نبض أرقام
12:58 م
توقيت مكة المكرمة

2025/03/12
2025/03/11

اقتصاد الفضة .. كبار السن يقودون الأسواق نحو طفرة استثمارية جديدة

2025/03/11 أرقام - خاص

لطالما كانت الشيخوخة تُعتبر تحديًا اقتصاديًا، إذ ترتبط عادةً بارتفاع تكاليف الرعاية الصحية وانخفاض القوى العاملة.

 

لكن مع تغير التركيبة الديموغرافية العالمية، تحول كبار السن إلى قوة شرائية ضخمة، ما أفسح المجال لظهور مفهوم جديد يُعرف بـ "اقتصاد الفضة"، وهو مصطلح يشير إلى الأنشطة الاقتصادية والفرص التي تنشأ من احتياجات كبار السن وقدرتهم على الإنفاق.

 

 

وفي ظل توقعات ارتفاع عدد كبار السن عالميًا من 1.1 مليار في 2023 إلى 2.1 مليار بحلول عام 2050 (وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة)، تزداد الحاجة إلى إعادة النظر في تأثير هذا التحول الديموغرافي على الأسواق.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

فبدلًا من اعتباره عبئًا، يُنظر إليه اليوم على أنه فرصة ذهبية للنمو الاقتصادي، إذ تنفق هذه الفئة تريليونات الدولارات سنويًا على الرعاية الصحية والتكنولوجيا والترفيه، والسياحة وغيرها من القطاعات الاقتصادية الرئيسية.

 

ويطرح تزايد أعداد كبار السن عدة تساؤلات حول كيفية استعداد الشركات للاستفادة من هذا التحول، وما القطاعات الأكثر استفادة من تصاعد دور "اقتصاد الفضة" في الاقتصاد العالمي.

 

مصطلح "اقتصاد الفضة"

 

ظهر مصطلح "اقتصاد الفضة" في أوائل القرن الـ21 مع تزايد الوعي بتأثير الشيخوخة السكانية على الاقتصاد العالمي.

 

واكتسب المصطلح انتشارًا أوسع في الأوساط الأكاديمية وصناع السياسات الاقتصادية في أوروبا خلال العقد الأول من القرن الحالي، لا سيما بعد أن أدركت الحكومات والشركات أن كبار السن أصبحوا قوة شرائية مؤثرة.

 

وفي الوقت الحاضر، يُستخدم المصطلح لوصف القطاعات والخدمات والمنتجات الموجهة لكبار السن، حيث تحول طول العمر إلى سمة مميزة للمجتمع الحديث، وزاد التركيز على تعزيز جودة الحياة في الشيخوخة بدلًا من مجرد إطالة العمر.

 

دول سيكون لديها النسبة الأعلى من كبار السن الذين يصل عمرهم إلى 65 عاماً فأكثر بحلول 2050

الترتيب

الدولة

النسبة

1

الصين

%40.6

2

كوريا الجنوبية

%39.4

3

اليابان

%37.5

4

إيطاليا

%37.1

5

إسبانيا

%36.6

6

تايوان

%35.3

7

اليونان

%34.8

8

البرتغال

%34.5

9

سنغافورة

%34.2

 

ويشعر العديد من كبار السن حول العالم بالحيوية والنشاط مثل نظرائهم الأصغر سنًا، مع تزايد فرص مشاركتهم في الاقتصاد من خلال العمل لفترات أطول، وريادة الأعمال، والاستثمار في قطاعات متنوعة.

 

وأظهرت الدراسات أن نسبة متزايدة من كبار السن تواصل العمل بعد سن التقاعد، سواء بدافع الشغف أو رغبةً في تعزيز استقلالهم المالي.

 

هذا التحول يجعل كبار السن شريحة استهلاكية مؤثرة، ما يدفع الشركات إلى تطوير منتجات وخدمات تلبي احتياجاتهم المتغيرة وتعزز اندماجهم في الاقتصاد الحديث.

 

فرص هائلة في قطاعي الصحة والجمال

 

يشكل التعامل مع التحديات الصحية المرتبطة بالشيخوخة فرصة كبيرة للاستثمار والابتكار، ما أسهم في زيادة الاستثمارات في قطاع الرعاية الصحية، خصوصًا في مجالات الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب والزهايمر.

 

ومع تنامي اقتصاد الفضة، تشهد مجالات طبية مثل طب العيون والسمع نموًا ملحوظًا، حيث بلغ حجم سوق البصريات التكيفية عالميًا نحو 608 ملايين دولار، ومن المتوقع أن يواصل نموه بمعدل 31% سنويًا بين عامي 2024 و2030.

