يرى العديد من رواد الأعمال أن تأسيس شركة ناجحة مهمة مكلفة على الصعيدين المادي والمعنوي، لكن الأمر كان أكثر صعوبة في حالة "جيفري تيونج" المستثمر الشاب الذي بدأ رحلته في عمر الزهور وهو يعاني مشكلة الانطوائية وانعدام الثقة بالنفس.
ولد "تيونج" في مدينة ساحلية هادئة تدعى "كوتا كينابالو" شرق ماليزيا لأسرة آسيوية تقليدية، إذ نشأ معتقداً أنه سيصبح إما طبيباً، أو مهندساً، أو محاسباً، أو محامياً.
انتقل "تيونج" إلى سنغافورة في عمر الثامنة عشرة لدراسة الهندسة الحيوية بجامعة سنغافورة الوطنية، ثم تم قبوله في برنامج للدراسة بالخارج عام 2005 في تخصص إدارة الأعمال بكلية "وارتون" بالتزامن مع العمل في شركة محلية ناشئة للأجهزة الطبية.
تطرق "تيونج" خلال عمله لمساعدة الشركة في أعمال البحث والتطوير، وإجراءات العناية الواجبة بالملكية الفكرية، والبحث في قواعد البيانات العامة المجانية عن براءات الاختراع القديمة، والتي تحتوي على أسرار الابتكارات السابقة.
فكرة مبتكرة ومعوقات شخصية
وبعد قضاء أشهر في البحث المكثف، أدرك "تيونج" أن العملية فوضوية وتستغرق وقتاً طويلاً وفق ما ذكره في تصريح لشبكة "سي إن بي سي"، لذا فكر في أن هذه المهام بحاجة لوسيلة أو أداة أفضل لإنجازها، وقال في نفسه لماذا لا يحاول هو صنعها؟
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
كان أحد موضوعات دراسة "تيونج" هو تعلم طرق إعداد خطط الأعمال، وقرر الاستفادة من هذه المادة لدراسة ما إذا كان هناك سوق لنوع جديد من قواعد بيانات براءات الاختراع، أكثر انسيابية وسهولة في الاستخدام.
وجد "تيونج" الفكرة منطقية ومفيدة للغاية، ليعود بعدها إلى سنغافورة عام 2007 وبدأ تأسيس شركة "باتسناب – Patsnap" عقب الحصول على منحة حكومية بقيمة 55 ألف دولار سنغافوري (42 ألف دولار تقريباً)، بجانب بعض الدعم من جامعته الأم.
واجه "تيونج" صعوبة بالغة في العثور على مستثمرين لمشاركته ودعمه مالياً، خاصة في خضم الأزمة المالية العالمية عام 2008، وكونه خريجاً جديداً لا يتمتع بخبرة مهنية واسعة، فضلاً عن شخصيته الانطوائية التي كانت عقبة كبيرة في طريقه.
أول مليون دولار وخسارة مضنية
رغم هذه الصعوبات، استطاعت " باتسناب" جمع أول مليون دولار من التمويلات بحلول عام 2010، وزاد فريق عملها من 15 شخصاً لنحو 50 شخصاً، لكن "تيونج" اضطر لتسريح ثُلثي العاملين في قرابة 6 أشهر بسبب قلة خبرته بالإدارة.
أوضح "تيونج" في تصريحه أنه لم يكن يعرف آنذاك كيفية إجراء المقابلات وتعيين الموظفين، لذا حدث الكثير من المشكلات بهذا الصدد وانهارت الخدمة التي تقدمها الشركة، وفي غضون 6 أشهر تقريباً كان قد أنفق حوالي نصف مبلغ التمويل الذي جمعه، وفكر في إغلاق الشركة.
وذكر أن هذا عزز شعوره بانعدام الثقة بالنفس، وبات حائراً يفكر فيما إذا كان يتعين عليه إعادة الأموال المتبقية للمستثمرين والتوقف عن العمل، لكنه كان متحمساً في الوقت ذاته للمواصلة والاستمرار في جمع التمويلات.
سافر "تيونج" والمستثمر الرئيسي بالشركة في عدة رحلات بين أوروبا، وآسيا، والولايات المتحدة استغرقت شهراً تقريباً لمحاولة العثور على مستثمرين آخرين، لكن دون جدوى.
هذه الجولة غير الموفقة تسببت في مواجهة "تيونج" انتقاداً شديداً من المستثمر الرئيسي في أحد الاجتماعات، حتى قال له إنه لا يصلح لأن يكون رئيساً تنفيذياً، الأمر الذي كان صدمة كبيرة له.
الإصرار على المواصلة
استمر "تيونج" في محاولاته على مدار عدة سنوات حتى اكتسب مزيداً من الثقة بالنفس واستطاع التغلب على المعوقات الشخصية، بل نجح في تطوير أسلوبه الإداري الخاص الذي يتوافق مع طبيعته.
وقال إن الإنسان يستطيع مواصلة قيادة فريق عمل حتى لو كان انطوائياً بطبيعته، معتمداً على دافع النجاح والاستمرار، وبالفعل، أصبحت "باتسناب" توظف أكثر من ألف شخص على مستوى العالم في الوقت الراهن.
ومن أبرز مستثمريها الحاليين شركة "تينسنت" الصينية، و"سيكويا تشاينا"، وصندوق "رؤية" الثاني التابع لمجموعة "سوفت بنك" اليابانية، ولديها عملاء كبار مثل "ديزني" و"ناسا" و"تسلا" و"أدوبي".
يعتبر "تيونج" -الذي يبلغ من العمر 40 ربيعاً- عمله في تأسيس الشركة هو وظيفته الأولى والوحيدة على الإطلاق، واستغرقت رحلته في بنائها 17 عاماً، حتى أصبحت إيراداتها السنوية أكثر من 100 مليون دولار.
المصدر: سي إن بي سي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}