يستعد "إيلون ماسك" لجلب خبرته الطويلة في خفض التكاليف أو الإنفاق التي اكتسبها في إدارة شركاته الخاصة إلى الحكومة الفيدرالية، أثناء تولي "دونالد ترامب" رئاسة الولايات المتحدة.
وذلك بعدما اختار "ترامب" حليفه "ماسك" والمرشح الرئاسي الجمهوري السابق "فيفك راماسوامي" لقيادة الجهود الهادفة إلى خفض الإنفاق، وإعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية من خلال قيادتهما لوزارة الكفاءة الحكومية.
ومنحهما موعدًا نهائيًا في الرابع من يوليو 2026 -قبل أشهر من انتخابات التجديد النصفي- لإكمال عملهما، قائلاً: الحكومة الأصغر حجمًا وذات الكفاءة الأكبر والبيروقراطية الأقل ستكون الهدية المثالية لأمريكا في الذكرى السنوية الـ 250 لإعلان الاستقلال، وأنا واثق من نجاحهما.
ما المقصود بوزارة الكفاءة الحكومية؟
في سبتمبر، أعلن "ترامب" أنه سينشئ "وزارة كفاءة الحكومة" التي ستجري تدقيقًا للأداء ومن الناحية المالية للحكومة الفيدرالية بأكملها مع تقديم إصلاحات جذرية.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
ودفع "ماسك" الفكرة وروج لها بقوة، مؤكدًا على اختصار الوكالة "دوجي" “Doge” في إشارة إلى ميم "شيبا إينو" واسم العملة المشفرة "دوج كوين" التي روج لها.
وبعد إعلان "ترامب" قراره الأربعاء، كتب "ماسك" في منشور على "إكس": أن تلك الخطوة ليست تهديدًا للديمقراطية بل تهديدًا للبيروقراطية، وأضاف أنه سيتم نشر كافة إجراءات وزارة كفاءة الحكومة عبر الإنترنت من أجل تحقيق أقصى قدر من الشفافية.
أوضح "ترامب" أن الوزارة ستعمل خارج الحكومة الفيدرالية -ما يعني أن "ماسك" لن يكون موظفًا حكوميًا بصورة رسمية وبالتالي من غير المرجح أن يُطلب منه التخلي عن أعماله التجارية الضخمة- وستتعاون مع مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض لتنفيذ توصياتها.
وكان قد ذكر "ترامب" في تجمع حاشد في ميشيجان خلال سبتمبر: "ماسك" مشغول قليلاً بإطلاق الصواريخ وكافة الأمور التي يقوم بها، لكن الهدر في هذا البلد جنوني، وسنجعل "ماسك" هو من يخفض التكاليف لدينا.
خبرة في خفض التكاليف
يتمتع المدير التنفيذي لكل من "تسلا" و"سبيس إكس" بخبرة واسعة في خفض الإنفاق أو التكاليف في المؤسسات، بما لا يقتصر على تقليص عدد الموظفين.
بصفته مديرًا تنفيذيًا لشركة "سبيس إكس"، اكتسب سمعة طيبة في إطلاق الصواريخ بتكلفة أرخص من المنافسين من خلال التفاوض مع الموردين.
كما خفض الإنفاق بسرعة في منصة التواصل الاجتماعي "تويتر" -التي غير اسمها لاحقًا إلى "إكس"- بعد شرائها عام 2022، ما قضى في النهاية على 80% من قوتها العاملة.
كما أوصى الملياردير البالغ من العمر 53 عامًا شركات أخرى بإدارة أعمالها بشكل أكثر كفاءة، لأنه يعتقد أن تخفيضات الوظائف يمكن أن تزيد الإنتاجية.
لكن الأمر مختلف في التعامل مع الحكومة، وربما يتصادم "ماسك" مع قانون العمل، لأن موظفي الحكومة الفيدرالية يتمتعون بحماية قوية من شأنها أن تعيق نهج الرجل الأكثر ثراءً في العالم في خفض التكاليف وربما تجعله مستحيلاً، إلى جانب أن "ماسك" لديه القليل من الخبرة في إدارة موظفي القطاع العام.
ماذا عن "راماسوامي"؟
"راماسوامي" ولد في 1985 في ولاية أوهايو، وهو رجل أعمال في مجال التكنولوجيا الحيوية ومرشح رئاسي سابق عن الحزب الجمهوري.
