نبض أرقام
09:23 ص
توقيت مكة المكرمة

2025/03/12
2025/03/11

لماذا خاطرت "فولكس فاجن" بسمعتها وانتهجت الغش والخداع؟

2015/09/28 أرقام

واصلت مجلة "إيكو نوميست" اهتمامها بتداعيات الفضيحة المدوية لشركة السيارات الألمانية "فولكس فاجن" والتي صدمت العالم أجمع بعد أن لجأت للتلاعب لإخفاء الحجم الحقيقي لانبعاثات الغازات في سيارات الديزل التي تبيعها في السوق الأمريكي، وحدد التقرير 3 أسباب وراء قيام أكبر شركات السيارات في العالم بعملية الغش التي تهدد بتدمير سمعتها وربما إفلاسها.


أولا: جنون المنافسة

 

أشار التقرير إلى أن "فولكس فاجن" كان لديها "طموح جامح" في زيادة حصتها السوقية للتفوق على منافستها اليابانية "تويوتا" لتصبح أكبر شركات السيارات في العالم، لذلك ركزت الشركة على زيادة حصتها من السوق الأمريكي ــ ثاني أكبر أسواقها بعد الصين ــ من خلال إستراتيجيتين:
 

الأولى هي زيادة مبيعاتها من السيارات الرياضية التي يفضلها الأمريكيون، والثانية هي إقناع المستهلك الأمريكي بكفاءة سيارات الديزل من حيث المحافظة على البيئة، وكادت تنجح في ذلك لولا الكشف عن التلاعب، وعلى الرغم من أن هذه الفئة من السيارات لا تمثل أكثر من 1% من إجمالي مبيعات السيارات الأمريكية فقد استحوذت "فولكس فاجن" على نصف هذه المبيعات.
 

ثانيا: تكاليف باهظة لمعالجة انبعاثات النيتروجين:
 

سيارات الديزل تنتج كميات أقل من أكاسيد الكربون التي تعد المتهم الأول في قضية التغيرات المناخية على مستوى العالم، لكنها من جهة أخرى تنتج كميات كبيرة من أكاسيد النيتروجين، وأنفقت "فولكس فاجن" استثمارات ضخمة لمعالجة المشكلة، فهي تشتهر بكثافة الإنفاق على الأبحاث والتطوير بصفة عامة، وقد أنفقت نحو 13.1 مليار يورو (14.7 مليار دولار) في عام 2014 على البحث العلمي متجاوزة جميع شركات السيارات في العالم في هذا الصدد.
 

واتبعت الشركة بعض التقنيات لتقليل انبعاث النيتروجين، وقد نجحت في ذلك، لكن هذه التقنيات تزيد معدلات استهلاك الوقود وتقلص الكفاءة الأتوماتيكية للسيارة وهو ما لا يعجب المستهلك، لذلك لجأت لاستخدام برمجيات معينة ليقتصر العمل بهذه التقنيات على أوقات الفحص دون غيرها.



 

ثالثا: الإفلات من العقاب:
 

إجراءات الرقابة الأوروبية تعد أقل صرامة من نظيرتها الأمريكية فيما يتعلق بانبعاثات النيتروجين، فالمراقبون الأوروبيون يركزون أكثر على ثاني أكسيد الكربون، ونظم الاختبار الأوروبية الخاصة بانبعاث الغازات بصفة عامة تعد بالية ومن السهل تجاوزها بقليل من الغش والتلاعب، لذلك لا تأبه شركات السيارات الأوروبية كثيرا بهذه الاختبارات حيث غالبا ما تنجح في اجتيازها رغم عدم الالتزام.

 

لكن الأمر يختلف في الولايات المتحدة بفضل وجود وكالة حماية البيئة "EPA" التي تستدعي عينات عشوائية من السيارات بصورة منتظمة لإجراء اختبارات متقدمة عليها لبيان مدى مطابقتها مع المواصفات التي أعلنتها الشركات المصنعة، وإذا اكتشفت مخالفتها يتم فرض غرامات مالية على الشركات.

