نبض أرقام
09:07 م
توقيت مكة المكرمة

2025/02/12

ماذا نعرف عن "دراسة المستقبل" التقني؟ ومن يقوم بها؟

2015/08/07 أرقام ديجيتال

مما يُروى عن حياتنا في المستقبل أنه سيكون لكل واحد منا مساعد شخصي آلي، ولن يكون مجرد مساعد يقوم بتنفيذ أوامر، وإنما سيقوم بالتحليل والتفكير معنا في أمور معقدة، إذا لم تكونوا قد سمعتم عن "المستقبلية" أو الـ Futurism من قبل؛ فالمستقبلية أو دراسة المستقبل هي توقع لشكل الحياة في المستقبل أو تحديد الاتجاهات المستقبلية بناء على دراسة وفهم الواقع الذي نعيشه اليوم.

حالة القلق بشأن المستقبل التي يعيشها الإنسان بين اضطرابات الواقع الذي يعيشه وبين تخوفاته من المستقبل القادم، بالإضافة إلى تطلُّعه لمشاهدة أشياء جديدة باستمرار ورغبته في تغيير ما تسير عليه حياته... هذه الحالة أو هذا التوجُّه يستدعي شحذ الأفكار والجهود للخروج بأفكار جديدة مميزة تقدم حلولا لتحديات اليوم ورسم تصور أفضل لمستقبل يرغب كل واحد منا أن يعيشه. من هنا دعت الحاجة لدراسة المستقبل.

"المستقبلية Futurism" لا تقتصر فقط على أفلام الخيال العلمي، وليست فقط إحدى توجهات مدارس الفن التشكيلي التي تحاول التعبير خارج المألوف؛ فهناك مؤسسات تعمل على توقع المستقبل والتخطيط له في مختلف جوانب الحياة مثل مجتمع World Future Society ومؤسسة Association of Professional Futurists إحدى الكيانات العاملة على توقع المستقبل والتعامل وفق المعطيات التي يتوصلون إليها من تحليل الواقع ومشكلاته، هيئة الإذاعة البريطانية BBC ومعامل أبحاث شركة Intel لديهم فرق عمل لتوقع المستقبل.

الأمر أصبح مجال عمل ولكنه حتى الآن لا يعتمد على تخصصات بعينها، إن كنت درست إحدى دراسات المستقبل Futurology الموجودة في جامعات أوروبا حالياً والجامعات الأمريكية، بالإضافة لخبرة عمل في قطاع التكنولوجيا والعلوم أو في مجال بحثي علمي، وتمتلك قدرة عالية على التخيُّل، فستكون مؤهلا للتنبؤ بالمستقبل وإيجاد حلول لتحدياته المتوقعة من الآن.

 

 

نشأ مصطلح "المستقبلية" أو "التنبؤ بالمستقبل" أو "ابتكار حلول للمستقبل" كحقل ميداني للعمل في العام 1960، إلا أنه خاض الكثير من المراحل حتى يصبح ذا طابع علمي يدرس الأمور ويأخذها على محمل الجد، حيث كان يُطلق عليه –في الماضي- أن العاملين فيه هم مجموعة من السحرة، أو مجموعة من الأشخاص الناظرين في كرة بلورية! ولا تزال تلك الصورة باقية قليلا إلى اليوم.

 

لكن المجال الآن لا يتضمن التنبؤ بما ستكون عليه الأدوات والأجهزة الرقمية أو الصناعات مُستقبَلاً فحسب، ولكنه ذهب مؤخراً إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث أصبح هناك تنبؤ بالتغيير الاجتماعي، وأشكال البنية الأُسرية وتكوّن المجتمعات والآثار الثقافية، وهذه الأمور تعمل في صالح التكنولوجيا أو حتى تؤثر فيها وتتأثر بها.

 

 

من أشهر الأشخاص المعروفين بتنبؤهم بالمستقبل -بحكم عملهم في مجالات التقنية والأبحاث العلمية-، "أوبري دو جراي" مدير البحث داخل مؤسسة بحثية لعلوم الهندسة والتقنية الحيوية، و"إلون ماسك" مدير شركة رحلات الفضاء SpaceX، "سيرجي برين" الشريك المؤسس لشركة جوجل، "راي كورزويل" مدير الهندسة داخل جوجل، هؤلاء لا ينتمون لكيانات توقُّع المستقبل ولكنهم يشاركون في صُنعه بالفعل من خلال أعمالهم ويتحدثون عنه باستمرار في خطبهم ولقاءاتهم العامة.

 

في 1970، ذكر كتاب "صدمة المستقبل" لمؤلفه "ألفين توفلر" أن هناك ثلاثة أنواع من المستقبلية سيكون العالم بحاجة إليها: أولاً علم المستقبلية بحيث يمكن أن نتحدث عن "احتمالية حدوث الأشياء"، وفن المستقبلية بحيث نستكشف ما هو ممكن حدوثه في المستقبل من خلال التخيُّل، وسياسة الاحتمالات المستقبلية التي تختار أفضل ما يمكن أن يحدث لنا في المستقبل من بين احتمالات عديدة مطروحة. لكن أكثر ما ركز عليه المستقبليون في السنوات الماضية كان تطوير الجانب الأول، جانب العلوم ورؤية المخترعات والأجهزة والتقنيات، ما يسمونه "رؤية التقدم التقني". زالمان يقول: إن "الفنون والعلوم الإنسانية تُكمِّل الصورة لما سيكون عليه المستقبل وتُرقّي الرؤية إلى المستوى المطلوب."

 

 

في كتاب "بماذا يؤمن المستقبليون" الذي صدر في 1980 ويتحدث عن 17 شخصا من المتنبئين بشكل الحياة في المستقبل، يذكر الكتاب عنهم أنهم يتحدثون حول شكل الجوّال والتطورات التي ستدخل على الحواسيب في السنوات القادمة، لكنهم لم يتعرضوا للجوانب الاجتماعية بأي حال، لم يتنبأوا بالشركات التي ليس لها هيكل تنظيمي "كالشركات الناشئة" والتي تجني الملايين اليوم، لم يتوقعوا ثورة الإعلام الاجتماعي وسحب البساط من تحت التلفاز، أو ثورات العالم العربي، أو استخدام داعش لشبكة تويتر.

 

كما تقول "كيندي فريوين" رئيسة جمعية المستقبليين المحترفين: المستقبليون في كثير من الأحيان لا يتحدثون عن القضايا والمشاكل التي تواجه الكثير من الناس كل يوم كالتحرش، ورعاية الأطفال، والتوازن بين العمل والحياة، وحقوق المياه، والهجرة، ووحشية الشرطة. هم يتفاعلون فقط مع التقنيات والتقدم التقني وكأن حياة الإنسان تتوقف على السكرتير الآلي ورحلات الفضاء والسيارات الطائرة.

 

التكنولوجيا في كثير من الأحيان يمكن التنبؤ بها. لكن الحل في الأمور السياسية مثلاً لا يحتاج إلى مزيد من التقنيات أو الذكاء الاصطناعي، إنما التفاوض والنقاش هو أفضل حل يمكن أن يقدمه المستقبليون لرؤساء الدول وشعوبها، فهل يمكن أن نرى متنبئين بالمستقبل الاجتماعي والاقتصادي والسياسي بجانب المستقبل التقني؟ نأمل ذلك.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.