على الرغم من أن علم الروبوتات لم يظهر سوى في القرن العشرين، إلا أن اختراع الإنسان للآلات له تاريخ بعيد. فقد اخترع المهندس الإغريقي "هيرون الإسكندراني" آلات تعمل بتدفق المياه، وبالثقل وحتى بالبخار، وتطورت الروبوتات في القرن العشرين والحادي والعشرين لتشمل آلات قادرة على تجميع الأجهزة الأخرى.
وصيغت كلمة روبوت من قبل كاتب الخيال العلمي "إسحق عظيموف" للمرة الأولى دون قصد عام 1941 في قصته "كاذب"، واهتم كتاب الخيال العلمي عبر التاريخ بقدرة البشر على إنتاج آلات ذاتية الحركة، بداية من الأسطورة اليونانية "بجماليون" وحتى رواية "فرانكشتاين".
وتشهد العديد من المصادر على شعبية الإنسان الآلي في العصور القديمة والوسطى، إذ طور الإغريق والرومان روبوتات بسيطة من أجل الاستخدام كأدوات أو ألعاب أطفال.
وشهد القرن الثامن عشر الثورة الصناعية، وزيادة التركيز على الرياضيات والهندسة والعلوم في إنجلترا في العصر الفيكتوري، مما أضاف قوة الحركة للروبوتات. وعمل "تشارلز بابيج" على تطوير أسس علم الحاسوب في أوائل منتصف القرن التاسع عشر، ومن أنجح مشروعاته المحرك التحليلي ومحرك "difference engine " اللذان لم يكتملا أبدًا بسبب نقص الموارد المالية رغم أنهما وضعا أساسيات الحسابات الميكانيكية.
واستمر تصنيع الآجهزة الآلية في القرن التاسع عشر من أجل توفير وسائل الترفيه، لكن تزامنت هذه الفترة مع تطور الآلات والمحركات البخارية، التي ساعدت على جعل الصناعة أكثر كفاءة وسرعة، وبدأت المصانع في إدخال الآلات، إما لزيادة أعباء العمل أو من أجل الدقة في إنتاج العديد من المنتجات.
ونما علم الروبوتات في القرن العشرين، وصار هناك المزيد من الأموال التي تُستثمر به، وانتشرت الروبوتات في اليابان وكوريا الجنوبية وأجزاء كثيرة من أوروبا على مدى نصف القرن الماضي، ودخلت مجالات أخرى مثل الأسلحة العسكرية، وعمليات البحث والإنقاذ، إذ أسهم التطور التكنولوجي في أن تدخل الروبوتات في الوظائف التي كانت خطيرة للغاية فيما مضى، ومملة أو يستحيل أن يقوم بها البشر، وسوف يتم إطلاق الروبوتات في الفضاء من أجل استكمال المراحل التالية من البحث خارج الأرض والمجموعة الشمسية.
كيف يعيد الروبوت تشكيل مستقبل الاقتصاد الأمريكي
تكمن أهمية الروبوت اليوم في قدرته على السيطرة على تكاليف العمالة، وهي إحدى أكبر العقبات التي تحول دون نجاح المشروعات التجارية في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويختلف العالم في الوقت الحاضر عن ثمانينيات القرن التاسع عشر، ففي ذلك الوقت كان 80% من العمالة الأمريكية تشتغل في المزارع، أما الآن يبلغ عدد العمالة 2% فقط، إذ غيرت الميكنة الصناعية خريطة القوى العاملة بشكل كبير على مدار الـ 200 سنة الماضية، كما أسهمت في تحسين الاقتصاد بشكل كبير، وسوف يسهم دخول المزيد من الروبوتات مجال العمل في إعادة تشكيل الاقتصاد الأمريكي بشكل مماثل، والشركات التي تتبنى التكنولوجيا الآن هي التي سوف تزدهر لاحقًا.
كيف دخل الروبوت مختلف المجالات
والآن، دخل الروبوت معظم المجالات تقريبًا، إذ تطرح الشركات كل يوم أشكالاً عديدة من الروبوتات تقوم بمهام مختلفة، وفيما يلي بعض هذه النماذج:
1- الروبوت التعليمي، مثل "ميلو روبوت" الذي يساعد في تعليم مرضى التوحد من الأطفال مهارات التواصل الاجتماعي، وروبوت "ناو" الذي طرحته الحكومة الألمانية لتعليم أطفال اللاجئين اللغة للاندماج في المجتمع.
