نبض أرقام
04:12 م
توقيت مكة المكرمة

2025/01/16
2025/01/15

إلغاء تدقيق الحقائق .. هل ميتا تسعى لحرية الرأي أم تجنب انتقام ترامب؟

07:55 ص (بتوقيت مكة) أرقام - خاص

قرار مفاجئ أعلنته شركة ميتا قبل أيام قليلة، وهو إلغاء برنامج "تدقيق الحقائق" الذي كانت تنتهجه من أجل مكافحة الأخبار الزائفة والمضللة على منصاتها.

 

وأعلن "مارك زوكربيرج" الرئيس التنفيذي للشركة المالكة لمنصتي فيسبوك وإنستجرام، أن الشركة ستُنهي خدمة تدقيق الحقائق، وستلغي القواعد المفروضة على حرية التعبير في فيسبوك وإنستجرام، في خطوة قال إنها تهدف إلى استعادة حرية التعبير عبر منصاتها.

 

 

وقال "زوكربيرج" في مقطع فيديو: "سنعود إلى جذورنا، وسنركز على تقليل الأخطاء، وتبسيط سياساتنا، واستعادة حرية التعبير عبر منصاتنا".

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

وأضاف: "بشكل أكثر تحديدًا، إليك ما سنفعله.. أولاً، سنتخلص من مدققي الحقائق ونستبدلهم بنظام ملاحظات المجتمع، وهو نظام مشابه تعمل به منصة إكس، وسنبدأ من الولايات المتحدة".

 

تلك الخطوات التي تزامنت مع قرب التنصيب الرسمي للرئيس "دونالد ترامب" المقرر يوم 20 يناير الجاري، أثارت العديد من التساؤلات حول توقيت إعلانها، وهل الهدف منها دعم حرية التعبير، أم محاولة للإفلات من العقاب في ظل إدارة البيت الأبيض الجديدة؟

 

بداية القصة

 

بدأ الخلاف بين "دونالد ترامب" وشركة ميتا (فيسبوك سابقًا) منذ سنوات، وتحديدًا خلال فترة رئاسته الأولى وما بعدها.

 

وفي أعقاب الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، واجهت فيسبوك انتقادات واسعة بسبب دورها في نشر الأخبار المضللة والدعاية السياسية الموجهة، خاصة فيما يتعلق بتدخل روسيا في الانتخابات.

 

وكانت هناك اتهامات بأن المنصة لم تتخذ إجراءات كافية لمكافحة التضليل، الذي رأى البعض أنه قد يكون أسهم في فوز "ترامب" حينها.

 

وبعدما بدأت فيسبوك باتخاذ خطوات أكثر صرامة لمكافحة الأخبار الكاذبة خلال فترة رئاسة "ترامب"، اتهم الأخير منصات التواصل بأنها تستهدف التيار المحافظ بشكل غير عادل، مروجًا لفكرة أن هذه الشركات تمارس الرقابة على الأصوات المحافظة.

 

ولا تزال مشاهد اقتحام أنصار الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، الذي خسر أمام منافسه "جون بايدن" وقتها، مبنى الكابيتول منذ 4 سنوات اعتراضًا على نتائج الانتخابات حاضرةً في أذهان الكثيرين، وعلى رأسهم الرئيس الجديد.

 

هذا الموقف شكل صدمة قوية للكثيرين على اعتبار أنه يمثل رِدة عن الديمقراطية، ووُجهت أصابع الاتهام حينها إلى ترامب بأنه هو مَن حرض أنصاره على القيام بمثل هذه الأعمال.

 

وكانت هناك العديد من ردود الفعل القوية على هذا المشهد، حظر فيسبوك حسابات ترامب الرسمية على منصته.

 

هذا القرار شكل نقطة تحول رئيسية في الخلاف، حيث اعتبره ترامب ومؤيدوه انتهاكًا لحرية التعبير، ووجهوا اتهامات لفيسبوك بالتحيز السياسي.

 

 

ومنذ خروجه من الرئاسة، كثّف ترامب انتقاداته لشركات التكنولوجيا الكبرى، بما في ذلك فيسبوك، متهمًا إياها بالتدخل في السياسة الأمريكية ومحاولة إسكات الأصوات المحافظة، هذا التصعيد أدى إلى رفع دعاوى قضائية ضد هذه الشركات من قِبل ترامب ومؤيديه.

 

وردًا على الحظر والقيود التي فرضتها شركات التكنولوجيا عليه، أعلن "ترامب" خططه لإطلاق شبكة اجتماعية جديدة كبديل لفيسبوك وتويتر، في محاولة للالتفاف على القيود التي فرضتها هذه المنصات.

 

وبالفعل في عام 2022 أطلق "ترامب" منصة تروث سوشيال من خلال تأسيسه لمجموعة "ترامب ميديا أند تكنولوجي" المالكة للمنصة، في أكتوبر 2021.

 

وبدأت المنصة في تقديم خدماتها يوم 21 فبراير 2022، ومنذ إطلاقها عانت مشكلات متعلقة باستقطاب الجمهور، ما أدى إلى وجود قاعدة مستخدمين أقل من المتوقع.

 

محاولات ميتا التقرب من ترامب

 

في يناير 2023 سمحت ميتا في البداية لترامب بالعودة إلى فيسبوك وإنستجرام مع فرض قيود وعمليات مراقبة لتلك الحسابات.

 

وفي يوليو الماضي كشفت الشركة عن قرارها بإلغاء القيود التي كانت قد فرضتها على حسابات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في "فيسبوك" و"إنستجرام".

