نبض أرقام
07:55 م
توقيت مكة المكرمة

2025/01/09
2025/01/08

شبح الذكاء الاصطناعي يطارد البشر على منصات التواصل .. وميتا تزيل حساباته

2025/01/08 أرقام - خاص

تواصل التكنولوجيا فرض سيطرتها على عالمنا بشكل متزايد، لتترك بصمتها في كل تفاصيل حياتنا اليومية، وصعّد من هذا الوضع ظهور الذكاء الاصطناعي ليصبح "شبحًا" يطارد البشر حتى في العالم الافتراضي، ومنصات التواصل الاجتماعي.

 

إذ أدى صعود الحسابات المدارة بواسطة الذكاء الاصطناعي في وسائل التواصل الاجتماعي -المعروفة غالبًا بـ"البوتات"- إلى إثارة جدل واسع، لما تحمله من تداعيات كبيرة على الأفراد والمؤسسات والمجتمع عمومًا.

 

 

وأثبت الذكاء الاصطناعي أنه سلاح ذو حدين في عالم وسائل التواصل الاجتماعي، فهو يُحسّن تجربة المستخدم عبر تقديم محتوى مخصص، ويراقب المحتويات التي قد تكون ضارة ويحذفها، كما يمكّن من الوصول إلى المحتوى الذي يرغبه المستخدمون.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

ولكن هناك أيضًا الجانب المظلم المتمثل في انتشار المعلومات المضللة، والتلاعب بالرأي العام، وانهيار الثقة بسبب المحتوى الذي يولّده الذكاء الاصطناعي والحسابات المزيفة والتقنيات الخادعة مثل "التزييف العميق" (Deepfake).

 

ولمواجهة الجانب المظلم، اتخذت شركة "ميتا"، الشركة الأم لفيسبوك وإنستجرام وواتساب، مؤخرًا موقفًا حازمًا ضد انتشار هذه الحسابات، وقامت بحذف آلاف الحسابات المشتبه بإدارتها بواسطة الذكاء الاصطناعي من منصاتها.

 

يأتي هذا في وقت أضافت فيه الشركة العديد من مميزات الذكاء الاصطناعي لدعم تجربة الأفراد عند استخدام حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بها، وهو ما أثار تساؤلات هل نحن أمام مستقبل تتحكم فيه الآلات في عالمنا الرقمي؟

 

قصة حذف حسابات الذكاء الاصطناعي

 

تتمتع الحسابات المدارة بواسطة الذكاء الاصطناعي بقدرة متزايدة على محاكاة السلوك البشري بشكل متقن، حيث تشارك في النقاشات وتنشر المنشورات وتتفاعل مع الأحداث الجارية، ما يطمس الحدود بين النشاط البشري الحقيقي والنشاط الآلي.

 

وفي أواخر عام 2024، أعلنت "ميتا" عن إزالة أكثر من 30 ألف حساب على منصتي فيسبوك وإنستجرام، بعدما تبين لها أنها حسابات مدارة بواسطة الذكاء الاصطناعي، ومتورطة في أنشطة غير موثوقة بحسب وصف الشركة.

 

وتضمنت تلك الأنشطة نشر معلومات مضللة حول القضايا السياسية، والتلاعب بالموضوعات الشائعة عبر تعزيز انتشار هاشتاجات محددة، وخلق تفاعلات زائفة لجعل منشورات معينة تبدو أكثر شعبية مما هي عليه.

 

وأشارت "ميتا" إلى أن هذه الحسابات كانت ترتبط ببرمجيات ذكاء اصطناعي متطورة، ما جعل اكتشافها والتعامل معها أمرًا معقدًا.

 

 

وقال "جي روسين" مدير أمن المعلومات في ميتا: "إزالة هذه الحسابات يعكس التزامنا بمحاربة التلاعب وضمان أصالة المحتوى على منصاتنا".

 

إزالة ميتا لتلك الحسابات جاء بالتوازي مع حذف حسابات شخصيات وهمية أنشأتها الشركة نفسها بواسطة الذكاء الاصطناعي في عام 2023.
 

