يأمل صانعو الصفقات في وول ستريت وقادة الشركات أن تعني عودة "دونالد ترامب" للبيت الأبيض تدقيقًا تنظيميًا أقل على عمليات الدمج والاستحواذ الكبرى، بعد الموقف المتشدد الذي اتخذته الهيئات الرقابية خلال إدارة "بايدن".
وذلك في ظل التفاؤل بأن الرئيس المنتخب سيكون أكثر مرونة في التعامل مع قضايا مكافحة الاحتكار مقارنة مع "بايدن" الذي ربما قتلت لجنة التجارة الفيدرالية ووزارة العدل تحت رئاسته الكثير من الصفقات في مهدها.
وأيضًا بدعم من توقعات بازدهار سوق الأسهم خلال ولاية "ترامب" الثانية، وانخفاض الفائدة، كل ذلك من شأنه دفع صناعة الصفقات للانتعاش في عام 2025.
وخاصة بعدما اختار "ترامب" في ديسمبر "أندرو فيرجسون" العضو الجمهوري في لجنة التجارة الفيدرالية لخلافة رئيسة اللجنة الحالية "لينا خان"، وهو دور بالغ الأهمية لصانعي الصفقات، لأن اللجنة تتمتع بسلطة مراجعة عمليات الاندماج والتصرف ضد الشركات لمنع الممارسات الاحتكارية.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
وقال "فيرجسون" إنه يخطط بالفعل للتراجع عن اللوائح المتبعة في عهد "بايدن" ووقف حرب "لينا خان" على عمليات الاندماج.
كيف تغيرت قيمة صفقات الدمج والاستحواذ الأمريكية في السنوات الأخيرة؟ |
|
العام |
القيمة |
2024 |
1.34 |
2023 |
1.47 |
2022 |
1.55 |
2021 |
2.79 |
2020 |
1.58 |
مقارنة بين ترامب وبايدن
تباطأت عمليات الدمج إلى حد كبير في عهد "بايدن"، حيث أعاقتها الجهات التنظيمية التي اتخذت وجهات نظر ناقدة، وحتى أواخر سبتمبر من هذا العام تم الانتهاء من 507 عمليات اندماج بين بنوك خلال فترة رئاسته، أي بانخفاض 44% مقارنة مع فترة ولاية "ترامب" الأولى، حسب بيانات "ستاندرد أند بورز جلوبال".
وزاد متوسط الوقت اللازم لإتمام الصفقات في عهد "بايدن"، إذ بلغ ذروته عند حوالي 6 أشهر في العام الحالي، مقارنة مع الذروة البالغة مدتها أقل من خمسة أشهر في إدارة "ترامب" الأولى.
وكانت الصفقات الأكبر التي تزيد قيمتها على 500 مليون دولار أبطأ في الإتمام في عهد "بايدن"، حيث بلغ متوسطها 10 أشهر تقريبًا مقارنة مع 6 أشهر في عهد "ترامب".
كما أعربت البنوك متوسطة الحجم التي تبلغ أصولها مئات المليارات عن كفاحها لإبرام الصفقات في محاولة لزيادة حجمها والتنافس بشكل أفضل مع كبار اللاعبين مثل "جيه بي مورجان" و"بنك أوف أمريكا".
وفي رسالة للجهات التنظيمية هذا العام، زعم "بيل ديمتشاك" المدير التنفيذي لبنك "بي إن سي" أن قواعد اندماج البنوك المقترحة من شأنها تعزيز هيمنة كبار اللاعبين في الصناعة.
توقعات
يتوقع مصرفيون تجاوز أحجام الصفقات العالمية مستوى 4 تريليونات دولار في العام المقبل، وهو المستوى الأعلى في أربع سنوات، بدعم من وعد "ترامب" بتقليل القيود التنظيمية وخفض الضرائب على الشركات وتبني موقف مؤيد للأعمال على نطاق واسع.
وذلك بعدما ارتفعت إجمالي قيمة عمليات الدمج والاستحواذ بنسبة 15% من العام الماضي لتصل إلى إجمالي 3.45 تريليون دولار اعتبارًا من التاسع عشر من ديسمبر هذا العام، حسب بيانات "ديلوجيك".
