نبض أرقام
04:09 م
توقيت مكة المكرمة

2025/03/10
2025/03/09

حوادث الطيران الأخيرة .. خلل في التصنيع أم أخطاء المشغلين؟

07:59 ص (بتوقيت مكة) أرقام - خاص

في صباح يوم بارد في الشهر الماضي بألاسكا، انطلق "رون بومجارتنر" و"كاميرون هارتفيجسون"، وهما عاملان في قطاع الصحة، في رحلة جوية لأداء مهمة إنسانية، ولم يكن أحد يتوقع أن تكون هذه الرحلة الأخيرة لهما.

 

فقد كانت الطائرة التي استقلاها، تحلق فوق التضاريس الجليدية حينما اختفت فجأة عن شاشات الرادار، وفي غضون ساعات، وردت أنباء عن تحطم الطائرة، وعدم وجود ناجين من ركابها.

 

كانت زوجة رون تنتظره بفارغ الصبر للاحتفال بعيد ميلاد ابنتهما الصغرى، فيما وعد كاميرون والدته المسنة بالاتصال بها فور وصوله ليطمئنها.

 

 

لكن بدلًا من الاحتفال والطمأنينة، حلّ الحزن والحداد، إذ انضما لقائمة ضحايا حوادث الطيران الأخيرة.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

ورغم أن عدد ضحايا هذا الحادث لم يتجاوز 10 أشخاص، فإنه كغيره من حوادث الطيران الأخيرة، يطرح تساؤلات ملحة: هل تعود هذه الكوارث إلى عيوب في صناعة الطائرات أم إلى أخطاء تشغيلية من قبل شركات الطيران؟

 

ونظرًا لأن الطيران يعد من أكثر وسائل النقل أمانًا، فإن فهم الأسباب وراء هذه الكوارث أمر ضروري لتعزيز سلامة القطاع.

 

نظرة عامة على الحوادث الجوية الأخيرة

 

وشهد العقد الماضي العديد من حوادث الطيران البارزة التي هزت العالم، مخلفة وراءها مئات الضحايا، وأثارت تساؤلات حول سلامة الطيران.

 

وتتنوع أسباب هذه الحوادث بين الأخطاء البشرية والعيوب الفنية والعوامل الجوية، ومن بين أحدث تلك الحوادث هو اصطدام طائرة تابعة لشركة "أميركان إيرلاينز" كانت متجهة من كانساس إلى واشنطن بمروحية عسكرية في يناير الماضي.

 

وكانت الطائرة المدنية التي كان على متنها 64 شخصًا تستعد للهبوط في مطار رونالد ريجان عندما اصطدمت بمروحية عسكرية كانت تجري رحلة تدريبية وعلى متنها 3 عسكريين، مما أدى إلى تحطم الطائرتين ومصرع جميع من كان على متنهما.

 

وأشارت التحقيقات إلى أن سبب وقوع الحادث هو تجاوز المروحية العسكرية للحد الأقصى للارتفاع المسموح به، ما يعني أنه لا علاقة له بمصنعي الطائرات أو مشغليها، بل يتعلق بدور الهيئات التنظيمية في فرض القواعد وضمان سلامة الطيران.

 

أبرز حوادث الطائرات في تاريخ قطاع الطيران (بحسب موقع أفيشين ديساستر)

السنة

عدد الوفيات

تفاصيل الحادثة

1977

583

 

وقع أخطر حادث طيران في التاريخ أثناء وجود الركاب على الأرض وليس في الجو بعد اصطدام طائرتي ركاب من طراز بوينج 747 محملتين بالكامل في منتصف مدرج في جزيرة تينيريفي.

وأدى الضباب الكثيف، ومشكلة في أجهزة الإرسال، وسوء التواصل بين الطيارين ومركز التحكم إلى إقلاع الطائرة الأولى دون إذن، بينما كانت الطائرة الأخرى لا تزال على المدرج.

 

1985

520

 

تحطمت رحلة الخطوط الجوية اليابانية في منطقة جبلية بعد فقدان السيطرة عقب نحو 12 دقيقة من الإقلاع، بسبب عطل فني أدى لانخفاض الضغط السريع في المقصورة مما جعل من المستحيل التحكم في الطائرة.

وبعد 32 دقيقة من انخفاض الضغط، تحطمت الطائرة.

