نبض أرقام
12:01 م
توقيت مكة المكرمة

2025/04/25
2025/04/24

لماذا تتراجع عملة البرازيل؟

2015/10/08 أرقام

ذكر تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أن الريال البرازيلي يعتبر واحدًا من العملات الأكثر هبوطًا في الاقتصادات الكبرى حول العالم.

 

 

وأشار التقرير إلى أن السائح الوافد إلى "ريو دي جانيرو" وبحوزته 6.6 ألف دولار أمريكي في شهر يناير/كانون الثاني الماضي كان بإمكانه حجز جناح في فندق "كوباكابانا بالاس" الفاخر لمدة أسبوع، في حين أن نفس المبلغ يمكنه حجز نفس الجناح الآن لمدة 8 ليال.

 

عوامل داخلية وخارجية

 

ولا يعتبر تراجع قيمة العملة مقتصرًا على البرازيل فحسب، حيث إن هناك انخفاضًا في العديد من العملات العالمية بسبب عوامل مختلفة، منها تباطؤ النمو في الصين، وانخفاض أسعار السلع الأساسية، والقرار المرتقب للولايات المتحدة برفع معدل الفائدة، وهو ما يهدد بتدفقات نقدية خارجة من الأسواق الناشئة.

 

وبالإضافة إلى العوامل السابق ذكرها، فإن البرازيل تعاني من أزمات محلية تسببت في انخفاض قيمة عملتها المحلية منذ بداية العام الحالي.

 

وبدأ العام الحالي بتحد كبير لرئيسة البرازيل "ديلما روسيف" مع التوقعات بانكماش اقتصاد البلاد، حيث إن الحكومة البرازيلية قامت بالإسراف في الإنفاق خلال السنوات الثلاث الماضية، في حين كانت الأسواق حذرة بشأن اتجاه البلاد لمواجهة صعوبات بشأن خدمة ديونها.

 

وعلى الرغم من هذه المشاكل، إلا أنه كان هناك قدر من الثقة في قدرة وزير المالية "جواكيم ليفي" على كبح جماح الإنفاق، مع الدعم الحاصل عليه من قبل رئيسة البلاد.

الأزمات تتصاعد

 

وأوضح التقرير أن الأزمة الاقتصادية في البرازيل اتجهت نحو مزيد من التصاعد في النصف الثاني من العام الحالي.

 

وفي شهر يوليو/تموز الماضي اعترف "ليفي" بأنه بالرغم من جهوده الكبيرة إلا أن الحكومة لن تكون قادرة على الوفاء بمستهدف الإنفاق خلال العام الحالي، مع حاجة البلاد له حتى تتمكن من سداد ديونها المتراكمة.

 

وقامت الحكومة البرازيلية في شهر أغسطس/آب الماضي بإرسال الموازنة الجديدة المفترحة إلى البرلمان بعجز متوقع في العام المقبل، ما مثل قرارا مثيرا للجدل في البلاد.

 

 

واعتبر فريق الخبراء الاقتصاديين التابع للرئيسة البرازيلية أن هذا الاقتراح يمثل رسالة قوية للبرلمان بأنه في حال لم يساعد المشرعون الرئيسة على خفض الإنفاق، فإن الاقتصاد البرازيلي سوف يعاني بدرجة أكبر.

 

وأشار التقرير إلى أنه بدلًا من نجاح "الرسالة" الحكومية، فإن الأسواق المالية تفاعلت مع هذه الموازنة المقترحة، حيث خفضت وكالة "ستاندرد آند بورز" التصنيف الائتماني لاقتصاد البرازيل في شهر سبتمبر/أيلول الماضي إلى "درجة غير استثمارية" أو ما يطلق عليه "خردة".

 

وقالت الوكالة إن الموازنة المقترحة عن عام 2016 تشير إلى شكوك حول قدرة الحكومة ورغبتها في الالتزام بالسياسات التصحيحية التي أعلنتها "روسيف" في وقت سابق.

 

وتسبب خفض التصنيف الائتماني للبرازيل في تسريع التدهور في قيمة العملة المحلية، مع وجود قواعد لدى العديد من صناديق الاستثمار الدولية بمنع الاستثمار في البلدان ذات التصيف الاستثماري "غير المرغوب به".

