرئيس توقعات بتغييرات جذرية لدعم الاقتصاد الأمريكي.
وأطلق "روزفلت" لاحقًا "الصفقة الجديدة" التي تضمنت مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية، وأدى هذا البرنامج إلى زيادة كبيرة في الإنفاق الحكومي، ما أعطى دفعة إيجابية لأسواق الأسهم وأعاد الثقة للمستثمرين في الاقتصاد الأمريكي.
كما تميزت انتخابات عام 1980 بوعود "رونالد ريجان" بتخفيض الضرائب وتقليل تدخل الحكومة في الاقتصاد، وهي السياسات التي أصبحت تُعرف بـ"ريجانوميكس".
ومع فوزه، انتعشت الأسواق المالية بفضل آمال خفض الضرائب وزيادة الإنفاق الدفاعي. وكانت سياسات ريغان مؤثرة على السوق من خلال تعزيز النمو الاقتصادي، لكنها ساهمت في زيادة العجز الحكومي.
وشكلت انتخابات 1992 أيضًا علامة فارقة بعد انتخاب "بيل كلينتون" الذي جاء في فترة كان فيها الاقتصاد الأمريكي يعاني من تباطؤ.
وركز "كلينتون" على تحفيز النمو من خلال الاستثمار في البنية التحتية والتعليم والابتكار، ما قاد إلى طفرة اقتصادية خلال فترة رئاسته.
وارتفعت سوق الأسهم بشكل كبير في تلك الفترة، مدعومة بتحسن أداء الشركات الأمريكية، وانخفاض البطالة، وزيادة الإنتاجية.
كيف كان أداء السوق بعد كل انتخابات منذ عام 2004؟ |
||||||
فترة الرئاسة |
|
اسم الرئيس |
|
مكاسب المؤشر خلال العام الأول |
|
مكاسب المؤشر خلال الفترة الرئاسية |
2004-2008 |
|
جورج دابليو بوش |
|
%7.4 |
|
%32 |
2008-2012 |
|
باراك أوباما |
|
%4.1 |
|
%85 |
2012-2016 |
|
باراك أوباما |
|
%24 |
|
%53 |
2016-2020 |
|
دونالد ترامب |
|
%21 |
|
%70 |
2020-2024 |
|
جو بايدن |
|
%38 |
|
%48 |
ومن بين الفترات الانتخابية التي كان لها تأثير واضح على الأسواق انتخابات 2000، التي فاز فيها "جورج بوش الابن"، وكانت نتائج تلك الانتخابات متقاربة جدًا بين "بوش و"آل جور"، وتسببت حالة عدم اليقين واستمرار النزاع على النتائج في توتر الأسواق.
وتأثرت الأسواق سلبًا حتى تم حسم النتائج لصالح "بوش"، وتبع ذلك ركود قصير نتيجة لأزمة انفجار فقاعة الدوت كوم في 2001، وتزايد التحديات الاقتصادية بعد هجمات 11 سبتمبر.
كما جاء انتخاب "باراك أوباما" خلال عام 2008 في خضم الأزمة المالية العالمية، حيث كان الاقتصاد الأمريكي يعاني من انهيار سوق الإسكان والأزمة المالية في وول ستريت.
وشهدت الأسواق تقلبات كبيرة، لكن مع تطبيق "خطة الإنقاذ المالي" التي أطلقها "أوباما"، بدأت الأسواق في التعافي تدريجيًا، كما تحسن أداء الاقتصاد.
في حين جاء "دونالد ترامب" مفاجأة للأسواق، لكن الأسواق سرعان ما ارتفعت مدفوعة بتوقعات سياسات ترامب التي ركزت على خفض الضرائب.
كما أطلق "ترامب" لاحقًا إصلاحات ضريبية في 2017 كانت من بين الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة، ما أدى إلى انتعاش الأسواق، لكن البورصة شهدت أيضًا تقلبات بسبب التوترات التجارية مع الصين.
أما انتخابات 2020 التي فاز فيها "جو بايدن" فقد جاءت في ظروف استثنائية، وهي انتشار جائحة كوفيد-19 وما تبعها من حالة عدم اليقين.