أعداد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي حتى 2024 وتوقعات حتى عام 2028

السنة

عدد المستخدمين (بالمليار)

2019

3.51

2020

3.91

2021

4.26

2022

4.59

2023

4.9

2024

5.17

2025

5.42

2026

5.65

2027

5.85

2028

6.05


ومنذ أواخر عام 2023، أطلقت نحو 12 حسابًا لشخصيات من وحي الذكاء الاصطناعي على منصتي فيسبوك وإنستجرام.
 

ونشرت حسابات تلك الشخصيات منشورات وصورًا جرى توليدها عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي وكانت متاحة للدردشة عبر الرسائل المباشرة.

 

ورغم أنها لم تجتذب الكثير من الاهتمام، فإنها أثارت جدلًا واسعًا أجبر ميتا على سحب تلك الحسابات وتقييد نتائج البحث عنهم.

 

تحرُّك ميتا جاء بعدما أعاد المستخدمون عرض بعض شخصيات الذكاء الاصطناعي لعام 2023، موجهين انتقادات واسعة النطاق، واصفين إياها بأنها "مخيفة وغير ضرورية".

 

وعلى منصة "ثريد"، نشر العديد من المستخدمين منشورات تحث على الإبلاغ عن هذه الشخصيات وحظرها وتجنب التفاعل معها، بهدف منع  ميتا من جمع المزيد من بيانات التدريب لنماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.

 

واعترفت ميتا في نهاية المطاف بتلك الشخصيات قائلة: "الحسابات المشار إليها هي من اختبار أطلقناه في عام 2023، وجرت إدارته بواسطة البشر وكانت جزءًا من تجربة مبكرة أجريناها مع شخصيات الذكاء الاصطناعي".

 

عند محاولة البحث الآن عن حسابات تلك الشخصيات على إنستجرام بعد إزالتها، تظهر رسالة خطأ تفيد بـ"تعذر تحميل نتائج البحث"، ما يؤكد عدم توفر أي نتائج مرتبطة بهذه الشخصيات.

 

الآثار السلبية لحسابات الذكاء الاصطناعي

 

في 27 ديسمبر الماضي، نشرت صحيفة فايننشال تايمز قصة عن خطط ميتا لتعزيز التكامل بين الحسابات البشرية والملفات الشخصية المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وهي ملفات يمكن للمستخدمين إنشاؤها وتخصيصها.
 

أكبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي من حيث عدد المستخدمين النشطين شهرياً (وفقا لبيانات إبريل 2024)

الترتيب

المنصة

عدد المستخدمين (بالمليار)

1

فيسبوك

3.07

2

يوتيوب

2.50

3

واتساب

2.00

4

إنستجرام

2.00

5

تيك توك

1.36

6

وي تشات

1.36

7

فيسبوك ماسنجر

0.97

8

تيليجرام

0.90

9

سناب شات

0.80

10

دوين

0.75

*التصنيف لا يشمل لينكد إن لتعذر الوصول إلى بيانات عدد المستخدمين
 

ويشير التقرير إلى أنه بعد إلغاء ميتا لشخصياتها من الذكاء الاصطناعي المستوحاة من المشاهير، أطلقت بدلًا منها منصة "إيه أي ستديو" لتمكين المستخدمين من إنشاء شخصياتهم المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والتي يُمكن للآخرين التفاعل معها عبر منصات التواصل.

 

 

خطط ميتا في هذا الشأن أثارت العديد من علامات الاستفهام، خاصة بعد حذف الشركة آلاف الحسابات المدارة بواسطة الذكاء الاصطناعي، والتي تُستخدم غالبًا لنشر المعلومات المضللة، بدءًا من التأثير على نتائج الانتخابات وصولًا إلى تعزيز الانقسامات المجتمعية.

 

 إذ إن استمرار وجود تلك الحسابات له تأثيرات سلبية عديدة في مقدمتها تقويض الثقة بالنظام الرقمي.

 

وبات المستخدمون يشككون بشكل متزايد في مصداقية المنشورات، والإعجابات، وحتى الحسابات نفسها، ما يُثير التساؤلات حول مدى واقعية التفاعلات عبر الإنترنت.

 

كما تستطيع البوتات جمع كميات ضخمة من البيانات من المستخدمين دون علمهم، وهو ما يُشكل انتهاكًا صريحًا للخصوصية ويثير مخاوف أمنية خطيرة.

