نبض أرقام
03:49 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/11/22
2024/11/21

الخويطر لـ"أرقام" : سوق النفط لا تخضع لقوانين الاقتصاد بعدما زُجّ بها في أتون السياسة.. وأرامكو لا تمتلك حقول النفط

2016/03/09 أرقام - خاص

تشهد سوق النفط حراكا كبيرا خلال الفترة الحالية من جانب بعض كبار المنتجين في "أوبك" وخارجها في محاولة لدعم استقرارها بعد تدني أسعارها، وفي هذا الإطار أجرت "أرقام" حوارا مع النائب السابق لرئيس "أرامكو" لهندسة البترول وتطوير الحقول المهندس"عثمان الخويطر" للوقوف على رأيه في التطورات الحاصلة بعد عدة عقود قضاها في ميدان تلك الصناعة المهمة.

 

* كيف ترى سوق النفط في الوقت الراهن؟ هل تتغير أساسياتها؟ أم انها موجة داخل دورة عادية مثل دورات الهبوط السابقة؟

- أسواق البترول بوجه عام، لا تخضع للقوانين الاقتصادية منذ أن  زُجَّ بها في أتون السياسة، صحيح أن زيادة العرض ينزل بالأسعار وشح الإمدادات يرفع مستواها، ولكن التحكم بكميات الإنتاج لأهداف سياسية يلغي مفعول نظرية العرض والطلب.

 

وفي الغالب، كان دور التدخل السياسي في الماضي حتى الآن يهدف إلى تخفيض الأسعار، ودوافع الانخفاض الحالي في الأسعار تختلف تمامًا عن التذبذبات السعرية التي كانت تحدث في الماضي من آن لآخر. فيظهر أنها هذه المرة موجهة وبتدبير مسبق.
 

  ولعل من نافلة القول أن نذكر أن هذه الظاهرة قد تختفي بعد أقل من عقدين عندما تبلغ حقول البترول غير التقليدي، التي تمد العالم اليوم بما يزيد على 90 مليون برميل يوميًّا، ما يسمى بالنضوب الطبيعي، ويصبح من غير المحتمل أن تستطيع أي جهة التأثير على الأسعار.

 

* هل بالفعل سوق النفط "على كف عفريت" ومن الصعب التنبؤ بحركتها؟ فمع مراجعة التقارير التي سبقت منتصف عام 2014 لم يتحدث أحد من المختصين عن الهبوط بل مواصلة الصعود.

- خلال السنوات الماضية من عمر البترول، كان التنبؤ فعلا بمستقبل أسعاره غير منضبط، ولم تصدق رواية واحدة، إلا ربما مجرد صدفة، ولكن المتابع للسوق البترولية يلحظ التدرج في الارتفاع خلال السنوات الماضية، مع استثناء فترات قصيرة.

 

 وما حدث للأسعار مؤخرًا يعكس أثر التدخل السياسي، وكان الرأي السائد أن الأسعار سوف تظل فوق المئة دولار للبرميل، ومن ثم استمرار الارتفاع التدريجي، مع أن بعض المراقبين كان لهم رأي آخر، فقد توقعوا نوعا من الهبوط، ليس بالقدر الذي شاهدناه عندما نزل السعر إلى ما دون ثلاثين دولارًا للبرميل.
 

* هل يمكن أن ينخفض النفط مجددا أدنى 26 دولارا؟ رغم ارتفاعه مؤخرا؟

- نعم، من الممكن جدًّا أن ينخفض سعر البرميل إلى ما دون الخمسة وعشرين دولارًا، خصوصًا إذا أضافت إيران مزيدًا من الإنتاج في الوقت الحاضر، والسوق البترولية مهيئة تمامًا لمثل هذا الظرف، فلا يلوح في الأفق ما يشير إلى احتمال اتفاق جماعي لتخفيض الإنتاج بأي نسبة قد تساعد على إزاحة الإنتاج الفائض في السوق البترولية.

