يعد "كورا - Quora" واحداً من أوائل مواقع التواصل الاجتماعي التي ظهرت خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، وتأسس على يد أول رئيس تكنولوجي لـ "فيسبوك" بهدف طموح لسد هوة كبيرة في عالم الإنترنت الذي كان يخلو آنذاك من وسيلة للحصول على إجابات للأسئلة التي تدور في أذهان الناس.
وفي ظل التطور الكبير الذي شهده عالم التواصل الاجتماعي، ربما توارى "كورا" عن الأنظار بعض الشئ في الآونة الأخيرة رغم استقطابه العديد من قادة القطاع التكنولوجي كمستخدمين نشطين، مثل "مارك زوكربيرج" المؤسس المشارك لموقع "فيسبوك".
وبعد ظهور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتطبيقات الدردشات الآلية التي تدعمها، ربما أصبحت مكانة "كورا" مهددة بالتراجع أكثر، وقد تكون فرصة آخرى كي يجد موقع التواصل الاجتماعي موطئ قدم جديد للمنافسة.
رحلة صعود كورا ومؤسسه الشاب
تأسس "كورا" عام 2010 على يد "آدم دانجلو" بعد عام من استقالته من منصب الرئيس التكنولوجي في موقع "فيسبوك"، وأصبح منصة تواصل اجتماعي لتبادل الأسئلة والأجوبة بين المستخدمين في شتى الموضوعات.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
كان عالم الإنترنت يعج في ذلك الوقت بالمنتديات الإلكترونية والمواقع المخصصة للأسئلة والأجوبة مثل "ياهو كويستشنز"، لكنها لم تكن منظمة ولا يتمتع محتواها بالجودة والموثوقية.
ذكر "دانجلو" في لقاء سابق مع مجلة "إنك" عام 2011، أنه وشريكه المؤسس "تشارلي تشيفر" ركزا على الجودة عند تأسيس الموقع، إذ كانت مواقع الأسئلة والأجوبة تشبه الإنترنت قبل ظهور محرك البحث "جوجل"، أو مواقع التواصل الاجتماعي قبل "فيسبوك".
حظي "كورا" بعد انطلاقه بشعبية كبيرة بين المهتمين بالتكنولوجيا، إذ كانت الإجابات التي تنشر عليه رداً على أسئلة من مستخدمين آخرين ذات جودة مرتفعة ومن أشخاص متخصصين على درجة عالية من المعرفة.
وبفضل واجهته التي تشبه منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، بات المستخدمون يتابعون صفحات الأسئلة والأجوبة التي تناقش الكثير من الموضوعات، مثل العلوم، والطعام وغيرها.
وبذلك أصبح "كورا" بمثابة حاضنة للأفكار التي كانت في أذهان الناس ولم تجد طريقة منظمة وفعالة للوصول إلى الإنترنت رغم اتساع نطاقه كثيراً وقت تأسيس الموقع.
الذكاء الاصطناعي.. منافس قوي وفرصة للنمو
ظهرت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها على الساحة في الآونة الأخيرة، وباتت تطبيقات الدردشة الآلية مصدراً يلجأ إليه الكثير من مستخدمي الإنترنت لإنجاز المهام والحصول على أجوبة لأسئلتهم، لتصبح التقنية الجديدة منافساً يهدد عرش "كورا".
لكن "كورا" لا يزال يتمتع بميزة تنافسية قوية قد تساعده للانتقال إلى مرحلة جديدة من النمو، ألا وهي جودة وموثوقية المحتوى البشري المنشور من قبل مستخدميه، لكن هذه الميزة قد لا تساعد الموقع على الحفاظ على جاذبيته للمستخدمين في ظل تصاعد شعبية الذكاء الاصطناعي.
وبعد مرور 15 عاماً على تأسيسه، حول "دانجلو" تركيزه إلى إعادة ابتكار "كورا" وجعل محور أعماله هو الذكاء الاصطناعي من خلال تطوير منصة جديدة تابعة تسمح للمستخدمين بالاستفادة من عدة نماذج دردشات آلية في آن واحد، بجانب المحتوى التقليدي لمستخدمي الموقع.
قال "دانجلو" في لقاء مع مجلة "فوربس" في مايو الماضي، إن منصة الذكاء الاصطناعي الجديدة "بو – Poe" باتت تسترعي الجزء الأكبر من اهتمامه في الآونة الأخيرة مع تغير المشهد التكنولوجي بسرعة، إذ تم تأسيس "كورا" قبل سنوات عديدة ولا يحتاج إلى التكيف مع المتغيرات الجديدة.
والأجدى هو التركيز على دعمه بالمنصة الجديدة، واستخدامها في المقام الأول للرد على الأسئلة عبر الموقع التي لم يُجب عليها إنسان من قبل.
نموذج الأعمال الجديد
وأوضح "دانجلو" أن الإجابات المولدة بالذكاء الاصطناعي في التجارب الأولية التي اعتمدت على نموذج "شات جي بي تي 3" لم تكن بنفس جودة إجابات المستخدمين، لكن توافرها كان أفضل من انتظار المستخدمين رد الآخرين على أسئلتهم.
وأضاف أن المنصة الجديدة تأتي بنظام اشتراك سنوي بقيمة 200 دولار، وتتيح للمستخدمين الوصول لنماذج ذكاء اصطناعي متنوعة مثل "شات جي بي تي 4" من "أوبن إيه آي"، و"كلود" من "أنثروبيك"، و"جيميني" من "جوجل"، ومن ثم مقارنة الإجابات المولجة بواسطة كل منهم على نفس السؤال.
كثر الحديث في السنوات الأخيرة حول ما إذا كان "كورا" قد انتهى بالفعل، حتى بين مستخدمي الموقع ذاتهم، وبات مساره المستقبلي محل تساؤلات عدة بعد الكشف عن منصة "بو"، هل سيتحول إلى منصة تواصل اجتماعي قائمة على الربح من الإعلانات مثل "ريديت"، أم ستتحول وتصبح لاعباً في مجال الذكاء الاصطناعي.
حسم "دانجلو" هذا الجدل في لقاءه مع "فوربس" قائلاً، إنه يؤيد الخيار الثاني، ومن المقرر أن يحصل على تمويل بقيمة 75 مليون دولار في يناير القادم من شركة الاستثمار المغامر "آندرسين هورويتز" لتأسيس منصة "بو".
وأعرب عن ثقته في أن الذكاء الاصطناعي سوف يكون إضافة بنّاءة لموقع "كورا" رغم الشكوك الحالية بشأن جودة الإجابات، وسوف يمكنه من الاستفادة بالمواهب العاملة في "كورا" وبنيته التحتية بدلاً من بدء شركة ناشئة جديدة، بالإضافة إلى تحويل "كورا" لشركة متعددة المنتجات على غرار رحلة تطور "جوجل".
المصادر: إنك – فوربس – بزنس إنسايدر
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}