نبض أرقام
10:42 ص
توقيت مكة المكرمة

2025/04/02
2025/04/01

بين السرعة والاستراتيجية: كيف نُدمج الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية بذكاء؟

2025/03/29 أرقام

لقد أعاد الذكاء الاصطناعي تشكيل ملامح مستقبل الرعاية الصحية، وأتاح إمكانيات هائلة في مجالات التشخيص والعلاج، بالإضافة إلى تعزيز الكفاءات التشغيلية على نطاق أوسع.

 

ومن خلال تضييق فجوات الوصول إلى الخدمات الصحية وتمكين الرعاية الشخصية المُخصصة، يُمكن لهذه التقنية أن تُحدث طفرة في هذا القطاع الحيوي.

 

فعلى سبيل المثال، أظهرت دراسة نُشرت في عام 2023 في مجلة "ذا لانسيت أونكولوجي" أن فحص تصوير الثدي بالأشعة السينية المدعوم بالذكاء الاصطناعي قد مكّن أخصائيي الأشعة من اكتشاف حالات سرطان الثدي بنسبة تزيد على 20%.

 

 

ومن المتوقع أن ينمو سوق الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية من 11 مليار دولار عام 2021 إلى 187 مليار دولار بحلول 2030، مدفوعًا بالتطورات السريعة في التعلم الآلي وتحليلات البيانات الضخمة.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

تُظهر الدراسات أيضًا قدرة الذكاء الاصطناعي على التنبؤ بحالات إعادة الدخول غير المخطط لها إلى المستشفيات، مما يسهم في تحسين النتائج الصحية وتقليل التكاليف.

 

وعلى الرغم من هذه التطورات الواعدة، فإنه لا تزال هناك تحديات قائمة؛ فالبيانات المنعزلة، ومخاوف الخصوصية، والتحيزات الكامنة في الخوارزميات، يُمكن أن تُعيق الاستفادة الكاملة من إمكانات الذكاء الاصطناعي.

 

وتُعدّ الأطر التنظيمية الراسخة ومجموعات البيانات عالية الجودة ذات أهمية بالغة لضمان التكامل المسؤول لهذه التقنيات.

 

فبدون استعداد مُحكم، تُخاطر المؤسسات بإهدار الموارد، وإنتاج توقعات غير قابلة للتحقيق، وتقويض الثقة.

 

ومن ثمَّ، فإن تبني نهج مُتأنٍ ومتوازن يُعدّ أمرًا جوهريًا لتحقيق الإمكانات الكامنة للذكاء الاصطناعي مع معالجة التعقيدات الأخلاقية والسريرية والتشغيلية المصاحبة.

 

مخاطر "التسرع" في تبني الذكاء الاصطناعي

 

يُسلّط التسارع العالمي نحو تبني الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية الضوء على إمكاناته الهائلة في إحداث تحولات جذرية، إلا أنه بدون استراتيجية واضحة ومُحكمة، يُخشى أن يتحول هذا الحماس إلى حالة من الفوضى.

 

فغالبًا ما يدفع سحر التكنولوجيا المتقدمة المؤسسات إلى التسرع في تبنيها قبل إجراء تقييم شامل لجاهزيتها، مما قد يُسفر عن نتائج مُخيبة للآمال.

 

وتُبرز حالات الإخفاق في مشاريع الذكاء الاصطناعي البارزة المخاطر المترتبة على اتباع نهج مُتسرع وغير مُنظم.

 

فعلى سبيل المثال، هدف نموذج تصنيف المخاطر التنبؤي لهيئة الخدمات الصحية الوطنية (PRISM) في المملكة المتحدة إلى تحديد حالات دخول الطوارئ عالية الخطورة.

 

إلا أن عدم كفاية تكامل البيانات وعدم التوافق مع سير العمل القائم أدى إلى تعثره، حيث تم تصنيف مرضى بشكل خاطئ، بينما تم إغفال آخرين تمامًا.

 

والنتيجة: هدر للموارد، وضياع لفرص تقديم الرعاية المناسبة، وتذكير بأهمية الاستعداد الأساسي.

 

علاوة على ذلك، فبدون الخبرة اللازمة في مجال الذكاء الاصطناعي، تجد فرق الرعاية الصحية صعوبة في الاستفادة الفعالة من إمكانات هذه التقنية.

 

وغالبًا ما تؤدي هذه المشكلات إلى ما يُعرف بـ "ديون التكنولوجيا": وهي أدوات باهظة التكلفة لا تُحقق عوائد مُجدية.

 

ووفقًا لمقال نُشر في مجلة فوربس، فإن نحو 90% من مشاريع الذكاء الاصطناعي تفشل في تحقيق عائد على الاستثمار بسبب عدم توافق الأولويات والأدوات المستخدمة.

 

نهج استراتيجي لدمج الذكاء الاصطناعي

 

إن الحل لهذه التحديات جليٌّ وواضح: يجب أن تُعطى الأولوية للاستراتيجية على السرعة، وأن تضمن المنهجية المنظمة قدرة المؤسسات على تسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي بأكملها مع تقليل المخاطر إلى أدنى حد ممكن.