ويتوقع "جاي هوفمان" الرئيس المشارك لعمليات الدمج والاستحواذ في أمريكا الشمالية لدى "جيه بي مورجان تشيس": باستثناء عام 2021، قد يكون العام المقبل أحد أفضل الأعوام العشرة الماضية، وفي حال ارتفعت أحجام عمليات الدمج والاستحواذ العالمية بنسبة 15% أو 20%، فلن يكون ذلك مفاجأة لنا على الإطلاق.
وذكرت "كريستينا مينيس" رئيسة التمويل الائتماني والاستحواذ العالمي لدى "جولدمان ساكس": بناءً على التعهدات السياسية التي قطعها "ترامب" خلال السباق الرئاسي، أعتقد أن هناك شعورًا على الأرجح بأن نشاط الدمج والاستحواذ في الولايات المتحدة قد يكون أكثر قوة قليلاً.
وترى "أليسون هاردينج جونز" رئيسة قسم عمليات الدمج والاستحواذ العالمية لدى "دوتشيه بنك" أن الإدارة الأمريكية الجديدة ستتبنى موقفًا أكثر تراخيًا بشأن إبرام الصفقات، لتنتهي حقبة كان من الممكن أن تستغرق عملية تدقيق الجهات الرقابية خلالها أكثر من عامين.
وصرح "نيستور باز-جاليندو" الرئيس المشارك العالمي لعمليات الدمج والاستحواذ لدى "يو بي إس": مع خفض "ترامب" للضرائب وتخفيفه للقيود التنظيمية، فقد تكون الشركات أكثر استعدادًا لاستثمار أموالها "الكاش" في صفقات الدمج والاستحواذ بدلاً من توزيعها على المساهمين.
وقال "جيفري سولومون" رئيس شركة "تي دي كاون" لشبكة "سي إن بي سي": نحن نعلم إلى أين يتجه العالم في ظل بيئة "ترامب" لأننا رأينا ذلك من قبل، أعتقد أن البيئة التنظيمية ستكون أكثر ملاءمة للنمو الاقتصادي.
بينما ذكر "ستيفن بيك" رئيس عمليات الدمج والاستحواذ بمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لدى "باركليز": هناك الكثير من الآراء التي تفيد بأن إدارة "ترامب" ستفتح بوابات الفيضانات للصفقات، لكننا نتوقع أقل من ذلك ونحن أكثر حذرًا قليلاً بشأن مقدار التغيير.
حالة من عدم اليقين
ورغم كل ذلك إلا أن هناك حالة من عدم اليقين بسبب عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات "ترامب"، لكن صناع الصفقات يحاولون تحليل تحركاته المحتملة.
منها على سبيل المثال تعهده بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على المنتجات الواردة للولايات المتحدة من المكسيك وكندا، وتهديده بفرض تعريفة إضافية بنسبة 10% على السلع القادمة من الصين، لكن اختياره لـ "سكوت بيسنت" لمنصب وزير الخزانة يشير إلى أن الرسوم الجمركية أداة تفاوضية.
لكن في حال تم تطبيق التعريفات الجمركية الباهظة، فقد تشجع الشركات الأجنبية على الاستحواذ على الأعمال التجارية في الولايات المتحدة كوسيلة للتحايل على تلك الرسوم.
وربما تجبر تلك الرسوم المستوردين الأمريكيين على تمرير التكاليف الإضافية للمستهلكين، ما يجعل من الصعب على الفيدرالي خفض الفائدة، كما يحذر بعض المصرفيين.
أو قد تؤثر التعريفات سلبًا على صافي أرباح الشركات لأنها ترفع التكاليف، ما يجعل الصفقات أقل جاذبية ويعيق الطلب.
إلى جانب أن الفيدرالي خفض الفائدة في منتصف ديسمبر للمرة الثالثة هذا العام، وأشار إلى خفضين آخرين في العام المقبل.
وفي حال كانت تحركات الفيدرالي أقل من توقعات المستثمرين، فإن ذلك قد يؤدي إلى تقلبات في سوق الأسهم، ما يؤثر سلبًا على عمليات الدمج والاستحواذ لأنه يجعل الاتفاق على السعر أكثر صعوبة بالنسبة للمشترين والبائعين.
وبالتالي فإنه على الرغم من التفاؤل والتوقعات بدعم ولاية "ترامب" الثانية لنشاط عمليات الدمج والاستحواذ، إلا أن هناك حالة من عدم اليقين تخيم على الرؤية.
المصادر: بلومبرج – رويترز- سي إن بي سي – وول ستريت جورنال – فاينانشال تايمز – إس أند بي جلوبال
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}