تترقب الأسواق اجتماع الفيدرالي الأمريكي مساء اليوم، وهو الأول في عام 2025 وسط توقعات بتثبيت الفائدة حيث يأتي الاجتماع في ظل تحديات اقتصادية وسياسية متزايدة، فيما يراقب المستثمرون تصريحات جيروم باول لتحديد مسار السياسة النقدية.
وكان الفيدرالي قد خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات خلال عام 2024، بإجمالي 100 نقطة أساس، في محاولة لدعم الاقتصاد رغم استمرار التضخم فوق الهدف المستهدف عند 2%.
كما أظهرت بيانات سوق العمل مرونة كبيرة، حيث بلغ معدل البطالة 4.1%، مع إضافة 256 ألف وظيفة في ديسمبر الماضي، وفي اجتماعه الأخير، قرر الفيدرالي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، في خطوة تعكس حذره تجاه الضغوط التضخمية المستمرة.
وبينما يطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بخفض الفائدة سريعاً لتعزيز الاقتصاد، يرى محللون استطلعت "أرقام" آراءهم أن البنك المركزي سيحافظ على نهجه الحذر مع متابعة البيانات الاقتصادية، مع تثبيت الفائدة في المدى القريب ومراقبة البيانات الاقتصادية عن كثب.
وتوقع المحللون أن يبقي الفيدرالي على أسعار الفائدة ثابتة، مشيرين إلى أن البيانات الاقتصادية لا تزال تشير إلى مرونة في سوق العمل وضغوط تضخمية تتجاوز المستهدف، ما يعزز موقف الفيدرالي في الحفاظ على سياسته النقدية الحالية.
بن باول كبير استراتيجيي الاستثمار لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ في معهد بلاك روك للاستثمار
من جهته، قال بن باول، كبير استراتيجيي الاستثمار لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا والمحيط الهادئ في معهد بلاك روك للاستثمار، إنه من المتوقع ألا يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتغيير أسعار الفائدة في اجتماعه المقرر مساء اليوم.
وأضاف أن الصورة الأكبر تشير إلى أن هذا ليس دورة "تيسير" تقليدية حيث يقوم الفيدرالي بخفض الفائدة لمعالجة ضعف التضخم، مشيراً إلى أن النمو الاقتصادي ما زال أعلى من المعدلات التاريخية، في حين أن التضخم لا يزال ثابتاً فوق هدف الفيدرالي البالغ 2%.
وتوقع بن باول أن يكون لدى الفيدرالي مجال لخفض الفائدة مرة أو مرتين إضافيتين هذا العام، لكنه يرى أن أسعار الفائدة ستستقر عند حوالي 4% على المدى المتوسط، وهو مستوى أعلى بكثير من مستويات ما قبل جائحة كورونا.
وأشار إلى أن عودة سوق السلع والعمل إلى مستوياتها الطبيعية بعد الجائحة، والارتفاع غير متوقع في الهجرة، أسهما في خفض التضخم في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة، مما عزز من القدرة الإنتاجية ومكّن من تحقيق نمو سريع مع تراجع معدلات التضخم.
وتوقع بن باول أن يتباطأ النمو إلى وتيرة أقل من تلك التي كانت قبل الجائحة في المستقبل، في حين ستظل الضغوط التضخمية قائمة مما سيبقي التضخم فوق هدف الفيدرالي، مما يستدعي الإبقاء على أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول.
سعد آل ثقفان محلل اقتصادي وعضو مجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودية
وتوقع سعد آل ثقفان، المحلل الاقتصادي وعضو مجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودية، أنه استنادًا إلى البيانات الاقتصادية، سيتم تثبيت أسعار الفائدة في اجتماع يناير 2025، وأن تظل عند هذه المستويات حتى تظهر بيانات تؤكد السيطرة على التضخم.
وأشار إلى أنه لا يتوقع مفاجآت في الأسواق أو في أسعار الدولار والسندات، حيث تم تسعير ذلك بشكل كبير، مع بقاء نسبة قليلة غير مسعرة لاحتمال حدوث مفاجآت.
وأضاف آل ثقفان لـ "أرقام" أن هناك تأثيراً على الأسواق والسندات والدولار من المؤتمر الصحفي لرئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والإشارات التي سيلتقطها المستثمرون من خطابه، والتي قد تؤثر على توقعات حركة أسعار الفائدة المستقبلية.
وائل مكارم كبير استراتيجي السوق - منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في Exness
وذكر وائل مكارم كبير استراتيجي السوق - منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في Exness، أنه من المتوقع أن يبقي الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة ثابتة في يناير 2025، مستندًا إلى مرونة سوق العمل، حيث تبلغ نسبة البطالة 4.1%، وتم إضافة 256 ألف وظيفة في ديسمبر، بالإضافة إلى أن التضخم لا يزال أعلى من المستهدف، حيث يبلغ مؤشر أسعار المستهلك الأساسي 3.2%، وارتفع المؤشر العام إلى 2.9%.