 

* وعن النفط الصخري.. إلى أى مدى يمكنه التأثير على حركة الأسعار؟

- ظهور البترول الصخري على الساحة لم يكن مفاجأة  للمتخصصين، فقد كان وجوده معروفًا منذ زمن طويل، وتكنولوجيا إنتاجه كانت تمارَس قبل عقود، والذي هيأ لإنتاج الصخري هو مستوى الأسعار عندما بلغت المئة دولار.
 

وساعدت الظروف المحلية والمناخ الاستثماري في أمريكا على رفع إنتاج الصخري حتى بلغ أكثر من أربعة ملايين برميل في اليوم، بمعدل ارتفاع سنوي قريب من مليون برميل. ولم يكن يضايق بقية المنتجين من خارج أمريكا لأن الطلب العالمي كان يرتفع سنويًّا بالكمية نفسها.
 

 ولكن الذي حدث هو أن بعض المنتجين رفعوا كميات إنتاجهم لأسباب مجهولة، مما أحدث فائضًا في السوق البترولية.

كما صادف ذلك ضعفا بسيطا في الطلب العالمي، صحيح أن إنتاج الصخري كان إضافة إلى الانتاج العالمي، ولكن ما الفرق بينه وبين أي إنتاج آخر؟

 

* البعض يخلط بين النفط الصخري والصخر النفطي؟

- البترول الصخري الذي اشتهر مؤخرًا وبدأ إنتاجه في أمريكا، هو  بترول عادي لا يختلف عما عرفناه في حقولنا، إلا أنه يتواجد داخل مسام صخور صماء عند أعماق تتراوح في الغالب بين ألف إلى ألفي متر تحت سطح الأرض، ولا يوجد تواصل بين المسام، ولذلك فإن إنتاجه يحتاج إلى عملية خاصة تسمى عملية التكسير الهيدروليكي.
 

 وهي عبارة عن ضخ كميات كبيرة من الماء وقليل من الرمل والمواد الكيماوية تحت ضغط كبير جدًّا قد يصل إلى خمسة عشر ألف وحدة ضغط. فيسبب الضغط تشققا في الصخور وفتحات تسمح بجريان السائل أو الغاز البترولي باتجاه فوهة بئر الإنتاج، وهناك نوعا آخر من الصخور البترولية تسمى "الصخر البترولي "، تتواجد فوق سطح الأرض وتحتوي على نسبة 10% من مادة عضوية يطلق عليها " كيروجين".
 

 وتتطلب عملية الإنتاج نقل تلك الصخور إلى أفران خاصة لتذويبها تحت درجة عالية من أجل استخلاص المادة العضوية، ومن ثم تحويلها إلى بترول عادي بواسطة عملية التكرير المعروفة.

 

* هل ترى فعلا أن "أوبك" تراجع دورها؟ أم أن المرحلة الحالية فرضت تحركا أظهرها كذلك؟

- "أوبك" لم يكن لها دور كبير من الأساس في السوق البترولية، كانت فعلاً موجودة على الساحة ولكنها لم تكن في يوم ما متماسكة وتعمل كجسد واحد، والدليل أنها تتفق على مستوى معين لسقف الإنتاج، لكن لا أحد من الأعضاء الدائمين يتقيد به، وعلى الرغم من الهالة الإعلامية التي تصاحب جميع اجتماعات أعضاء دول الأوبك. ويختلفون أكثر مما يتفقون. وهذا أضعف إلى حد كبير دورهم في مجال الإنتاج والتسعير.

 

* وبالحديث عن "أوبك" ..هل ترى أن تسهم تحركات بعض كبار المنتجين فيها مع آخرين مثل روسيا في دعم سوق النفط على المدى الطويل؟

- إذا لم يكن الاتفاق ممكنًا بين أعضاء الأوبك، فلن يكون أحسن  حظًّا مع دول خارج منظمة الأوبك، والاتفاق الذي تم بين روسيا وثلاث من دول الأوبك لا يعبر بحال من الأحوال عن تقارب في وجهات النظر، بل العكس هو الصحيح، اتفقوا على ألا يتفقوا.