2- الروبوت الطبي، مثل "2 إيكسو جي تي" وهو مخصص للأغراض العلاجية ويساعد ضحايا السكتة الدماغية والعمود الفقري على التعافي والسير من جديد. و"ديكا روبوت" المُخصص لمساعدة الأشخاص الذين ولدوا من دون أطراف، وقد أجرى مستشفى الملك فهد في جدة العام الماضي خمس عمليات بالأشعة التداخلية باستخدام روبوت "ماجلان"، لتكون تلك هي المرة الأولى التي تُجرى فيها هذا النوع من العمليات على مستوى الخليج والشرق الأوسط.
3- روبوت للقيام بالمهام المنزلية مثل "جيبو" المعد للمساعدة في أعمال المنزل، وتهيئة الأطفال للذهاب إلى المدرسة، وترتيب جدول المواعيد. وروبوت " إل جي رولنج بوت" المُزود بشبكة واي فاي تتيح التحكم فيه عن بُعد، فعند مغادرة المنزل والرغبة في الاطلاع على أحواله من الداخل يُمكن لهذا الروبوت القيام بهذا الأمر، إضافة إلى روبوت "مولي" الذي يُمكنه طهي الطعام.
4- روبوت المشاعر الإنسانية "بيبر" المُصمم لإدراك المشاعر الإنسانية والتعبير عنها.
أين العالم العربي من تكنولوجيا الروبوت؟
تسعى دول المنطقة أن تضع نفسها على خريطة تفعيل استخدام الروبوتات، حيث أطلقت بلدية دبي هذا العام روبوتات للمساعدة في إنقاذ الأشخاص على الشواطئ العامة في دبي، وهي أول مبادرة من نوعها في الشرق الأوسط. ويُمكن أن تصل سرعة هذا الروبوت إلى 35 كيلومترًا في الساعة أي تبلغ سرعته ضعف سرعة حرس الشواطئ بحوالي 12 مرة ويعمل بالتحكم عن بعد.
وصُممت هذه الروبوتات لمواجهة أسوأ الظروف المناخية، ويمكن استخدامها في حالة الموجات المرتفعة، أو تيارات المحيطات التي تُصعب على الحارس البشري عملية الإنقاذ، ويُمكن للروبوت الواحد أن يقوم بإنقاذ 4 أو 5 أشخاص في نفس الوقت.
كما من المقرر أن تدخل الروبوتات المساعدة المُصممة من قبل شركة "Promobot" الروسية الأسواق العربية واليابانية قريبًا، وسوف تتميز روبوتات الجيل الثالث تلك بمستوى أعلى من التعرف على ملامح الوجه والكلام، وسوف يبلغ ثمنها 23 ألف دولار، وقد بيع منها بالفعل اثنان في روسيا.
الجمعية العربية للروبوت
تأسست الجمعية العربية للروبوت في شهر سبتمبر 2011، وجاء قرار إنشائها خلال اجتماع متخصصين في علم الروبوت في الأردن، وتم تسجيلها رسميًا باسمها الحالي عام 2012، وأحد أهدافها الرئيسية هو رفع مستوى الوعي حول ثقافة وعلم الروبوتات بين شباب العالم العربي، وإنشاء جمعيات أهلية بين أعضاء الاتحاد، والتشجيع على تبادل البحوث العلمية بين أعضائها.
أول روبوت عربي عام 2009
تمكن طلاب جامعة الإمارات بمدينة العين عام 2009، من اختراع روبوت عربي يحمل ملامح وشكل العالِم العربي "ابن سينا"، والذي يقوم بالتحاور مع الطلاب والباحثين والرد على أسئلتهم.
ويستطيع الروبوت "ابن سينا" الاتصال بالإنترنت بسرعة فائقة للحصول على المعلومة المطلوبة، واستغرق تطويره عامًا ونصف العام بتكلفة لم تتجاوز 200 ألف دولار، ليكون بذلك أول روبوت يتحدث باللغة العربية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}