 

نهج استراتيجي لدمج الذكاء الاصطناعي

إجراء عمليات التقييم الأوليّ

 

 

- ابدأ بتقييم شامل للقدرات الراهنة، مع التركيز على جودة البيانات، والبنية التحتية، ومدى استعداد الكوادر العاملة.

 

- إن فهم نقطة الانطلاق يُعد أمرًا بالغ الأهمية لتحديد الثغرات ووضع أهداف واقعية وقابلة للتحقيق.

 

وضع خارطة طريق واضحة

 

 

- حدد أهدافًا واضحة المعالم تتماشى مع أولويات المؤسسة؛ سواءً كان ذلك تحسين نتائج المرضى، أو خفض التكاليف، أو تبسيط العمليات الإجرائية.

 

- تُوفر خريطة الطريق هذه التوجيه اللازم وتضمن التوافق بين مختلف الفرق.

 

إطلاق مشاريع الذكاء الاصطناعي التجريبية

 

 

- اختبر الأدوات في بيئات مُراقبة ومُحكمة لجمع الملاحظات القيّمة، وتحسين النماذج، ومعالجة التحديات المحتملة قبل التوسع الشامل.

 

- تُمثل المشاريع التجريبية مسارات ذات مخاطر مُنخفضة لبناء الثقة وإثبات القيمة المضافة.

 

إشراك أصحاب المصلحة

 

 

- يُعد التعاون حجر الزاوية في التكامل الناجح. قم بإشراك الأطباء والإداريين والمرضى في المراحل المبكرة لتعزيز الثقة وتكييف حلول الذكاء الاصطناعي مع سير العمل اليومي.

 

التوسع المستدام

 

 

- قم بتوسيع نطاق مشاريع الذكاء الاصطناعي تدريجيًا، بالاعتماد على التجارب الناجحة والنتائج الإيجابية.

 

- ومع تزايد الاعتماد على هذه التقنيات، تأكد من تطوير الموارد والتكنولوجيا والكفاءات اللازمة للحفاظ على الزخم وتحقيق التأثير المنشود.

 


- يتيح هذا النهج التدريجي للمؤسسات تحقيق التوازن بين الطموح والجاهزية، مما يضمن أن تكون كل خطوة إلى الأمام مدروسة بعناية ومؤثرة بشكل فعال.
 

التعلم من قصص النجاح

 

- تقدم المؤسسات التي تبنت نهجًا يركز على الاستراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي دروسًا قيّمة ومُلهمة:

 

- كايزر بيرماننت (الولايات المتحدة): من خلال طرح نظام هيلث كونيكت (HealthConnect) على مراحل مُنظمة، قامت كايزر بمواءمة حلول الذكاء الاصطناعي مع رؤيتها للرعاية الصحية التي تتمحور حول المريض.

 

- ضمن التفاعل المبكر مع الموظفين تكاملاً سلسًا، مما أدى إلى تحسين تنسيق الرعاية ورفع مستوى السلامة.

 

- مستشفى مورفيلدز للعيون (المملكة المتحدة): طورت مستشفى مورفيلدز -بالتعاون مع جوجل ديب مايند- نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على تشخيص أكثر من 50 مرضًا من أمراض العيون.

 

- ومن خلال دمج هذه الأدوات في سير العمل السريري، خفّض المستشفى أعباء العمل مع تعزيز دقة التشخيص بشكل ملحوظ.

 

- تُسلط هذه الأمثلة الضوء على القوة التحويلية لدمج الذكاء الاصطناعي المدروس جيدًا. فالنجاح لا ينبع من التسرع في نشر التكنولوجيا فحسب، بل من بناء أساس متين يُوازن بين حلول الذكاء الاصطناعي وأهداف المؤسسة الاستراتيجية.

 

الاستراتيجية أهم من السرعة

 

- إن تبنّي الذكاء الاصطناعي دون تهيئة مُسبقة ينطوي على مخاطر تكبّد خسائر مالية وإلحاق الضرر بالمرضى. لذا، يجب أن تُجرى تقييمات شاملة للجاهزية تتناول البنية التحتية، وقدرات الكوادر العاملة، وسلامة البيانات.

 

- كما تُعدّ الاعتبارات الأخلاقية – كالتَحَيُّز، والخصوصية، والوصول العادل – ضرورية للحفاظ على ثقة الجمهور.

 

- ويغدو التعاون الوثيق بين الحكومات، ومُقدِّمي الرعاية الصحية، وشركات التكنولوجيا أمرًا بالغ الأهمية لوضع أُطُرٍ ناظمة لدمج الذكاء الاصطناعي بشكل مُستدام.

 

- وهنا يتعين على القادة أن يُغيّروا طريقة تفكيرهم من الاستعجال إلى التروّي والقصد. فمن خلال تبنّي نهج يركز على الاستراتيجية بدلًا من السرعة، يمكننا إطلاق العنان للإمكانات الكاملة للذكاء الاصطناعي لإنشاء أنظمة رعاية صحية أكثر سلامة وإنصافًا تخدم الجميع.

 

- وحان وقت العمل؛ ولكن بحذر، وبُعد نظر، وهدف واضح. فلنحوّل وعد الذكاء الاصطناعي إلى واقع ملموس؛ بشكل مُستدام، وأخلاقي، وبأثر عالمي.

 

المصدر: المنتدى الاقتصادي العالمي

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.