 

الأمر لا يتوقف عند حد تقويض الثقة، بل يمتد إلى أن يتسبب بخسائر اقتصادية للشركات والعملاء أيضًا، خاصة عندما يتم التلاعب ببيانات التفاعل (مثل الإعجابات والتعليقات).

 

وقد يؤدي هذا التلاعب إلى قرارات تسويقية خاطئة وهدر الموارد، وأحيانًا التعرض لعمليات الخداع والغش للمستهلكين.

 

وعملًا بمقولة الشاعر المعروف "أبي نواس": "وداوِني بالتي هي الداء"، تعتمد ميتا على الذكاء الاصطناعي ذاته لاكتشاف الحسابات المزيفة وحذفها.

 

وتستخدم الشركة خوارزميات تعلم الآلة لتحديد أنماط السلوك غير الموثوق بها، مثل النشر بسرعة غير طبيعية أو تكرار المحتوى بشكل مفرط.

 

وقد استثمرت الشركة مليارات الدولارات في أبحاث الذكاء الاصطناعي لتعزيز قدراتها على مواجهة التهديدات عبر الإنترنت.

 

ومع ذلك يرى المنتقدون أن الحلول المعتمدة على الذكاء الاصطناعي تعتمد بشكل كبير على جودة البيانات التي يتم تدريبها عليها، وغالبًا ما تتفوق الأنظمة المدارة بواسطة الذكاء الاصطناعي الخبيث على الحواجز التي تضعها المنصات، ما يؤدي إلى صراع مستمر.

 

صراع أخلاقي

 

يثير الصراع ضد الحسابات المدارة بواسطة الذكاء الاصطناعي العديد من الأسئلة الأخلاقية والتنظيمية، التي قد تجبر الحكومات وصناع السياسات في نهاية المطاف على وضع قوانين واضحة لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في وسائل التواصل الاجتماعي.

 

ولكن وضع قوانين في هذا الإطار ستواجه العديد من التحديات، على رأسها التوازن بين حرية التعبير والحاجة للحد من السلوكيات الضارة، وضمان الشفافية في عمليات الإشراف باستخدام الذكاء الاصطناعي.

 

 

كما يجب أن تتضمن تلك القوانين نصوصًا تعمل على حماية بيانات المستخدمين من الاستغلال بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي.

 

ويعتبر قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي مثالًا على الجهود الرامية إلى فرض لوائح صارمة حول استخدام الذكاء الاصطناعي، ما يُلزم منصات مثل "ميتا" بمزيد من المسؤولية.

 

وإلى جانب التحديات التقنية والسياسية، يؤثر صعود الحسابات المدارة بالذكاء الاصطناعي نفسيًا على المستخدمين، مسببًا شعورًا بالقلق والشك تجاه التفاعلات عبر الإنترنت، ما يضيف مزيدًا من التعقيد لعالم وسائل التواصل الاجتماعي المليء بالتحديات أصلًا.

 

وتشير الخطوات المتسارعة في عالم التكنولوجيا إلى أن شبح الذكاء الاصطناعي في وسائل التواصل الاجتماعي لن يختفي في أي وقت قريب، بل بالعكس ستزداد التحديات المرتبطة بسوء استخدامها.

 

لذا فإن شركات مثل "ميتا" يجب عليها أن تظل يقظة، وتستخدم مواردها التكنولوجية لحماية نزاهة المنصات.

 

وفي الوقت ذاته، يجب أن يركز المجتمع على زيادة الوعي حول مخاطر الذكاء الاصطناعي في وسائل التواصل الاجتماعي، وتشجيع التفكير النقدي ومحو الأمية الرقمية.

 

المزج بين الابتكار التكنولوجي، والرقابة التنظيمية، قد ينجح في إدارة العلاقة المعقدة بين الذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي بطريقة مسؤولة في المستقبل، لكن يظل على المجتمعات دور كبير في مراقبة تلك الوسائل من أجل الحد من الآثار السلبية الناجمة عنها.

 

المصادر: أرقام- سي إن بي سي- سي إن إن- ميتا- بي بي سي- فايننشال تايمز- ستاتيستا

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.