 

1974

346

 

تحطمت رحلة الخطوط الجوية التركية رقم 981، وهي رحلة كانت متجهة من مطار إسطنبول إلى مطار لندن مع توقف في مطار أورلي في باريس، وسقطت الرحلة في غابة إرمينونفيل خارج باريس مباشرة.

 

1985

329

 

تحطمت رحلة طيران الهند رقم 182 أثناء الطيران على ارتفاع 31 ألف قدم (9400 متر) بعدما انفجرت قنبلة بها.

وقع الحادث داخل المجال الجوي الأيرلندي، مما تسبب في تحطم الطائرة في المحيط الأطلسي.

 

 

وفي نهاية العام الماضي تعرضت رحلة طائرة تابعة لشركة "جيجو إير" الكورية الجنوبية، لحادث مأساوي أودى بحياة 179 شخصًا، ونجا اثنان فقط، ويعتبر أسوأ حادث طيران في كوريا الجنوبية.

 

وذكرت مصادر في صناعة الطيران، أن الطائرة المنكوبة التابعة لشركة طيران "جيجو إير"، قامت بتشغيل 13 رحلة خلال 48 ساعة قبل وقوع الحادث.

 

وأثار مراقبو الصناعة مخاوف بشأن أن السبب وراء وقوع الحادثة هو الجشع المادي حيث تجاوزت شركة "جيجو إير" طاقة الطائرة من خلال الإفراط في تشغيلها خلال ذروة موسم السفر نهاية العام الماضي في فترة زمنية قصيرة.

 

 

في حين أدى حادثا تحطم طائرتي ليون 610 في إندونيسيا والإثيوبية 302 من طراز بوينج 737 ماكس في عامي 2018 و2019 إلى مقتل أكثر من 300 شخص وإيقاف هذا الطراز من  الطائرات عالميًا.

 

وارتبطت الحادثتان بمشكلة في نظام الطيران في هذه الطائرة، مما أثار تساؤلات حول تصميم بوينج لها ومدى جودة الإشراف التنظيمي.

 

كما تسبب انتحار الطيار المساعد في كارثة جوية لرحلة جرمان وينجز الدولية التي تحطمت في مارس 2015، وأودت بحياة 150 راكبًا دون أي ناجين.

 

وأقلعت الطائرة من برشلونة لتتوجه إلى دوسلدورف ولكنها اصطدمت في منطقة جبلية تقع ضمن سلسلة جبال الألب وعلى بعد نحو 100 كيلو متر من شمال مدينة نيس الفرنسية.

 

هذه العينة من الحوادث تظهر تعدد أسباب حوادث الطيران، وتعكس في الوقت نفسه أهمية الالتزام الصارم بمعايير السلامة الجوية، سواء من قبل الشركات المصنعة للطائرات أو مشغليها.

 

وعلى الرغم من تحسن معدلات الأمان في قطاع الطيران مع التقدم التكنولوجي، فإن هناك حاجة ماسة لتعزيز إجراءات الوقاية من أجل منع وقوع مثل تلك الحوادث في المستقبل.

 

أبرز تحديات مصنعي الطائرات ومشغليها

 

تشير عشرات الحوادث التي وقعت في قطاع الطيران إلى أن مصنعي الطائرات يتحملون مسؤولية رئيسية من أجل ضمان تلبية تصاميمهم لمعايير السلامة الصارمة حيث كشفت تلك الحوادث عن عدة أخطاء رئيسية تسببت في وقوع كوارث أثناء تشغيل طائراتهم.

 

فعلى سبيل المثال، قد تؤدي عيوب التصميم إلى فشل كارثي كما حدث في حالة طائرة بوينج من طراز 737 ماكس، التي كانت بها العديد من الأعطال البرمجية والعيوب الديناميكية المتعلقة بنظام الطيران بها.

 

في حين أن مشكلات عيوب التصنيع قد تتسبب في ضعف بنية الطائرة، وهو ما جرى في حادثة ألاسكا إيرلاينز.

 

ويعكس هذا الأمر أهمية دور الجهات الإشرافية والتنظيمية حيث يجب على إدارات الطيران الفيدرالية وما شابهها مراجعة شهادات الطائرات بدقة حيث تشير بعض الحوادث السابقة إلى وجود ثغرات في هذه العملية.

 

على الجانب الآخر يلعب مشغلو الطائرات دورًا محوريًا في سلامة الطيران، حيث هناك تحديات رئيسة لديهم مثل تدريب الطيارين والخطأ البشري، حيث تقع العديد من الحوادث بسبب أخطاء الطيارين أو نقص التدريب أو الإرهاق.

