تحدث الأمريكي "دون بيتمان" – 84 عاماً الآن – عن يوم كان خلاله على متن طائرة صغيرة عام 1971 وهو يشاهد رحلة "ألاسكا إيرلاينز" محطمة وقال إنه شعر بخيبة الأمل حينها وأراد تحسين الأمور.
ابتكر "بيتمان" جهازاً يصدر إنذاراً للطيار بأنه على مقربة من الأرض أو قمة جبلية بوقت كاف، وذلك بالتعاون مع فريق من المهندسين في شركة "هانيويل إنترناشيونال" التي أطلقت تطبيقاً على الجوال حققت من ورائه عائدات بمليارات الدولارات، وفقاً لتقرير نشرته "بلومبرج".
إنقاذ أرواح البشر
- قال المهندس السابق في "بوينج" "إيرل وينر" إن "بيتمان" يستحق تقديراً فائقاً لأنه يعد سبباً في إنقاذ أرواح البشر بأعداد تفوق أي شخص آخر في تاريخ الطيران.
- عمل "بيتمان" لعقود مع زملائه دون الإفصاح عن التكاليف الحقيقية لمحاولاته في ابتكار هذا الجهاز الذي أصبح لاحقاً مطلوباً في غالبية الطائرات حول العالم وأسهم في تقليل الحوادث.
- في سبعينيات وستينيات القرن الماضي، كان يقع حادث اصطدام طائرة بالأرض مرة على الأقل شهرياً في المتوسط وأسفرت هذه الحوادث عن مقتل العديد من المسافرين.
- منذ طلبت الحكومة الأمريكية نسخة محدثة من جهاز "بيتمان" على طائراتها، لم يقع حادث سقوط لطائرة تجارية، كما أن الحوادث حول العالم قلت بدرجة كبيرة ربما لأن الطيارين تجاهلوا تشغيل الجهاز.
- منح الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" "بيتمان" الميدالية الوطنية للتكنولوجيا والابتكار في عام 2011 تقديراً لجهوده في الحد من حوادث الطائرات.
حافز منذ الطفولة
- كان "بيتمان" مولعا بالطائرات منذ نعومة أظافره، فعندما كان في الثامنة من عمره في فصل دراسي هرع إلى الخارج مع صديق له لمشاهدة سقوط طائرة، وعوقب من المدرس بطلب كتابة تقرير عما شاهده.
- عقب "بيتمان" بأن ما شاهده كان البداية وراء اهتمامه بحوادث الطائرات وحفزه بعد ذلك بسنوات لمحاولة التقليل من هذه الحوادث، وحصل على وظيفة في "بوينج" لاحقاً ثم شركة ملاحة جوية صغيرة عام 1958.
- عمل "بيتمان" في الستينيات مع شركة اسكندنافية تحمل الآن اسم "SAS AB" التي تحطمت إحدى طائراتها في تركيا عام 1960، وابتكر نظاما يرسل موجات لاسلكية تحذر الطيار بقرب الأرض، وطلبته واشنطن بداية من عام 1974.
- رغم ذلك، كان الجهاز يرسل إشارات خاطئة وكان به خلل فني عن مدى التمييز بين الأراضي المنحدرة والقمم الجبلية والأرض العادية، ولكن "بيتمان" عمل لسنوات لتطويره.
- تخيل "بيتمان" إمكانية جمع جهازه لمعلومات عن جغرافيا الكرة الأرضية من يابسة وقمم جبلية ومنحدرات وحفظها على قاعدة بيانات، وكان ذلك قبل الحواسب الشخصية وأجهزة تحديد المواقع "جي بي إس".
عقبات في طريقه
- اعتبرت الطبيعة الجغرافية للكثير من المناطق حول العالم سراً، وتزايدت ندرة المعلومات أثناء الحرب الباردة، ولكن مع فوضى انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991، ظهرت خرائط مفصلة منذ عشرينيات القرن الماضي للبيع.
- أقدم "بيتمان" على خطوة أشبه بالجنون عندما أراد شراء الخرائط من الاتحاد السوفيتي – عدو بلاده في الحرب الباردة – وحاول الذهاب إلى روسيا للبحث عن معلومات.
- واجه "بيتمان" عقبة أخرى تكمن في التمويل، فمن سيضخ ملايين الدولارات لابتكار تقنية غير مؤكد فاعليتها، وفي مطلع التسعينيات طور المهندس الأمريكي نماذج أولية للنظام الجديد كانت بمثابة الكنز بالنسبة للطيارين.
- لو اقتربت طائرة من قمة جبلية، تظهر على الشاشة أوتوماتيكياً باللونين الأصفر والأحمر على خريطة، ولو لم يستجب الطيار، تبدأ سلسلة من التحذيرات المكتوبة.
- إذا كانت اليابسة أو القمة الجبلية وشيكة، يصدر الجهاز صوتا مرتفعا متحدثاً: "أرض..أرض..اسحب الطائرة لأعلى"، وهو الأمر الممتاز لقائدي الطائرات مقارنةً بالنظام القديم.
عدم الاقتناع يقود إلى الوفاة
- ذكر "بيتمان" أن غالبية شركات الطيران لم تقتنع بالتطوير الجديد للجهاز، وشهد اجتماعه بمسؤولي شركة "أمريكان إيرلاينز" نبرة عدائية عندما حاول بيعهم الجهاز الجديد.
- وجه المسؤول لدى "أمريكان إيرلاينز" حديثه نحو "بيتمان" بغضب قائلاً: "لا نحتاج لصندوق جديد..لا نحتاج لنظام بديل عن القائم، فنحن ننفق مئات الملايين من الدولارات على الأمان".
- مع ذلك، وافقت شركة "يونايتد" على اختبار الجهاز الجديد وساعدت "بيتمان" في الحصول على موافقة وكالة الطيران الفيدرالية، واحتاج الأمر وقوع حوادث أخرى لتغيير رأيهم.
- اقتربت رحلة "أمريكان إيرلاينز" من "كولومبيا" عام 1995، وأدخل قائدها بالخطأ بيانات غير صحيحة على حاسب الطائرة "بوينج 757"، ولم يلاحظ انحرافها يساراً نحو الجبال ليلاً، وأصدر الجهاز القديم إنذاراً قصيراً بوجود "يابسة"، ولكن لم يتمكن الطيار من إنقاذها، وتوفي 159 شخصاً ممن كانوا على متنها.
- بعد ذلك بأيام، طلبت الشركة الجهاز الجديد من "بيتمان" بسبب قدرته على إصدار إنذار في وقت مبكر ربما كان يكون كافياً لتفادي سقوط طائراتها، وانتشر الأمر وانتعشت مبيعاته حتى بلغت 45 ألف وحدة بقيمة أربعة مليارات دولار حالياً على الطائرات.
- وهكذا، نجح "بيتمان" ورفاقه في التغلب على العقبات ورفض المسؤولين وشركات الطيران والممولين في الإنفاق على جهاز كهذا، ولكنهم استطاعوا إقناع الجميع بابتكارهم الذي أسهم في إنقاذ ربما عشرات الآلاف من الأرواح.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}