 

ووصل الريال البرازيلي في 22 سبتمبر/أيلول الماضي إلى أدنى مستوياته على الإطلاق، في حين انخفض مؤشر البورصة الرئيسي في البلاد بنسبة 20% تقريبًا منذ مايو/آيار.

 

 

التضخم الجامح

 

وترى "ميريام ليتاو" الصحفية ومؤلفة أكثر الكتب مبيعًا حول تاريخ العملة البرازيلية أن الريال يعتبر أكبر من مجرد عملة، حيث إنه يمثل أهمية تاريخية كبرى للشعب البرازيلي.

 

وأطلق الريال البرازيلي للمرة الأولى في عام 1994، ليضع حدًا للتضخم الجامح في البرازيل، والذي تسبب لعقود في تآكل لاقتصاد البلاد.

 

وتمكن الريال البرازيلي بنجاح من التغلب على التضخم الجامح من خلال الحفاظ على قيمته "المبالغ فيها" مقابل الدولار الأمريكي لبضعة سنوات، وهو ما ساهم مع خفض الرسوم الجمركية في إدخال مزيد من السلع المستوردة إلى السوق البرازيلي، ما أجبر المنتجين المحليين على منع الأسعار من الارتفاع.

 

ومع دخول العملة المحلية في تحديات صعبة في الفترة بين عامي 1999 وحتى 2003، فإن السلطات تمكنت من استعادة مصداقية العملة مع سياسات تهدف إلى إبقاء التضخم عند مستويات منخفضة.

 

الخاسرون والرابحون

 

ويعتقد التقرير أن المشكلة تتمثل في الأضرار الجانبية التي تسببت فيها التقلبات الشديدة، حيث إنه لا أحد يعلم إلى متى يستمر الانخفاض في قيمة العملة، وما إذا كان الريال سوف يقترب من قيمته السابقة.

 

وأضافت "ميريام" أن هذا التقلب يعتبر مقلقًا بالنسبة لرجال الأعمال، حيث إنه يرفع من قيمة بعض الديون، كما أنه يخلق حالة من عدم اليقين، ويؤثر على قرارات الاستثمار.

 

 

وعلى الجانب الآخر، تستفيد بعض المؤسسات من هذه التقلبات، حيث تقوم بعض الشركات باستيراد كل ما يمكنها من البرازيل في الوقت الحالي.

 

كما أن إحدى شركات تصنيع السيارات العالمية أشارت مؤخرًا إلى أن إنتاج السيارات في البرازيل أصبح أقل تكلفة مقارنة بالصين، بسبب تقلبات أسعار الصرف.

 

وأوضحت شركة "سكانيا" السويدية لصناعة الشاحنات أن مبيعاتها في البرازيل قد تراجعت بسبب الأزمة الاقتصادية في البلاد، إلا أنها رفعت من مبيعات مصنعها في البرازيل إلى دول أمريكا الجنوبية الأخرى.

 

هل تنتهي الأزمة؟

 

ويرى تقرير "بي بي سي" أن مصير البرازيل، وعملتها يعتمد على كيفية تطور الأزمات الاقتصادية والسياسية في البلاد.

 

ومن غير الواضح ما إذا كانت رئيسة البرازيل سوف تتمكن من اكتساب الدعم السياسي للإصلاحات المطلوبة، كما أنه في حال نجحت في ذلك فما زالت التساؤلات حول مدى نجاح خطتها الإصلاحية موجودة، بالإضافة إلى ترقب تطورات الأحداث في الصين، والولايات المتحدة.

 

ونجح الريال البرازيلي في استعادة جزء من خسائره خلال الأيام الماضية، مع التكهنات بشأن احتمالية تأجيل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لقراره المنتظر برفع معدل الفائدة إلى العام المقبل.

 

إلا أن التقلبات في قيمة الريال البرازيلي لا تزال تمثل تحديًا صعبًا بالنسبة للمستثمرين، والسائحين الوافدين إلى البلاد.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.