 

 

كما تعتبر مشكلات الصيانة من أبرز تحديات الشركات المشغلة حيث يجب على خطوط الطيران الالتزام ببرامج صيانة صارمة، ولكن إجراءات خفض التكاليف قد تؤدي إلى إهمال بعض الفحوصات الأساسية.

 

ومن بين التحديات التي تواجه شركات الطيران القرارات التشغيلية حيث تؤثر عوامل مثل جدولة الرحلات وإدارة الوقود والالتزام بتحذيرات الطقس على منع الحوادث.

 

مسؤولية مشتركة

 

كشف الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) خلال تقرير السلامة السنوي لعام 2024 ، والذي صدر الشهر الماضي، عن تراجع القطاع في مجال السلامة خلال العام الماضي رغم أنه أظهر تحسنًا في بعض المقاييس.

 

وبلغ معدل حوادث قطاع الطيران خلال 2024 نحو 1.13 لكل مليون رحلة جوية (أي حادثة لكل 880 ألف رحلة) ليتراجع مقارنة بمتوسط الخمس سنوات البالغ 1.25، ولكنه ارتفع عن المعدل المسجل في عام 2023 والذي بلغ 1.09.

 

كما شهد عام 2024 7 حوادث مميتة من بين 40.6 مليون رحلة جوية، وهو أعلى من المعدل المسجل في عام 2023 ومتوسط الخمس سنوات الماضية والبالغ 5 حوادث مميتة.

 

وبلغ عدد المتوفين جراء حوادث الطيران نحو 244 شخصًا في عام 2024 مقابل 72 فقط في العام الذي يسبقه.

 

ويُعزى 70% من حوادث الطيران إلى الخطأ البشري، بينما تُشكل الأعطال الميكانيكية والعوامل الخارجية النسبة المتبقية.

 

تشير الحوادث الجوية الأخيرة إلى أن كلًا من مصنعي الطائرات ومشغليها يتحملون مسؤولية تعزيز سلامة الطيران.

 

لذا يجب على المصنعين إعطاء الأولوية للتصاميم المتينة والرقابة الصارمة على الجودة، في حين يتعين على المشغلين ضمان التدريب الجيد والصيانة الدورية والالتزام الصارم بإجراءات السلامة.

 

كما أن تعزيز الإشراف التنظيمي وتحسين برامج تدريب الطيارين هما خطوتان أساسيتان نحو تقليل الحوادث المستقبلية.

 

 

وتظهر تلك الحوادث أهمية فرض رقابة تنظيمية أكثر صرامة، إذ يجب أن تجري سلطات الطيران عمليات مراجعة أكثر دقة عند التصديق على الطائرات الجديدة.

 

كما ينبغي تحسين تدريب الطيارين، من خلال سعي شركات الطيران للاستثمار في برامج تدريب محاكاة متقدمة للتعامل مع حالات الطوارئ بشكل أفضل.

 

تعزيز بروتوكولات الصيانة عنصر هام أيضًا في جعل تجربة الطيران أكثر أمنًا، حيث تعد الفحوصات الدورية والالتزام بإرشادات المصنعين أمرًا ضروريًا لمنع الأعطال الميكانيكية.

 

وبينما يُعتبر الطيران من أكثر وسائل النقل أمانًا، فإن كل حادث من حوادث القطاع يُذكّرنا بالحاجة المستمرة لترقية التكنولوجيا، وتدريب الطيارين، وتعزيز إجراءات الصيانة والتفتيش.

 

ورغم التحسينات المستمرة التي شهدها قطاع الطيران، يبقى الالتزام بمعايير السلامة وإجراءات التشغيل الصارمة هو العامل الحاسم في منع وقوع المزيد من الكوارث.

 

ولضمان مستقبل أكثر أمانًا للطيران، يجب على الشركات المصنعة، شركات الطيران، والهيئات التنظيمية العمل معًا لتطوير تقنيات أكثر أمانًا، وتحسين استجابة الطائرات لحالات الطوارئ، وتعزيز أنظمة الرقابة على الصيانة والتدريب.

 

ومن خلال استخلاص الدروس من هذه المآسي، يمكن لقطاع الطيران المضي قدمًا نحو صناعة أكثر أمانًا وموثوقية.

 

المصادر: أرقام- الاتحاد الدولي للنقل الجوي - إدارة الطيران الفيدرالية- بي بي سي- بوينج- رويترز

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.