أكد الشيخ صقر بن حميد القاسمي، رئيس مجلس إدارة مجموعة «بلانيت فارمسي»، أن الإمارات تملك صناعة وطنية محصنة في مواجهة أية هزة اقتصادية عالمية، وهي تبشر بمستقبل واعد في ظل توجيهات القيادة الرشيدة والدعم الحكومي والاستراتيجية الوطنية الهادفة لتعزيز مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الوطني الإجمالي، مشيراً إلى أن منتج «الدواء الإماراتي»، الذي يحمل عبارة (صنع في الإمارات)، أثبت جودته وتميزه، وبات منافسا قويا في الأسواق المحلية والإقليمية والعالمية.
ورأى الشيخ صقر بن حميد، وهو عضو مجلس إدارة شركة الخليج للصناعات الدوائية (جلفار)، في حوار مع «الخليج»، أن سوق الدواء الإماراتي يستقطب العديد من الشركات العالمية، ويشهد منافسة حادة، ووصف تلك المنافسة بجرعة «الدواء المر»، لكونها تدفع الشركات الوطنية إلى تعزيز قدراتها وإثبات جدارتها، باعتبار أن «البقاء للأقوى».
وكشف الشيخ صقر بن حميد عن خطة طموحة لزيادة عدد الصيدليات، التي تملكها المجموعة الوطنية الاستثمارية، إلى 230 صيدلية، بواقع 100 صيدلية في الإمارات، ومثلها في السعودية، مقابل 30 صيدلية في سلطنة عمان.
في ما يلي نص الحوار:
* كيف ترون وضع الصناعة الوطنية في ضوء انخفاض أسعار النفط؟
- الوضع الاقتصادي الإماراتي يقف على أرضية صلبة في مواجهة التغيرات الاقتصادية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط، وحتى التغيرات المحتملة لاحقا لا أتوقع أن نشهد تأثيرًا سالباً لها، والسبب يعود إلى التوجيهات السديدة لقيادتنا الرشيدة، والدعم الحكومي اللامحدود، وجدوى الاستراتيجية الوطنية الهادفة إلى تعزيز مساهمة الصناعة في الناتج الوطني، وتنوع القاعدة الإنتاجية في الدولة، حيث لا ينفرد النفط بقيادة «الاقتصاد»، ولا تتجاوز نسبة مساهمته 30%من الناتج المحلي، فيما تتوزع النسبة المتبقية، وهي 70%، على القطاعات الأخرى، وفي ضوء ذلك تستشرف الصناعة الإماراتية المستقبل، وتعمل على إرساء دعائم الاستقرار الاقتصادي، بما يحاصر الأضرار الاقتصادية المحتملة في حدود ضيقة جداً، إن لم تكن معدومة، بجانب أن الإمارات ليست من الدول، التي تنشغل بما يقع من مصاعب اقتصادية، لكنها تمضي في جهودها نحو تعزيز دورها كلاعب اقتصادي عالمي، يقوم على الابتكار، وتعمل على تحفيز القطاع الخاص.
تجارة الدواء
* ما رؤيتكم لتجارة الدواء في الإمارات حاليا ومستقبلاً؟
- تحظى الإمارات ببيئة استثمارية نموذجية، ربما لا مثيل لها في الشرق الأوسط، تكتسبها من حالة الاستقرار والأمن وجاهزية البنى التحتية والخدمات المتطورة، وشكلت تلك المزايا الاستثمارية ملاذاً آمناً وعاملاً مغرياً لجذب العديد من الشركات الاستثمارية العالمية الضخمة، في مقدمتها الشركات العالمية الكبرى العاملة في قطاعي صناعة وتجارة الدواء، فيما ينصب طموح المستثمرين على إيجاد موطئ قدم في السوق الإماراتي، وهو ما يمنحها شهادة تميز تمكنها من تسويق نفسها ومنتجاتها في المنطقة والعالم، وفي ظل ذلك يعج سوق الدواء الإماراتي بالكثير من الشركات، ما يجعل المنافسة ملتهبة، الأمر، الذي يشكل تحديا للشركات المحلية.
* أين المشكلة؟
- يمكن القول إن التنافس الشرس أحيانا في سوق الدواء الإماراتي بين الشركات المحلية العاملة في مجال التسويق الدوائي ونظيراتها العالمية الكبرى يعد شكلاً من «التحديات المزعجة»، إذ رغم ضيق السوق يوجد 40 وكيلاً و100 شركة دوائية تعمل على تسوق منتجاتها في الإمارات، والتنافس يدور على 8800 صنف من المستحضرات المختلفة المسجلة، لكن من وجهة نظرنا هذا التنافس لا يشكل شراً، إنما هو كجرعة «الدواء المر»، التي تكسب المريض العافية، التنافس أيضاً يدفع الشركات الوطنية لتقوية قدراتها وإثبات جدارتها في المواجهة، لأن البقاء في معترك السوق يكون للأصلح.