وفيما يتعلق بالوضع الحاضر، فأوبك ليست بحاجة إلى طرف ثالث يشاركها في دعم مستقبل الأسعار، فهي تستطيع وحدها تغيير الوضع دون مساندة من أحد لو أرادت، وهذا لا يعني أن أي اتفاق مع روسيا أو غيرها يدعم الأسعار هو أمر غير مرغوب.

 

* هل يمكن أن تنجح ايران في رفع انتاجها كما يردد مسؤولوها ليلا ونهارا أم أنها مجرد "زوبعة في فنجان"؟

- إنتاج إيران لم يتوقف خلال السنوات الماضية، وكذلك التصدير، ولكن الأخير كان محدودًا بسبب فرض العقوبات الاقتصادية عليها، وإيران لديها، حسب ما تنقله وسائل الإعلام، عشرات الملايين من براميل البترول مخزنة في بطون بواخر عائمة، وتستطيع عرض أي كمية تريدها في السوق البترولية.
 

ومن الطبيعي أنها، بعد فك الحصار، سوف ترفع من مستوى إنتاجها بما يسمح لها به وضعها المالي، وإيران تعلم أن السوق لا تزال متخمة وأن أي إضافة إلى الإنتاج العالمي الحالي سوف يكون له أثر سلبي على الأسعار، وأنها سوف تكون أول المتضررين من جراء هبوط الأسعار إلى مستويات متدنية جديدة.
 

ومع ذلك فلا نستبعد إضافة إيرانية بين خمسمائة ألف إلى مليون برميل يوميًّا نظرًا لحاجتها للمال، بصرف النظر عما سوف يحدث للأسعار، من باب "علي وعلى أعدائي يا رب". وقد يشجعها على ذلك وجود المخزون البحري الذي يكلفها إيجارًا ولا يكلفها إنتاجًا.

 

* ماذا عن الاستثمار في الطاقة البديلة أو المتجددة وأثرها على النفط؟

- أي استثمار في الطاقة البديلة هو رافد من روافد البترول  المطلوبة، البترول الرخيص أو التقليدي ينضب مع مرور الوقت، وإذا لم نستثمر في البدائل، وخصوصًا الطاقة المتجددة فسوف ترتفع الأسعار إلى مستويات قياسية.
 

ونحن نتحدث عن أقل من عقدين من الزمن، والذين يتحدثون عن بدائل تحل مكان البترول أو ما يطلق عليه الاستغناء عن البترول، ليس لديهم دليل علمي ومعظمهم لا يملكون الخلفية التي تمكنهم من الحكم على انتهاء عصر البترول.
 

 والذي نخشاه ليس الاستغناء عنه بل نضوبه قبل أن نتمكن من تأمين مصادر طاقة مناسبة وكافية لتغطية الطلب العالمي.

 

* كيف ترى اكتتاب أرامكو؟

- عندما بدأ الحديث عن إمكانية تخصيص بعض عمليات أرامكو  السعودية وفتحها للاكتتاب العام، شطح الإعلام إلى أبعد من ذلك، فقد تداولت وسائل الإعلام الداخلية والخارجية أشكالاً وألوانًا من التخمينات والتخرصات.
 

وذهب البعض إلى حد الظن بأن أرامكو بكامل أصولها سوف تعرض في مزاد عام، فقاموا بتقدير قيمة أصولها وما تملك وكيفية تقطيع أوصالها. مع أن حقول البترول لا تعتبر ملكا للشركة، فأرامكو فقط مسؤولة عن عمليات الإنتاج وما يتبع ذلك من نقل وتكرير وتسويق، ولم يكن القصد هو عرض أي من عملياتها الرئيسية، بل إن الاحتمال الواقعي هو مشاركة المواطنين في المشاريع الاستثمارية التي تملك أرامكو جزءا أو جميع أسهمها، وهذا أقرب إلى المنطق.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.