وتوقع مكارم أن يبقي الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ثابتة عند 4.25% - 4.5% في اجتماعه في يناير 2025، بعد ثلاثة تخفيضات متتالية في عام 2024 خفضت أسعار الفائدة بنسبة 1%. وأشار إلى أنه على الرغم من تراجع التضخم، لا يزال صانعو السياسة حذرين، حيث يستمر ضغط الأسعار فوق هدف 2%.
ترامب والفيدرالي: ضغوط السياسة على القرارات النقدية
وقال إنه من غير المرجح أن تؤثر دعوات الرئيس ترامب لخفض أسعار الفائدة بشكل فوري على قرارات الاحتياطي الفيدرالي في المدى القريب، نظراً لاستقلالية البنك المركزي واعتماده على البيانات في اتخاذ قراراته.
من جهته، أوضح آل ثقفان أنه من المعروف أن هناك فصلا للبنوك المركزية وتتمتع باستقلالية تامة دون تدخلات حكومية، حيث تراقب الوضع الاقتصادي والتضخم من خلال البيانات الاقتصادية. وأضاف: "نلاحظ في الآونة الأخيرة ضغوطاً وإيماءات من الحكومات لتوجيه السياسات النقدية، لذا قد يمارس الرئيس الأمريكي بعض الضغوط على الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة".
وأشار مكارم إلى أن رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، أكد أن السياسة النقدية تظل معزولة عن التأثيرات السياسية، لافتاً إلى أن مقترحات ترامب التجارية، مثل فرض رسوم بنسبة 25% على كندا والمكسيك، قد تزيد من التضخم، مما يعقد خطط خفض أسعار الفائدة. وأضاف أن الأنظمة القانونية تحمي قادة الاحتياطي الفيدرالي من الإقالة بسبب خلافات مع المسؤولين السياسيين.
وأضاف أن المخاطر السياسية، بما في ذلك التعريفات الجمركية المقترحة من ترامب وقيود الهجرة، قد تؤدي إلى إعادة إشعال التضخم أو تعطيل عرض العمالة، مما يدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى انتظار مزيد من الوضوح.
كيف تؤثر أسعار النفط على التضخم والفائدة؟ وما تداعياتها على الأسواق؟
من جانب آخر، قال مكارم إن انخفاض أسعار النفط يمكن أن يساهم في تقليل ضغوط التضخم، إلا أن تأثير ذلك المباشر على قرارات الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة من المرجح أن يكون محدودًا.
وأشار إلى أن الفيدرالي يركز على التضخم الأساسي وسوق العمل، ويأخذ في الاعتبار مؤشرات اقتصادية متعددة، مما يجعل أسعار النفط أحد العوامل العديدة في تقييمه الشامل للظروف الاقتصادية.
وذكر أن أسعار النفط تعد أحد العوامل العديدة في التقييم الشامل للفيدرالي للظروف الاقتصادية. لكن في حالة ما نجح ترامب في سياسته لرفع الإنتاج المحلي وتخفيض أسعار النفط فذلك من المرجح أن يكون لديه أثر مباشر على مستويات التضخم مما يوفر ظروفًا ملائمة للفيدرالي ليقوم بتخفيض مستويات الفائدة.
وعند سؤاله عن السيناريوهات المتوقعة لردود فعل الأسواق في حال قرر الاحتياطي الفيدرالي الإبقاء على أسعار الفائدة كما هي، قال مكارم إن الأسواق قد قامت بالفعل بتسعير هذا القرار، لكن تركيز المستثمرين سيكون على تصريحات جيروم باول بشأن توقعات السياسة النقدية، خاصة فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية التي طرحها الرئيس ترامب وأحدث بيانات التضخم.
وأضاف أن تصريحات باول قد تؤثر في معنويات الأسواق، وخصوصاً ما يتعلق منها بمخاطر التضخم التي قد تنشأ عن الرسوم الجمركية المقترحة وسياسات الهجرة.
وأشار إلى أنه إذا جاءت نبرة باول متشددة، فقد يستعيد الدولار زخمه، مما قد يؤدي إلى ضغوط سلبية على أسواق الأسهم، في حين قد تتعرض السلع مثل الذهب لبعض الضغوط مع ارتفاع الدولار.
وأضاف أنه في حالة كانت لهجة باول أكثر مرونة تجاه إمكانية خفض الفائدة فذلك قد يضر بالدولار مما يعكس نتائج السيناريو الأول.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}