اشتهر بتأسيسه شركة "رويفانت ساينسز" عام 2014، وكون ثروته عن طريق الاستحواذ على شركات الأدوية غير المتطورة وتطويرها.
جعل "راماسوامي" -الذي سبق أن تحدى "ترامب" في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري قبل انسحابه- الحد من الهدر في الإنفاق الحكومي منصة سياسية رئيسية لحملته.
وذكر عند ترشحه للرئاسة العام الماضي أنه سيفصل أكثر من 75% من القوة العاملة الفيدرالية ويغلق العديد من الوكالات الكبرى.
هل تستطيع خفض الإنفاق؟
لا يزال هناك الكثير من الأمور غير واضحة بالنسبة لكيفية عمل "وزارة الكفاءة الحكومية" لكن يبدو أنها ستعمل بشكل مستقل عن هياكل الإدارات الحكومية، وستقدم المشورة والتوجيه من خارج الحكومة.
عند حديثه عن منصبه كمسؤول عن كفاءة الحكومة، قال "ماسك" إنه يعتقد أن بإمكانه خفض تريليوني دولار من الميزانية الفيدرالية، وهو ما يمثل نسبة كبيرة من الإنفاق البالغ 6.7 تريليون دولار في ميزانية العام المالي 2024.
لكن يكمن التحدي الأساسي أمام خفض التكاليف بصورة كبيرة في العاصمة واشنطن هو أن أكثر من نصف الميزانية الفيدرالية تتكون من الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية والإنفاق العسكري والفائدة على الدين، وهي بنود وعد "ترامب" إما بعدم خفضها أو بأنه سيجد صعوبة كبيرة في تقليصها.
بينما في الوقت نفسه، قد تحظى الإدارة الأمريكية الجديدة بفرصة نادرة لمواصلة خفض الإنفاق مع هيمنة الجمهوريين على أغلبية مجلس الشيوخ واستعدادهم للحفاظ على السيطرة في مجلس النواب.
وحتى إذا لم يوافق الكونجرس، يرى بعض أنصار "ترامب" أنه قد يحاول استخدام السلطة القانونية لاستعادة الإنفاق الذي وافق عليه الكونجرس.
تصور "ماسك"
تحدث "ماسك" عن أنواع الوظائف التي يجب خفض أعدادها داخل الحكومة من قبل قائلاً: من الواضح أن أولوياتنا في غير محلها، لأنه لا معنى على الإطلاق لتوظيف أعداد هائلة لمراجعة وملاحقة الأمريكيين لجمع الضرائب مع الفشل في توظيف أفراد لتأمين حدودنا.
وفي أكتوبر، أشار "ماسك" إلى أن هناك عددًا كبيرًا جدًا من العاملين بالقطاع الحكومي ويمكن أن يكونوا أكثر إنتاجية في أماكن أخرى.
وقال خلال حدث في فيلادلفيا: سنقوم بتقليص عدد الموظفين الحكوميين بشكل كبير، "انظر فقط اذهب وافعل شيئًا آخر هذا ما سنقوله، وستحصل على أجر لمدة عامين، أي أمامك الكثير من الوقت لمعرفة شيء آخر للقيام به".
ومثلما كان يبرر الإجراءات التي يتخذها في إدارة أعماله التجارية بأن البديل مأساوي وهو الإفلاس، قال أمام حشد في فيلادلفيا في أكتوبر، إن الإنفاق الحكومي المجنون يدفع البلاد إلى الإفلاس.
ويميل "ماسك" -الذي تزيد ثروته على 300 مليار دولار- دائمًا لاستخدام كلمة "الإفلاس" كأداة تحفيزية واضحة تخلق شعورًا بالإلحاح وترفع المخاطر.
وأشار بالفعل إلى أن عمله التقشفي قد يكون بمثابة صدمة للاقتصاد في الأمد القريب، وينطوي بالضرورة على بعض الصعوبات المؤقتة، لكنه سيضمن الرخاء على المدى الطويل.
وهو ما أكده بالفعل تصريح "ترامب" بأن خطوة وزارة الكفاءة الحكومية ستكون بمثابة صدمة بالنسبة للنظام الحكومي في أمريكا.
وهذا ما يجعل الحكومة الأمريكية أمام وضع جديد -لا يزال غير واضح- وإما أن تكون خطوة "ترامب" داعمة وترفع الكفاءة وتقلل الهدر في الإنفاق أو تكون صادمة.
المصادر: أرقام - الجارديان – وول ستريت جورنال – بي بي سي – سي إن إن
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}