 

 

وبالمثل، قُدرت قيمة سوق أجهزة السمع العالمية بنحو 13 مليار دولار في عام 2023، ومن المتوقع أن تنمو من 14 مليار دولار في 2024 إلى 34 مليار دولار بحلول عام 2032، بمعدل نمو 12% سنويًا.

 

وقد دفع السعي وراء حياة أطول وأكثر صحة الشركات إلى الابتكار والاستثمار بشكل متزايد، حيث بات الحفاظ على الصحة الجسدية والعقلية أولوية قصوى لدى أفراد المجتمعات.

 

كما يشهد قطاع الجمال ومكافحة الشيخوخة نموًا متسارعًا، مدفوعًا بالتقنيات الجديدة والمنتجات المصممة لتعزيز المظهر والصحة مع التقدم في العمر.

 

ومن المتوقع أن تصل قيمة هذا القطاع إلى 93 مليار دولار بحلول عام 2027، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ حوالي 7% خلال السنوات الخمس المقبلة.

 

وفي حين يظل قطاع الرعاية الصحية في الصدارة، فإن صناعات أخرى مرتبطة به أصبحت تهتم بتلبية احتياجات تلك الفئة لتتكيف مع التغيرات الديموغرافية التي تشهدها المجتمعات.

 

إذ تعمل شركات مثل نستله على تلبية متطلبات الفئة العمرية فوق 50 عامًا، ما يدفعها إلى تطوير منتجات غذائية مخصصة لكبار السن، تتماشى مع احتياجاتهم.

 

 

هناك أيضًا زيادة في طلب على منتجات تعزيز الصحة العقلية، حيث أثبتت بعض الأدوية، مثل "أوزيمبك" و"ويغوفي" المُطورة لعلاج السكري، فعاليتها في إطالة العمر عبر الوقاية من أمراض شائعة مثل القلب وانقطاع التنفس أثناء النوم والزهايمر.

 

التكنولوجيا والابتكار لاعبان أساسيان

 

بات قطاع التكنولوجيا لاعبًا رئيسيًا في تحسين جودة حياة كبار السن، من خلال تطوير حلول مبتكرة تلبي احتياجاتهم الصحية والاجتماعية والمالية، ما يدفعهم إلى إنفاق المزيد على الأجهزة والتطبيقات التي تعينهم على تحقيق تلك الأهداف.

 

وطال التطور التكنولوجي تطبيقات الرعاية الصحية الرقمية والذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء فضلًا عن الأجهزة الذكية التي تعمل على تعزيز استقلالية كبار السن وتحسين جودة حياتهم.

 

فعلى سبيل المثال تساعد الأجهزة القابلة للارتداء، مثل الساعات الذكية، في مراقبة المؤشرات الصحية الحيوية مثل نبضات القلب ومستويات الأكسجين في الدم، ما يسمح بالاكتشاف المبكر للأمراض المزمنة.

 

ووفقًا لتقرير صادر عن  جراند فيو ريسيرش، فمن المتوقع أن يصل حجم سوق العلاج عن بعد إلى 225 مليار دولار بحلول عام 2030، بمعدل نمو 19% سنويًا.

 

كما تستعين الشركات بالذكاء الاصطناعي لتطوير مساعدين افتراضيين مصممين لمساعدة كبار السن في أداء المهام اليومية، مثل تنظيم مواعيد الأدوية، الرد على الاستفسارات، وحتى تقديم الدعم العاطفي من خلال الروبوتات التفاعلية.

 

 

على سبيل المثال، تُستخدم روبوتات مثل إيليكيو لتوفير رفقة اجتماعية لكبار السن، ما يساعد في تقليل معدلات الشعور بالوحدة والاكتئاب بينهم.

 

في المقابل، تساهم تقنيات إنترنت الأشياء في تحويل المنازل إلى بيئات ذكية أكثر أمانًا وراحة لكبار السن، إذ تتيح الأنظمة المنزلية الذكية، مثل أجهزة الاستشعار والمراقبة، إرسال تنبيهات للأسر أو مقدمي الرعاية عند رصد أي تغيرات غير طبيعية في أنماط الحركة.

 

كما تساعد المساعدات الصوتية مثل مساعد جوجل وإليكسا في تسهيل الحياة اليومية من خلال تنفيذ الأوامر الصوتية لتشغيل الأضواء، التحكم في درجة الحرارة، وتذكير المستخدمين بالمواعيد المهمة.

