تعد مكافأة المستثمرين أحد أهم الجوانب التي تساهم في تعزيز العلاقة بين الشركة ومساهميها، فضلاً عن بناء الثقة في الأداء المالي والإداري لها، لكن الشركات والمستثمرين وحتى الخبراء يختلفون على الطريقة المثلى لتحرير القيمة وتحقيق التوازن بين السيولة وتقديم عوائد مجزية.
لكن لماذا هذا الاختلاف الذي يرتقي لحد الخلاف أحيانًا؟
أفضل طريقة لمشاركة الأرباح
- تحقق الشركات الراسخة أرباحًا دورية قوية، وبعض المستثمرين لا يرغبون في أن تحتفظ الشركات بهذه النقدية لسنوات قبل تحويلها إلى قيمة للمساهمين عبر استثمارات طويلة الأجل، لذلك تلجأ إلى برامج توزيعات الأرباح أو إعادة شراء الأسهم.
للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام
توزيعات الأرباح
- تضمن دخلًا ثابتًا للمستثمر في صورة مدفوعات نقدية دورية (أو شبه دورية)، وعادة ما تقدمها الشركات بعد احتجاز جزء من الأرباح للإنفاق والاستثمار في المستقبل، وقد تقدم الشركات توزيعات إضافية استثنائية بناءً على نمو الأرباح وحاجتها للسيولة.
هل هي جيدة؟
- يرى مؤيدو هذه السياسة أنها توفر نوعًا من اليقين بشأن القدرة المالية للشركة، فعادةً، تكون الشركات التي دفعت أرباحًا باستمرار من أكثر الشركات استقرارًا على مدار السنوات الماضية، ما يكسبها موثوقية عالية وسمعة قوية، كما تعد مدفوعاتها أحد أسباب انجذاب المستثمرين لها.
لماذا يعارضها البعض إذن؟
- أسهم هذه الشركات تتأثر سلبًا وإيجابًا وفقًا للتغير في توزيعاتها، وأحيانًا تكون عرضة لتقلبات كبيرة بعد المدفوعات، وعادة ما يشكل حجم التوزيعات نسبة صغيرة للغاية من قيمة الأرباح المحققة.
مكافأة مضاعفة
- الآن تخيل أن سهم شركة ما موزعة للأرباح، ارتفع بنسبة 5% خلال فترة محددة، وبلغ حجم توزيعات أرباحها ما يعادل 5% أخرى، يعني هذا أن العائد الإجمالي على السهم بلغ 10%، وفي هذه الحالة سيكون المستثمر حصل على جزء من عوائده نقدًا وباستطاعته إما إنفاقه أو إعادة استثماره.
إعادة شراء الأسهم
- من خلال استخدام الشركة للنقدية الفائضة لديها لإعادة الشراء، ترتفع أسعار أسهمها، حيث يصبح عدد الأسهم المتداولة أقل، وبالتالي يرتفع مؤشر العائد على السهم، والذي يعد حاسمًا في تقييم السعر، وفي النهاية يترجم ذلك عادة إلى زيادة في قيمة السهم المملوك للمساهم.
هل هي جيدة؟
- يميل الكثيرون إلى هذه الممارسة باعتبارها الأفضل في تعظيم الأرباح الرأسمالية، ويقولون إنها أكثر مرونة، لكن شراء الأسهم في وقت تحقق فيه الشركة أداءً ماليًا قويًا بالفعل، قد يعني أن سهمها مرتفع بالفعل، وإعادة الشراء قد لا تعزز قيمته بالشكل المرجو.
أمثلة كبيرة
- دفعت "كوكاكولا" توزيعات أرباح فصلية منذ عام 1920، ورفعت قيمة هذه المدفوعات على مدار 62 عامًا متتالية، فيما أعادت "آبل" شراء أسهم بقيمة 623 مليار دولار منذ عام 2016، وكلتاهما تحظى بتركيز كبير في محفظة "وارن بافت".
ماذا يقول المخضرمون؟
- في حين يحتفظ "بافت" بأرباح شركته "بيركشاير هاثاواي" ولا يميل إلى تمريرها إلى المساهمين، يقول إنه "يؤمن بتوزيع الأرباح" في مواقف محددة، مثل عندما لا تكون الشركة قادرة على توليد المزيد من النقد مقابل كل دولار تحتفظ به، أو ببساطة ليس أمامها طريقة لاستثمار النقود.
