عندما بدأت البنوك المركزية خفض أسعار الفائدة حتى بلغت الصفر تقريباً عقب انهيار سوق الأسهم الأمريكية عام 2008، كانت ترى أنه إجراء طارئ وأن الأمور ستعود لطبيعتها تدريجياً فيما بعد، بحسب تقرير لـ"بلومبيرج".
وفي الوقت الحالي تتساءل البنوك المركزية "ما هذه الأوضاع الطبيعية؟" فبعد أكثر من 8 سنوات لا تزال معدلات الفائدة منخفضة للغاية.
ويعود السبب في ذلك لما يسمى المعدل الطبيعي أو المحايد للفائدة -الذي لا يحفز النمو ولا يهدئ وتيرته- والذي ربما انخفض بشكل دائم، إنه يُبقي على التضخم مستقرا وإذا كان الأمر فعلاً كذلك ستكون هناك آثار مترتبة على المدى البعيد.
الوضع الراهن
- بعد انتخاب "دونالد ترامب" لرئاسة الولايات المتحدة، ارتفعت عائدات السندات، مدعومة بتعهداته بخفض الضرائب وتعزيز الإنفاق على البنية التحتية، وكانت هذه الزيادة بمثابة ومضة بعد أكثر من عقدين من الهبوط.
- انخفض متوسط أسعار الفائدة في 20 دولة متقدمة من حوالي 5% عام 1990 إلى قرب الصفر عام 2015، بحسب دراسة لبنك إنجلترا، وبذلك أصبحت البنوك المركزية غير قادرة على مزيد من التخفيض لتحفيز الاقتصاد.
- حاولت الولايات المتحدة وأوروبا واليابان تطبيق مجموعة متنوعة من الأدوات لتحريك النمو، بدءًا من التيسير الكمي (شراء السندات الحكومية) وحتى دفع أسعار الفائدة إلى مستويات سالبة (تحت الصفر).
- هذه السياسات لم تكن فعالة كما تأمل البنوك المركزية، وتنامت مخاوف جديدة من أن الأمر ليس مجرد مشكلة مؤقتة، وظهر نمط جديد يدعو للادخار بشكل أكبر وخفض الاستثمار والاقتراض من أجل التوسع.
- وأدى هذا التراجع في الطلب على رأس المال إلى خفض المعدل المحايد للفائدة، ما يعني هبوط العائدات والإضرار بمدخرات المستثمرين وتمويل أقل لأنظمة التقاعد التي تعاني من أجل مواكبة زيادة المدفوعات المقدمة للمتقاعدين.
خلفية
- يصحب أسعار الفائدة المحايدة نمواً اقتصادياً والذي يلاحظ عبر ارتفاع الإنتاجية، وقد ارتفع مؤشر الإنتاجية في أمريكا بنحو 2% سنوياً خلال الخمسين سنة التي سبقت عام 1970، ثم تراجع إلى 1% بعد ذلك الحين.
- تقليص الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة والزيادة الطفيفة في عدد من يحصلون على الشهادات الثانوية وضآلة الابتكارات التحويلية مثل مكيفات الهواء وأجهزة الحواسيب، عوامل تضاف إلى المشكلة.
- في الوقت نفسه، زيادة تركيز الثروة داخل البلدان وارتفاع نسبة العاملين للأشخاص المعالين يزيد من معدلات الادخار، فأكثر الفئات ادخاراً هم الأغنياء، فيما يدخر العاملون أكثر من هؤلاء المعالين.
- أبقى تراجع سعر الآلات وغيرها من السلع الرأسمالية الإنفاق على الاستثمار عند مستويات منخفضة، وأسهمت زيادة المدخرات في انخفاض أسعار الفائدة.
تطلعات
- إذا انتعشت الإنتاجية ستهدأ الضغوط الهبوطية على معدل الفائدة المحايد، وهو أمر ممكن حيث يرى بعض الاقتصاديين أن المنافع الكاملة للتكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي لم تظهر حتى الآن.
- يرى آخرون أن النمو البطيء سيستمر، مشيرين إلى أن الكساد سيكون هو الوضع الطبيعي الجديد، وأياً كان السبب الكامن وراء ذلك فإن فائض المدخرات سيزيد من تعقيد السياسات الاقتصادية.
- مع عدم القدرة على خفض أسعار الفائدة، تضطر البنوك المركزية للبحث عن طرق أخرى لتحفيز الطلب مثل التيسير الكمي وإعطاء الإرشادات للأسواق (على سبيل المثال: عبر التعهد بالإبقاء على أسعار الفائدة المنخفضة لفترة أطول).
- هناك بعض الآليات الجوهرية الأخرى مثل "هليكوبتر الأموال" وأسعار الفائدة السالبة بشكل أكبر، إلى جانب السياسات المالية، فعجز الموازنة يقلل الادخار ويزيد معدلات التضخم.
- العديد من البنوك المركزية تطالب بمزيد من الحوافز المالية لمساعدتها في الخروج من هذه المشكلات، وربما يمنحها فوز "ترامب" مساعدة أكثر مما تتمناه.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}