* كيف تقيمون أداء المجموعة العام الماضي وما توقعاتكم للعام 2016؟
- قدمنا أداء مقنعاً خلال العام الماضي 2015، وجاءت النتائج بالكثير من المؤشرات الإيجابية، مثلا على صعيد المكاسب المادية حققت المبيعات 921 مليون درهم، بنسبة زيادة 28%، ونمت الأرباح بنسبة 25%، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2014، وتعد تلك الإنجازات مؤشرا على جدوى الاستراتيجية، التي تطبقها المجموعة في سوق الدواء، وتركز على عاملين أساسيين، هما طرح المستحضرات، التي تطابق المعايير الدولية، والتوسع الكمي في الصيدليات، وهو الشيء، الذي يمنح «بلانيت فارمسي» الثقة للاستمرار نحو تحقيق المزيد من التميز في العام الحالي 2016، ومن أجل ذلك نركز جهودنا على الحد من المخاطر التسويقية، للعبور بالمجموعة إلى نموذج الأعمال الفعال والمدروس، الذي يحقق الربحية المستدامة.
* ماذا عن خطط توسع المجموعة؟
- مستمرون في خطط النمو والتوسع بما يخدم احتياجات عملاء شبكة صيدليات المجموعة، ولدينا ثقة واسعة في استرتيجيتنا في تسويق الدواء، التي نستمدها من قوة الشركات، التي نتعامل معها، وجودة منتجاتها، وأسعار مستحضراتها، وكفاءة إدارة المجموعة وطواقمنا البشرية المؤهلة جيداً، وكل ذلك يمنحنا الثقة للمضي في تنفيذ خططنا التوسعية في العام الجاري، فيما سيقفز إجمالي صيدليات المجموعة إلى 230 صيدلية في المنطقة، منها 100 صيدلية في الإمارات، ومثلها في السعودية، و30 صيدلية في سلطنة عمان.
* من يحدد أسعار الدواء في الإمارات، ولماذا هي الأغلى مقارنة مع الدول المجاورة؟
- الدواء من السلع الأساسية، التي لا يمكن الاستغناء عنها، واستهلاكه في ازدياد مستمر، وتحديد الأسعار ليس من اختصاص «الصيدليات»، كما قد يظن البعض، لكنه من اختصاص لجنة مشتركة، تضم وزارات الصحة والمالية والصناعة، ويجري على النحو التالي: تجتمع اللجنة وتحدد هامش الربح للأدوية، بناء على دراسات وأبحاث شاملة حول أسعار الدواء في بلد المنشأ وتكلفتها عند الوصول إلى موانئ الدولة، مع الأخذ بالاعتبار أجور الشحن والتخليص وسواها من التكاليف، وفي ضوء تلك المعطيات يحدد هامش الربح المسموح به.
أما الفارق في الأسعار مقارنة مع دول كمصر والسعودية والهند، ذلك يرجع إلى ضخامة حجم السوق الدوائي في تلك الدول، الذي يبلغ أضعاف حجمه في الإمارات.
* ما أهمية العلاقة بين «جلفار»، أكبر منتج إقليمي للدواء، و«بلانيت فارمسي»؟
- شركة الخليج للصناعات الدوائية «جلفار» شريك أساسي ل «بلانيت فارمسي»، عبر مساهمتها في رأسمال المجموعة بنسبة 40%، وبموجب تلك الشراكة تسوق المجموعة مستحضرات «جلفار» عبر صيدلياتها المنتشرة في الإمارات وبعض دول مجلس التعاون الخليجي بالقيمة ذاتها، التي تحددها الشركة الإماراتية المصنعة للدواء، وشراكة «جلفار» مع المجموعة، كشركة تتمتع بإمكانات كبيرة ومواصفات عالمية وتصدر منتجاتها إلى ما يفوق 40 دولة حول العالم، يعزز دور «بلانيت فارمسي» في السوق الدوائي، ويدفع جهودها نحو الأهداف المنشودة، صحيا واستثماريا.
* ماذا يعني وجودكم في دبي؟
- أي عمل يتخذ من دبي مركزا يكتسب مزايا الشهرة والتميز، ويأتي ذلك من مزايا عدة تحظى بها الإمارة، مثل موقعها الاستراتيجي المتميز.
* ما رؤيتكم للانعكاسات الإيجابية لاستضافة «إكسبو 2020» على أعمال المجموعة؟
- المكاسب الوطنية من وراء تنظيم «إكسبو 2020» في دبي ستكون كبيرة جداً، في ظل توقع استقطاب الحدث العالمي ل 20 مليوناً، وتطوير البنى التحتية، وتحفيز جميع القطاعات، التي من بينها الدواء، ووجودنا في دبي يجعلنا في قلب الحدث العالمي.
غياب «الغش الدوائي» عن 2200 صيدلية خلال 4 أعوام
قال الشيخ صقر بن حميد، إن البعض يرى أن تجارة «الأدوية المغشوشة» أكثر ربحية من «تجارة المخدرات»: إنه بحسب تقارير متخصصة، يقدر حجم تجارة «الأدوية المغشوشة» عالمياً ب100 مليار دولار سنوياً، تقف وراءها عصابات منظمة، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يموت الآلاف سنوياً في العالم بسبب تناولهم «أدوية مغشوشة»، ويتعرض أضعافهم لمشاكل صحية، لكن الإمارات، في ظل قيادتها الرشيدة، في مقدمة دول العالم المهتمة بمكافحة «الغش الدوائي».
وتلتزم الإمارات بتطبيق أنظمة رقابية صارمة في مكافحة الغش الدوائي.
وتؤكد النتائج تحقيق نجاحات مهمة في الحد من تلك الظاهرة العالمية، والدليل يتمثل في عدم ضبط أي صنف دوائي مغشوش في صيدليات الدولة، التي يبلغ عددها 2200 صيدلية، حسب الإحصائيات المتوفرة عن الأربعة أعوام الأخيرة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}