 

وتدعم التكنولوجيا المالية كبار السن اقتصاديًا، إذ يساعد التحول الرقمي في القطاع المالي كبار السن على إدارة شؤونهم المالية بسهولة وأمان.

 

وتساعد تطبيقات الخدمات المصرفية عبر الجوال بواجهات مستخدم مبسطة تسهل عمليات الدفع، تحويل الأموال، وتتبع النفقات، فيما يساهم الذكاء الاصطناعي في الحماية من الاحتيال المالي عبر أنظمة كشف الأنشطة المشبوهة التي قد تستهدف كبار السن.

 

وتتيح التكنولوجيا أيضًا فرصًا قيّمة للتعليم الإلكتروني لكبار السن، إذ باتت منصات مثل "كورسيرا" و"يوديمي" تقدم دورات مخصصة لهم في مختلف المجالات.

 

ومثل تلك الفرص تساعد كبار السن على دخول مجال العمل، واكتساب موارد إضافية للدخل مع مراعاة الظروف الصحية لهم ما يمنحهم استقلالية مالية ويعزز شعورهم بالإنجاز.

 

كما أن التعلم المستمر يساهم في تحسين القدرات الإدراكية وتقليل مخاطر التدهور المعرفي، ما يجعل كبار السن أكثر قدرة على مواكبة متطلبات العصر الحديث.

 

الترفيه والسياحة

 

مع تمتعه بوقت فراغ أكبر، يسعى الجيل الأكبر سنًا إلى الاستمتاع به عبر الانخراط في الأنشطة الثقافية والترفيهية، واستكشاف هوايات جديدة، وغيرها من الأنشطة التي باتت متاحة بعد التقاعد.

 

لم يعد الترفيه مقتصرًا على الشباب، إذ تزايد استخدام كبار السن للتطبيقات والألعاب الترفيهية، وتشير التقارير إلى أن 30% من مستخدمي الألعاب الإلكترونية تزيد أعمارهم على 50 عامًا.

 

 

كما يفضل كبار السن تجارب سفر مريحة ومخصصة تلبي احتياجاتهم الصحية ورفاهيتهم، ما دفع شركات السياحة والطيران والفنادق إلى تقديم خدمات تلائم احتياجات هذه الفئة.

 

ومع تزايد اهتمام الكثير من كبار السن بالسفر إلى وجهات توفر خدمات علاجية متطورة، مثل المجر وألمانيا للعلاج الطبيعي، وتايلاند والهند للجراحات التجميلية والعلاجية، أصبحت العديد من شركات الطيران والفنادق تقدم عروضًا خاصة بهم، مثل الحسومات وبرامج الولاء.

 

وأصبح بإمكان كبار السن التخطيط لرحلاتهم وحجز التذاكر بسهولة عبر الإنترنت، كما تتيح التطبيقات الذكية تقديم تجارب مخصصة لهم، مثل تطبيقات السياحة الافتراضية لمساعدة كبار السن غير القادرين على السفر فعليًا.

 

ووفقًا لتقرير صادر عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يساهم إنفاق كبار السن على السفر والترفيه في دعم الاقتصادات المحلية من خلال زيادة الطلب على الخدمات الفندقية والمطاعم، وتوفير فرص عمل جديدة في قطاع السياحة، وتعزيز الاستثمار في البنية التحتية.

 

يعكس التطور الجاري في مثل تلك القطاعات التحول الجذري لاقتصاد الفضة ومدى تغيير النظرة الاقتصادية إلى الشيخوخة، إذ لم يعد يُنظر إلى التقدم في العمر على أنه عبء اقتصادي، بل بات يمثل فرصة ذهبية للنمو والابتكار.

 

وتدرك الشركات تدريجيًا قيمة هذا التحول، لذا تسعى للتكيف معه لتعظيم أرباحها، إذ يخلق اقتصاد الفضة سوقًا واعدة ذات قوة شرائية هائلة، تفتح أبوابًا واسعة للاستثمار والإبداع.

 

وفي المستقبل، من يدرك مبكرًا الإمكانات الهائلة لـ"اقتصاد الفضة"، سيتمكن من تحقيق مكاسب اقتصادية طويلة الأمد، في عالم يشهد تزايدًا في معدلات الشيخوخة.

 

المصادر: أرقام- روتشيلد اند كو- جراند فيو ريسيرش- بيو رسيرش سنتر- منظمة السياحة العالمية- منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية- منظمة الأمم المتحدة

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.