 

وفي عام 2014 تم تغريم "هيونداي ـ كيا" 300 مليون دولار لعدم مطابقة مستويات توفير الوقود للمعدلات التي أعلنتها الشركة، وتواجه "فولكس فاجن" احتمالات دفع غرامة قد تصل إلى 18 مليار دولار لممارساتها الأخيرة، ولا يوجد مثل هذا النظام في أوروبا، وتعارض شركات السيارات بشدة خطط الاتحاد الأوروبي لتطوير نظم الاختبار بحلول عام 2017، لكن فضيحة "فولكس فاجن" أطاحت بمعارضتهم، وربما تأتي التغييرات قبل الموعد المقرر.

 

من القمة إلى القاع
 

وتجاوزت تداعيات فضيحة "فولكس فاجن" حدود سمعة الشركة إلى سمعة دولة بأكملها، فقد تضر إلى حد بعيد بسمعة الصادرات الألمانية التي تحظى بثقة وتقدير بالغين بين المستهلكين على مستوى العالم.
 

كما ألقت القضية بالمستقبل المالي للشركة نحو المجهول، فقد فقدت نحو ثلث قيمة أسهمها منذ الكشف عن الفضيحة في 18 سبتمبر/أيلول الجاري، وحتى نهاية الشهر، كما تواجه غرامات بالمليارات.
 

ولا تقف الخسائر عند هذا الحد، فالشركة لديها وحدة مالية داخلية تقوم بعدة أنشطة مصرفية مثل تقديم قروض لمشتري السيارات والوسطاء واستقبال الودائع المالية ومنح الفوائد عليها، وقد تضاعفت أصول تلك الوحدة خلال العقد الماضي لتمثل 44% من إجمالي حجم الشركة، وتقدر أصولها بـ 164 مليار يور (183.4 مليار دولار) وحتى يونيو/حزيران الماضي.
 

وهي تعتمد على الودائع والقروض قصيرة الأجل لتمويل أنشطتها، ولديها التزامات بدفع أرباح الودائع والسندات خلال الاثني عشر شهرا المقبلة، وإذا لم تتمكن الشركة من استعادة الثقة العالمية بها فستواجه أزمة سيولة هائلة.



هل تصمد محركات الديزل في مواجهة العاصفة؟

 

تستهدف أوروبا خفض معدلات انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون إلى 95 جراما/كيلومتر في جميع موديلات السيارات بحلول عام 2021، لذلك تتسابق شركات القطاع مع الزمن لتوفير تقنيات جديدة لحرق الوقود تسمح بالالتزام بهذه المعايير، ومن هنا نشأت فكرة محركات الديزل التي أثبتت كفاءتها في خفض معدل انبعاثات الكربون.

 

وكان الأوروبيون الأكثر تحمسا لهذا النوع من المحركات الذي أصبح يدير الآن نصف السيارات على الطرق الأوروبية، وشهدت ألمانيا أكبر مبيعات للسيارات الديزل في عام 2013 تليها كل من فرنسا وبريطانيا والهند وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة والصين على الترتيب.

 

لكن هذه التقنية واجهت تحديات أخرى حيث تنتج كميات كبيرة من أكاسيد النيتروجين، وتتميز تلك الغازات عن الكربون بمحدودية نطاق تأثيرها، لكنها تسبب أضرارا بالغة للنباتات وصحة الإنسان في محيطها القريب.

 

ويحذر خبراء البيئة من أن انبعاثات أكاسيد النيتروجين الناتجة عن سيارات الديزل الجديدة في أوروبا تزيد بنحو خمسة إلى عشرة أضعاف عن الحدود القصوى المسموح بها.

 

ويتكلف معالجة هذه المشكلة مبالغ طائلة تؤدي لارتفاع كبير في تكلفة انتاج السيارة ومن ثم رفع سعرها النهائي للمستهلك بصورة غير منطقية، وبدأت الحكومات الأوروبية تدرك حجم تلك المشكلة، وتفكر كل من "لندن" و"باريس" بالفعل في حظر هذا النوع من السيارات.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.