بافت يحب التوزيعات
- استحوذ "بافت" على شركة "See’s Candies" عام 1972، ووصفها بشركة "الأحلام"، ومع ذلك، يعتقد أنها لم تعد تمتلك فرصة لإعادة الاستثمار وخلق قيمة إضافية، ولهذا يفضل الحصول على توزيعات نقدية ضخمة منها، ويقول: "نحب الشركات التي نستثمر فيها لتدفع لنا الأموال التي لا يمكنها استخدامها بكفاءة".
إعادة الشراء في ميزان بافت
- يدافع "بافت" أيضًا عن ممارسة إعادة شراء الأسهم، ووصف منتقديها بأنهم "جهلاء اقتصاديًا"، ومع ذلك، أنهى في الربع الثالث من العام الماضي سلسلة من عمليات إعادة شراء أسهم "بيركشاير هاثاوي" استمرت 6 سنوات متتالية، رغم امتلاكه لسيولة نقدية تتجاوز 300 مليار دولار، في إشارة ربما "للخوف من المبالغة في تقييم الأسهم".
الاتجاه العالمي
- أعادت أكبر 1200 شركة في العالم شراء ما قيمته 1.31 تريليون دولار من أسهمها، خلال عام 2022، بزيادة 22% على أساس سنوي، وفقًا لبيانات "جانوس هندرسون"، لكن ذلك كان قريبًا للغاية من مستوى إنفاقها على توزيعات الأرباح، والذي بلغ 1.39 تريليون دولار.
تطور مذهل
- نمت قيمة عمليات إعادة شراء الأسهم إلى ثلاثة أضعافها خلال عشر سنوات حتى 2022، مقارنة بزيادة قدرها 54% في توزيعات الأرباح، ففي عام 2012 شكلت برامج إعادة الشراء نحو نصف قيمة توزيعات الأرباح.
تغيير ديناميكيات السوق
- يقول تقرير لـ "مورنينج ستار"، إن تزايد إقبال الشركات على عمليات إعادة الشراء أدى إلى تغيير ديناميكيات سوق الأسهم الأمريكي بشكل أساسي، مشيرة إلى انخفاض العائد إلى دون 2% خلال العقد الماضي، مقارنة بالنطاق التاريخي بين 3% و6%.
لماذا هذا التغير؟
- تختار الشركات إعادة شراء أسهمها لأسباب متنوعة، مثل تجاوز العقبات التنظيمية، والمرونة، التي توفرها مقارنة بتوزيع الأرباح، كما أن السوق عادة ما يضع ضغوطًا على السهم عند خفض توزيعات الأرباح، فيما يمكن أن تكون إعادة الشراء "أكثر قدرة على تجنب استياء المستثمرين" عند تغيير حجمها.
أيهما يخلق قيمة حقيقة؟
- مع ذلك، فإن الفكرة التي يروج لها إعلاميًا وبين المستثمرين، حول كون إعادة شراء الأسهم تخلق قيمة أكبر من التوزيعات "غير صحيحة"، حيث لا يفلح هذا النهج مع الشركات ذات القيمة العادلة، والحقيقة أنه لا فرق بين القيمة التي تولدها كلتا الممارستين، وفقًا لبحث أجرته "ماكينزي آند كومباني".
كيف يختار المستثمر؟
- بعد سنوات طويلة من الجدال بين الخبراء والمستثمرين، لا يبدو أن أيًا من الممارستين تمتلك أفضلية على نظيرتها بشكل واضح، ويتوقف الأمر على سياسة وطريقة تفكير إدارة الشركة ورغبات مساهميها، ويعتمد الاختيار النهائي على ما يبحث عنه المستثمر والأفق الزمني الذي يتطلع إلى جني أرباحه خلاله.
المصادر: أرقام- جانوس هندرسون- إنفستوبيديا- سي إن بي سي- فيديليتي- شير إنسيت- ماكينزي آند كومباني- موني وايز- بنزينجا- هارجريفز لانسداون- مورنينج ستار- شات جي بي تي- جيميناي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}