يشير مصطلح التكنولوجيا المالية أو "فينتك" Fintech إلى صناعة مكونة من شركات تعمل على تسخير التكنولوجيا لخدمة قطاع المدفوعات، وشركات التكنولوجيا المالية هي شركات ناشئة في العموم تتحدى الشركات التقليدية التي هي أقل اعتمادًا على البرمجيات.
ويعرفها مركز البحوث الرقمية الوطنية في دبلن، بأنها ابتكار في مجال الخدمات المالية، وبشكل أكثر تحديدا، تستخدم شركات الـ "فينتك"غالبا التكنولوجيا لمنافسة الأنظمة المالية الحالية.
كيف بدأت؟
جاءت الفرصة الأولى لظهور "فينتك" عام 2008، بعد وقوع الأزمة المالية العالمية، وعمليات إنقاذ البنوك اللاحقة، وفضائح فساد المصرفيين التي شكلت نقطة تحول في قطاع الخدمات المصرفية، ومن ثم بدأ خبراء الصناعة والمستهلكون يشككون في مستقبل العمل المصرفي التقليدي، وتكشف استطلاعات منظمة جالوب أن 26% حول العالم فقط لديهم ثقة مرتفعة في المؤسسات المصرفية.
وقد بدأت المصارف التقليدية في التراجع أمام شركات "فينتك"، إذ قامت أربعة من أكبر بنوك الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا بخفض عمالتها بنحو 350 ألف عامل على مدار السنوات السبع الماضية.
لماذا يلجأ العالم إلى التكنولوجيا المالية؟
تقدم التكنولوجيا المالية حلولًا وكذلك تطور الأدوات المالية التي تسيطر عليها البنوك، مثل التحويلات المالية وبطاقات الائتمان التجارية، وغيرها من العمليات، مع خلق بدائل جذابة وجهات رقمية سهلة الاستخدام.
ونجحت شركة "ترانسفير وايز" التي انطلقت عام 2011، والمقدر قيمتها بنحو مليار دولار، في خفض قيمة عملية تحويل الأموال، بعيدًا عن المصارف وطرق التحويل التقليدية.
بالأرقام..حجم الاستثمار في شركات "فينتك"
وشهدت الاستثمارات العالمية في قطاع التكنولوجيا المالية ارتفاعًا ملحوظا، من 928 مليون دولار عام 2008، إلى 4 مليارات دولار عام 2013، ثم نمت تلك الاستثمارات إلى 20 مليار دولار عام 2015، وذلك وفقًا لشركة البحوث "فاليو أد".
ومن المتوقع أن تصل الاستثمارات إلى 46 مليار دولار بحلول عام 2020، بفضل التقدم التكنولوجي والمنتجات المالية المبتكرة.
وتساهم شركات رأس المال الاستثماري بنسبة 24% من إجمالي الاستثمارات، وشركات الأسهم الخاصة بنسبة 15%، والمستثمرون المغامرون بنسبة 12%، وغير ذلك من الجهات الاستثمارية بنسبة 49%.
كيف تشكل التكنولوجيا المالية ثورة محتملة في المصارف بالخليج؟
رغم انتشار شركات "فينتك" في جميع أنحاء العالم، إلا أنها لا تزال في مرحلة النمو البطيء في منطقة الخليج، إذ يحظى استخدام الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، وبطاقات الائتمان وأنظمة الدفع البديلة، مثل "كاش يو" و"ون كارد" بشعبية معقولة، إلا أن الدراسات تشير إلى أن 85% من مستهلكي الشرق الأوسط ما زالوا يفضلون الدفع عند الاستلام.
ويعد التمويل الجماعي أحد المجالات التي بدأت شركات "فينتك" أن تظهر إمكانياتها في المنطقة من خلاله، فرغم أنه لا يحل محل مصادر التمويل التقليدية مثل البنوك والأسهم الخاصة ورأس المال الاستثماري، فقد وفر التمويل الجماعي خيارًا آخر للمنطقة التي تواجه أزمة سيولة مع تراجع أسعار النفط، وفي هذا الإطار تحالفت مبادرة "صلتك" مع "مؤسسة قطر الخيرية" لإطلاق منصة للتمويل الجماعي، لتمويل رواد الأعمال العرب من الشباب.
كما وأطلقت شركات ناشئة بالكويت تطبيقات للمحمول لتحفيز الدفع الرقمي، على غرار "أجار" لدفع إيجارات العقارات، و"ماي فاتورة"، لدفع الفواتير عن طريق الجوال.
وفي الأردن، انطلقت منصة "جرين والت" للإقراض عن طريق الإنترنت حيث يُمكن للمستخدمين الحصول على القرض في غضون 15 دقيقة، وتعتمد الخوارزمية على تقييم الجدارة الائتمانية للمستخدم.
كما تأسست منصة الإقراض الأردنية المتوافقة مع الشريعة "ليوا" عام 2013، وكانت قد حصلت على جولة تمويلية العام الماضي قيمتها 500 ألف دولار من " داش فينتشرز" وبنك الاتحاد الأردني و"مينا فينتشر إنفستمنتس".
كما حصلت مؤخرًا على جولة تمويلية جديدة بقيمة 2.3 مليون دولار من صندوق رأس المال المغامر "بادية إمباكت" الذي ينتمي إلى المجموعة العالمية لصناديق المشاريع "سيليكون بادية".
ووفقًا لما جاء في تقرير شركة "بيفورت" للمدفوعات الرقمية لعام 2016، يتوقع أن تتزايد عمليات الدفع إلكترونياً في المنطقة العربية لتصل إلى 69 مليار دولار في السنة بحلول عام 2020.
وأوضح التقرير أن المنطقة تشهد نموًا في عمليات الدفع الرقمي بنسبة 23%، بفضل النمو السنوي الذي حققته السوق السعودية بنسبة 40%، والإماراتية بنسبة 24%.
وتواصل الإمارات قيادتها للتجارة الإلكترونية على مستوى المنطقة، حيث تبلغ نسبة المتسوقين إلكترونياً فيها 71% من عدد السكان، فيما تأتي الأردن في نهاية القائمة حيث لا يتجاوز نسبة انتشار الإنترنت فيها 50% من عدد السكان، حسب التقرير.
ووفقًا للبنك الدولي، فإن تكلفة تحويل المغتربين للأموال إلى أوطانهم تبلغ 7.7% على الصعيد العالمي من إجمالي التحويلات، وتخسر الهند بالتحديد 5 مليارات دولار سنويًا من تكاليف التحويل المصرفي، كونها تشهد أعلى نسبة تحويلات مالية من منطقة الخليج ومن جميع أنحاء العالم.
وسوف تؤثر هذه التكنولوجيا المالية أكثر على الشركات في القطاع المصرفي والخدمات المالية وقطاع التأمين، فيما سيحرك تزايد الطلب عليها التشريعات والقوانين المنظمة التي لا تزال بطيئة في سنها بالمنطقة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}