ومع فوز "بايدن"، ارتفعت الأسواق وسط توقعات بأن سياساته ستشمل حزمة تحفيز اقتصادي كبيرة وإجراءات للسيطرة على الوباء.
وأدى تركيز السياسات الاقتصادية لـ"بايدن" على التحول للطاقة النظيفة وبرامج الإنفاق على البنية التحتية في دعم أسهم التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ما دفع الأسواق إلى مستويات قياسية.
عائدات إجمالية أقل
وسجل مؤشر ستاندرد آند بورز 500 متوسط عائدات إجمالية أقل في سنوات الانتخابات الرئاسية مقارنة بالسنوات غير الانتخابية، بحسب دراسة أجريت على بيانات جمعت على مدار 96 عامًا (أي 24 انتخاباً رئاسياً).
وخلال تلك السنوات كانت عائدات مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أعلى عمومًا في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية مقارنة بالسنوات غير الانتخابية.
ومع ذلك، بعد يوم الانتخابات، كانت عائدات سوق الأسهم على مدى الفترات التي دامت شهرًا واحدًا و6 أشهر و12 شهرًا أقل على نحو ملحوظ من الفترات المقابلة للسنوات التي لم تشهد انتخابات رئاسية.
وأرجعت الدراسة هذا التراجع إلى أن الأسواق في الغالب تصاب بخيبة أمل، ما يحدث في نهاية الأشهر الاثني عشر التي أعقبت الانتخابات، وأن السياسات الاقتصادية المعلنة للمرشح الفائز لم تؤتِ ثمارها.
وتضيف أنه عندما يتعلق الأمر بصحة الاقتصاد، كان الرؤساء غير محظوظين خلال عامهم الأول في المنصب.
وخلال فترة الدراسة التي شملت 24 انتخاباً رئاسياً، شهد أكثر من نصفها (54%) تداخلًا بين العام الأول من تولي الرئيس الجديد والركود الرسمي في الولايات المتحدة، كما أشارت بيانات المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية.
وكان غالبًا معدل حدوث الركود أقل بشكل ملحوظ في السنوات الأخرى من ولاية الرئيس، التي بلغت 29% للسنة الثانية في المنصب، و17% في السنة الثالثة، و25% في عام الانتخابات.
الانتخابات الرئاسية وتقلبات السوق
شهد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 تقلبات أقل، في المتوسط، في سنوات الانتخابات وما حولها مقارنة بالفترات المماثلة في السنوات غير الانتخابية.
وأوضحت الدراسة أن الفترات الانتخابية لم تشكل سببًا رئيسًا في التقلبات التاريخية التي شهدها المؤشر، بل في الأغلب كانت تلك التقلبات تحدث نتيجة تأثيرات خارجية أخرى.
وفي سنوات الانتخابات الرئاسية، كان متوسط مستوى تقلبات السوق في أعلى مستوياته في الشهر والربع اللذين يسبقان يوم التصويت.
وربطت الدراسة بين أداء الاقتصاد والفائز بانتخابات الرئاسة بعد أن فاز الحزب الحاكم بالانتخابات الرئاسية في 13 من أصل 24 انتخاباً أجريت على مدار 96 عامًا.
وباستثناء انتخابات عام 1948 التي فاز فيها الحزب الحاكم رغم بدء الركود في نوفمبر من عام الانتخابات، فإن في أكثر من 70% من خسائر الانتخابات للحزب الحاكم، كان الاقتصاد في حالة ركود في ذلك العام أو انزلق إلى حالة ركود خلال الأشهر الاثني عشر التالية.
وأرجعت الدراسة سبب هذا الأمر إلى أن هناك تأثيراً كبيراً للضعف الاقتصادي على قرار تصويت الناخبين.
وكانت سوق الأوراق المالية تميل إلى أن تكون أكثر ضعفًا في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية التي خسرها الحزب الحاكم.
تُظهر تلك الحالات كيف أن الانتخابات الأمريكية تمتلك تأثيراً كبيراً على الأسواق، حيث تترك السياسات الاقتصادية المتوقعة للمترشحين انطباعًا لدى المستثمرين، ما يؤثر على أداء الأسهم.
المصادر: أرقام – تي راوي برايس- رويترز- المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية- ذا ستريت- بلومبرج
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}