 

عدد مستخدمي منصة فيسبوك في الولايات المتحدة

السنة

عدد المستخدمين
(بالمليون)

2020

235.4

2021

239.9

2022

243.2

2023

246.7

2024

250.2 (توقعات)

2025

253.5 (توقعات)

 

وأوضحت حينها أن الهدف من قرارها هذا هو ضمان حصول ترامب على فرصة متساوية وعادلة لتمثيل نفسه وتعبيره السياسي وحملته، مشيرة إلى أن ذلك سيضمن أن يتمكن الجمهور من الوصول إلى المحتوى من جميع المرشحين السياسيين.

 

وأفادت في بيان: "نعتقد أن الشعب الأمريكي يجب أن يكون قادرًا على سماع المرشحين للرئاسة على الأساس نفسه، ونتيجة لذلك، لن يخضع الرئيس السابق ترامب، بصفته مرشح الحزب الجمهوري، لعقوبات التعليق المشددة".

 

كما تبرعت ميتا بمليون دولار لصندوق تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وذلك بعد نحو أسبوعين من تناول مارك زوكربيرج، العشاء مع ترامب في منتجعه مار إيه لاجو في نوفمبر الماضي، سعيًا إلى إصلاح علاقته وشركته مع ترامب بعد الانتخابات.

 

وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية أن ميتا لم تقدم تبرعات مماثلة لصندوق تنصيب الرئيس جو بايدن في عام 2020 أو لصندوق تنصيب ترامب السابق في عام 2016.

 

وتُستخدم أموال التنصيب لدفع تكاليف أحداث وأنشطة احتفالات وصول الرئيس الجديد للبيت الأبيض، ويعتبرها البعض محاولة لكسب ود الإدارة الجديدة.

 

 

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، أعلنت ميتا ترقية الجمهوري البارز "جويل كابلان" ليتولى منصب كبير مسؤولي الشؤون العالمية.

 

واعتبر كثير من المحللين أن تعيين كابلان قبل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، جاء ضمن مساعي الشركة لإصلاح العلاقات مع رئيس البلاد الجديد الذي انتقد نهجها تجاه المحتوى السياسي وهدد بسجن رئيسها التنفيذي.

 

وقال كابلان إن "هذه فرصة عظيمة لنا لإعادة التوازن لصالح حرية التعبير".

 

وفي أعقاب قرار تعيين كابلان، أعلنت شركة ميتا تعيين ثلاثة أعضاء جدد في مجلس الإدارة، من بينهم "دانا وايت" الرئيس التنفيذي لبطولة القتال (يو إف سي)، والحليف المقرب لـ"دونالد ترامب".

 

 

وتعليقًا على قرار التعيين، قال "زوكربيرج" إن "ما فعله وايت مع يو إف سي يشبه إحدى أكثر قصص الأعمال الأسطورية بعدما جعل علامتها التجارية مشهورة".

 

وأعرب عن اعتقاده بأنه "رجل أعمال عالمي ولديه عمود فقري قوي"، مرجعًا قرار تعينه إلى "ضغط الكثير من الحكومات والأشخاص على ميتا في جميع أنحاء العالم يضغطون كثيرًا عليها، لذا فهي بحاجة إلى بعض الأشخاص الأقوياء في تقديم المشورة في هذه المواقف".

 

أصداء قرار ميتا

 

منذ إطلاق برنامج "تدقيق الحقائق"، واجهت ميتا ضغوطًا من جهات مختلفة، بدءًا من المدافعين عن حرية التعبير الذين اعتبروا أن التدقيق قد يتحول إلى رقابة، وصولًا إلى المشرعين الذين طالبوا بمزيد من المسؤولية من شركات التكنولوجيا الكبرى.

 

وترى بعض الأوساط أن ميتا تسعى من خلال هذا القرار إلى دعم حرية التعبير على منصاتها، خاصة في ظل الانتقادات المستمرة التي تواجهها حول الرقابة على المحتوى.

 

على الجانب الآخر، يعتقد البعض أن الشركة تحاول تجنب مواجهة سياسية محتملة مع شخصيات مثل ترامب، الذي كان من أبرز المنتقدين لسياسات ميتا حول مكافحة الأخبار الكاذبة، معتبرًا أنها تستهدف التيار المحافظ بشكل خاص.

 

وفي حين اعتبر البعض أن هذه الخطوة تمثل انتصارًا لحرية التعبير، وتزيل حاجزًا قد يؤثر على تداول المعلومات بحرية، أعربت بعض المنظمات المدافعة عن حرية الصحافة عن قلقها من أن يؤدي إلغاء "تدقيق الحقائق" إلى زيادة انتشار المعلومات المضللة.

 

كما يطرح القرار أسئلة حول كيفية تعامل ميتا مع المحتوى المضلل في المستقبل، خاصة في ظل تزايد الدعوات إلى تنظيم أكبر لشركات التكنولوجيا من قبل الحكومات المختلفة.

 

 

كما يسلط الضوء على التحديات المستمرة التي تواجهها الشركات الكبرى في التوازن بين حرية التعبير والحد من انتشار المعلومات الخاطئة.

 

في نهاية المطاف، يبدو أن "زوكربيرج" اختار المسار الآمن بتطبيق ميتا قواعد جديدة مشابهة لتلك المستخدمة في منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، خاصة بعد أن أصبح "إيلون ماسك" مالك إكس صديقًا مقربًا للرئيس دونالد ترامب.

 

هذه الخطوة تعكس محاولة ميتا تلافي أي شكل من أشكال المواجهات السياسية المحتملة مع الإدارة الجديدة، بما يضمن الحفاظ على مكاسبها في السوق الأمريكي، خاصة في ظل المنافسة القوية التي تشهدها مع منصات أخرى مثل تيك توك.

 

المصادر: أرقام- رويترز- بلومبرج- سي إن إن- بي بي سي- سي بي إس- فوكس نيوز- إنتلجينسي جروب- ستاتيستا

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.